إحتراق أحلام طفل

(عبدو)...رفع الدعم عن طفل (محروق).!
(منقول من صحيفة السوداني)
(عبدو) طفل كان يجاورنا السكن بالمنطقة..لم يتعدى العاشرة من العمر..كان الجميع يحبه ويعطف عليه..فهو من اسرة اقل ماتوصف بأنها (فقيرة)..يخرج والده في الصباح الباكر لعمله في احدى المصالح الحكومية..ويعود في المساء مثقلاً بالهموم والمرض.. يدفع باب المنزل برفق..خشية أن يصحو (عبدو)..وهو أصغر ابنائه..بعد خمس آخرون من بينهم ثلاث بنات يكبرونه سناً..ومكمن خوف الاب من استيقاظ (عبدو) يعود الى خوفه من ترديده لبعض مطالبه بجلب بعض الاشياء له..والغريب ان مطالب (عبدو) لم تكن مستحيلة أو عصيه..ولكن ظروف الاب الصعبة هي المستحيلة..وهي التى لاتجعله يمتلك القدرة لتوفير تلك المطالب..(لذلك كان يدفع الباب برفق).
لن احدثكم عن الحياة التى يعيشها (عبدو)..فهي معلومة للكثيرين..وتحياها يومياً مئات الاسر السودانية..ولكني سأحدثكم عن موقف جعل الدموع تهرب من عيني بغزارة..وجعلني كذلك اضع يدي على رأسي مابين مصدق ومكذب..والحكاية هي انني وجدت ذلك الصغير ذات يوم يبكي بحرقة..وهو يجلس في منتصف الشارع..وبجانبه كانت تستقر (حله) على وجهها.. ويتدفق منها بعض (الفول)..سألته بسرعة عن سبب بكائه فأشار الى تلك (الحله) واخبرني انه اسقطها بغير قصد..وأن والده سيقوم بضربه بسبب ذلك..داعبته في تلك اللحظة بأن ماسقط من تلك (الحله) قليل ولن يؤثر في شئ..فنظر الى ملياً ثم قال لي بلهجة لاتتناسب اطلاقاً مع سنه: (ما شوية..الاتدفق دا بنتعشي بيهو..والباقي بنخليهو لفطور الصباح)..!!!
تخيلوا معي المشهد..حاولوا فقط ان تتصورا كيف يعيش هؤلا..يقسمون وجبة من الفول لايتعدي سعرها (الجنيه) لتقوم مقام وجبتين رئيسيتين..وحتى ان (بالغ) ذلك الطفل الصغير..فالقضية لاتحتاج لقصة نحكيها..بل تحتاج لقلب يستطيع ان يحتويها..وأن يقدر آلامها المتسعة والمتمددة.
جدعه:
(عبدو) هذا الذى نقص حكايته اليوم..لم يكن في تلك الايام يعلم أن هنالك قرار قادم في الطريق سيرفع الدعم عن المحروقات، وسيضاعف من آلامه، وسيجعل من احلامه الصغيرة التى كانت في الاصل غائبة عن التنفيذ، ملغية تماماً من بنود مجرد المحاولة..لذلك فأعذرني ايها الصغير (عبدو) وأنا انقل اليك هذا الخبر..واعذرني وانا استعرضك هاهنا كنموذج..واعذرني للمرة الاخيرة وانا اطالبك بأن تنسى كل احلامك..وأن تحرص جداً في المستقبل على الامساك بـ(الحله)..وأن تتشبث بها..لكيلا تسقط منك (حبه فول واحدة)..ربما ستفرق كثيراً في المستقبل.
 
إحتراق أحلام ( عبدو ) أتت من إحتراق أعصاب والده كل مساء في بلدِ يقوم بوأد الأحلام و هي أجنة في الأجفان... أصبح الشعب في بلدي بلا حلم أو هوية أو روح....عبارة عن أجساد تتحرك محترقة من حرارة أجسادها الخارجية و لهيب همومها الداخلية...

في الماضي كان الناس يقتسمون الضحكة صباح مساء ... أتى عليهم زمان أصبحوا يقتسمون الوجبة ....

كم أتمنى ( لعبدو ) أن يكون غده أفضل من حاضره ..... و لوالده أن يشرع أحلام أطفاله دون خوف أو حياء.
واظل دوما اردد الي متى تحترق احلام اطفالنا ويتضرعون جوعا الي متى ؟؟؟؟؟؟

يرفعون الدعم ليضعوه حملاً ثقيلا على أكتاف لم تعد تقوى على الوقوف.
 

تماضر

New member
اجل ستحترق كثير من الاحلام ولكنها ستتكثف لتهطل غيثا، يغيث الملهوفين ويقتلع جذور الظالمين.
 
رغم المأساة لا يزال الأطفال يحلمون فيما فقد الكِبار القُدرة على الحلم , وإلـّا فبِم نُفســِّر مُمارستنا للموت اليومِي ونحن أحياء؟
 

um rayan

Administrator
مابين طرفة عين وإنتباهتها يبدل الله من حال الى حال ،يوما ما سيصحو عبدو ويجد الذين كانوا السبب في وأد أحلامه قد ذهبوا.....
 

كل يوم بحلم (بامام عادل) او(حاكم عادل ) لا يترك طفل ينام جائعا
 
حلم الجيعان عيش

وانتوا ياشباب بتحلموا وحلمكم صعب لانو ديل اسسوا وفكروا على موت الشعب السودانى

وربنا يجيب العواقب سليمة

عبدو واخوانه كثر من ينتظر الفرج
والفرج قريب انشاء الله
 
أعلى