عثمان بخيت محمد عبد القادر ... العمدة ابن العمدة

Hisham Elkhalifa

New member
والده هو الشيخ بخيت محمد عبد القادر شيخ العيلفون ( ١٩٢٤ _ ١٩٧٠م ) فهو سليل بيت النظارة والعمودية الذى بدأ بتولى العمودية عبدالرحمن ود الفكى محمد خليفة الشيخ إدريس ود الأرباب الذى يعتبر اول عمدة فى سلسلة العمودية التى امتدت حتى حل الإدارة الأهلية فى العام ١٩٧٠م .

نشأ العم عثمان بخيت فى هذه البيئة فتشرب منها قيم الشهامة والكرم و المروءة ممزوجة بارث الصوفية المتسامح والمتدين بلا غلو وهكذا تشكلت شخصية العم عثمان بخيت من هذه التوليفة العظيمة غير انه أضاف إليها من صفاتة الشخصية ما خلق منه انسانا مميزا امتزجت عنده الكاريزما الشخصية بالمرح والسخرية والفكاهة. ابتدع عثمان بخيت اسلوبا متفردا فى الحديث مزج بين الفصحى والعامية فانتج تركيبه متناسقة من اللغة اللطيفة المرحة.

كان فى بعثة دراسية فى القاهرة وتصادف أن كان هناك ابن عمنا المرحوم احمد الخليفة بركات الذى عمل قنصلا فى مصر ثم أقام هنالك بعد ذلك . يحكى احمد الخليفة بأسلوبه الظريف أن مدرسة العيلفون الثانوية للبنات كانت فى رحلة إلى مصر وتصادر أن سقطت اسماء الطالبات من كشف الحجز للخرطوم. دخل المعلم المرافق للطالبات فى وحسة حيث أن المخصص المالى أوشك على النفاذ حتى انقذ الموقف عثمان بخيت الذى ذهب للخطوط السودانية وحل الأشكال وعندما رجع الشقة ظل يردد للاخ احمد الخليفه بعربيته الممزوجة بالدارجة ( والله لولا وجودى ماكان المشكله اتحلت ) ولم احمد الخليفة يردد عبارة ( والله لولا وجودى ) ثم يضحك ضحكته المجاملة. كان منزل العم عثمان بخيت لا يخلو من الزوار من يقصد المساعدة ومن يقصد حل مشكلة وكان من الصعب خلوه من الضيوف لذلك كنت اتخير وقت القيلولة لزيارته حيث اجده مستلقيا يطالع الصحف فاجلس للونسة وحديثه الذى لا يمل.

فى هذه الجلسات حكى لى ما لا يحصى ولا يعد من الطرائف والنوادر منها انه كان معهم فى مصلحة المساحة عاملا جاء من الريف وبرغم محدودية تعليمه فقد كان ذكيا سريع البديهة . روى لى أن هذا العامل فى يوم صبحية زواجه جلس وتعطر وتتمر منتظرا فطور العريس وقد كانت العروس ريفية غير متعلمة ولكنها تمتاز بالحسن والجمال. جاءت العروس تتهادى فى دلال وهى تحمل صينية الفطور فتهيا للمشمر والمحمر والمقمر وعندما كشفت الغطاء لم يكن هناك إلا صحن يتيم تتوسطه عصيدة بملاح أم رقيقه هو أشبه ب ( بزاق الديك ). انصدم العريس ولكنه سكت واكل لأنه كان جائعا جدا. رجعت العروس لل( feedback ) فلم يشا العريس أن يحرجها وهما فى بداية الحياة الزوجية فتنحنح وتصلح فى الجلسة وقال لها ( والله اكلك لذيذ لاكين ما فيهو فيتامينات ) فاتسعت ابتسامة العروس فقد فهمت أن الأكل جميل اما الفيتامينات فقد اعتبرتها نوعا من البهار مما لا يعيب نقصه الطعام فى شيئ.

ومن الطرائف والظرائف التى حكاها لى انه كان معهم موظفا فى المصلحة كان يعشق المراهنة على الخيول فى ميدان سباق الخيل الحالى وكان ذلك بمقابل مادى واذا فاز الحصان الذى راهنت عليه تكسب مبلغا ماليا محترما . وفى صباح يوم جاء زميله العمل مهموما مكدودا فساله العم عثمان عن سبب ذلك فأخبره الرجل بأنه قد فقد كل راتبه فى المراهنة ولم يفز حصان واحد من التى راهن عليها فعلق عمنا عثمان ضاحكا بعربيته الدارجة قائلا: (والله انت الغلطان وضعت ثقتك فى حيوانات ما قدرت ظروفك المالية ) .

كان بيت العمدة القديم الذى يتوسط العيلفون ويقيم فيه احفاد العمدة الكبير الان مقصدا للزوار وأصحاب الحاجات و للزائرين لقبة الشيخ إدريس ابن الأرباب وقد ظل هذا البيت مفتوحا منذ السلطنة الزرقاء وحتى العصر الحالى يقوم على استقبال وخدمة الضيوف فية احفاد العمد من سدنة بيت العمودية العريق وعمنا عثمان كان واحدا منهم بل كان من ابرزهم .

كان العم عثمان يهوى تربية الماشية من أبقار وخراف ويقال انه كان يضع الثلج على الماء حتى لا تشرب البهايم الماء حارا ولم أجد فى الأولين ولا الآخرين من يفعل ذلك غيره وبهذه المناسبة أذكر اننى كنت مسافرا هولندا فى اجازه فطلب منى أن اصور له مزارع الأبقار فى هولندا حتى يستفيد من ذلك فى رعاية الأبقار التى يربيها. أحضرت له شريط فيديو مصور لمزارع الالبان وكان معه رجلا بسيطا من من كان العم عثمان يمازحهم فعلق الرجل قائلا ( شوف عليك الله البقر دا راقد كيف ما زى بقرنا يتناطح النهار كلو ) فمازحه عمنا عثمان قائلا ( ديل يا فلان ربما يحسنن التصرف اكتر منك ) .

رحل العم عثمان فترك فى النفوس حسرة والما وفقدت العيلفون حلال شبك قاضى حاجات من يماشى بين الناس بالتسامح والمودة . رحمه الله واحسن اليه وجعل البركة فى ذريته.

هشام الخليفة القاهرة/العيلفون ٣٠/١٢/٢٠٢٠
 
أعلى