محمد عثمان
New member
مولدها ربما كان في نهاية القرن التاسع عشر أوبدايات القرن العشرين . فالتاريخ لها ولمثلها لم يكن له أهميةً في ذلك الزمان ومحظوظ الذي إرتبط مولده بحدث مهم ليؤرخ له به . أبوها أحمد ودعركي ودالفكي أمحمد ودبركات ابوشرا .أمها بنت المنى بنت حسن ودجهني .حمدلابية.جدتها لأمها فاطمةبت محمد وداحمد ود سالم وهي سالمابية وهي ثاني قابلة بالعيلفون بعد شقيقتها آمنة (داية الحبل) . سميت فاطمة ولكن لساننا السوداني دائماً ما كان يقلب الميم نوناً ويصر أن ينطقها بغير ما يكتبها فتصير(فاطنة)!ولكنها نجت من هذا التمرد على اللغة فاستحوذت على الإسم الثاني من من سميت تيمناً بها(فاطمة الزهراء) نعم أخذت الإسم الثاني .ولكن تمرد اللسان السوداني على اللغة أبى الا يفارقها فكانت الزهرة . كانت صغرى أخواتها وأخويها الإثنين . نمت وترعرعت في هذا البيت كغيرها من أترابها قانعةً بحياة تحفها المشقة والصعاب . فكان عليها جلب الماء من الآباروتحضير الوقود من الأشجار القريبة للطهي . كانت هذه هي المهام الموكولة لمن في سنها .لا طموح ولا أحلام ولاحتى دعاء يتجاوز حدود زوج صالح يستر الحال ويهدي البال .دون أن تدري ماذا يخبئ لها القدر . عند بلوغها الحلم تقدم لخطبتها إبن خالتها .حسن حاج حمد قوم . وبالطبع لم ينتظر موافقة . كعادة معظم الأسر. تزوجت وعاشت هنيئة مع زوجها والذي كان ميسور الحال بمعايير ذلك الزمان .فيكفي أن تمتلك بضع حبال من الأرض الزراعية وبعض الأنعام .كانت الحياة بسيطة لاتتطلب الكثير من العناء . لكن حياتها مع زوجها كان ينغصها عدم الإنجاب ولكنهما كانا قانعان بما قسمهما الله لهما .وهكذا والحال تمضي رتيبة في هدؤ وسكينة إذا بأحد المفتشين الإنجليز يزور العيلفون لأمر غايةً في الأهمية وهو محاولة إيجاد إمرأة لتدريبها قابلةً قانونية بمواصفات صحية حديثة لتؤدي مهامها في العيلفون وما جاورها من القرى . وتكون عوضاً للقابلة القديمة والتي كانت تقوم بهذه المهمة بصورة تقليدية لاتخلو من خطورة(داية الحبل). كان ذلك في أربعينات القرن الماضي . تقدمت الزهرة وترشحت لهذه الوظيفة ساعدها في ذلك أنها قليلة المهام داخل منزلها لخلوه من الأطفال. كما أن جدتها فاطمة التي سبقتها شجعتها للولوج في هذا المجال. وسرعان ما وقع الإختيار عليها . ذهبت الحاجة الزهرة لمدرسة الدايات بأم درمان وتدربت على أيدي طبيبات بريطانيات فأظهرت نبوغاً لافتاً .بل كانت الأولى على مستوى السودان. وما إنتهت فترة التدريب حتى باشرت الحاجة الزهراء مهامها في العيلفون وما جاورها من قرى. فكانت القابلة المفضلة وذاع صيتها. وكانت في كل يوم تزداد خبرة ومعرفة في هذا المجال إلى درجة أن كثير من أطباء التوليد أشادوا بخبرتها ونبوغها . ولكم هذه القصة التي تؤكد هذا النبوغ وصاحبتها حية ترزق . في أوائل ستينات القرن الماضي شعرت هذه السيدة والتي هي من أقربائي بإنتفاخ في بطنها وبعض الآلام فما كان منها إلا أن إستدعت الحاجة الزهراء والتي أفتت للسيدة بأنها تعاني من لحمية في بطنها .وذهبت مع المرأة لمستشفى الخرطوم وهنالك عرضتها على الدكتور المرحوم داؤود إسكندر والذي شخص الحالة على أنها حمل. وهنا عارضته الحاجة الزهراء وأصرت على أن الحالة هي لحمية. وكانت يومها أجهزة التشخيص بدائية من أشعة وخلافه. غضب الطبيب من القابلة وإعتبرها تتدخل في صميم عمله .وأصر على أن الحالة حالة حمل . ولكن بعد أيام إزدادت الآلام على المرأة وذهبت بها الحاجة الزهراء لطبيب آخر وأكد تشخيص القابلة .فرجعت للطبيب داؤؤد الذي أشاد بها وأثنى عليها . (سمعت هذه القصة من صاحبتها وهي حية ترزق .). وكثيرةٌ هي القصص ألتي تؤكد نبوغها وحكمتها .كانت القابلة المفضلة في العيلفون وما جاورها مطلوبةً دائماً من كل الأسر . كنت قريباً جداً منها فكنت ارى الإقبال عليها حتى من بعض الأسر التي تجاورها قابلات غيرها .مارست هذه المهنة منذ أوائل أربعينات القرن الماضي وحتى منتصف السبعينات .ولكنها بعد هذا التاريخ كان منزلها يعج بالسيدات طلباً للإستشارة . وكان بيتها لا يقل عن أي عيادة للنساء والتوليد.فثقة النساء فيها كانت لا تحدها حدود. وكانت أهل لهذه الثقة.
كانت للحاجة الزهراء جوانب إنسانية يعلمها الجميع .وآبار المياه التي حفرتها للسقيا والتي مازالت تحمل إسمها شاهدة على ذلك والأسر التي كانت تعولها وما تقدمه سراً للأيتام كل ذلك يحدث عن طيبتها وإنسانيتها وحبها للناس لم يمن الله عليها بنعمة الإنجاب ولكنه من عليها بسماع صرخات الحياة لأكثر من ثلاثة أرباع سكان العيلفون وما جاورها من قرى في الفترة من بداية الأربعينات وحتى العام 1975 من القرن الماضي . خلاصة قولي . أنها دخلت كل بيوت العيلفون . بل وكل إمرأة وكل بيت يحمل لها ذكرى ويحمل لها حب .
أظن ويظن الكثيرون بأن شهادتي فيها عرجاء لأنني أحد أحفادها ومن الأثيرين إلى قلبها .وأعرف عنها ما لا يعرفه الكثيرون عنها وهذا شرف لي لا يدانيه شرف . ولكن أطلب منكم طلباً وهو أن يسأل كل واحد منكم أمه أو أخته أو جدته عن الحاجة الزهراء أحمد عركي ودورها في حياة الناس في العيلفون وبعد ذلك فاليجاوب على هذ السؤال .
أليست هي المرأة الأكثر أهميةً وتأثيراً في العيلفون ؟
رحمك الله الوالدة الحاجة الزهراء وأحسن إليك . لم تنجبي ولكنك كنت أم الجميع .
سبقني الأخ الإداري الفذ سليمان الطيب منير بالكتابة في نفس الموضوع في كتابه الرائع . هلال العيلفون . وبالطبع كان أروع مني في ذكر مآثر الوالدة . وما كتبته الآن يتضاءل مع ما كتب . متعه الله بالصحة والعافية .
كانت للحاجة الزهراء جوانب إنسانية يعلمها الجميع .وآبار المياه التي حفرتها للسقيا والتي مازالت تحمل إسمها شاهدة على ذلك والأسر التي كانت تعولها وما تقدمه سراً للأيتام كل ذلك يحدث عن طيبتها وإنسانيتها وحبها للناس لم يمن الله عليها بنعمة الإنجاب ولكنه من عليها بسماع صرخات الحياة لأكثر من ثلاثة أرباع سكان العيلفون وما جاورها من قرى في الفترة من بداية الأربعينات وحتى العام 1975 من القرن الماضي . خلاصة قولي . أنها دخلت كل بيوت العيلفون . بل وكل إمرأة وكل بيت يحمل لها ذكرى ويحمل لها حب .
أظن ويظن الكثيرون بأن شهادتي فيها عرجاء لأنني أحد أحفادها ومن الأثيرين إلى قلبها .وأعرف عنها ما لا يعرفه الكثيرون عنها وهذا شرف لي لا يدانيه شرف . ولكن أطلب منكم طلباً وهو أن يسأل كل واحد منكم أمه أو أخته أو جدته عن الحاجة الزهراء أحمد عركي ودورها في حياة الناس في العيلفون وبعد ذلك فاليجاوب على هذ السؤال .
أليست هي المرأة الأكثر أهميةً وتأثيراً في العيلفون ؟
رحمك الله الوالدة الحاجة الزهراء وأحسن إليك . لم تنجبي ولكنك كنت أم الجميع .
سبقني الأخ الإداري الفذ سليمان الطيب منير بالكتابة في نفس الموضوع في كتابه الرائع . هلال العيلفون . وبالطبع كان أروع مني في ذكر مآثر الوالدة . وما كتبته الآن يتضاءل مع ما كتب . متعه الله بالصحة والعافية .
التعديل الأخير: