المياه الكهرباء المواصلات أزمات استعصى حلها عـلى كل الحكـومات

جولة: النذير - إنصاف - أم بلة
فشلت كل المحاولات التي قامت بها الجهات الرسمية في حل ثلاث قضايا حيوية ومهمة تتعلق بحياة المواطن , أولها مشكلة الإمداد المائي وقبل دخول فصل الصيف فعلياً ارتفعت وتيرة الشكاوى في معظم أحياء الولاية خاصة في جنوب الخرطوم وأم درمان..

كذلك يشهد الإمداد الكهربائي بالولاية حالة عدم استقرار الشيء الذي أثار حفيظة المواطن لاسيما والشهر الكريم على الأبواب, هذا فضلا عن الأزمة التي لم تبرح مكانها منذ سنوات ولم يجد لها المسؤولون حلا, بل استعصت على كل الجهات المختصة.. أزمة المواصلات التي أصبحت سمة من سمات هذه الولاية .. (الإنتباهة) وقفت ميدانيا على هذه الإشكلات مستطلعة عدداً من المواطنين ووقفت على آراء الجهات المختصة وذات الصلة بهذه القضايا المهمة.
شكاوى متكررة
وأبلغ المواطن محمد عثمان من حي الأزهري عن انقطاع الإمداد المائي منذ دخول فصل الصيف. مشيراً إلى ان تلك المشكلة تتكرر كل عام دون إيجاد علاج جذري من قبل المسؤولين. كما شكا المواطن إبراهيم محمد من منطقة مايو ان المنطقة تعاني منذ فترة طويلة من عدم توفر الخدمة, فأصبح المواطنون يشترون المياه من العربات والتي زادت من مصروفات الأسرة بصورة كبيرة, حيث بلغ برميل المياه اكثر من 20 جنيهاً. وقال ان المشكلة ستتفاقم خلال الأيام القادمة مع ارتفاع درجات الحرارة, بجانب اقتراب شهر رمضان. كما اشتكت المواطنة فاطمة خوجلي من منطقة الصالحة من انقطاع المياه طيلة اليوم والتي قد تعود خلال الفترة المسائية. وتحدث سكان منطقة شرق النيل (الفيحاء) من انقطاع المياة لمدة ثلاثة أيام.
امتناع عن سداد فاتورة
كما يعيش مواطنو ام درمان السوق الشعبي (الترحيلات) من عدم توفر المياه لمدة شهرين. وامتنع المواطنون من دفع الفواتير وذلك لشراء المياه من أموالهم الخاصة. وقالوا بالرغم من مناشدتنا للجهات ذات الاختصاص, ولكن دون وجود معالجات .كما شكا العم أحمد النور من منطقة الخرطوم القديمة حي الترس من معاناة المواطنين من عدم توفر الإمداد المائي لمدة أسبوع كامل ولا حياة لمن تنادي.
(30) جنيهاً لبرميل المياه بسوق ليبيا
فيما يعاني مواطنو أمبدة الحاره 14 وعدد من مربعات دار السلام غرب سوق ليبيا, من انقطاع المياه لمدة تتراوح أكثر من اسبوع, فيما وصل برميل المياه إلى 30 جنيهاً مع ارتفاع الاستهلاك اليومي.
شعارات ووعود
خلال العام المنصرم, أعلنت ولاية الخرطوم رفع شعار صيف بلا قطوعات تستهدف الخطة إنشاء محطات نيلية واستبدال مياه الآبار بالمياه النيلية، فضلاً عن إحلال الشبكات لتقليل إهدار المياه الناتج من تهالك أجزاء من الشبكة، والتخلص من شبكة الإسبستس، إن محطة جبل الأولياء والمصممة بسعة (30) ألف متر مكعب ستعمل جنباً الى جنب مع المحطة القديمة لتغطية احتياجات منطقة (الكلاكلة، الاندلس، الازهري)، بطول (25) كيلو متراً، بكلفة بلغت (55) مليار جنيه بتمويل من بنك فيصل الإسلامي. وتقول ولاية الخرطوم انها تنتج 1.5مليون متر مكعب من المياه يوميا وأنها تحتاج لإنتاج مليوني متر مكعب يوميا لتغطية الاستهلاك الكلي في العاصمة السودانية. وكان والي الخرطوم قد أشار الى ان حكومته تخطط لإنتاج 350 ألف متر مكعب من المياه هذا العام ليرتفع الانتاج الى 1.850مليون متر مكعب.
مشكلة الصيانة
وكشف مدير مياه محلية أمبدة الباشمهندس اسماعيل عبدالرحمن لـ(الإنتباهة) أن منطقة امبدة تعتبر أكثر المناطق تأثرا بعدم توفر الإمداد المائي, مشيرا لسعي الإدارة الى حفر بئر جديدة (البستان الجديد) بالحارة 46 لافتاً لاكتمال العمل بها وهي جاهزة لتوفير المياه .وقال ان مشكلة الإمداد في الفترة السابقة تزامنت مع الصيانة التي تمت بمحطة المقرن, حيث تم عمل إبدال وإحلال اضافة الى عدم استقرار الإمداد الكهربائي بشكل عام. وشهدت المنطقة تحسنا كبير افي توفير المياه خاصة بعد حفر بئر جديدة وتوفير مولد للعمل. واشار الى أن خطة الولاية تستهدف إجراء تحسينات لبعض الخطوط المغذية للحارات ,حيث تم خطوط إضافية وحفر آبار جديدة. وقال أما بالنسبة للخطوط القديمة فتم عمل إحلال لها فهي مسؤولية الإدارة العامة للمشروعات. وقال من المتوقع عمل تلك الخطوط خلال الشهور القادمة. وأوضح لا استطيع الجزم نسبة نجاح الخطة وذلك من المتوقع ظهور بعض الحالات الطارئة والتي تتمثل في عدم استقرار الإمداد الكهربائي ما يؤثر على عمل المضخات بالمحطات بجانب عدم تشغيل الآبار .وقال حتى لو تم توفير مولدات فلا تستطيع العمل لمدة 24 ساعة خاصة وان مدة عملها لا يتجاوز الـ4 ساعات فقط. وجزم ان استقرار الإمداد بالمنطقة مع استقرار عمل محطات المياه الكبرى كالمنارة والمقرن.
قطوعات غير مبرمجة
رغم الوعود التي أعلنتها وزارة الري والكهرباء والموارد المائية بعدم وجود أي نقص في توليد الكهرباء خلال شهر رمضان العام المنصرم , إلا أن الواقع كان غير ذلك, حيث شهد التيار الكهربائي عدم استقرار في كثير من المناطق بولاية الخرطوم تأثرت بها عدد من القطاعات السكنية والصناعية وغيرها دون وجود برمجة واضحة تبعتها بعض الإشكالات المرتبطة بانقطاع التيار المائي ببعض الأحياء لفترة طويلة من الزمن, مما أدى الى تذمر المواطنين بصورة كبيرة , وعزت الوزارة انقطاع التيار في بعض المناطق لأعطال فنية بسبب زيادة الأحمال على الشبكة , وفي المقابل يتخوف عدد كبير من المواطنين ان يشهد رمضان القادم مشكلة القطوعات. حيث يعتمد المواطنون اعتمادا كبيرا عليها في ظل عدم وجود بدائل اخرى. وقال المواطن أحمد صالح من الأزهري ان رمضان المنصرم شهد التيار الكهربائي عدم استقرار ملحوظ وصل لدرجة انقطاعه لمدة يوم كامل وتخوف من ذات السيناريو هذا العام.
تأثر القطاع الصناعي
ومن المعلوم أن القطاع الصناعي لم يسلم من مشكلة القطوعات, حيث تأثرعدد كبير من المصانع, وأكد عدد من أصحاب المصانع من وجود خسارة كبيرة عليهم جراء عدم انتظام التيار. وأكد د. عماد أبو رجيلة صاحب مصانع, أن العام الماضي تأثر القطاع بشكل كبير بسبب التيار الكهربائي, مشيرا الى ارتفاع استهلاك الجازولين ما أثر على الإنتاج والتكلفة. مشيرا الى وصول تكلفة الطاقة الى 4 أضعاف عند شراء الجازولين عن الطاقة الموفرة من التكلفة ووصفها بالكارثية , ولفت الى أن العديد من أصحاب المصانع يضطرون الى زيادة ساعات العمل مما كان له الأثر السلبي على قطاع الصناعة في العام 2016 م , ونأمل ان يكون العام الحالي أكثر انفراجاً.
وزير الكهرباء يطمئن
ولكن وزير الكهرباء معتز موسى, بعث بتطمينات خلال حديثه بالبرلمان مؤخرا معلناً عن جهود تجري لاستمرار التيار خلال رمضان, كاشفا عن وضع خطة وطنية لخفض استهلاك الكهرباء بالبلاد دون المساس براحة المواطنين وللحد من اهدارها وسيتم توفير 500 ميقاواط مشيراً لخفض استهلاك الإنارة بالقطاع السكني والمباني الحكومية، وسيكتمل تنفيذ الخطة بنهاية 2020 وتوقع ان يصل انتاج الطاقة خلال العام 2017 الى 16,83 قيقاواط في الساعة ,فيما يبلغ الطلب الأقصى على القدرة المتوقع 3132 ميقاواط بزيادة تبلغ 14% عن العام المنصرم.
ارتفاع التعرفة
ومن جانبه قال الخبير في مجال الكهرباء د. جون جندي ان خطاب الوزير الأخير بخصوص الكهرباء كان ضافيا ويبعث برسائل موجبة نأمل تطبيقها على أرض الواقع، مضيفا خلال حديثه لـ(الإنتباهة) ان تعرفة الكهرباء المطبقة اليوم نرى أنها غير مقنعة ومرتفعة وغير مؤسسة على دراسات علمية، بجانب ذلك انها تؤثر على حياة المواطن والاقتصاد الوطني من جميع النواحي, منوها لضرورة إعادة النظر حولها. وأوضح ان توفير الكهرباء يجب ان يتم عبر التركيز على كفاءة الكهرباء المستخدمة في مجال التوليد والنقل والتوزيع والاستخدام ، مشيرا إلى ارتفاع حجم المفقود منها . مبينا أن رفع الكفاءة يعادل احتياطيا أقوى, وتوقع ان يشهد فصل الصيف استقرار اًفي الإمداد الكهربائي حسب حديث الوزير الذي أكد وجود تحسينات وإدخال معالجات جديدة بدخول خزان ستيت وعطبرة وتعلية الرصيرص.
المواصلات أزمة متفاقمة
تعتبر أزمة الموصلات من أكبر التحديات التي تواجه المواطن, فضلا عن انها أصبحت الشغل الشاغل للمسؤولين بالرغم من العديد من الحلول التي وضعتها حكومة الولاية إلا أنها ما زالت تتفاقم يوميا ,وأظهرت دراسات قدمتها وزارة البنى التحتية والتي كشفت عن ان 16% من سكان الولاية يسيرون على أقدامهم في التنقل ,فيما يمتلك 30%من مركبات خاصة ويعتمد 48%على المركبات العامة. وأفصح وزير البنى التحتية السابق خلال ملتقى النقل ان القطاع يمر بمرحلة .وخلال استطلاع قامت به( الإنتباهة), عبر عدد من المواطنين عن تذمرهم من تلك الأزمة والتي اعتبروها يومية منذ السابعة صباحا وحتى الحادية عشرة صباحا, ومن الثالثة عصرا وحتى منتصف الليل .وقال مجاهد موسى ان الأزمة استفحلت وأصبحت فوق طاقة المواطن , فيما قال صلاح الزين ان الحكومة فشلت في حل المشكلة بالرغم من زيادة التعرفة إلا ان الأزمة مازالت قائمة .
وفي حديثه لـ(الإنتباهة) قال سائق حافلة ان هناك عددا كبيرا من المركبات خرجت من الخدمة بسبب ارتفاع تكلفة التشغيل مقارنة بالدخل اليومي. وأضاف سعيد ان هناك اعداداً اخرى فضلت العمل عبر الولايات نظرا الى أنها افضل من العمل داخل ولاية الخرطوم ، واتفق معه السائق محجوب الذي يعمل داخل خطوط ام درمان الكبرى في عدم تغطية المدخلات بجانب ارتفاع اسعار الأسبيرات. ويرى محجوب أن الحكومة غير جادة في حل مسألة هذه الأزمة ,فيما يرى سائق بص تابع لمواصلات ولاية الخرطوم يعمل على خط الخرطوم الحاج يوسف أنهم يعملون حتى الساعة (11) فقط. ويرى ان هذه التوقيت غير مناسب مقارنة بحجم المشكلة . وأضاف ان هناك عدداً من السائقين لا يفضلون العمل لدى الشركة نسبة لضعف المرتبات . ويرى ان هناك مشكلة تواجه الولاية في توفير مخصصات العاملين في هذا القطاع لذلك نرى ان القطاع لا يزال يترنح بسبب ضعف الميزانيات - بحسب حديثه.
أزمة مفتعلة
فيما انتقد الأمين العام لنقابة الحافلات طه عثمان ورشة النقل التي أقيمت بالخرطوم امس الأول . وقال ان المتحدثين فيها غير مختصين. نافيا أن تكون هناك ازمة في الموصلات. ويرى انها مفتعلة بسبب التجزئة في بعض الخطوط . وغالبا ما يقوم السائق بشحن المركبة من الشارع العام لذلك تم وضع قانون محلي من قبل المعتمد وبالتعاون مع شرطة المرور لرقابة تلك الظاهرة عبر وضع الاستيكرات التي تحتوي على الخط وقيمة التعرفة ومعاقبة كل من يخالف ذلك القانون بالغرامة التي تصل الى الف جنيه . وقد تصل العقوبة الى سحب الرخصة واللوحات , هذا القانون يطبق في محلية بحري. وأضاف ان هناك بعض السائقين لا يلتزمون بالخطوط ولا يستطيعون السيطرة عليهم. وقال حتى المرور لا يستطيع السيطرة عليهم . نافياً عمل بعض الحافلات في الخطوط السفرية واعتبرها مجازفة لأن حتى التأمين لا يغطيها بل هناك خطوط سفرية تعمل على حل المشكلة داخل الولاية مؤكدا افتعال الأزمة من قبل بعض المسؤولين الذين فشلوا في إدارة شركة المواصلات. مضيفا أن الحكومة لا تقف على حق المواطن.
خروج في وقت واحد
طه عثمان أكد ان خروج المواطنين والموظفين في وقت واحد يمثل إحدى سمات الزحمة الحقيقية, مضيفا ان أسعار التعرفة للخطوط تعتبر مجزية جدا. وأشار طه الى أن المواطن هو السبب الأساس لانه لا يعرف ولا يقف على حقوقه. وأشار طه الى ان ربط التأمين مع الترخيص هو طمع أفراد المرور له أثر كبير في هروب أصحاب الحفلات والعزوف عن العمل. حيث كان في السابق يفصل التأمين عن الترخيص مما يعطي صاحب الحافلة بعض الوقت لجمع مبالغ الترخيص. وأوضح طه ان الحملات المرورية التي تستهدف أصحاب الحافلات هي سبب اساسي في الزحمة . وطالب طه بتخفيض رسوم الترخيص بنسبة 50% لأصحاب الحافلات حتى يتسنى لهم العمل بصورة طبيعية, خاصة وان قطاع المواصلات هو قطاع هام ويقدم خدمة كبيرة للدولة . وكشف طه عن تداخل الرسوم والإجراءات بين الترخيص والتأمين , وعليه لابد من معرفة اذا كان هذا القطاع حكوميا حتى يتم دعمه بصورة واضحة أو تجاريا يجب تحريره كاملا.
نداء
فيما يرى وزير البنى التحتية حبيب الله بابكر عبر ملتقى النقل , ان قضية النقل أقلقت منام المسؤولين. ووجه نداء لكل من له رأي سديد لحل قضية الموصلات ودعا الى تضمين النقل والمواصلات كمنهج علمي حتى ينال حصته من الدروس والبحوث العلمية واعتماد رؤية موحدة وشاملة لتشكيل منظومة النقل والمواصلات.
 
أعلى