خـــولة بنـــــــت ثعلبــــة

BADR ELSIR

Administrator
طاقم الإدارة
جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرعة،

وعلامات الخوف والارتباك تعلو وجهها؛ كيف لا،
وأسرتها مهددة بالانهيار والتفكك، وبيتها مهدد بالضياع والتشرد،
كل ذلك جراء كلمة غضب قالها لها زوجها،
كادت أن تقضي على أسرة بأكملها، وتُنهي حياة
زوجين عاشا معًا زمنًا مديدًا. فجاءت إلى
رسول صلى الله عليه وسلم علَّها تجد حلاً لمشكلتها،
فوجدت بيته مفتوحًا، ليس بينه وبين الناس حجاب ولا بواب.

تلك هي خولة بنت ثعلبة رضي الله عنها، التي قالت عنها

أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات،
لقد جاءت المجادلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في ناحية البيت،
تشكو زوجها، فأنزل الله سبحانه في القرآن الكريم
سورة كاملة بحقها، سماها سورة المجادلة، افتتحها سبحانه بقوله:
{قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي
إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير} (المجادلة:1).

وتذكر كتب التفاسير بخصوص سبب نزول هذه الآية الكريمة،

أن خولة بنت ثعلبة زوجة أوس بن الصامت رضي الله عنهما،
كان بينها وبين زوجها ما يكون بين الرجل وزوجته من خلاف
. وقد كان زوجها رجلاً سريع الغضب، فلما كان بينهما ما كان،
حلف أن لا يقربها، وقال لها: أنت علي كأمي. وكانت هذه العادة
من عادات الجاهلية التي حرمها الإسلام، لكن بقيت رواسبها عند البعض.

ثم إن أوسًا بعد ما كان منه ما كان، أراد أن يقرب زوجته فامتنعت منه،

ورفضت أن تستجيب له، حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم
ويخبره بما كان، لكن أوسًا تحرج منعه الحياء أن يذكر لرسول الله
ما جرى منه؛ فذهبت خولة بنفسها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وأخبرته بالذي حدث، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ما أراك إلا قد حرمت عليه) !! فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم
أن زوجها لم يرد بقوله ذلك طلاقًا ولا فراقًا، فأجابها رسول الله ثانية:
(ما أراك إلا قد حرمت عليه)، فلما سمعت جواب رسول الله التجأت
إلى الله قائلة: اللهم إليك أشكو حالي وفقري.

ثم أخذت تحاور رسول الله لتقنعه أنها تحب زوجها،

ولا تريد فراقه، وأنه يبادلها نفس المشاعر،
فما كان من رسول الله إلا أن أجابها ثالثة
: (ما أراك إلا قد حرمت عليه)؛ ومع هذا،
فإنها لم تيأس من رحمة الله، ومن ثم أخذت من جديد
تحاور رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن طريق التركيز على الجانب
العاطفي والإنساني، لعلها تقنعه بإيجاد مخرج للمأزق الذي هي فيه
، فتقول له: فإني وحيدة، ليس لي أهل سواه...
إن لي صبية صغارًا، إن ضممتهم إليه ضاعوا،
وإن ضممتهم إلي جاعوا، فلا يجد لها رسول الله جوابًا إلا أن يقول لها:
(لا أراك إلا قد حرمت)، فلما لم تجد لها جوابًا عند رسول الله، التجأت
إلى الله قائلة: اللهم أنزل على لسان نبيك ما يقضي لي في أمري،
فلم تكد تنتهي من دعائها، حتى أنزل الله على نبيه قوله سبحانه:
{قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي
إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير}.

ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن أنزل الله عليه


قرآنًا، بين فيه حكم هذه الواقعة، دعا زوجها أوسًا ،

وسأله أن يحرر عبدًا كفارة عن فعله، فأخبر أوس
رسول صلى الله عليه وسلم أنه لا طاقة له بذلك، فسأله
رسول الله إن كان يستطيع أن يصوم شهرين، فأجابه
أنه لا يستطيع؛ لأنه رجل قد تقدم به العمر، والصيام يضعفه
، حينئذ طلب منه رسول صلى الله عليه وسلم أن يتصدق على ستين
مسكينًا، فأخبره أنه لا يملك من المال ما يتصدق به،
فلما رأى عليه الصلاة والسلام من حاله ما رأى، تصدق عنه
، وطلب منه أن يعود إلى زوجته.
 

BADR ELSIR

Administrator
طاقم الإدارة
ومما روي في شأن خولة
أن
عمر بن الخطاب
مر بها في زمن خلافته وهو أمير المؤمنين و كان راكباً على حمار، فاستوقفته خولة طويلاً ووعظته. وقالت له: "يا عمر، عهدتك وأنت تسمى عميراً في سوق عكاظ ترعى الصبيان بعصاك، فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر ثم تذهب الأيام حتى سميت أمير المؤمنين، فاتق الله في الرعية، واعلم أنه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد، ومن خاف بالموت خشي الفوت، ومن أيقن بالحساب خاف العذاب."

وعمر بن الخطاب
واقف أمامها، يسمع كلامها في إمعان وقد أحنى رأسه مصغياً إليها ... وقد كان برفقته أحد مرافقيه وهو
جارود العبدي، فلم يستطع صبراً لما قال خولة لأمير المؤمنين فقال لها في غضب: "قد أكثرت أيتها المرأة العجوز على أمير المؤمنين". فقال عمر بن الخطاب
: "دعها ... أما تعرفها؟ هذه خولة التي سمع الله قولها من فوق سبع سموات وعمر أحق والله أن يسمع لها

وفي رواية أخرى: قيل له: يا أمير المؤمنين اتقف لهذه العجوز هذا الموقف. قال
: "والله لو حبستني من أول النهار إلى آخره ما زلت إلا للصلاة المكتوبة،

إنها خولة بنت ثعلبة سمع الله قولها من فوق سبع سموات،
أيسمع رب العالمين قولها ولا يسمعه عمر"
 

BADR ELSIR

Administrator
طاقم الإدارة
هي خولة بنت ثعلبة بن أصرم بن فهد بن ثعلبة بن غنم بن عوف
من ربات الفصاحة والبلاغة والجمال وصاحبة النسب الرفيع،
زوجها هو أوس بن الصامت
أخو
عبادة بن الصامت
. وهو ممن شهد
بدراً وأحداً، وأغلب الغزوات مع رسول الله .
وأنجبت منه زوجته خولة ولدهما الربيع بن أوس.
 

BADR ELSIR

Administrator
طاقم الإدارة
قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ

الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ
وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ

 
أعلى