صناع الجوع وصناع .... الحياة


الطاهر ساتي
tahersati@hotmail.com

أطفالنا بالمدارس.. بهؤلاء وغيرهم .. (بكرة أحلى)

** الأستاذ محمد الشفيع، مدير العلاقات الخارجية بمجموعة دال، يحكي: مدرستنا كانت تبعد خمسة كلم عن منزلنا، وأسرتي كانت فقيرة، بحيث كانت ترسلني إلى المدرسة بلا إفطار، وهذا لم يكن يؤرقني، ولكن كان يزعجني أن يعلم أساتذتي وزملائي بجوعي وحال أسرتي؛ ولذلك حين يرن جرس الإفطار ويذهب الأساتذة والتلاميذ إلى حيث إفطارهم، كنت أذهب إلى حمام المدرسة، وأحبس نفسي بداخله إلى أن يرن الجرس معلنا انتهاء (فسحة الفطور)، كنت أنتظر رنين الجرس بفارق الصبر، لكي أخرج من الحمام وأكمل بقية الحصص جائعا، ثم أقطع تلك المسافة البعيدة في رحلة العودة جائعا أيضا، قد تشعرون بالجوع أحيانا، ولكن أكثركم لم يتذوق طعم أن يقضي التلميذ يومه - وسط رفاقه - جائعا، لقد تذوقت هذا الطعم، و.. ربما غصة كانت تلك التي حالت بين الأخ محمد الشفيع وسرد تفاصيل تجربته مع الجوع والحبس الانفرادي بحمامات بمدرسته ..!!
** لم أتبين ملامح وجه الأخ الشفيع وهو يحكي تجربته تلك، لم يكن يجلس بعيدا عني ولكن فاضت عيناي بالدموع، ليس تأثرا بتجربته فحسب، بل تذكرت تجربة كهذه حدثت قبل 25 عاما، وثقتها بالزاوية قبل خمس سنوات ثم أعدت توثيقها قبل ستة أشهر،عندما انتهت الحصة الثانية بمدرسة السير، ذهبت جائعا إلى السوق، حيث أمي تبيع بعض دواجنها، ولم تكن قد باعت، فعدت لأواصل الحصتين الثالثة والرابعة، بجسدي فقط، حيث العقل كان يرصد أصواتا يصدرها فراغ بطني، وإذ بناظرنا يدخل علينا قبل انتهاء الحصة الرابعة، ثم يستأذن من أستاذ التاريخ ويأمرني بالخروج من الفصل ومقابلته بمكتبه، فأقصد مكتبه حائرا ومتوجسا وسائلا نفسي: ما الخطأ الذي ارتكبته ليعاقبني ناظرنا في مكتبه؟ وهل جوعي هذا سوف يحتمل سياطه؟، وأدخل مكتبه، وإذ بأمي تجلس دامعة وبيمناها أرغفة وكيس طعمية، وبيسراها مجلة ماجد التي كنت أدمنها وكراسات لم أكن بحاجة إليها ولكنها قصدت بها تحويل جوعي وحزني إلى شبع وفرح .. عاتبتها في المساء على تلك الزيارة بمظان أنها أحرجتني أمام ناظرنا وكشفت له بعض حالنا، فطمأنتني بحديث فحواه: لا ما فيها أي إحراج، ناظركم عارف قلب الوالد والوالدة بيكون كيف لمن ولدهم يكون جعان.. أي بقلبها تذوقت - يومئذ - طعم جوع ابنها.. أوهكذا ازدحمت الذاكرة، ولم يكن الأخ محمد الشفيع قد أكمل سرد تجربته ..!!
** وكان أمامنا واقع تعكسه شاشة تلفاز .. فيلم وثائقي، أعده شباب منظمة "مجددون" .. يجسد مشاهد امتزج فيها الحزن بالفرح .. ثم يلطمنا بأرقام مخيفة، أكثر من (140 ألف تلميذ) بمدارس الخرطوم يقضون ساعات دراستهم وهم جائعون، هكذا الإحصائية... بالتأكيد وراء كل تلميذ أسرة فقيرة، وأمام كل تلميذ خياران لا ثالث لهما، عليه أن يحتمل الجوع ومخاطره أو يتسرب من الفصل إلى سوح الفاقد التعليمي .. فارس النور، شاب سوداني، شارك في برنامج صناع الحياة الذي يشرف عليه الداعية عمرو خالد مع بعض الشباب العرب بالقاهرة وعمان وبيروت، وعاد من هناك لهؤلاء الصغار بخيار ثالث فحواه: سوف نطعمهم بفضل الله.. مر فارس بشركة تفطر العاملين بها في بوفيه مفتوح، فاستأذنهم في جمع فضل زادهم، فأذنوا له، فجمعه ثم استهدف به إحدى مدارس بري، ليسد رمق (200 تلميذا) .. ومن هنا ولدت فكرة "مجددون" قبل عام وثلاثة أشهر .. !!
** لم يتوقع فارس أن فكرته تلك ستروق لـ(1500 شاب وشابة)، في كل محليات الخرطوم، خلال أشهر.. طرقوا أبواب الفنادق، وصالات الأفراح، وشركات الطيران، بل حتى بيوت الناس، بحثا عن (فضل الزاد).. وعندما انتهى العام الدراسي الماضي، اكتشف فارس وإخوانه وأخواته أنهم كانوا يطعمون (68.964 تلميذا)، يوميا في (612 مدرسة)، بمحليات الخرطوم السبع، وما ضرهم ألا تعرفهم الحكومة وأبواقها الإعلامية، فالصدق دوما في الخفاء، أو هكذا كان لسان حال الشباب حين يوزعون أنفسهم ما بين مطابخ الطهي والتجهيز وأماكن التوزيع .. ولكن الرقم مزعج، (140 ألف تلميذ)، والأحد المقبل هو بداية العام الدراسي، نريد حلاً عاجلاً.. الحكومة؟ ليست حلا، هي تعلم ذاك الرقم المخيف، وكذلك تعلم أن وراء كل تلميذ منهم أسرة حالها كما حال تلميذها، فالرهان على الحكومة رهان خاسر.. المجتمع؟، نعم.. كما لم يخب ظنهم في العام الدراسي السابق، لم يخب ظنهم ليلة أول البارحة أيضا ..!!
** كل السودان تقريبا، بمختلف ألوان طيفه السياسي والثقافي والعقائدي وغيره جلس محدقا في فيلمهم الوثائقي بعيون دامعة وقلوب حزينة .. ثم قالوا لفارس ورفاقه بلسان رجل واحد: لن تكونوا وحدكم، نحن معكم .. هكذا قالها الشيخ عبدالمحمود أبو، رئيس هيئة شورى الأنصار، وهو يسجل اسمه في قائمة مجلس أمناء المنظمة ..وقالها النفيدي ودال والمحاميد و..و..كان التسابق مدهشا، وظل الفيلم الوثائقي يعكس لهم أروع المشاهد التي حدثت في الخفاء قبل عام .. بل حتى أهل الصحافة، لم يكتفوا بتغطية هذا العطاء، بل أعلنوا عن تبرعهم بإعلانات طوال العام الدراسي، ثم سجلوا أسماءهم في قائمة مجلس الأمناء، ثم اختاروا العدد الذي يناسب دخلهم من التلاميذ، ليطعموهم على مدار العام الدراسي، هكذا فعلوا بلسان حال قائل: الأقلام وحدها لا تكفي ..إفطار تلميذ لمدة شهر يكلف(14 جنيها)، وإفطاره طوال العام الدراسي يكلف(98 جنيها).. والبحث عن عناوين وأمكنة (1500 شاب)، ليس بمزعج كما الرقم الذي يعكس أعداد التلاميذ الفقراء ، موجودون بصدق نواياهم وابتساماتهم المضيئة في كل المحليات ومدارسها.. !!
** هاتفت فارس مساء البارحة: (أها بعد الحصل دا، موقفكم بيكون كيف السنة دي؟) ، فرد بذات العزيمة: ( إن شاء الله ناوين نستهدفهم كلهم، وما أظن في سوداني يبخل علينا بفضل زاده)..حسنا، اجتهدوا واعملوا بعيدا عن منابر التنظير التي تسب الحكومة وتلعن المعارضة، فالجوع لن ينتظر اكتمال نتائج سبهم ولعنهم، ليخترق بطون تلاميذ مدارسنا .. تبا لحكومة سياستها عاجزة عن توفير اللقمة لتلميذ فقير، لو كان المطلوب سد ثغرة مخصصات النافذين أو ميزانيات الخطب السياسية، لتزاحمت البنود لسد تلك (الثغرات الذاتية) ، ولكن المطلوب سد رمق التلاميذ الجوعى، ولذلك تتلكأ البنود وتتبكم.. لاعليكم يا شباب "مجددون"، أعملوا بإحساس ( بكرة أحلى ) ..وأعلموا أن كل ذي لسان وشفتين يستطيع أن يلعن الظلام، ولكن إيقاد الشموع في المجتمع بحاجة إلى عزم كـ(عزمكم) ..!!
........................
نقلا عن السوداني
 
هكذا هي الأيادي البيضاء تمتد في الخفاء لتضئ عتمة زمان الجوع والعدم .. وترسم البسمة على وجوه عز عليها الفرح فلم تعرف غير العبوس ..
الحمد لله .. ورغم أن بالحلق غصة إلا أن الدنيا لم تزل بخير مادام فيها من يمسحون دمعة المحزون ويداوون جرح المكلوم ..
ولك التحية أخي أشرف ..
 

مرتضى دعوب

Administrator
تعجبنى افلام الاكشن ....
لأن ما فيها تنظير كثير ...
طلبة و تلاميذ لا يفطرون .....
و تاخير الفطور للتلميذ حتى العاشرة صباحاً خطر ماحق يهدد صحته و سلامته و تحصيله العلمى ...
فما بالك بإلغائه نهائياً ؟
فطور التلميذ، كيس الصائم ، شنطة الطالب ، الزى المدرسى ، العلاج المجانى ، إصلاح المدارس، توفير الكتب .....،......؟
مشاريع سهلة بيد أنها تتطلب اصعب شئ فى الدنيا كلها : النية الصادقة ،العزيمة التى لا تلين ، و ضربة البداية ...
لقد أثبتت الايام أن هذه المشاريع سهلة و ليس مستحيلة !
و كل الخرافات التى تثبط العزائم لن تقو على مواجهة ثلاثة اشخاص ذوو عزيمة ..
كثيراً ما نسمع : ياخى الموضوع دة طوييييل ...
منو البيسمع كلامك دة ؟
منو الفاضى ؟
كدى خلوها شويييية كدى لامن نروق !
و الزمن يجرى ، و التاريخ لا يرحم !
و رمضان على الابواب .. يعقبه العيد ...و المدارس فتحت ابوابها ..
كل الظروف مهيأة !
و العيلفون مليئة بالاغنياء ...و رجال الخير ...
و لكن ما نطلبه ممكن التحقيق ، متى ما تناسينا كراهيتنا لفلان و حقدنا على علان ...
و إعتزال الناس و الزهد فى إصلاح حالهم قد يهدئ من روع الغاضب لعدة ايام ..
و لكن السؤال سيبقى : ماذا فعلت أنت تحديداً ؟
و إلى أى مدى استفاد المساكين و المعدمين من كراهيتك لزيد من الناس أو عمرو؟
و من هو الخاسر الحقيقى ...
فى العيلفون مرضى و فقراء و تلاميذ جوعى لا يملكون ثمن كراس واحد ...
و الطريق مفتوح على مصراعيه ...
و العقبات ليست إلا اوهام ....فماذا ننتظر ؟
 
هكذا هي الأيادي البيضاء تمتد في الخفاء لتضئ عتمة زمان الجوع والعدم .. وترسم البسمة على وجوه عز عليها الفرح فلم تعرف غير العبوس ..
الحمد لله .. ورغم أن بالحلق غصة إلا أن الدنيا لم تزل بخير مادام فيها من يمسحون دمعة المحزون ويداوون جرح المكلوم ..
ولك التحية أخي أشرف ..

الحمد لله الذي جعل في بلادي مثل هؤلاء واسأل الله ان يأتي يوم لايجدون فيه من يتصدقون عليه بطعام
اسعدني مرورك اختي الغالية
 
تعجبنى افلام الاكشن ....
لأن ما فيها تنظير كثير ...
طلبة و تلاميذ لا يفطرون .....
و تاخير الفطور للتلميذ حتى العاشرة صباحاً خطر ماحق يهدد صحته و سلامته و تحصيله العلمى ...
فما بالك بإلغائه نهائياً ؟
فطور التلميذ، كيس الصائم ، شنطة الطالب ، الزى المدرسى ، العلاج المجانى ، إصلاح المدارس، توفير الكتب .....،......؟
مشاريع سهلة بيد أنها تتطلب اصعب شئ فى الدنيا كلها : النية الصادقة ،العزيمة التى لا تلين ، و ضربة البداية ...
لقد أثبتت الايام أن هذه المشاريع سهلة و ليس مستحيلة !
و كل الخرافات التى تثبط العزائم لن تقو على مواجهة ثلاثة اشخاص ذوو عزيمة ..
كثيراً ما نسمع : ياخى الموضوع دة طوييييل ...
منو البيسمع كلامك دة ؟
منو الفاضى ؟
كدى خلوها شويييية كدى لامن نروق !
و الزمن يجرى ، و التاريخ لا يرحم !
و رمضان على الابواب .. يعقبه العيد ...و المدارس فتحت ابوابها ..
كل الظروف مهيأة !
و العيلفون مليئة بالاغنياء ...و رجال الخير ...
و لكن ما نطلبه ممكن التحقيق ، متى ما تناسينا كراهيتنا لفلان و حقدنا على علان ...
و إعتزال الناس و الزهد فى إصلاح حالهم قد يهدئ من روع الغاضب لعدة ايام ..
و لكن السؤال سيبقى : ماذا فعلت أنت تحديداً ؟
و إلى أى مدى استفاد المساكين و المعدمين من كراهيتك لزيد من الناس أو عمرو؟
و من هو الخاسر الحقيقى ...
فى العيلفون مرضى و فقراء و تلاميذ جوعى لا يملكون ثمن كراس واحد ...
و الطريق مفتوح على مصراعيه ...
و العقبات ليست إلا اوهام ....فماذا ننتظر ؟

اخي مرتضى ... كفيت ووفيت واوجزت جل مشاكل العيلفون بل بلادنا بأكملها ان لم اقل العالم بأسره في تلك الكلمات ولكن هل من مستجيب؟؟؟
اتمنى ذلك من الله
 
يا جماعة اعذروني على تأخير الرد
بصراحة كده .... المشاركة دي راحت مني ونسيت نزلتها وين يااا الله لميت فيها :a7rraj::weeping:
لكم العتبى حتى ترضوا
 
اين صناع الحياة من المنتدي الان نفتقدهم كثيرا
اشرف عبد الحميد
عفراء عبد الحميد
محمد جعفر
سلمي سليمان
تُماضر سليمان
عائشة الفاتح
واخرون ربما لا اعرفهم
 
أعلى