مختارات اليوم

حكم وأقوال:
قيل لحكيم كريم: كيف تعلمت إكرام الضيف؟ فقال: كانت الأسفار تضطرني إلي أن أفد على الناس، فما أستحسنته إتبعته، وما إستقبحته تجنبته.
قال الحسن حملة القران ثلاثة: رجل إتخذه بضاعة ينقفله من مصر يطلب ما عند الناس، ورجل حفظ حروفه وضيع حدوده وإستدر به عطف الولاة وإستطال به على الناس، ورجل علم ما فيه وحفظه وعمل به داعياً وعابداً وهو خير الحملة.​
 
البر والبر والبر
البر بفتح الباء هو اليابسة أي عكس البحر والنهر.
البر بضم الباء هو القمح الذي يصنع منه الدقيق للخبز وغيرة.
البر بكسر الباء هو الخير والطاعة والصدق ، نقول بر والدية أي أطاعهم ، وجمعها أبرار.
قيل لزين العابدين رضي الله عنه : إنك من أبر الناس بأمك فلماذا لا تأكل معها فقال: إني أخاف الله أن تسبق يدي يدها إلى ما تسبق عيناها إليه فأكون قد عققتها.​
 
البر والبر والبر
البر بفتح الباء هو اليابسة أي عكس البحر والنهر.
البر بضم الباء هو القمح الذي يصنع منه الدقيق للخبز وغيرة.
البر بكسر الباء هو الخير والطاعة والصدق ، نقول بر والدية أي أطاعهم ، وجمعها أبرار.
قيل لزين العابدين رضي الله عنه : إنك من أبر الناس بأمك فلماذا لا تأكل معها فقال: إني أخاف الله أن تسبق يدي يدها إلى ما تسبق عيناها إليه فأكون قد عققتها.
جزاك الله خير الحبيب صلاح
تقبل الله منا ومنك صالح الاعمال
تحياتى لك وللاهل
 
الحياء
الحياء: حلة جمال، وحلية جمال. يحترم في عيون الناس صاحبه، وزداد قدره، ويعظم جانبه، وإذا رأى ما يكره غض بصره عنه. وكلما رأى خيراً قبله وتلقاه، أو ابصر شراً تحاماه. يمتنع عن البغي والعدوان، ويحذر الفسوق والعصيان، يخاطب الناس كأنه منهم في خجل، ويتجنب محارم الله عز وجل. فمن لبس ثوب الحياء إستوجب من الخلق الثناء، ومالت إليه القلوب، ونال كل أمر محبوب. ومن قل حياؤه قل أحباؤه.
 
فائدة
في النوم فائدتان إحداهما إنعكاس الحرارة إلى البطن فيهضم الطعام، والثانية إستراحة الأعضاء التي قد كلت بالأعمال.​

إذا أردت أن تقنع رجلاً فالجأ إلى عقله، وإذا أردت أن تقنع إمرأة فألجأ إلى قلبها، أما إذا أردت أن تقنع الجماهير فأيقظ غرائزها.​
 
سئل إبراهيم بن أدهم : لم لا تخالط الناس؟ فقال: إن صحبت ما هو دوني أذاني بجهله، وإن صحبت ما هو فوقي تكبر علي، وأن صحبت ما هو مثلي حسدني، فاشتغلت بمن ليس في صحبته ملل ولا في وصله إنقطاع، ولا في الأنس به وحشة.​
 
حبس ملك الفرس أحد الحكماء، وأمر ألا يزيد طعامه اليومي على قرصين من شعير وقليل من الملح، فأقام الحكيم على هذه الحالة أياماً دون أن يتكلم، فأمر الملك أصحابه أن يدخلوا على الحكيم ويسألوه عن ذلك، فقالوا أيها الحكيم نراك في ضيق وشدة دون أن يؤثر على صحتك فما السبب؟ فقال الحكيم إنني علمت دواء من سته أخلاط آخذ منه كل يوم شيئاً وهو الذي حفظ توازن صحتي على ما ترون (ولله الحمد) فقالوا: صفه لنا؟ فقال: الخلط الأول الثقة بالله عز وجل، والثاني علمي أن كل مقدور كائن، والثالث أن الصبر خير ما يستعمله الممتحن، والرابع أن أصبر، والخامس قد يمكن أن أكون في شر مما أنا فيه، والسادس من ساعة إلى ساعة فرج..فبلغ ذلك الملك فعفا عنه.

عامل الناس برأى رفيق والق من تلقى بوجه طليق​
 
بالحب والخير والجمال ينتصر الإنسان على ما يلاقيه من عذاب وألآم في كنف الحياة. هذه هى فلسفة الشاعر إيليا أبو ماضي الذي يعبر عنها بقوله:
أيها الشاكي وما بك داء
كيف تغدو إذا غدوت عليلا
هو عبء على الحياة ثقيل
من يظن الحياة عبئاً ثقيلا
والذي نفسه بغير جمال
لا يرى في الوجود شيئاً جميلا
كن هزاراً في عشه يتغنى
لا غراباً في الليل يبكي الطلولا​
 
سئلت عجوز يفيض وجهها بشراً وجمالاً :
أي مواد التجميل تستملين؟
فقالت : أستخدم لشفتي الحق، ولصوتي الذكر، ولعيني غض البصر، وليدي الإحسان، ولقوامي الإستقامة، ولقلبي حب الله، ولعقلي الحكمة، ولنفسي الطاعة، ولهواي الإيمان.
 
جيء بإعرابي إلى أحد الولاة لمحاكمته على جريمة أتهم بإرتكابها فلما دخل على الوالي في مجلسه أخرج كتاباً ضمنه قصته وقدمه له وهو يقول: هاؤم أقرؤوا كتابيه، فقال له الوالي : إنما يقال هذا يوم القيامة.
فقال: هذا والله أشر من يوم القنيامة، ففي يوم القيامة يؤتى بحسناتي أما أنتم فقد جئتم بسيئاتي وتركتم حسناتي.​
 
( إياك والعجلة فإن العرب تكنيها أم الندامة، لأن صاحبها يقول قبل أن يعلم، ويجيب قبل أن يفهم، ويعزم قبل أن يفكر، ويقطع قبل أن يقدر، ويحمد قبل أن يجرب، ويذم قبل أن يخير، ولا يصحب هذه الصفة أحد إلا صحبته الندامة، وإعتزل السلامة ).​
 
قال ميمون بن مهران: ثلاث حق المؤمن والكافر فيهن سواء: الأمانة تؤديها إلى من إئتمنك عليها من مسلم وكافر. والوالدان تبرهما مسلمين أو كافرين. والعهد تفي به لمن عاهدت مسلماً أو كافراً.

( عند الشدائد تعرف الأخوان )​
 
خطب عبد الملك بن مروان يوماٌ خطبة بليغة ثم قطعها وبكى بكاءً شديداً ثم قال: يا ربي إن ذنوبي عظيمة، وأن قليل عفوك أعظم منها. اللهم فامح بقليل عفوك عظيم ذنوبي. قال الأصمعي: فبلغ ذلك الحسن فبكى وقال: لو كان الكلام يكتب بالذهب لكتب هذا الكلام.​


( عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه )
 
إن المسلمين لا يرقون ولا ينهضون بالبهرجة والزخارف، إن سبيل رقي المسلمين هو التوحيد الخالص والخروج من أسر البدع والضلالات، والإعتصام بما جاء في كتاب الله على لسان رسوله الكريم.​
 
عن علي إبن أبي طالب رضى الله عنه قال:( من أتاه الله منكم مالاً فليصل به القرآبه ، وليحسن فيه الضيافة ، وليفك فيه العاني والأسير وإبن السبيل والمساكين والفقراء والمجاهدين ، وليصبر فيه على النائبة ، فإنه بهذه الخصال ينال كرم الدنيا وشرف الآخرة.​
 
من أعظم نعم الله على عباده أن فتح لهم باب التوبة والإنابة، وجعل لهم فيه ملاذاً آميناً، وملجأً حصيناً، يلجه المذنب، معترفاً بذنبه، مؤملاً في ربه، نادماً على فعله، ليجد في قربه من ربه ما يزيل عنه وحشة الذنب، وينير له ظلام القلب، وتتحول حياته من شقاء المعصية وشؤمها، إلى نور الطاعة وبركتها.

فقد دعا الله عباده إلى التوبة مهما عظمت ذنوبهم وجلَّت سيئاتهم، وأمرهم بها ورغبهم فيها، ووعدهم بقبول توبتهم، وتبديل سيئاتهم حسنات رحمة ولطفاً منه بالعباد.

ومنزلة التوبة هي أول المنازل وأوسطها وآخرها، لا يفارقها العبد ولا ينفك عنها حتى الممات، وإن ارتحل إلى منزل آخر ارتحل بها واستصحبها معه، فهي بداية العبد ونهايته، ولذا خاطب الله بها أهل الإيمان وخيار خلقه، وأمرهم أن يتوبوا إليه بعد إيمانهم وصبرهم وجهادهم، وعلق الفلاح بها، فقال سبحانه: {وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} (النور:31)، وقسَّم العباد إلى تائب وظالم فليس ثم قسم ثالث، قال سبحانه: {ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون} (الحجرات: 11)، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها) رواه مسلم.

وإذا كان نبينا صلى الله عليه وسلم الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر يقول: (يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة) رواه مسلم، فكيف بغيره من المذنبين والمقصرين.

والتوبة الصادقة تمحو الخطايا والسيئات مهما عظمت، حتى الكفر والشرك، فإن الله تبارك وتعالى لا يتعاظمه ذنب أن يغفره، قال سبحانه: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنة الأولين} (الأنفال:38)، بل حتى الذين قتلوا الأنبياء، و{قالوا إن الله ثالث ثلاثة} (المائدة:73)، و{قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم} (المائدة:17)، -تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً- دعاهم للتوبة، وفتح لهم أبواب المغفرة فقال سبحانه: {أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم} (المائدة 74)، وفي الحديث القدسي يقول الله عز وجل: (يا عبادي! إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعاً، فاستغفروني أغفر لكم) رواه مسلم، وفي حديث آخر: (يا ابن آدم! لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني، غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم! إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً، لأتيتك بقرابها مغفرة) رواه الترمذي.

ورمضان من أعظم مواسم التوبة والمغفرة وتكفير السيئات، ففي الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر)، كيف وقد جعل الله صيامه وقيامه وقيام ليلة القدر على وجه الخصوص إيماناً واحتساباً مكفراً لما تقدم من الذنوب؟! والعبد يجد فيه من العون ما لا يجده في غيره، ففرص الطاعة متوفرة، والقلوب على ربها مقبلة، وأبواب الجنة مفتحة، وأبواب النار مغلقة، ودواعي الشر مضيقة، والشياطين مصفدة، وكل ذلك مما يعين المرء على التوبة والرجوع إلى الله.

فلذلك، كان المحروم من ضيع هذه الفرصة، وأدرك هذا الشهر ولم يُغفر له، فاستحق الذل والإبعاد بدعاء جبريل عليه السلام وتأمين النبي صلى الله عليه وسلم، حين قال جبريل: (يا محمد! من أدرك شهر رمضان فمات، ولم يُغفر له، فأُدخل النار فأبعده الله، قل: آمين، فقال: آمين) رواه الطبراني، وقال صلى الله عليه وسلم: (رغم أنف رجل دخل عليه رمضان، ثم انسلخ قبل أن يُغفر له) رواه الترمذي.

وإذا كان الله عز وجل قد دعا عباده إلى التوبة الصادقة النصوح في كل زمان، فإن التوبة في رمضان أولى وآكد، لأنه شهر تسكب فيه العبرات، وتقال فيه العثرات، وتعتق فيه الرقاب من النار، ومن لم يتب في رمضان فمتى يتوب؟!

وللتوبة شروط ستة لابد من توفرها لكي تكون صحيحة مقبولة:

أولها: أن تكون خالصة لله تعالى.

ثانيها: أن تكون في زمن الإمكان، أي قبل أن تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت الشمس من مغربها لم تنفع معها التوبة، قال تعالى: {يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً}(الأنعام:158)، وقبل أن تبلغ الروح الحلقوم، فإن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر، كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم.

ثالثها: الإقلاع عن الذنب، فلا يصح أن يدعي العبدُ التوبة، وهو مقيم على المعصية.

رابعها: الندم على ما كان منه، والندم ركن التوبة الأعظم، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الندم توبة) أخرجه ابن ماجه.

خامسها: العزم على عدم العودة إلى الذنب في المستقبل.

سادسها: رد الحقوق إلى أصحابها والتحلل منهم، إن كان الذنب مما يتعلق بحقوق المخلوقين.

فحري بنا -أخي الصائم- ونحن في هذا الشهر الكريم أن نتخفف من الأوزار، ونقلع عن المعاصي والموبقات، ونتوب إلى الله توبة صادقة، وأن نجعل من رمضان موسما لتقييم أعمالنا وتصحيح مسيرتنا، ومحاسبة نفوسنا، فإن وجدنا خيراً حمدنا الله وازددنا منه، وإن وجدنا غير ذلك تبنا إلى الله واستغفرنا منه، وأكثرنا من عمل الصالحات.​
 
السلف في رمضان

خصَّ الله ـ عز وجل ـ شهر رمضان بالكثير من الخصائص والفضائل، فهو شهر نزول القرآن، والجود والإحسان، وهو شهر التوبة والمغفرة والعتق من النيران، وفيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار وتصفد الشياطين، وفيه ليلة خير من ألف شهر، فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( إذا كان أَوَّل لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رمضان، صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النار فَلَمْ يُفْتَحْ منها باب، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ منها باب، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، ولله عُتقاءُ من النَّار وذلك كل ليلة ) رواه الترمذي .
قال ابن القيم: " وكان من هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في شهر رمضان: الإكثار من أنواع العبادات، فكان جبريل - عليه السلام - يدارسه القرآن في رمضان، وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجـود الناس، وأجود ما يكون في رمضان، يكثر فيـه الصدقة، والإحسان، وتلاوة القرآن والصلاة والذكر، والاعتكاف، وكان يخص رمضان من العبادة ما لا يخص غيره به من الشهور " .

ولذلك كان سلفنا الصالح ـ رضوان الله عليهم ـ ينتظرونه بشوق وحنين، ويجعلوه شهر سباق في الطاعات والخيرات والحسنات، وكانت لهم أحوال خاصة مع هذا الشهر الطيب المبارك .

مع القرآن الكريم :

شهر رمضان له خصوصية مع القرآن الكريم، كما قال تعالى: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ }(البقرة من الآية: 185)، ولهذا حرص السلف - رحمهم الله - على الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان، فكان عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ يختم القرآن كل يوم مرة، وكان الأسود بن يزيد يختم القرآن في رمضان في كل ليلتيْن، وفي غير رمضان في كل ست ليالٍ، وكان سعيد بن جبير يختم القرآن في كل ليلتيْن، وقال مسبِّح بن سعيد: " كان محمد بن إسماعيل البخاري يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة "، وكذلك كان للشافعي في رمضان ستون ختمة، يقرؤها في غير الصلاة، وكان قتادة يختم في كل سبع دائمًا، وفي رمضان في كل ثلاث، وفي العشر الأواخر في كل ليلة، وكان الزهريُّ إذا دخل رمضان يفرُّ من قراءة الحديث، ومجالسة أهل العلم، ويُقبِل على تلاوة القرآن من المصحف .
قال ابن رجب الحنبلي: " إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلاثٍ على المداومة على ذلك، فأما في الأوقات المفضَّلة كشهر رمضان، والأماكن المفضلة كمكة لمن دخلها من غير أهلها، فيستحبُّ الإكثار فيها من تلاوة القرآن، اغتنامًا لفضيلة الزمان والمكان، وهو قول أحمد وإسحاق وغيرهما من الأئمة " .

مع القيام :

قيام الليل هو دأب الصالحين، وتجارة المؤمنين، وعمل الفائزين الرابحين، وهناك الكثير من الأخبار عن اجتهاد السلف الأبرار في قيام الليل عامة وفي شهر رمضان خاصة، قال الحسن البصري: " لم أجد شيئًا من العبادة أشد من الصلاة في جوف الليل "، وعن السائب بن يزيد قال: " أمر عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أبَيَّ بن كعب وتميمًا الداري - رضي الله عنهما - أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة في رمضان، فكان القارئ يقرأ بِالْمِئِينَ، حتى كنا نعتمد على العصيِّ من طول القيام، وما كنا ننصرف إلاَّ في فروع الفجر "، وعن عبد الله بن أبي بكر قال: " سمعت أبي يقول: كنا ننصرف في رمضان من القيام، فنستعجل الخدم بالطعام، مخافة الفجر " ، وقال الفضيل بن عياض: " إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم مكبل، كبلتك خطيئتك " .

مع الصدقات :

عن عبد الله بن عباس ـ رضي الله عنه ـ قال: ( كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان، إنّ جبريل عليه السلام كان يلقاه في كل سنة في رمضان حتى ينسلخ، فيعرض عليه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ القرآن، فإذا لقيه جبريل كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة ) رواه البخاري، ولذلك كان الشافعي يقول: " أحب للرجل الزيادة بالجود في شهر رمضان اقتداءً برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ، ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم، ولتشاغل كثيرٍ منهم بالصَّوم والصلاة عن مكاسبهم "، وكان ابن عمر ـ رضي لله عنه ـ يصوم ولا يفطر إلاَّ مع المساكين، فإذا منعهم أهله عنه لم يتعشَّ تلك الليلة، وكان إذا جاءه سائل وهو على طعامه أخذ نصيبه من الطعام وقام فأعطاه السائل ..
وكان حماد بن أبي سليمان يفطِّر في شهر رمضان خمسين رجلا كل ليلة، فإذا كانت ليلة العيد كساهم، وأعطى كل رجل منهم مائة درهم .. وقال أبو السوار العدوي: " كان رجال من بني عَدِي يصلون في هذا المسجد، ما أفطر أحد منهم على طعام قطُّ وحْده، إن وجد من يأكل معه أكَل، وإلاَّ أخرَج طعامه إلى المسجد، فأكله مع الناس، وأكل الناس معه " .

لقد عرف السلف الصالح قيمة شهر رمضان المبارك، فشَّمروا فيه عن ساعد الجِد، واجتهدوا في العمل الصالح، وسارعوا إلى الخيرات، طمعاً في مرضاة الله ـ عز وجل ـ، وقد ثبت أنهم كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم ..
 
دخول شهر رمضان
فريضة الصيام عبادة شرعها الله تعالى في وقت محدد من العام، لا يجوز أداؤها في غيره، الأمر الذي يحتم على المسلم معرفةَ الأحكام المتعلقة بدخول شهر الصوم وخروجه، حتى يؤدي هذه العبادة على الوجه المطلوب.

بم يثبت دخول رمضان:

دخول شهر رمضان يثبت بأحد أمرين:

الأول: رؤية هلال رمضان، ودليل ذلك قوله تعالى في آية الصيام: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} (البقرة:185) وقوله صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) متفق عليه.

فإذا رأى مسلم عاقل بالغ عدل موثوق بخبره وأمانته، هلال رمضان فقد ثبت دخول الشهر، وتعيَّن على الناس الشروع في صيامه.

الثاني: ويثبت دخول شهر رمضان أيضًا، بتمام شعبان ثلاثين يوماً، لأن غاية الشهر القمري أن يكون ثلاثين يوماً، ولا يكون أكثر من ذلك ، وقد روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشهر هكذا وهكذا وهكذا -يعني ثلاثين يومًا- ثم قال: وهكذا وهكذا وهكذا -يعني تسعة وعشرين يومًا-)، أي أنه إما أن يكون ثلاثين أو تسعة وعشرين.

فإذا كمل شهر شعبان ثلاثين يومًا ، فمعنى ذلك أن شهر رمضان قد بدأ بلا خلاف، وأيضًا فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين) متفق عليه.

فإذا تحرى الناس الهلال ولم يروه ، فعليهم إتمام شعبان ثلاثين يوماً، ولا يجوز -على الصحيح- صيام يوم الثلاثين على أنه من رمضان؛ لعدم ثبوت دخول الشهر.

وهذا اليوم -يوم الثلاثين- يُعْرَف بيوم الشك؛ والدليل على عدم جواز صيام هذا اليوم، قول عمار بن ياسر رضي الله عنه: "من صام اليوم الذي يُشك فيه، فقد عصى أبا القاسم" رواه أبو داود، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم النهي عن صوم يوم الشك، ففي "الصحيحين" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يتقدمن أحدكم رمضان بصيام يوم أو يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صيامًا فليصمه).

وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم: (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ -أي خفي- عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين)، والحديث واضح الدلالة على أن بدء الصوم معلق برؤية الهلال، فإذا لم تحصل الرؤية، لزم الناس أن يكملوا شعبان ثلاثين يوماً.

ولذا فإنه يُستحب للناس التماس هلال رمضان ليلة الثلاثين من شعبان، لكن لا يجب ذلك على كل مسلم، بل هو فرض على الكفاية، إذا فعله من يكفي، سقط عن الباقي.

وخلاصة الأمر في هذه المسألة: أن شهر رمضان إذا ثبت بأحد الطريقين المتقدمين، وجب على الناس الصيام، وإلا لم يجز الشروع في الصيام؛ لعدم ثبوت دخول رمضان.

ثم إن الخروج من شهر رمضان يكون أيضًا بأحد الطريقين اللذَيْن تقدَّم الحديث عنهما، غير أن ثبوت هلال شوال لا يثبت إلا برؤية شاهدين، بخلاف ثبوت هلال رمضان، فإنه يثبت برؤية شاهد واحد، بالشروط المعتبرة في الشهادة، وقد علَّلوا الفرق بينهما، بأن الخروج من العبادة يحتاط فيه أكثر مما يُحتاط في الدخول فيها.

بقي أن نذكر أن من المسائل التي كانت مجال أخذ ورد بين علماء الشريعة، المتقدمين منهم والمتأخرين، مسألة ما لو ثبتت رؤية الهلال في بلد من بلاد المسلمين، فهل يلزم بقية المسلمين أن يعملوا بمقتضى هذه الرؤية؟ وللعلماء في هذه المسألة أقوال لا يتسع المقام لبسطها.

والراجح الذي تؤيده الأدلة النقلية والعقلية، هو القول باختلاف المطالع، وهو أنه إذا اختلفت المطالع فلكل مكان رؤيته، وإذا لم تختلف فإنه يجب على من لم يره أن يوافق غيره ممن رآه، وأن يعمل بمقتضى هذه الرؤية، لقوله تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} (البقرة:185)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا).

ولا يشترط أن يراه كل أحد من المسلمين، بل يكفي في ذلك رؤية من تقوم الحجة بشهادته، وهو المسلم العدل، ويلزم بقية المسلمين العمل بتلك الرؤية، ما لم تختلف مطالع الهلال بينهم على الراجح من أقوال أهل العلم.

ومن الأدلة النظرية قياس التوقيت الشهري على التوقيت اليومي؛ وذلك أن البلدان ما دامت تختلف في طلوع الفجر وغروبه، فيختلفون في الإمساك والإفطار، فكذلك يقال في اختلافهم في دخول الشهر وخروجه، فإذا حكمنا باختلاف المطالع في التوقيت اليومي، فيجب أن نحكم باختلافها كذلك في التوقيت الشهري سواء بسواء.

هذا هو حاصل الكلام في هذه المسألة، والله تعالى أعلم.
 
أعلى