منصـــور خـــــالد

BADR ELSIR

Administrator
طاقم الإدارة
 

BADR ELSIR

Administrator
طاقم الإدارة
رابح فيلالي- واشنطن
أول ما يلفت انتباهك وأنت تلتقي بالدكتور منصور خالد هي تلك الأناقة

التي يحرص عليها في كل ظهور وهو لا يبالغ في ذلك ولا يتصنع بالقدر
الذي كان يمارس طبيعته الإنسانية التي كانت تؤمن بالفكرة وجمالها
والتمسك بها عند كل اختبار في محطات الحياة المتقلبة والمختلفة.
كان هذا انطباعي الأول عن الديبلوماسي الذي شغل منصب وزير الخارجية

في حكومة الرئيس الأسبق الراحل جعفر النميري في السودان قبل أن تنتهي به
الحياة ليكون واحدا من منظري الحركة الشعبية لتحرير السودان في الجنوب
والأكثر من ذلك أن يكون كبير مستشاري رئيس الحركة
ونائب الرئيس السوداني السابق الراحل جون قرنق.
هذا التحول في حد ذاته كان واحدا من الأسئلة الكبيرة

التي شغلت تفكيري وأنا أمد يدي مصافحا الرجل للمرة الأولى
عندما كانت مفاوضات اتفاق السلام بين حكومة الخرطوم
برئاسة عمر البشير حينها والحركة الشعبية على الحدود

السودانية-الكينية بمنتجع نفاشا السياحي.

في تلك المفاوضات أكرمني الصديق العزيز عضو الفريق
المفاوض الجنوبي ياسر عرمان، الشمالي الآخر الذي
أنضم إلى حركة الجنوب هو دليلي ومدخلي إلى المفاوضات،
حيث يدخلني في كل صباح إلى مقر المفاوضات المحصن
والذي كان يخضع لحراسة القوات المسلحة والأمن السري
الكيني وقيادات من قوات الاتحاد الأفريقي.
جلس ياسر بابتسامته العريضة وملامحه الجادة، وقال لي:
"الدكتور منصور يمكن أن يكون أكثر قدرة على شرح
صعوبات المفاوضات الجارية حاليا".
بابتسامة واضحة وبلباقة الديبلوماسي طويل المسار قال لي مازحا:

"أتعبوك هؤلاء السودانيون يا أستاذ فيلالي كما هي العادة في أدب السودانيين الجم".
تجاوزنا تفاصيل المفاوضات بكل تعقيداتها في تلك المرحلة من تاريخ السودان
وبكل ما انتهت إليه من اتفاق سمي بالشامل حينها وما أعقب ذلك من
أحداث ومنها رحيل الزعيم جون قرنق وانفصال الجنوب بالكامل
عن السودان وإعلانه دولة مستقلة وانخراط الإخوة الفرقاء في
جوبا في حرب أهلية طاحنة نسفت بحلم الثورة بالكامل وأقعدته أرضا.
كان يبدو المشهد أمام العين لافتا جدا. هؤلاء الشماليون ا
لثلاث منصور خالد وياسر عرمان ومالك عقار هم قوة قرنق الفكرية
وأول علامات التوجه المستقبلي الذي كان يراه الرجل في
تلك المرحلة والتي كان واضحا جدا من خلالها أن الزعيم الجنوبي
لا يملك أي عاطفة للفكرة التي روجها لها خصومه بأنه رائد فكرة الانفصال.
منصور كان هادئا في كل الإجابات على أسئلتي السياسية
والشخصية لكن هناك مسألة أخرى كانت أكثر إثارة في أحاديثه،
هو ذلك العمق الفكري إذ لم يكن ليقف كثيرا أمام عقبات التفاوض
القائمة في حدود المرحلة، بل كان يذهب بتفكيره بعيدا إلى المستقبل
إلى رؤية الدولة وكيفية إعادة بناء السودان الجديد وكيفية الذهاب إلى
هناك بالأسلوب الذي كان يراه رئيسه الراحل جون قرنق.
منصور لم يكن طيلة تلك الأحاديث التي جمعتنا في مركب نفاشا السياحي
ينشغل كثيرا بمسار المفاوضات الذي يظهر أنه كان كامل الاقتناع إنه
مهما طال سوف يجد طريقا إلى نهايته وأن المتفاوضين يناورون
لأجل مزيد من المكاسب أو على الأقل تحسين شروط ومراكز
التفاوض خاصة وأنه في نهاية العام 2004 كانت الملفات العالقة
بين الجانبين قد حسمت أو اقتربت من الحسم النهائي.
وحتى الكثير منها حسم على مستوى فريقي التفاوض وكان القرا
ر الأكبر على عاتق القائدين في الشمال، المخلوع عمر البشير حينها
في الخرطوم وجون قرنق الزعيم الجنوبي، الذي كان يتشارك الإقامة
مع مفاوضيه في واحدة من فيلات المنتجع السياحي، الأمر الذي سهل
كثيرا من مهام المفاوضين الجنوبين فيما كانت مهمة المفاوضين
الشماليين أعقد بقليل، لأنهم كانوا في كل مرة ينتظرون قرارا حاسما
من الشمال، حتى لو كان في الجهة المقابلة وقتها نائب الرئيس
على عثمان طه كرئيس الوفد الشمالي المفاوض.
كان لابد من سؤال المليون دولار إلى الدكتور منصور خالد
وهو كيف حدث هذا التحول الانقلابي من شخصية عامة
ورئيس للديبلوماسية في الشمال إلى عضو قيادي
في الحركة المسلحة المعارضة في الجنوب.
بالنسبة لوزير الخارجية الأسبق فالقضية ليست
بهذه الضخامة تماما، حيث هناك سودان واحد،
والأمر كذلك ينطبق على ياسر عرمان كما قال
وكذلك جون قرنق شخصيا الذي كان عضوا قياديا
في الجيش السوداني قبل أن يتحول إلى القائد الملهم لحركة الجنوب
لأن الخلاف ليس في جنوب وشمال إنما الخلاف يتمركز
حول الرؤية لإدارة وحكم السودان وكيفية التصرف في
حاضره والنظر لمستقبله.
مقنعة الرؤية هذه والحركة الشعبية اختارت لنفسها أن تكون
عنوانا لتحرير السودان كاملا وليس مجزئا وتلك هي الفكرة
الأساسية في نضالها السياسي والفكري ولذلك كان مسار نضال
رئيس الحركة الراحل من المهد إلى اللحد هو سودان جديد.
غادرت نفاشا إلى نيروبي حيث كان علي وعلى بقية المراسلين
المتابعين لمفاوضات السلام انتظار مطلع العام الجديد، لأن حفل
توقيع اتفاق السلام الشامل صادف أعياد الميلاد فتم التأجيل إلى مطلع العام الجديد 2005.
واضح للعين أن منصور خالد سيكون واحدا من رجالات مرحلة


ما بعد الاتفاق في السودان الجديد وثمة خبر في مكان ما من التداول
الضيق يقول إن الرجل سوف يكون مقترح الحركة لمنصب
وزير الخارجية في أول حكومة مشتركة في مرحلة ما بعد
اتفاق السلام الشامل وحدث ذلك لاحقا.
الرئيس البشير وقتها كان له رأي مملوء بتراكمات الماضي
الطويل والمعقد في السودان حيث رفض الأمر بالمطلق استنادا
إلى خلفيات شخصية وإلى قصة الديبلوماسي الشمالي الذي ا
نضم إلى الجنوب، وأقسم بأغلظ الايمان ألا يكون منصورا
وزير للخارجية طالما هو من يحكم السودان.
رحل قرنق قبل أن يرى السودان الذي حارب لأجله
وأخرج البشير من قصره ومات منصور وحيدا في الخرطوم
التي أحبها كما لا يمكن للحب أن يحدث بين الإنسان والمكان،
لكنه مات وهو مفكر مستقل الصوت والرأي وديبلوماسي
سابق لكن بأثر عميق في تاريخ السودان الحديث وبإبهار
معلن في أرواح وأفكار أولئك الذين أحبوه وأولئك الذين
اختلفوا معه وعارضوه أو حتى حاربوه.



 
التعديل الأخير:

BADR ELSIR

Administrator
طاقم الإدارة

كان منصور خالد الاول بين الانداد والنظراء


منذ شبابه الباكر وحتي رحيله اليوم أكرمه

ربه الذي اصطفاه بذكاء العقل وسلامة القلب ،

ونقاء السيرة والسريرة ...

عاش بلا تنازع وبلا تردد او وجل شجاع القلب

والراي و مات راضيا عن نفسه متصالحا معها ،

بلا تكبر او خيلاء وغرور ،

مرضيا عليه من تلاميذه وأصدقائه ومحبيه ،

برا باهله كريما ودودا ، رقيق الحاشية ،

نقي القلب المنزه من الغل والحقد حتي علي

من ناصبه العداء افتراء وظلما وتحاسدا

وكأنه بتسامحه يحاكي قول ابو الطيب المتنبي :

فأبلغ حاسدي عليك أني
كبا برق يحاول بي لحاقا
ثم قول اخر:
وكيف لا يحسد امرؤ علم
له علي كل هامة قدم


لم يك منصور خالد رحمه الله سياسيا بقدر ما كان

مؤرخا للفكر والسياسة والثقافة ،

تشهد له ستة عشر كتابا موسوعيا

ومئات المقالات والبحوث أودع في طياتها

عصارة فكره وآرائه عن الحرب والسلام ,

وعن التنمية والبيئة ، وعن الحكم والحكام ،

وعن الهوية والنخبة السودانية ونقصها عن التمام ،

وكتب عن التصوف والموسيقي والغناء.. ..
وكان منصور في كل ما قال وكتب ووثق مبتدرا


مجددا ناقدا لا ناقلا او مقلدا ، كان من:
التاركين من الأشياء أهونها
والراكبين من الأشياء ما صعبا .
وكان وسطيا مستقلا نبذ الغلو والتطرف الأيدولوجي


والسياسي منذ صباه الباكر ، ثاقب النظر متطلعا

دائماً نحو أفق بعيد وسعة الأفق ان تكون طليقا .

ومنصور من رواد الاستنارة والتنوير استسقي

ونهل من فيض المعارف الاسلامية والثقافات

الانسانية والتراث السوداني ونادي قبل بضعة

أعوام الشباب السوداني ودعاه لخلافة جيله

وجيل اباء الاستقلال لانتشال الأمة السودانية

من وهدة التحزب والتمزق والاحتراب

وانتشال الوطن من حافة الهاوية.

كرمت منصور عام ???? نخبة قومية من اصدقاءه

ومحبيه وتلاميذه الديبلوماسيين فاتخذت من شعار

"عمارة العقل وجزالة المواهب"

شعارا للتكريم اختزل جوهر الاوصاف والصفات

عن تفرد شخصيته وتميز بذله وثراء وجزالة عطائه .
جاء في تعريف محمود العقاد رحمه الله للعبقرية


انها ثلاثية الأبعاد :

التفرد ، السبق والابتكار .

نحسب ان لمنصور خالد نصيب لا تخطءيه العين

من هذه الثلاثية وربما هو عبقري زمانه بين اقرانه .
يا حليلك يا منصور بدرا مضيءا


منيرا وكوكبا مبهرا :
وما كنت اعلم قبل دفنك ان


الكواكب في التراب تغور .
وغدا سيذكرك الزمان ولَم يزل للدهر


أنصاف وحسن جزاء

الحمد لله فله ما أعطي وما أخذ ،

نسأله الكريم المنان ان يمن علي

عبده منصور بالمقام الرفيع مع

الصديقين والشهداء ويتغمده

بواسع رحمته وغفرانه ،

وصلي الله علي سيدنا محمد

وعلي اله وصحبه اجمعين.

د . حسن عابدين
 

BADR ELSIR

Administrator
طاقم الإدارة

• هل سيصبح القمر مواطناً سودانياً ؟؟.
. “لو كانت أسنانكم بهذه الحدة فإن القمر لن يصبح مواطناً فرنسياً
” أسألك دكتور منصور هل سيصبح القمر مواطناً سودانياً؟
ـ تحتاج إلى فولتير لكيما يصبح القمر مواطناً سودانياً.
هذه مقولة فولتير وكما تحتاج إلى فولتير تحتاج إلى روسو
و تحتاج إلى ثورة حقيقية تحقق للإنسان ما يطمح إليه من
أي حاكم، وبدون شك مررنا بتجارب كثيرة ولكننا لم نتعلم
من هذه التجارب وفي كل العهود نكرر نفس الأخطاء
فالأنظمة العسكرية تكرر أخطاء الأنظمة العسكرية
والأنظمة الديمقراطية تكرر أخطاء الأنظمة الديمقراطية.
 

BADR ELSIR

Administrator
طاقم الإدارة
علاقاته الشخصية

كان منصور خالد صديقاً مقرباً
أمير الكويت الحالي.
كما كان صديقه الشخصي الأكثر قرباً هو الشيخ حشر بن مكتوم آل مكتوم،
مدير دائرة إعلام دبي.
ربطته بالرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الأب
وزوجته باربرا علاقات وثيقة،
وكذلك السفير روبرت أوكلي وزوجته السفيرة فيلس،
التي عملت مساعدة لوزير الخارجية لشؤون السكان واللاجئين
والهجرة 1994-1997، ثم انتقلت ما بين 1997 وحتى 1999
لتصبح مساعدة للوزير لشؤون الاستخبارات
والبحوث. وعبر سنوات عمله الدبلوماسي،
وطد منصور خالد علاقته بالكثير من الدبلوماسيين
والسفراء وأعضاء الكونگرس الأمريكي.
في نيويورك زامل السفير الأمريكي الدائم لدى الأمم المتحدة
آنذاك، جورج بوش الأب، في عضوية مجلس الأمن .
ثم توطدت العلاقة عندما أصبح وزيراً لخارجية السودان
بجولات مكوكية لحضور فعاليات الجمعية العامة.
ومن خلال علاقته ببوش، كانت إستضافته النادرة لنميري
لتناول الغداء معه في عام 1976
(هذه الزيارة هندسها منصور، لم يكن
هناك سفير للسودان بواشنطن
بعد أن تمت ترقية السفير الدكتور فرانسيس دينق
وغادر كوزير دولة بالحرطوم).
يقال أن هذه الزيارة كانت من أنجح زيارات نميري
طوال سني حكمه علي الإطلاق،
إستمرت 3 أسابيع طاف فيها نميري
الولايات المتحدة ووقع عشرات الاتفاقات)
 

BADR ELSIR

Administrator
طاقم الإدارة


كان أول لقاء لمنصور خالد وجون قرنق،
عند سد كوكا.
وحول هذا اللقاء يقول خالد: "سألته أن يشير إلى
ما يشعر به تجاه الوحدة الوطنية السودانية.
فأجاب أنه كان يكرس نفسه بالكامل للوحدة.
ثم سألت إذا كان يعارض الإسلام والعروبة،
وكان جوابه لا، شريطة أن تكون عناصر للوحدة
وليست أدوات". "قال إننا بحاجة إلى العودة إلى لوحة الرسم."
وأصبح خالد مقرباً من قرنق، ما جعله يسهم
في التنظير لفكرة "السودان الجديد"،
وهي مشروع سياسي كانت تطرحه
الحركة الشعبية لحكم السودان للخروج من دائرة الحرب
والاضطراب السياسي، في مقابل
ما سماه السودان القديم الذي تمثله
القوى السياسية التقليدية في الشمال النيلي،
والتي ظلت تسيطر على الحكم منذ الاستقلال
وتهمش بقية الأقاليم.
أرخ منصور خالد في عدد من الكتب لقضية جنوب السودان
من غور التاريخ وإلى فترات الحكم الوطني،
وتناول المشكلة بأبعادها السياسية والثقافية والاجتماعية،
وأبرز ما سماه "حالة الفصام" التي تسببت
فيها سياسات النخبة الشمالية
تجاه إنسان الجنوب، في كتابيه "جنوب السودان
في المخيلة العربية،
القمع التاريخي والصور الزائفة"،
و"أهوال الحرب وطموحات السلام... قصة بلدين"،
الذي توقع فيه انفصال الجنوب عن الشمال.
كما شارك منصور خالد في اتفاقية أديس أبابا،
التي وقعت بين حكومة السودان وقادة التمرد
عام 1972. في أوائل الثمانينيات انضم خالد إلى
وكان مستشاراً لزعيمها جون قرنق،
والتي قادت الحرب مع شمال السودان،
وانتهت بتوقيع اتفاق ناي?اشا في العام 2005،
مما مهد لانفصال جنوب السودان في عام 2011.
بعد رحيل جون قرنق عقب توقيع اتفاق السلام الشامل
بين الحركة الشعبية ونظام الرئيس السابق عمر البشير،
انزوى منصور خالد من المشهد السياسي،
وزادت عزلته بعد انفصال جنوب السودان
الذي وقع في عام 2011. ولكن لم تنقطع صلاته
بقادة دولة الجنوب حتى قبل رحيله بفترة قصيره
 

BADR ELSIR

Administrator
طاقم الإدارة
راي:هاشم الفكي رضوان
أولاد منصور خالد


تسلمت رسالة من الدبلوماسي المقيم بسويسرا
“جنيف ” ابن عمي عثمان عمر رضوان
مليئه بالشجن العميق محتواها زكرياته
مع الراحل المقيم د/منصور خالد.
واحببت أن استعرضها مع القارئ الكريم تقول الرساله :
يحضرني فى ذلك الزمن الجميل لوزارة الخارجية،

وبعد أن غادرها الأستاذ الأديب جمال محمد أحمد،
حيث تم تكليف خلفا له الدكتور منصور خالد،
فى عهد هذا الرجل أصبحت وزارة الخارجية
فعلا وزارة علاقات خارجية بمعنى الكلمة
حيث أقام علاقات دولية يشار إليها بالبنان،
كانت علاقات هذا الرجل بدول الخارج
يكتسيها الاحترام والتقدير، حيث صار
السودان فى عهده مضربا للمثل والاشاده
بعلمه الغزير خاصة فى مجال السياسة الخارجية،
وعلى هذا الأساس كلفه الرئيس الراحل جعفر نميرى
أن يكون مساعدا لرئيس الجمهورية للتنسيق
والمتابعة ووزيرا للخارجية. كان مستوى الأداء
فى عهده من دبلوماسيين واداريين
قمة فى الرقى والإبداع
حيث قام بإجراء امتحانات لكل من الدبلوماسيين

والإداريين وأبقى على الناجحين منهم بالوزارة
والذين لم ينجحوا غادروا الوزارة لذلك
كل الذين قد نجحوا فى تلك الفترة فقد أ
طلق عليهم اولاد منصور خالد، وعاشت الوزارة
فى عهده مجدا كاشهر وزير خارجية مر على السودان حتى الان.
كانت علاقات الدكتور منصور خالد بالمرحوم

الدكتور بهاء محمد إدريس والذى كان
وقتها وزيرا لرئاسة الجمهورية فاتره
وسببها هو تقرب الدكتور منصور خالد
للرئيس جعفر نميرى، فصارت الخلافات
بين القصر ووزارة الخارجية فى قمتها
والسبب الرئيسى فيها أن كانت أسهم
الدكتور خالد عاليه داخليا وخارجيا،
كان دكتور منصور كل ما قام برحلة
إلى الخارج من رحلاته المتعددة كان يعود للبلاد
بمكاسب أهمها احترام السياسة الخارجية
للسودان من كل الدول التى كان يزورها.
تحضرني كيفية إقالة دكتور منصور خالد

على ما ازكر فى منتصف السبعينات
حيث كان من المقرر أن يقوم بزيارة للدول الاسكندنافيه

وعلى ما اتذكر أن هذه الزيارة لهذه الدول فى شهر رمضان
وكان الاخوة من الدبلوماسيين والإداريين يقومون
بالإعداد لملفات هذه الزيارة، و التى كان مقررا
لها فى اليوم التالى فجرا مع مدير مكتبه وقتها
السفير عصام الرشيد ابوجديرى ،
كانت الساعة الخامسة مساء من ذلك اليوم،
حيث أمر الوزير كل أعضاء المكتب التنفيذى
بالذهاب لأفطار رمضان والعودة فى الثامنة
مساء لتكملة بقيةملفات الزيارة.
وفى نشرة السابعة مساء من ذلك اليوم
تمت إقالة دكتور منصور خالد، عاد أعضاء
المكتب التنفيذى للوزارة فى ذلك المساء
حيث اجتمعوا بالدكتور منصور خالد

لمعرفة الحاصل، حيث ذكر لهم الدكتور منصور
مامعناه
انتوا مش سمعتم اقالتى فى نشرة أخبار السابعة مساء،

وانا نفس الشىء سمعت اقالتى فى هذه النشرة،
غادر بعدها دكتور منصور خالد الوزارة وسط
دهشة كل منتسبى وزارة الخارجية لأشهر وزير
خارجية ناجح مر على السودان
الا رحم الله الدكتور منصور خالد

واسكنه فسيح جناته مع الصديقين
والشهداء وحسن أولئك رفيقا.
عثمان رضوان

جنيف
 

BADR ELSIR

Administrator
طاقم الإدارة
رحيل السوداني الأنيق، مطوّع الأدب في لعبة السياسة

حين وصلتُ الى بيته في ذاك اليوم الحار
من صيف ????، كان جالسا على أرجوحة
في بهو الدار الفسيح. هبّ واقفا لملاقاتي
فلمعت اسنانه البيضاء خلف ضحكته.
لفتتني أناقةُ ملبوسه، كأنما خرج لتوه من أحد أفلام
الارستقراطية البريطانية او الفرنسية في القرن السابع عشر.
قلتُ في نفسي:" هذا أول عربي اعرفه تناسبُ اناقةُ ثيابه، أناقةَ لغته”،
ولا شيء يشبه بيته الفسيح الجميل الأنيق، أكثر
من فكره الموسوعي المتعدد المنابع.
سألني ماذا أشرب، فضحكتُ وقلتُ،
وهل يُسأل زائر الخرطوم ماذا يشرب؟
فإما شراب الكركدي أو عصير الموز
او المانغا واما السجن..
ضحك بصوته الجهوري، ونادى على احدى
الفتيات اللواتي يعملن عنده. كانت هي الأخرى
جميلة وأنيقة الهندام،
وطلب منها أن تأتي لنا بالعصائر والشاي والقهوة.
فسألته بدوري:
" هل تتعمد الجمال حتى في اختيار العاملات عندك؟"
، فأجاب ببيتين من الشعر القديم،
ما عدت اذكرهما ولكني اذكر ان معناهما،
هو ان الجمال شيء من نعمة الله وان علينا
التمتع به، لان الانسان المحاط بالجمال ينسجم
أكثر مع الكون وينتج أغزر.
تذكّرت هذه المشاهد، وأنا أقرا أمس الخبر
المحزن حو وفاة وزير الخارجية السوداني
السابق والمثقف الموسوعي، والدبلوماسي العريق،
والرجل الذي عارض السلطة وهو في قلبها،
وقال في عز سطوة النظام الإسلامي،
ما لم يجرؤ كثيرون على قوله في حينه،
بينما اليوم يتبارز الابطال الافتراضيون
فوق جثة ذاك النظام.

كنتُ قبل أن التقي د. منصور خالد الذي صار
صديقا عزيزا، قد قرأت كل ما كتب،
وكل ما قيل عنه. لعلّها من المرات النادرة،
التي تمتّعت فيها بكتب عربية الى هذه الدرجة.
شربتُ السياسة فيها بقالب أدبي قلّ نظيره،
وتعلّمتُ تلابيب السودان، بسحر اللغة والبيان.
وفهمتُ خفايا السياسة السودانية والافريقية
والأميركية في تلك المنطقة العزيزة علينا،
كما لم أفهمها من أحد غيره.
كنتُ كلما أقفلتُ كتابا أتمنى لو لم ينته.
هو أيد الحركة الجنوبية، وانتقد بشدة النخب السودانية
والعربية التي لم تر في التمرد سوى مؤامرة إسرائيلية،
بينما الأخطاء المتراكمة من الجبهة الإسلامية
صوب الجنوب لا تحصى.

أدرك منصور خالد منذ بدأنا اللقاء،
وكنت آنذاك أقدم برنامج" زيارة خاصة"
في قناة الجزيرة، أني قرأت تفاصيل ما كتب.
فرح للأمر كطفل حصل على لعبة.
يقيني أن ذلك ساعدنا كثيرا في اجراء واحد
من أجمل الحوارات، وفي ربط صداقة
استمرت سنوات طويلة، ذلك ان الكاتب غالبا
ما يسعده ان يسمع من قارئه أبرز ما كتب،
لان الكتابة بلا قارئ تتحول الى سحابة تنتهي
مطرا، فلا يبقى لها صدى ولا أثر.

كتابه" اهوال الحرب، قصة بلدين"
كان ممنوعا في الخرطوم، لان منصور خالد
كان قد شن حملة شعواء على النظام الذي
أصبح لاحقا أحد أبرز مستشاريه.
هو كان في الحركة الشعبية بقيادة
أبرز متمردي الجنوب جونغ قرنق (الذي قتل في طائرته)
بعد ان كان وزيرا للخارجية، وبقي
حتى الرمق الأخير يقول ان قرنق كان
وحدويا وليس تقسيميا وان الحركة الإسلامية
أخطأت بحق الجنوب.

لم يعرف سوداني أميركا كما عرفها منصور خالد.
وحين تسأله عن تآمر أميركي، كان يضحك
ويقول:" انا لست من الذين يبحثون دوما
عن مؤامرة، فاهتمامات اميركا بالسودان
متعددة الأسباب". لعل هذا الجانب الأميركي
في شخصيته أزعج كثيرين، خصوصا
انه كان صديقا لجورج بوش الأب،
لكن الأكيد ان النخب الفكرية الأميركية
التي اهتمت بالسودان نهلت من معينه
كما ينهل أي شخص آخر مهتم
بهذا البلد العربي الافريقي الشاسع الأصيل.
كان يحاور الاميركيين من موقع الند للند
والصديق للصديق وليس من منطق التابع
والمتبوع، فهو كان يفاخر بحضارة بلاده
العريقة وبأصالة الأرض وجذور التاريخ.

حين بحثت عن سر متانة لغة منصور خالد
وجمال صوره وسلاسة أسلوبه
وغزارة عباراته ومفرداته، وجدت أنه متأثر
بالموروث الصوفي في عائلته، وقارئ
نهم للشعر الكلاسيكي كما القرآن الكريم
والأحاديث وآخر معجم إنكليزي. ربما لذلك ناهض
منذ شبابه تيار الاخوان المسلمين والشيوعيين
وأسس مع رفاقه "جماعة المستقلين"،
وحين تم حل الشيوعين كتب مدافعا عنهم.
هو هكذا كان، يسبح عكس التيار حين يرى
ان الحق هو في الاتجاه الآخر.

قلتُ له: كيف لصوفيّ المنشأ ان يحب
متع الحياة من الأدب والشعر والنساء
والسفر ويبقى عازبا سرمديا،
ويُعجب بأميركا والغرب وفي الوقت نفسه
بالصين وروسيا وليس عندك خصم حاليا
الا الجبهة الاسلامية؟ نفض وريقة شجرة
سقطت على كتفه بالإبهام والسبابة،
وقال بلهجة اليقين: " يا أخي سامي،
ثمة شيء اسمه جنون العظمة،
فيتصور البعض انه يستطيع ان ي
جعل هذا الكون مسلما، وانه قادر على
هزيمة اميركا وروسيا واحتلال السعودية
وانه يستطيع ان يؤيد غزوة صدام حسين
لبلد شقيق هو الكويت، ويتخيل انه يستطيع
اخضاع الجنوب بحد السيف،
وانه سينشر الثورة الإسلامية ويصدّرها ...
قل لي بربك، كيف تؤيده؟"

أجبته:" لكنك تؤيد من فعل كل ذلك
وانت مستشاره"، فسارع الى الإجابة:"
اسمع يا اخي أولا ان جزء من مشروع جديد
للسودان يتشارك فيه الشمال والجنوب،
ولو فشل فلن يبقى شمال وجنوب،
والنظام الحالي يدرك انه ما لم يحدث
تحولات جذرية في الفكر أولا ثم في الممارسة،
فلن يستمر مهما كابر، وانا أقول لك
هذا الكلام من قلب الخرطوم، تذكّر كلامي"

تذكرتُ تماما كلامه، وتذكرت كل تلك
اللوحات والمنحوتات الرائعة على
حيطان منزله، وتذكرت مكتبته العامرة،
وحزنت عليه. سوف اعيد قراءة
كتبه الكثيرة في مكتبتي لأستعيد تلك
المتعة الهائلة التي اجتاحتني وانا اسافر عبر
صفحاتها الى سوداننا العزيز ومنه الى افريقيا الغالية،
لعلّ القراءة تُبقي هذا الصديق السوداني
الأنيق والعريق صورة زاهية دائما في القلب
والوجدان. فبرحيله يخسر السودان
أحد أبرز وجوهه الثقافية والفكرية النادرة.
حمه الله وأسكنه فسيح جناته.
سامي كليب










 

BADR ELSIR

Administrator
طاقم الإدارة

السيد الصادق المهدي خريج أكسفورد عقب تخرجه
عمل مفتشاً بوزارة المالية ثم صار رئيساً للوزراء مرتين
كما صار زعيماً للمعارضة ثلاثة مرات،
كمفكر إسلامي و عربي و أفريقي أصدر
أكثر من مئة كتاب، مؤلفاته تناولت عدة
قضايا مختلفة في الدين و السياسية
و الإجتماع وقضايا تحرر المرأة و الطفولة
و قضايا الديمقراطية و الحريات و الرياضة
و الفن و تاريخ السودان كما شارك في
عدة منتديات دولية و عالمية و أهمها
منتدى الوسطية الذي يكافح الإرهاب
الذي هدد الأمن و السلام العالمي
و السيد الصادق المهدي رقم سودانياً
صعب سواء إتفقت معه أو اختلفت
ترك بصمات واضحه و معالم بارزة

في تاريخ السودان الحديث.
و مما يحسب له كرئيس للوزراء أنه

لم يسكن في سكن حكومي و لم يتقاض
مرتباً شهرياً و في سفرياته الخارجية
كان يعيد النثريات المالية إلى خزينة
الدولة فلم تمتد يده للمال العام و لهذا
فشلت حكومتا الانقلابين انقلاب مايو و الإنقاذ
في محاكمته بالفساد المالي و سرقة المال العام
لأنه عرف بعفة اليد و اللسان.
السيد الامام أيضاً هو اول زعيم ديني

في التاريخ الاسلامي يتم انتخابه من
القواعد كإمام لكيان ديني,كتب مسودة
مانفستو ثورة اكتوبرولم يبلغ الثلاثين,
أم الناس في صلاة الجنازة على الشهيد القرشي
في اكتوبر 1964، تم انتخابه الآن كرئيس لنداء السودان.

حاورته عبير المجمر (سويكت)
من المعلوم أن الدكتور منصور في بدأيته السياسية

كان سكرتير للواء عبدالله خليل و هو أحد كبار رموز حزب
الأمة فما الذي جري بعد ذلك و لماذا إبتعد عن حزب الأمة؟
بسم الله الرحمن الرحيم

علاقة السيد منصور خالد بالاميرلاي عبدالله خليل

كانت شخصية و ليست سياسية ،و لذلك
هو لم يك عضواً في حزب الأمة و أيضاً
لا صلة له نهائياً بالأنصار لكن صلته
كانت مع السيد عبدالله خليل شخصية
و منصور خالد كان دائماً يتعلق بشخصيات
ذات مكانة سياسية حتى يجد حظوة و مكانة،
لكنه لم يك في يوم من الأيام حزب أمه
و كذلك لم يك أنصارياً.
السيد منصور خالد في أيام مايو كان

شديد الهجوم على حزب الأمة و على
شخصكم بالتحديد فما السبب في ذلك؟
السبب الأساسي في ذلك هو أنه ربط تأييده

بنظام مايو الذي جاء بفكرة أنه ضد الطائفية،
و حكاية الطائفية هذه تشمل جميع الجهات
المصنفة طائفية سياسية، و منصور خالد
كان مع نظام مايو الديكتاتوري و المعروف
أن النظم الديكتاتورية تعمل على تغويض
كل الانتماءات الأخرى سواء كانت تقليدية
أو حديثة لأن نظام مايو و الأنظمة الديكتاتورية
تعمل على حل كل الانتماءات الأخرى لأنها نظم فاشية،
و كلمة فاشو آتيه من عبارة إيطالية تتعلق بقطعة
حديد كان الإمبراطور الروماني يجمع فيها جميع
المفاتيح و هذه الحلقة الحديدية التي يجمع فيها
جميع المفاتيح أي بمعني أن كل الصلاحيات في يده
و هذا أدى إلى عبارة فاشية، أي الحكم الذي يجمع كل
شيء في يده، فالمثقفين المستقلين الذين إنتموا إلي
هذا النظام أصبحوا محاميين له ،و بالتالي صاروا يطاردون
و يهاجمون كل الولاءات السياسية الأخرى
و كذلك كل رموز الديمقراطية لأنهم كانوا
يبنون شخصية الطاغية ،و هذا كلام أسهب
فيه السيد مرتضي إبراهيم في مذكرات سماها
(مذكرات وزير ثائر) و كذلك كلام قاله عبدالكريم ميرغني
هؤلاء الذين كانوا مع نميري من اليساريين لاحظوا أن
المدنيين الذين إنخرطوا في تأييد نميري منصور خالد، جعفر على بخيت
هم أنفسهم اعترفوا بذلك على لسان جعفر بخيت لمنصور خالد :
(هذا صنم صنعناه بأيدينا ثم عبدناه )
فقد اعترفوا أنهم عملوا على بناء شخصية الطاغية
و أوهموا جعفر نميري بأنه هو الرئيس القائد الملهم… إلخ
و غيرها من العبارات، و بالتالي
هم الذين ساعدوا جعفر نميري و نظام مايو على
الهجوم على كل الولاءات السياسية الأخرى لكي
يدعموا الفاشية التي يمثلها نظام مايو.
سابقاً عندما كان السيد منصور خالد رئيس لمجلس

إدراة الصحافة كان هناك نوع من المناورات بينكما
فعندما تكتبون مقالا يكون هناك مقالا مضادا له
من قبل الدكتور منصور خالد فما السبب في ذلك؟
ببساطة شديدة أنا أمثل انتماءا إسلامياً عربياً

و هذا الإنتماء أنا لم أختره هذا مولدي فأنا أمثل
هوية إسلامية عربية و منصور خالد يمثل نقيض
الإنتماء للهوية و ليس العيب في المسألة القدرية
و لكن العيب في العصبية، و أنا مع هذا الإنتماء أعبر عن
توجه إسلامي منفتح على العصر و على تقويم الإنسان
و على التعايش مع الأديان و كذلك أعبر عن إنتماء عربي
ملتزم بحقوق الثقافات الأخرى و المساواة في
المواطنة و في الإنسانية و حقوق التنوع الثقافي
بينما منصور خالد يمثل التعصب في اتجاه مضاد
لهذه الهوية الإسلامية العربية مما يفسر توجه ضدي.
فمنصور خالد عنده عداء حقيقي لهذا الإنتماء

الإسلامي العربي لذلك هو يهاجمني بإعتباري
أمثل هذا الإنتماء الذي هو ضده.
و حتي علاقته مع دكتور قرنق لم تك لأنه

مؤمن بأفكار مشتركة و لكن لانه هو و معه آخرون
و فيهم من قالها بصريح العبارة أنهم يعتقدون
أن دكتور جون قرنق سوف يكون آلية للقضاء
على الإنتماء الإسلامي العربي و هذا سر تأييد منصور خالد
و غيره من الشماليين لقيادة دكتور جون قرنق ،
فدكتور جون قرنق قطعاً عنده قضية و عنده إنتماء لهذه
القضية و عنده فكر مشترك مع بعض القادة
أمثال نيريري و موسفيني فهم مدرسة مشتركة
عندها موقف مضاد للإسلام و العروبة
و هذا سر بعض السودانيين الذين أيدوا
دكتور جون في إطار أنه يمثل تخلص السودان
من الإنتماء الإسلامي العربي.
في حوار له مؤخراً نشر في جريدة التيار

للأستاذ عثمان ميرغني وصفكم الدكتور
منصور خالد بالكذب فهل حدثتومنا فيما الكذب؟
طبعاً هو من يسأل عن هذا فأنا أكثر شخصية

في العمل العام يعترف لي الجميع بأني صاحب مبدأ
صادق فيه لم يتغير و هو مبدأ ديمقراطي قومي
لم أتغير فيه مع أن جميع الطغاة الذين حكموا السودان
عرضوا على المشاركة في السلطة كجعفر نميري
الذي عرض على أن أكون نائبه و خليفته
و أنا رفضت و قلت أنه لا يمكن أن أدخل في أي شئ ل
ا يقوم على تأسيس ديمقراطي و نفس الشئ عمر البشير
عرض على المشاركة و المناصفة في السلطة
و أنا كذلك كان ردي عليه نفس ردي على نميري
و قلت لن أشترك أبدا في أي نظام ديكتاتوري
أو نظام سلب الشعب حقوقه و أي كلام غير
ذلك متناقض مع سيرتي، و كذلك جميع الناس
يعلمون كما قال لي كثير من الناس أن يدي اعف
يد موجودة في العمل العام و لذلك أنا ما دمت
في الحق واضح و مبدئي الفكري و السياسي
واضح و لم يتغير أبدا مهما كان و ما زال واضحاً
رغم المغريات فماذا يمكن أن يكون أساس إتهامات
منصور خالد لي بالكذب غير أنها افتراءات، و منصور خالد
يقول هذا القول ليس لأنه يعتقد حقاً إني كاذب
لأن ليس لديه شئ يبني عليه ذلك و لكنه يقول
هذا الكلام حتى ينال حظوة من النظام الحالي
لذلك يقول هذا الكلام من باب التقرب من النظام
و ليس لشئ آخر، فمنصور خالد شخص متملق بلا أ
ي مبدئية يبحث عن شجرة طويلة يتسلقها أي عبر شخص
ذا سلطان يتسلق على ظهره هكذا كان عهده
مع نميري و قرنق و الآن يبحث عن حظوة مع
البشير فتسلقه غير مبنى على مبدأ بل مناصب و منافع.
لكن أنا أريد أن أعرف بصورة أكثر وضوحاً

خلافكم و اختلافكم مع دكتور منصور خالد فيما و علاما؟
أنا قلت لك ليس لدي معه خلاف

و وضحت لك أسباب خلافه معي.
و ماذا إذن عن موضوع الفيدرالية

و الطائفية التي ورد ذكرها في حواره مع الاستاذ عثمان ميرغني ؟
اعتقد أن الموضوع واضح نحن في حزب الأمة

أول من تحدث في المائدة المستديرة
على ضرورة الصلاحيات اللامركزية
في الصلح مع جنوب السودان، و نحن أيضاً
من أكثر الناس و من أوائل الناس الذين تبنينا
الفيدرالية في العلاقة بالمركز و الإقليم
فهذه المسألة لا شك فيها و موجودة
في وثائقنا و نحن الحزب الوحيد الذي
لديه وثائق مستمرة في العمل السياسي
و وثائقنا محفوظة و كذلك برامج مؤتمراتنا
و نتائجها، و فيما يتعلق بالكلام عن العلاقة
مع الجنوب نحن كنا من الناس الذين تقدموا
دائماً بفكرة إيجاد حل في العلاقة مع الجنوب
تتناول حقوق المواطنة و لا تؤدي حقوق المواطنة
إلى أي نوع من الإضطهاد حتى لا يشعر الجنوبي
بأنه مواطن من الدرجة الثانية، و بياناتنا
و مواقفنا من حيث المائدة الحية موجودة
و مبينة و عندما كنا في السلطة السياسية
كانت هذه السياسات معلنة و واضحة
و ليس فيها أي شك لذلك أنا لا أدري كيف يمكن
أن نتهم بأي نوع من المراوغة في هذا الموضوع

على وجه التحديد، و على أي حال
نحن في حزب الأمة إقترحنا الآتي :
عمل مفوضية نسميها مفوضية المسألة

لكل القوى السياسية منذ استقلال السودان
عام 1956 و حتي يومنا هذا، و هذه المفوضية
بغرض أن كل إتهام موجه إلى أي جهه يناقش
بواسطة هيئة مستقلة و هيئة محايدة بهدف
تبين خطأ و جريمة فساد أي واحد أو واحدة
من من اشتركوا في السياسة السودانية
منذ عام 1956 إلى يومنا هذا، و نحن نادينا
بهذا حتى يكون مستقبل السودان عندما
يقوم النظام البديل الجديد الذي ندعوا إليه أن يكون
هناك مفوضية من هذا النوع حتى يتبين الموقف من الغث و السمين.
هل هذا يعني أنكم شخصياً من الزعامات

و القيادات المستعدة لهذه المحاسبة حتى يحكم التاريخ إما لها
أو عليها، و هل انتم على إستعداد كامل لهذه المحاسبة؟
نعم هذا هو الذي طالبنا به كما ذكرت لك،

جميع الذين عملوا في السياسة السودانية
منذ استقلال السودان 1956 و حتي يومنا
هذا يجب محاسبتهم بمفوضية تكون مسؤليتها
أن تعقد مسألة لكل الذين اشتركوا في الحياة العامة
في السودان حتى الذين ماتوا هذا مطلب
من مطالبنا الأساسية لأن ليس لدينا ما نخفيه
و صفحتنا حول الوطنية و العفة المالية
و الإلتزام بالديمقراطية ناصعة.
 

BADR ELSIR

Administrator
طاقم الإدارة
منصور خالد: غياب شَّمْس الفِكْر والكلمة الصَّادِقة .. بقلم: دينقديت أيوك



اِنْحَدَرَتْ إلى المغيب مساء

الأربعاء الموافق 22 أبريل 2020م شَّمْسُ الفِكْر والكَلِمَة الصَّادِقَة، ا
لمُفَكِّر والعلامة الدكتور منصور خالد.
وبرحيله فقد السُّودَان العظيم، السُّودَان العظيم
الَّذِي يتمثًّلُ في (جمهوية السُّودَان الجَنُوبِي وجمهورية السُّودَان)؛
وَطَنِيَّاً غَيُورَاً ومُثَقَّفَاً عَظِيْمَاً ومُفَكِّرَاً عميقاً وقارئاً
واسع الاطَّلَاع وباحثاً لا يَكِلُّ ولا يعيأ، وكاتباً بَارِعَاً
ونَحْرِيرَاً ومُؤَرِّخَاً فَرِيداً وفيلسوفاً شغوفاً بالعلم
بإعمال العقل فيه، وُصُولاً إلى خُلَاصة مَوْضُوعِيَّة بالأَدِلَّةِ والبُرهان.

كان الدكتور منصور خالد شمْسَاً ساطعةً

في سماءِ السُّودَان بعلمه وآرائه ومواقفه
المكتوبة والمنشورة والمعروفة لدى المثقفين
في السُّودَان وخارج الحدود السُّودانية، والشَّمْسُ
كما تعلمون، هو ذلك النَّجْمُ الرئيسُ الَّذِي تَدُورُ
حوله الأرض، وسائر كواكب المجموعة الشَّمْسِيَّة،
وقد دارت سائر كواكب السُّودَان حول منصور بطريقةٍ
أو بأُخرى، طوال الفترة الَّتِي عاش فيها.

حين وُلِدَ في أُمدرمان في العام 1931م،

إنسلت إضاءة شعاعه رويداً رويداً تبشر
ببزوغ شمسه الوَقَّادَة. وعندما لاح بياضه
المعترض في الأفق في سن شبابه، مَثَلَ
فجراً صَّادِقاً للمستقبل. كان أُمدرمانياً استوعب قلبه،
السُّودَان الكبير، بتنوعاته العرقية والاجتماعية
واللغوية والثقافية والدينية والسياسية. ورغم غيابه،
لا يزال متألقاً، لأن الشَّمْس حَتَّى ولو غابت يبق ضوء
أصيلها عالقاً في الأفق، ويرسم لوناً ذهبياً على
وجه المياه. رغم غياب هذا العَالِم الشَّمْس،
سيظل يَشِيعُ علينا بأفكاره البَرَّاقَة في مؤلفاته واصدراته.

عرفتُه لأول مرة في العام 2001، حين عثرتُ

على سفره الموسوم
(الفجر الكاذب .. نميري وتحريف الشريعة)
في المكتبة المنزلية لِصِهري إسماعيل علي إسماعيل،
الَّذِي ذهب في بداية التسعينات إلى اليمن وعاش فيها
مغترباً، تاركاً لنا مكتبةً غنية بالكتب السُّودَانِيَّة.
قرأتُ الكِتَاب واستمتعتُ به كثيراً، وحين أكملته،
مضيتُ به إلى الأستاذ يين ماثيو شول الذي كان
ناشطاً سياسياً شديد الحُجَّة في أركان النقاش لأُرِيهِ الكتاب،
وحين قرأ عنوان الكِتَاب، سألني قائلاً: أتعلمُ مَن
هو منصور خالد؟ فأجبته، لا أعرف عنه شيء،
لكنه كاتب أعجبني موضوعيته بعد أن
قرأتُ كتابه هذا. فقال لي إنه مناضل جسور،
وهو الآن يعمل مستشاراً سياسياً لرئيس الحركة الشعبية
لتحرير السودان جون قرنق، ثم أخذ مني الكِتَاب
ليقرأه ويدعم به حُجَّجُهُ في النقاشات أمام الإسلاميين.
وكان جون قرنق وقتها في نظر حكومة
الخرطوم الإسلامية متمرداً وكافراً وزنديقاً وعدواً للسُّودان.

ومنذ ذلك الوقت، تعرفتُ على الرَّجُل وقرأتُ له بعضاً


من مؤلفاته في العام 2012م و2013م، وأعجبتني
قوة حُجَّتِهِ وموضوعيته واستبحاثه واستشهاده المباشر
في المقالات بالصحف اليومية والمجلات
السُّودَانِيَّة والعربية، وبالعديد من الكتب التي
أطلع عليها. إنه مُثَقَّفٌ موسوعي.
وقد تحققتُ مِن هذا عملياً في كتاباته
وأنا أُطالعها، لدرجة حسيتُ مَرَّة أنه
كاتبٌ لا يفوت عليه قراءة كُتُب أو صحف
أو مجلات تصدر في السُّودَان، فضلاً عن
اصدارت أُخرى تصدر خارج السُّودان. إنه رَّجُلٌ متنوعة
القراءات وواسع الاِطِّلاع، الاِطِّلاع الذي كان برنامجه طوال حياته.
في شهر فبراير 2017م، قمتُ بإعادة قراءة كتابه:

(الفجر الكاذب .. نميري وتحريف الشريعة)،
وهو سفرٌ جميلٌ وتاريخٌ عميقٌ كتبه بطريقة
رائعة. إنه في جوهره عبارة عن مقارعة الحُجَّة
بِالحُجَّة وحوار عقلاني جداً بين الدكتور منصور خالد
والإسلاميين في السُّودَان إبان عهد الرئيس جعفر نميري،

الذي بدأ حكمه اشتراكياً وحين انقلب عليه الاشتراكيون،
أعدم قياداتهم وأصبح إسلاموياً، وأعلن نفسه إماماً للسُّودَان ..
والكتاب في نفس الوقت نقد لحركة الصَحْوَة الإسلامية،
وهجوماً كاسحاً على قوانين نميري السبتمبرية في العام 1983م..
ويعكس الكِتَاب إلمام الدكتور منصور خالد، بالإسلام
إلماما عميقاً جداً؛ إذ رجع إلى القرآن الكريم
والأحاديث النبوية وكُتُب التفسير لدحض ادعاءات
الإمام وصَحْوَتِهِ الإسلامية يومذاك. بإختصار، إ
نه كِتَابٌ ينتقد الإسلام السياسي ويقدم الإسلام
الصحيح كدين وعبادة من مصادره.

مِن الأشياء الجميلة التي تُميز الدكتور منصور خالد،

أنه يمتع من يقرأ كتاباته ويُبْهره بأسلوبه الجميلة،
ولغته العربية المنمقة البليغة المتميزة، فتارةً تميل
لغته إلى اللغة القرآنية، ولغة الصفوة والإنتلجنسيا
(النُّخْبَة المُثَقَّفَة) تارةً أُخرى، ولغة العلماء و
كبار الدبلوماسيين والدَهاقِنَة أو كِبَار السَّاسَة تارةً ثالثة،

كما تميل إلى لغة الأُدباء مَرَّةً ولغة القانونيين طَوْراً. إ
نها لغة مصقولة متداخلة ومتباينة توخِذُ في نفسِ القارئ
جمال اللغة وقيمة الثقافة والمثقف وجمال
الفكر والحوار والتعبير عن الآراء والمواقف
بصورةٍ أكثر عقلانية وموضوعية. ويرى البعض
أن لغته كانت صعبة. وقد قال الصحفي الطاهر حسن التوم
في لقاءٍ تلفزيوني مع منصور، إن لغته تختلط بين
القسوة والجمال في بعض الأحيان، فرد عليه
أنه لم يكن يقصد أن يكون قاسياً على أحد، بل
أراد أن يقول الأشياء كما هي، أو يسميها بمسمياتها
الحقيقية. كانت تلك اللغة تمثل مشرط الجراح للبعض.

الدكتور منصور خالد كاتب، ولم يكن مجرد كاتب،

بل مُؤَرِّخٌ أَرَّخَ للسُّودان الحديث، وقد ارتبطت
سيرته الشخصية بسيرة الدَّوْلَة السُّودَانِيَّة بعد
الاستقلال، لأن أكثر ما كتبه كله سيرة الدولة ا
لسُّودَانية. وقد ظل يُقَدِّمُ أفكاره للسُّودَان ويرفد
المكتبة السُّودَانِيَّة بكتبه طيلة عمره، آخرها
(شذرات من وهوامش على سيرة ذاتية)،

وأضحى رقماً و"كاتب لا مهرب منه في
الفكر السياسي السُّودَاني" كما يقول
الدكتور عبد الله علي إبراهيم في
مقدمة كتابه الذي كتبه عن منصور
(.. ومنصور خالد ص 13 .. دار المصورات).
ويعتبر منصور أحد أعظم الرِّجَال الَّذِين
وُلِدوا في بلدٍ اسمه السُّودَان، وعاش فيه صَّادِقاً،
يقول كلمة الحق بحيادٍ لا مثيل له، ومحارباً ضد ال
ظُّلْم والتهميش ومعارضاً للسياسات التي عملت
على قمع وتفتيت المجتمع السُّودَانِي. عاش
قارئاً وكاتباً ووثق لسيرة السُّودَان بشكلٍ جميلٍ،
وقال الحقيقة التي ينبغي أن يقوله الكبير ليتركها
للصغار وللأجيال البعيدة.

كتاباته تتحدث عن حقائق باقية للسُّودَان بشطريه،

وهنا بعض من التي أطلعنا عليها:

?/ الفجر الكاذب .. نميري وتحريف الشريعة ..

حرب ضد الباطل في ثوب الدين ..
?/ السودان .. أهوال الحرب وطموحات السلام ..

قصة بلدين ..استقراء سياسي في قضايا الحرب
والسلام في السودان والتنبؤ بانفصال السُّودَان الجَنُوبِي ..
?/ جنوب السودان في المخيلة العربية ..

الصورة الزائفة والقمع التاريخي ..
دحضٌ للأكاذيب التي بثتها الأجهزة الإعلامية في
الخرطوم للعرب ما قاد لتشويه صورة جنوب السودان..
فجاء الكِتَابُ دحضاً للأكاذيب وتبياناً للحقائق ..
?/ تَكَاثُر الزَّعَازِع وتَناقُص الأَوتاد .. مواصلة الاستقراء

في قضايا التغيير السياسي ومشكلات الحرب
والسَّلَام في السُّودَان .. وتأكيد إنهيار الوحدة
السُّودَانِيَّة بين الشمال والجنوب مثل إنهيار
مكعبات الدومينو.. وإذ جاء الاستقراء
صادقاً على ضوء الوقائع على أرض الواقع ..
كان الإنهيار واقعاً كما تنبأ به
رسول الحق، الدكتور منصور خالد ..
?/ النُّخْبَة السُّودَانِيّة وادمان الفَشَلْ ..

تبيان لحجم الفشل لدى القادة السياسيين
في السودان .. وإدانة للفشل ورسم دروب الخروج منه ..

ويعتبر منصور خالد شخصية متعددة الأوجه،

فإلى جانب كونه كاتباً وسياسياً ومثقفاً
ومفكراً، كان دبلوماسياً مِن طراز رفيع.
عمل وزيراً للخارجية ومثل السُّودَان في منصات
المحافل الإقليمية والدولية. وأكاديمياً فذاً عمل
في جامعة كلورادو بالولايات المتحدة الأمريكية
أستاذاً للقانون الدولي. كما عمل موظفاً دولياً
مع منظمة اليونسكو، وخدم السُّودَان أيضاً و
زيراً للشباب والرياضة وحقق للسُّودَان الكثير،
تمثل في تفعيل دور الشباب في الخدمة الطوعية
وصيانة الطرق والمشافي والمدارس
ومراكز لتأهيل الشباب وبناء قصور الثقافة.


مثلما كان الرَّجُل جميل العقل والكلام، كان أيضاً

جميل المظهر. كان جميلاً في باطنه وظاهره.
مشى منصور في شبابه وكل عمره على ظهر
الأرض أنيقاً جميلاً قبل أن ينتقل إلى باطنها.
وفي هذا يقول الدكتور عبد الله علي إبراهيم
أن منصور لبس البدلة في أول شبابه،
وهو أمرٌ لم يكن مألوفاً في المجتمع السُّودَانِي
في ذلك الوقت. وجاء الوصف لمنصور في كتابه بأنه:
"شاب وسيم صغير ويعتني بهندامه ويلبس
"الكرافتة البيبون" على غير المألوف،
وكان ذلك الشاب والطالب الجامعي منصور".
( .. ومنصور خالد ص 26 .. دار المصورات).


وحدثني والدي يوماً أنهم كانوا يرتدون كرافتة

أو ربطة عنق اسمه (منصور خالد) حين كانوا
شباباً وطلاباً في كلية شمبات البيطرية في
الخرطوم في السبعينات. فقلتُ له لماذا سُمِي
ربطة العنق منصور خالد؟ فقال لي أن منصوراً
تميز بإرتداء كرافتات كبيرة عريضة بألوان
جميلة وجَذَّابَة، وكان يظهر بها في التلفاز،
وفي الصور التي كانت تنشرها الصحافة
رَّجُلاً أنيقاً، فتأثروا بشخصيته، وأطلقوا اسمه
على أنواع الكرافتات التي كان يرتديها،
واشتروا لأنفسهم مثلها، وذهبوا به إلى قاعات
السينما، فأصبح كل واحد منهم منصوراً بأناقته.


الجدير بالذكر، زار الدكتور منصور خالد

مدينة جوبا في شهر يناير في أوهن حالاته البدنية.
وقد أتت زيارته في إطار علاقته التاريخية التي ربطت قلبه
بأهله السودان وبالقادة السياسيين في السُّودَان الجَنُوبِي، كأنه أراد أن
يقول لنا وداعاً، والتقى برئيس الجمهورية الفريق أول
سلفا كير ميارديت في القصر الرئاسي، جالساً على كرسي متحرك،
في مشهدٍ عكس قوة إرادته وعزيمته.
ورغم تَقَدُّم سنه، كان لا يزال حاضر العقل،
ويتحدث بصورةٍ طبيعية. لم ينطبق عليه
ما يُقال أن الإنسان إذا ما تَقَدَّم به العمر وشاخ، أصابه الخرف.

سيظل منصور أحد أعظم الرِّجَال الذين

وُلِدُوا في السُّودَان على مر الزَّمَان. وستظل كتاباته
أضواء تُنير الطريق للأجيال وتدلها على الصواب
والحقيقة. وسيذكره شعب السُّودَان الجنوبي
وبقية الشعوب التي تعرضت للتهميش في
السُّودَان منصور خالد كمن وقف إلى جانبهم في
وقتٍ كانوا في حوجة إلى أمثاله. وإني هنا أدعو نفسي
ونظرائي الشباب إلى الإقتداء به.


نسأل الله القدير أن يطيب له ثراه،

وأن ينزل على مثواه شآبيب رحمته ورضوانه،
ويحفظ له مكاناً في الجنان. ولأسرته والشعب
السوداني في الجنوب والشمال حسن العزاء والسلوان.

25 أبريل 0202م - القاهرة
البريد الإلكتروني dengditayok88@gmail.com




 

BADR ELSIR

Administrator
طاقم الإدارة
منصور خالد في حوار تاريخي:
أريد مسح “الانفصال”: من تاريخ السودان
حوار: عثمان ميرغني

الدكتور منصور خالد من أهم شهود العصر على تاريخنا المعاصر، له نظرة ثاقبة ناقدة لكثير من تفاصيل هذا التاريخ، التقيته في منزله الهادئ الجميل بالخرطوم، في صالون مزدهي باللوحات التي اختارها بعناية بنفسه والمجسمات التي أتى بها من بعض الدول الأفريقية. طلبنا منه ووافق أن يكون الحوار داخل مكتبته ومكتبه الذي قال لنا إنه يقضي فيه ساعات طويلة من اليوم.
*
دكتور منصور، كيف تكتب مؤلفاتك التي تزدهي بها المكتبات؟ هل تستخدم الكمبيوتر مباشرة أم بخط القلم؟* لدي من يقوم بالطابعة على الكمبيوتر، فأنا أحب القلم وأحب الكتابة به مباشرة.
*
هل تراجع بريدك الالكتروني بصفة مستمرة؟* أترك هذه المهمة لمساعدي، فأنا مشغول بالقراءة والكتابة.
*
أوقات الترفيه المنزلية، هل تشاهد الأفلام؟* نعم أحب الأفلام التاريخية والوثائقية، وأستمع للموسيقى.
*
اللوحات التي تزين صالون منزلك الجميل ومكتبتك.. هل اخترتها بنفسك؟* فقد لاحظتُ رغم انتقادك لثنائية (الغابة والصحراء) لكن اللوحات أميل لتمثيل الغابة.
لا علاقة لها بهذه الثنائية، وهي متعددة الجنسيات، بعضها من كوريا ومن كل قارات العالم.
*
فلنبدأ حوارنا من كتابك الذي ينتظره قراؤك بتشوق كبير.. كتاب (هوامش من سيرة ذاتية) .. أين وصلت مراحل إنتاجه الآن؟* اكتملت الطباعة، والناشر دار الرؤية”، وكان في تخطيطي أن يظهر في معرض الكتاب بالقاهرة لكني من باب التجويد آثرت أن أدقق أكثر، والآن جاهز تماماً وسيكون في متناول القراء قبل نهاية شهر فبراير (2018) الحالي.
علمنا أنه يتكون من عدة أجزاء؟
نعم لتسهيل التعامل معه قسمته لأربعة أجزاء، الأول سيرتي الذاتية النشأة والطفولة والمراحل الدراسية والعمل العام عموماً. والثاني محطات في تاريخ السودان المعاصر، والثالث فترة الحركة الشعبية حتى اتفاقية “نيفاشا، والرابع عن الدبلوماسية السودانية في نصف قرن، تضمن الفترة التي عملت فيها بالدبلوماسية.
بصورة عامة الكتاب يحتوي على مذكرات طوال فترتي في الحياة العامة وحتى في الصغر، وفيه القضايا العامة سياسية أو أدبية.
ما هي أبرز القضايا التي تطرقتَ لها بترتيب أهميتها؟ بالطبع كان لابد أن أبدأ بمؤتمر الخريجين، وركزتُ على شخص ظُلم ظلماً كبيراً وهو الأستاذ أحمد خير، ليس لأنه صاحب فكرة “مؤتمر الخريجين” فحسب، بل لأن له رؤى واضحة في أن ينهض العمل السياسي على أساس موضوعي. ولسوء الحظ السودان ممتلئ بسياسيين شعوبيين وليس هناك من له استعداد ليبني السودان على أسس موضوعية رغم أن لديهم الخبرة. الوحيدون الذين أرادوا أن يستلهموا التجارب من حولنا هم الاتحاديون” أو بالأحرى “مدرسة أبوروف”، كان توجههم نقل أو الاستهداء بالتجربة الهندية، يقضون وقتاً طويلاً في متابعة ما يقوله “نهرو” أو غاندي” وينشروا ويتداولوا في ما يكتبه “نهرو
في مذكراته. كان نهرو يكتبها لابنته “أنديرا” وكان عمرها آنذاك تسع سنوات فقط، لكن من خلالها كان يتطرق لقضايا الشعب الهندي وهي قضايا كبيرة تناولت موضوع الدين والاقتصاد والثروة كيف تسخر لمصلحة الشعب، والتعليم والعلاقات مع العالم الخارجي. الاتحاديون كانوا يقرأون لكن للأسف تفرقوا شذر مذر.
أحمد خير ظُلم، وإذا عدت إلى كتابه “كفاح جيل” تجد أنه السياسي الوحيد الذي له رؤى لصالح واضحة.
*
وركزت أيضاً على نشأة الأحزاب الاتحادية وعلاقتها بمصر. لماذا الأحزاب الاتحادية دون البقية؟* لأنَّ مفهوم العلاقة بمصر أصبح قضية مفتاحية لمستقبل السودان ولعب دوراً كبيراً في الحالة التي انتهينا إليها، ليس لأنَّ الأشياء التي اتبعناها كانت مصرية، بل لأنه كان هناك خيار في مصر بين لطفي السيد الرجل المفكر الذي يؤمن بالديموقراطية، والنحاس الذي قال “لو رشح الوفد حجراً لانتخبناه”. لطفي السيد عندما دعاه محمد نجيب ليصبح رئيساً رد (رئاسة الدولة هي عقد بين الشعب ومن يختاره وأنتم لستم الشعب) من كان يجرؤ ليقول مثل هذا الكلام، القضية ليست أنهم اتجهوا لمصر بل قضت الظروف أنهم يتجهون مع التيارات الشعوبية.
*
لكن كانت هناك أيضاً الأحزاب العقائدية الأخرى..؟* في ما يتعلق بالأحزاب العقائدية هي لعبت دوراً بالمرحلة الثانية في “لخبطة” الحياة في السودان، التيارات الإسلامية والتيارات العروبية الاثنان كانا يحاربان حروب الآخرين. عندما تتابع برامجهم لا تجد أي تناول للمشكلة السودانية الحقيقية، مثلا مشكلة الهوية والثقافة السودانية، والاقتصاد، هذه القضايا يتناولوها من منظور إما خيالي كما يفعل الإسلاميون عندما يتكلمون عن نموذج لم يجرب على أية حال، والمحاولات التي حصلت كلها أتت بنتائج عكسية وفي واقع الأمر تجاوزت القيم الدينية. أما بالنسبة لليساريين تجد تيارات عروبية، وهي تيارات عايشت الواقع السوداني لكنها مصرة على تعريب السودان غض النظر عن الواقع المحلي الذي تطبق فيه.
أما الشيوعيون فقد قفزوا قفزة أخرى، فهم يريدون أن يصلحوا الكون كله، وعندهم حلول لأي مشكلة، أجد كثيراً من الشبه بين إخوانا الشيوعيين وغلاة المتدينين، إذا نظرت إلى التجربة الشيوعية تجدها تحولت إلى دين، أصبحت عقيدة، فعندها كتاب مقدس (رأس المال) أي مشكلة في العالم له فيها حل، وعندها رسول هو “ماركس”، وعندها “يوم قيامة” هو الثورة الكبرى التي تقضي على الرأسمالية، وبعدها جنة ونعيم مقيم، بعدها (لكل حسب ما يستحق، ومنه حسب ما يقدر)، هذه جنات الخلد وليست مجرد عالم بشري.
*
هل ارتبط ذلك بالنشأة السياسية لأحزابنا قبل الاستقلال؟* بالعكس الأمور كانت أفضل في ظل وجود الاستعمار لأنه ما كان يسمح لها أن تذهب إلى أبعد مما ذهبت إليه، لكن بعد الاستقلال التجارب مريرة، تتكلم عن دولة ديموقراطية لا تجد أبداً غضاضة أن تحل حزباً انتخبه نفس الشعب الذي انتخبك، وتسمي نفسك “ديموقراطي” هذا ليس فيه منطق. ثم إخواننا في اليسار طوال فترة حكم إبراهيم عبود ارتضى هؤلاء الناس قائداً لهم هو إمام الأنصار، المذكرات كلها كانت باسم السيد الإمام الصديق أو الإمام الهادي، وكان يوقع عليها بعبارة “الفقير إليه تعالى الهادي المهدي”، ولما يسقط نظام عبود لظروف كثيرة مختلفة لا يمكن أن تأتي وتلغي الأحزاب، لا يمكن، وكأن المساندة التي وجدتها والقيادة لا تعني شيئاً. هذه مشكلة كبيرة فيها مغالطات، وفيها حقائق معاصرة مشهودة، قد نختلف في الماضي الذي لم نشهده لكن هذا تاريخ معايش بل وظل يتكرر.
ثم حديثاً في حالة “التجمع الديموقراطي” لمحاربة نظام الإنقاذ لم يجدوا قائداً لهم غير محمد عثمان الميرغني ليقودهم! والصادق المهدي، واضح أن هناك مغالطة للنفس من جانب ما يسمى بالقوى الحديثة.
*
قد يخطر في بال القارئ أنك استثنيت نفسك (من الملامة) رغم مشاركتك الواضحة في فترة ما بعد ميلاد الحركة الشعبية لتحرير السودان؟* لا.. ففي الجزء الثالث وأهم ما فيه بروز الحركة الشعبية لغاية مرحلة المفاوضات واتفاقية “نيفاشا”، وإلى ماذا انتهت، وفيه استعراض حتى وصلت إلى مرحلة إعادة النظر في الدستور، لأنه حصل في عهد المؤتمر الوطني محاولات كثيرة وما زالت لتعديل الدستور وهذا يعكس حاجة مسألة مهمة. عندما وُضع الدستور الانتقالي لم يكن دستوراً للجنوب، هذا دستور للسودان وكان أهم ما فيه إنهاء الظلامات التاريخية، وبعدها وضع خارطة الطريقة لكيف يحكم السودان إدارياً واقتصادياً وقانونياً، وكل هذا تحت عنوان (التحول
الديموقراطي) فلا بد من تحول، ولا بد أن يكون ديموقراطياً هذا هو معناه.
لكن لسوء الحظ الطرف المفاوض من الشمال وهو حزب المؤتمر الوطني كان يظن أنَّ في مقدوره أن يوقع هذه الاتفاقية وفي نفس الوقت يخرقها، وظل ينتهج هذا ويشتري الناس. ولم يدر في ذهنه أنه هناك (ناس وناس)،هناك ناس تبنوا طريقاً وما تبنوه هزلاً لكنهم حددوا المشاكل وكيف تعالج إذا أردنا أن يظل السودان دولة موحدة مستقرة، هذا ما تضمنته الاتفاقية والدستور.
لكن من الغباء أن تظن أنه بإمكانك أن توقع اتفاقية مع من كانوا يحاربون لأجل المبادئ وتوافق عليها، ثم تظن أنه في مقدورك أن تخرقها كأنما لديك قدرات إلهية.
*
ولكن رغم كل شئ فالنتيجة النهائية أدت لانفصال جنوب السودان، فلا (تحول
ديموقراطي) ولا حتى المحافظة على الوحدة.. من المسؤول عن انفصال الجنوب؟* هناك ظن غريب! هناك من يقول إنَّ الانفصال جاء نتيجة مؤامرة أمريكية..
يؤسفني أن يأتي مثل هذا الكلام من ناس متعلمين، لسببين، الأول أنَّ الحكم الذاتي كان محور نقاش بين الشماليين أنفسهم، التجمع الديموقراطي الذي وافق على تقرير المصير، علي الحاج مع لام أكول اتكلموا في تقرير المصير، لم ينتظر أحد الأمريكان ليهمسوا له في أذنه. ولم يحدث أن أي وزير أو رئيس أمريكي تكلم عن حق تقرير المصير مطلقاً. مشروع (نظامان في دولة واحدة) اقترحه معهد في أمريكا وشارك فيه “فرانسيس دينق”، وعُرض على الناس لكن لم تتبناه حكومة.
الرئيس بوش كون في بداية عهده لجنة، واختار “دانفورث” ممثلاً له في السودان، الخطاب الذي ألقاه “دانفورث” لما جاء ليتسلم تفويضه في البيت الأبيض موجود يمكن الرجوع إليه، قال هناك خيارات كثيرة منها تقرير المصير، وقال (أنا لا أؤيد هذا الخيار) وسيجد معارضة من الشمال ومن مصر.
كان الرأي أن تكون هناك إدارة مستقلة لجنوب السودان في ظل سودان موحد، على أن يعاد النظر في كل القوانين التي يشتكي منها الجنوبيون. ثم لما يفشل تنفيذ الاتفاقية لأخطاء مننا نحن نقول لأمريكا (والله أدينا الجنوبيين ما طالبتمونا بإعطائهم لهم ومع ذلك انفصلوا) .. هذا عبث لا يليق بناس عندهم أخلاق أو ربما جهل لناس لا يقرأون.
*
تخيل أن تاريخ السودان بعد الاستقلال شريط فيديو.. وضعنا أمامك زراً لمسح ما قد تتمنى أن لو لم يحدث.. فماذا ستمسح من تاريخنا؟* شوف السودان دا بلد غريب، أنا ما شفت لي بلد في العالم الحركة الوطنية فيه تعبئ الشعب السوداني كله على أساس أن مصيرنا مع مصر، ولما يأتي يوم الوحدة تقول نحن مع الاستقلال، و”مش كده وبس” بل تقول نحن مع الاستقلال لأن هذا ما كنا ننشده من زمان! هؤلاء كذابون.. كذابون.. أي مؤرخ سيقول إنَّ القيادات السياسيةت السودانية كذابون.
الحاجة الثانية أنَّ الأخطاء بدأت تتفاقم لكن ما في شخص أبداً قال نحن غلطنا وتحصل مراجعات، كل ما فعلوه أنهم حملوا الاستعمار مسؤولية ما حصل في الجنوب، ويقولون هذا بعد عشرين سنة من خروج الاستعمار..(طيب أنت في العشرين سنة دي عملت أيه). كل ما فعلته أنك كنت تحارب .. العلاج الوحيد لقضية الجنوب هو الحرب! لم يهتموا بالنمو الاجتماعي وتحقيق المطالب فيما يتعلق بالتعليم وغيره، بل في إنجازات في العهد الاستعماري تراجعت في العهود الوطنية. لا يمكن وصف كل ما خلفه الاستعمار بأنها “بقايا الاستعمار” هذا سببه عقدة عند السودانيين أنهم أفضل الناس وخير الناس وأشجع الناس وبالتالي يبحثون عن نماذج لنصر موهوم. الأذى الحقيقي حصل من الأحزاب بالنسبة للديموقراطية ومن العقائديين لأنَّ الأفكار التي بها يؤمنون لم تلبِّ ما يطلبه الشعب السوداني.
*(
ضاحكاً) .. هل شطبت لك حاجة؟*
أنت شطبت المفاهيم ولم تشطب الأحداث.. أريد منك أن تحدد ما تمنيت أن لو لم يحدث في تاريخ السودان المعاصر.
أريد مسح “الانفصال”: من تاريخ أخطار، طبعاً هو من أخطر الأحداث في تاريخنا، وما كان يجب أن يحدث مطلقاً. عندما استقل السودان كان مطلب الجنوبيين الفيدرالية” ولو وافقونا عليه لما حدث الانفصال، أضاع الساسة الوقت والفرصة بـ(الغلاط) في الفيدرالية.. عندما يجرؤ الصادق المهدي ويقول إنها تجربة لم تنجح في العالم وأن البلاد الأفريقية تتأذى منها، هذا كلام غريب، الصادق المهدي رجل متعلم يعرف أن أمريكا دولة فيدرالية والاتحاد السوفيتي آنذاك- وسويسرا والبرازيل وكندا كلها دول فيدرالية، كيف يجرؤ أن يقول مثل هذا الكلام وهو رجل متعلم، هو ليس جاهلاً لكنه يكذب على الناس.
وكنت أتمنى أن أمسح من تاريخ السودان هيمنة الطائفية، كان المتوقع أن الطائفية بانتهاء فترة الإمام الصديق والسيد علي الميرغني أن تبحث عن طائفية “مودرن” (حديثة) لكن ما حصل عكس ذلك، في الطائفتين أصبح الرجل الأول هو المهيمن تماماً، وللأسف برضاء بعض المثقفين.. لو كان هناك أبداً هبة من تحت لكان الوضع مختلفاً، بل تعطيك الإحساس بأن هناك رغبة في خلق نظام لتوريث الحكم وليس فقط توريث الطائفة، بل توريث للحكم.
الأحزاب العقائدية أذت السودان كثيراً، ليس من الخطأ أن يكون عندك عقيدة سياسية، لكن العقيدة السياسية في السودان تحولت تماماً وأصبحت مثل العقيدة الدينية، رئيس الحزب هو (الفكي الأكبر بتاع الحزب)، دي مشكلة حقيقية وبالرغم من كل الفشل الذي حصل للأنظمة العقائدية في منشئها، سقوط الاتحاد السوفيتي وأوروبا الغربية وبعدها الشرقية والصين بطريقة مختلفة، الإصرار على أن نرجع لما قاله ماركس! أنا برجع لماركس في كثير حتى من الأفكار، لكن أنا لا أعبده، بل أتعامل معه كما أتعامل مع أي مفكر غربي لديه آراء في السياسة وغيرها.. وليس كـ(فكي)!!
ضاحكاً مرة أخرى


(هل شطبت ليك حاجات كتيرة)؟؟
صحيفة التيار
 
أعلى