محمد عثمان
New member
أناس كثر في هذه الحياة . تلتقيهم .تحفظهم في مخيلتك ردحاً من الزمن . ربما لأن لهم تأثير في حياتك أو حياة الناس من حولك . لكن مهما كان تأثيرهم فالذاكرة لا تقوى على حفظهم مدةً طويلة لأن أحداث الحياة المزدحمة والمتسارعة سرعان ما تسقطهم وتستبدلهم بغيرهم . وهكذا دواليك . أما هو فكان غير ذلك .لأن عطاءه دائماً متجدد . بل يعيش معنا في حلنا وترحالنا رغم رحيل صاحبه منذ أكثر من خمسة عشر عاماً . وسيظل يعيش لأجيال لاحقة . فالماء الذي نشربه يحدث عنه . والمساجد التي نصلي فيها .والمدارس .وصلاته بأهله ومعارفه. وإصلاح ذات البين بين الناس . ومد يد العون لهم دون منٍ ولا أذى .
مولده كان في عشرينات القرن الماضي . أبوه محمد سليمان النعيم . من أعيان قرية الجديد . صاحب حسب ونسب. أمه عشة بنت الشيخ الغرقان . ترتيبه الثالث بين إخوته الأربعة . سمي (الــنــعــيــم) تيمناً بجده النعيم .نال تعليماً في خلوة جده . قرأ القرآن وعلوم الحديث والفقه . وعندما شب عن الطوق عمل بالتجارة مع إبن عمه محمد علي سليمان التاجر الذايع الصيت بمدينة ود الحداد . لم يستمر كثيراً فهجر ود الحداد وإمتهن السواقة . كان حاذقاً ماهراً منظماً في كل مهنة يمتهنها .القيم والمبادئ والأخلاق كانت أهم ما يميز عمله . سافر إلى غرب أفريقيا .تشاد .نيجيريا . أفريقيا الوسطى .
وأخيراً حطت به عصا الترحال في مدينة الأبيض . كان ذلك أوائل ستينات القرن الماضي . وكأن القدر أراد للعيلفون أن تكون حاضرةً فى كل غرب السودان .حاضرةً بقيمها وأخلاقها ومبادئها وكرمها وشجاعتها وشهامتها .إبائها وشممها . نعم والله إنه يمثل كل مكارم الأخلاق . عمل بتجارة قطع غيار السيارات . فأكسبها صفات لم يكن من يمارسها يوليها إهتماماً إلا هو . أكسبها الأمانة .وقضاء حوائج الناس . وتقديم يد العون لهم . تعلم الناس منه الدقة والنظام وحب العمل . دخل العمل العام في الأبيض وكان فارسه المغوار.تجده على رأس كل لجنة لعمل الخير.مارأس لجنةً أوشارك في عضويتها إلا وعمل فيها بإخلاص وأمانة دون رياء . أوسعياً لشهرة . كانت العيلفون حاضرة في كل عمل عام يقوم به . عن ماذا أتحدث عن جامعة كردفان الذي هو عضو في مجلس أمنائها . وأمين مالها . أم جماعة أنصار السنة وهو العضو البارز فيها والذي لم يتوانى في المشاركة في كل أعمال الخير التي تقوم بها . وكثيرة هي لجان العمل العام التي كان إشتراكه فيها سبباً اساسي في نجاحها . منذ صغري كنت أسمع عن ما يؤديه الراحل الحاضر من أعمال جليلة لمجتمعه وخاصةً أم قحف ولم يتوقف هذا الخير الوفير الدفاق حتى الأن . فلو نظرت في مسجد أم قحف القديم ترى آثاره تحدث عنه . ومحطة مياه أم قحف تقف شامخةً تحكي للأجيال المتعاقبة عن سيرته . ومسجد أم قحف القدامي . أرضه الذي قام عليها . وبنيانه كاملاً . يدعو له بأن يجعله الله في ميزان حسناته . الأسر التي كان يرعاها واليتامى . كل هؤلاء كانوا شهوداً على نبل أخلاقه . كان خير من يصلح بين متخاصمين . كل ذلك رأيته في العيلفون . في ثمانينات القرن الماضي . قادتني ظروف العمل إلى إقليم كردفان وكنت أمر بمدينة الابيض . وكنت أحياناً أقضي فيها بعض الأيام ومعي بعض الأخوة من العيلفون . وكنا ننزل في منزله ونقضي به هذه الأيام . فوالله رأيت في هذا المنزل العجب العجاب . رجلُ يستقبلك هاشاً باشاً فرحاً بقدومك . دون تكلف . لم أرى في حياتي رجلاً محباً للضيوف مثله . وفي أي وقت .وبأكبر عدد . كان البيت جاهزاً لإستقبال أي عدد من الضيوف . وفي أي وقت . ما رأيت طعاماً تأخر عن موعده قط .ولا زائراً تكدر في مرقده . كان منزل العيلفون . ما زار عيلفوني الأبيض إلا عرف قدر الرجل . يغضب أشد الغضب إذا علم أنك أتيت الأبيض ولم تزره . يفرح أشد الفرح بزيارتك له . ويجبرك على الإقامة معه . كان فطوره يأتيه من البيت . ويكفي كل من حوله في السوق . كان لي شرف حضور زواج إبنه الأخ العزيز عبد الله . ويومها تحرك بص من العيلفون مليئ المقاعد لمشاركته زواج إبنه .وصل البص قبل أسبوع من المناسبة . أذكر جيدا يومها فرحه برؤية أهله وهم يطوون كل تلك المسافة ليشاركونه هذه الفرحة . متجاهلاً قدره . وفي بيت كل واحد منهم ذكرى جميلة عنه . يومها رايت دمعة نازلة من عينه . فسأله أحدهم عن سببها ؟ أجاب . أثارني منظر بص العيلفون أمام بيتي . ومشاركة أهلي لي وهم يقطعون تلك الاميال ليقفوا بجانبي .
للله درك أيها الكريم . كنت كبيراً في أهلك بأعمالك وسجاياك رحيماً عطوفاً .تقيل عثرة من زلت خطاه . ماداً يدك لإعانته .رافعاً صوتك ناصحاً . دائماً ما كنت تؤدي المعروف وعمل الخير كاملاً دون أنتظاراً لمشاركة من أحد . لم تتكيئ على إرث ومجد عائلي وأصلك الطيب يشهد بذلك . بل كنت بسجاياك الطيبة تقول :- هـا أنـا ذا . وكثيرون غيرك عاطلون عن أي هـمة ومعروف ويقولون كان أبي . كنت تخرج القرش في عمل الخير . ثم لا يلبث أن يأتيك من تجارتك الطاهرة النقية مضاعفاً .حدثني أحد الثقاة القريبين منه أنه لم يخسر في تجارة قط .
نسأل الله العلي القدير لك المغفرة والرحمة . وأن يجزيك خيراً في كل عمل عملته قاصداً به وجهه وخدمة أهلك ومجتمعك .و أن يجعل ذلك في ميزان حسناتك . وأن يديم الصحة والعافية على شريكة حياتك ورفيقتك في كل هذه الأعمال الخيرة التي قمت بها . التي سهرت الليالي وهي تطعم الضيوف دون تذمر أو تبرم أوشكوى . الأخت السيدة الفضلى . السيدة مصطفى الجيلي . وللأسرة الكريمة من أبناء وكريمات .و أحفاد .
محطات في حيات الراحل .
الميلاد : 1923
زيارة بيت المقدس .1965
الوفاة :1995 في حادث حركة بمدينة أم روابة .
الراحل قارئ نهم ما وجد وقت فراغ إلا وإسنثمره في القراءة فهو عالم بعلوم الدين والدنيا .وتشهد على ذلك مكتبته الضخمة التي تحوي أمهات الكتب .
لك الرحمة والمغفرة أيها المنارة السامقة .
مولده كان في عشرينات القرن الماضي . أبوه محمد سليمان النعيم . من أعيان قرية الجديد . صاحب حسب ونسب. أمه عشة بنت الشيخ الغرقان . ترتيبه الثالث بين إخوته الأربعة . سمي (الــنــعــيــم) تيمناً بجده النعيم .نال تعليماً في خلوة جده . قرأ القرآن وعلوم الحديث والفقه . وعندما شب عن الطوق عمل بالتجارة مع إبن عمه محمد علي سليمان التاجر الذايع الصيت بمدينة ود الحداد . لم يستمر كثيراً فهجر ود الحداد وإمتهن السواقة . كان حاذقاً ماهراً منظماً في كل مهنة يمتهنها .القيم والمبادئ والأخلاق كانت أهم ما يميز عمله . سافر إلى غرب أفريقيا .تشاد .نيجيريا . أفريقيا الوسطى .
وأخيراً حطت به عصا الترحال في مدينة الأبيض . كان ذلك أوائل ستينات القرن الماضي . وكأن القدر أراد للعيلفون أن تكون حاضرةً فى كل غرب السودان .حاضرةً بقيمها وأخلاقها ومبادئها وكرمها وشجاعتها وشهامتها .إبائها وشممها . نعم والله إنه يمثل كل مكارم الأخلاق . عمل بتجارة قطع غيار السيارات . فأكسبها صفات لم يكن من يمارسها يوليها إهتماماً إلا هو . أكسبها الأمانة .وقضاء حوائج الناس . وتقديم يد العون لهم . تعلم الناس منه الدقة والنظام وحب العمل . دخل العمل العام في الأبيض وكان فارسه المغوار.تجده على رأس كل لجنة لعمل الخير.مارأس لجنةً أوشارك في عضويتها إلا وعمل فيها بإخلاص وأمانة دون رياء . أوسعياً لشهرة . كانت العيلفون حاضرة في كل عمل عام يقوم به . عن ماذا أتحدث عن جامعة كردفان الذي هو عضو في مجلس أمنائها . وأمين مالها . أم جماعة أنصار السنة وهو العضو البارز فيها والذي لم يتوانى في المشاركة في كل أعمال الخير التي تقوم بها . وكثيرة هي لجان العمل العام التي كان إشتراكه فيها سبباً اساسي في نجاحها . منذ صغري كنت أسمع عن ما يؤديه الراحل الحاضر من أعمال جليلة لمجتمعه وخاصةً أم قحف ولم يتوقف هذا الخير الوفير الدفاق حتى الأن . فلو نظرت في مسجد أم قحف القديم ترى آثاره تحدث عنه . ومحطة مياه أم قحف تقف شامخةً تحكي للأجيال المتعاقبة عن سيرته . ومسجد أم قحف القدامي . أرضه الذي قام عليها . وبنيانه كاملاً . يدعو له بأن يجعله الله في ميزان حسناته . الأسر التي كان يرعاها واليتامى . كل هؤلاء كانوا شهوداً على نبل أخلاقه . كان خير من يصلح بين متخاصمين . كل ذلك رأيته في العيلفون . في ثمانينات القرن الماضي . قادتني ظروف العمل إلى إقليم كردفان وكنت أمر بمدينة الابيض . وكنت أحياناً أقضي فيها بعض الأيام ومعي بعض الأخوة من العيلفون . وكنا ننزل في منزله ونقضي به هذه الأيام . فوالله رأيت في هذا المنزل العجب العجاب . رجلُ يستقبلك هاشاً باشاً فرحاً بقدومك . دون تكلف . لم أرى في حياتي رجلاً محباً للضيوف مثله . وفي أي وقت .وبأكبر عدد . كان البيت جاهزاً لإستقبال أي عدد من الضيوف . وفي أي وقت . ما رأيت طعاماً تأخر عن موعده قط .ولا زائراً تكدر في مرقده . كان منزل العيلفون . ما زار عيلفوني الأبيض إلا عرف قدر الرجل . يغضب أشد الغضب إذا علم أنك أتيت الأبيض ولم تزره . يفرح أشد الفرح بزيارتك له . ويجبرك على الإقامة معه . كان فطوره يأتيه من البيت . ويكفي كل من حوله في السوق . كان لي شرف حضور زواج إبنه الأخ العزيز عبد الله . ويومها تحرك بص من العيلفون مليئ المقاعد لمشاركته زواج إبنه .وصل البص قبل أسبوع من المناسبة . أذكر جيدا يومها فرحه برؤية أهله وهم يطوون كل تلك المسافة ليشاركونه هذه الفرحة . متجاهلاً قدره . وفي بيت كل واحد منهم ذكرى جميلة عنه . يومها رايت دمعة نازلة من عينه . فسأله أحدهم عن سببها ؟ أجاب . أثارني منظر بص العيلفون أمام بيتي . ومشاركة أهلي لي وهم يقطعون تلك الاميال ليقفوا بجانبي .
للله درك أيها الكريم . كنت كبيراً في أهلك بأعمالك وسجاياك رحيماً عطوفاً .تقيل عثرة من زلت خطاه . ماداً يدك لإعانته .رافعاً صوتك ناصحاً . دائماً ما كنت تؤدي المعروف وعمل الخير كاملاً دون أنتظاراً لمشاركة من أحد . لم تتكيئ على إرث ومجد عائلي وأصلك الطيب يشهد بذلك . بل كنت بسجاياك الطيبة تقول :- هـا أنـا ذا . وكثيرون غيرك عاطلون عن أي هـمة ومعروف ويقولون كان أبي . كنت تخرج القرش في عمل الخير . ثم لا يلبث أن يأتيك من تجارتك الطاهرة النقية مضاعفاً .حدثني أحد الثقاة القريبين منه أنه لم يخسر في تجارة قط .
نسأل الله العلي القدير لك المغفرة والرحمة . وأن يجزيك خيراً في كل عمل عملته قاصداً به وجهه وخدمة أهلك ومجتمعك .و أن يجعل ذلك في ميزان حسناتك . وأن يديم الصحة والعافية على شريكة حياتك ورفيقتك في كل هذه الأعمال الخيرة التي قمت بها . التي سهرت الليالي وهي تطعم الضيوف دون تذمر أو تبرم أوشكوى . الأخت السيدة الفضلى . السيدة مصطفى الجيلي . وللأسرة الكريمة من أبناء وكريمات .و أحفاد .
محطات في حيات الراحل .
الميلاد : 1923
زيارة بيت المقدس .1965
الوفاة :1995 في حادث حركة بمدينة أم روابة .
الراحل قارئ نهم ما وجد وقت فراغ إلا وإسنثمره في القراءة فهو عالم بعلوم الدين والدنيا .وتشهد على ذلك مكتبته الضخمة التي تحوي أمهات الكتب .
لك الرحمة والمغفرة أيها المنارة السامقة .
التعديل الأخير: