الدرس اليومى بعد صلاة الفجر فى بيرمنجهام من بشرى مبارك إدريس


نتواصل اليوم الجمعة 26 ذو الحجة 1436 هجرية الموافق 9 اكتوبر 2015 م وحديث اليوم من مسجد الوم رووك بيرمنجهام والشيخ عبدالجليل الباكستانى والحديث ( ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين امرين إلا اختار ايسرهما ما لم يكن إثم .
فإلى الحديث وشرحة :
ما معنى الحديث:(ما خير رسول الله بين أمرين إلا أخذ أيسرهما؟ - العضوة امانى يسرى محمد هي صاحبة المشاركة
ما صحة الحديث: (ما خيرت بين أمرين إلا اخترت أيسرهما)؟ وإذا كان الحديث صحيحا ما هو تفسيره هل يصح أن أحد الأمرين الذي اخترت يكون حكمه في الشرع مكروه أو محرم، ولكنه هو الأيسرم هل اختيار الحكم الأيسر والقريب من رغبتي يكون صحيحا طبقا للحديث؟ وجزاكمالله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاللفظ الصحيح للرواية التي ذكرها السائل كما في الصحيحين وغيرهما، عن عائشة قالت: ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه.
ولا بد أن يُفهم أول كلامها رضي الله عنها في ضوء آخره والعكس، ولا يصح بتر الكلام وفصل ما تلاحم من جمله، ففي قولها: "ما لم يكن إثما ..." بيان أن اختيار النبي صلى الله عليه وسلم للأيسر مشروط ببعده عن الإثم.
ان النبي صلى الله عليه وسلم في أمور العبادة وحقوق الله تعالى يضرب المثل الأعلى في التمسك بالأفضل وتحرى الأحسن، كما قال تعالى: وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ. {الزمر:55}.وهذا معلوم ظاهر من حال النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يقوم حتى تتفطر قدماه، فتقول له السيدة عائشة: لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فيقول: أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا. متفق عليه.فاللفظ الصحيح للرواية التي ذكرها السائل كما في الصحيحين وغيرهما، عن عائشة قالت: ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه. ومعنى ذلك أن هذا الاختيار المذكور في أثر عائشة إنما يقع غالبا في أمور الدنيا من المعاش والمعاملات ونحو ذلك مما يخرج عن دائرة العبادة.
[
مسألة اختيار الأيسر من أقوال أهل العلم عند اختلافهم، فهذا لا يصح؛ فإن الأحكام الشرعية لا تؤخذ بالهوى ولا بالتشهي
وعلى المسلم إن كان له قدرة على النظر في الأدلة أن يأخذ من أقوالهم ما كان أظهر وأرجح دليلا، ولا يتتبع الرخص ولا يرجح بالتشهي. وإن كان عاميا -أي غير متخصص في علوم الشريعة، ولا له نظر في الأدلة- فعليه أن يستفتي أهل العلم والورع من غير ترخص، ثم ينبغي التنبه إلى أن الأخذ بالأحوط عند اختلاف العلماء أولى
قال ابن حجر: أي ما لم يكن الأسهل مقتضيا للإثم، فإنه حينئذ يختار الأشد. انتهى.
وهذا يشمل المكروه أيضا، لأنه قريب من الإثم، ولذلك قال النووي: فيه استحباب الأخذ بالأيسر والأرفق ما لم يكن حراما أو مكروها. اهـ.
قال ابن بطال في شرح البخاري: يحتمل أن يكون هذا التخيير ليس من الله؛ لأن الله لا يخير رسوله بين أمرين عليه في أحدهما إثم، فمعنى هذا الحديث ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بين أن يختار لهم أمرين من أمور الدنيا على سبيل المشورة والإرشاد، إلا اختار لهم أيسر الأمرين، ما لم يكن عليهم في الأيسر إثم؛ لأن العباد غير معصومين من ارتكاب الإثم. انتهى.
وهذا هو اللائق بمقام النبوة، التي هي محل القدوة والأسوة الحسنة، فإنها المثال البشري الكامل للعبودية، وهذا معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم في أمور العبادة وحقوق الله تعالى يضرب المثل الأعلى في التمسك بالأفضل وتحرى الأحسن، كما قال تعالى: وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ. {الزمر:55}.
قال السعدي: (واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم) مما أمركم من الأعمال الباطنة، كمحبة اللّه وخشيته وخوفه ورجائه، والنصح لعباده، ومحبة الخير لهم، وترك ما يضاد ذلك. ومن الأعمال الظاهرة، كالصلاة والزكاة والصيام والحج والصدقة، وأنواع الإحسان، ونحو ذلك، مما أمر اللّه به، وهو أحسن ما أنزل إلينا من ربنا، فالمتبع لأوامر ربه في هذه الأمور ونحوها هو المنيب المسلم. انتهى.
قال الشوكاني في نيل الأوطار: الحديث يدل على مشروعية إجهاد النفس في العبادة من الصلاة وغيرها ما لم يؤده ذلك إلى الملال، وكانت حاله صلى الله عليه وآله وسلم أكمل الأحوال. انتهى.
وقال ابن بطال في شرح البخاري: قال المهلب: فيه أخذ الإنسان على نفسه بالشدة في العبادة وإن أضر ذلك ببدنه، وذلك له حلال، وله أن يأخذ بالرخصة ويكلف نفسه ما عفت له به وسمحت، إلا أن الأخذ بالشدة أفضل، ألا ترى قوله صلى الله عليه وسلم: "أفلا أكون عبدا شكورا" فكيف من لم يعلم أنه استحق النار أم لا ؟ فمن وفق للأخذ بالشدة فله في النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الأسوة. اهـ.
وقال ابن حجر في فتح الباري: فيه ما كان النبي صلى الله عليه وسلم عليه من الاجتهاد في العبادة والخشية من ربه. اهـ.
والمقصود أن هذا الأثر يدل على خلاف ما يريده السائل الكريم، فإن فيه دلالة ظاهرة على أن الأمر لو دار بين الإثم وعدمه، أن اختيار النبي صلى الله عليه وسلم كان لما يبعده عن الإثم، وهذا هو مقتضى ورع المتقين فضلا عن النبيين.
أما في الأمور المباحة المستوية الطرفين فيستحب للمسلم أن يخفف على نفسه باختيار الأيسر.
وأما مسألة اختيار الأيسر من أقوال أهل العلم عند اختلافهم، فهذا لا يصح؛ فإن الأحكام الشرعية لا تؤخذ بالهوى ولا بالتشهي،
وعلى المسلم إن كان له قدرة على النظر في الأدلة أن يأخذ من أقوالهم ما كان أظهر وأرجح دليلا، ولا يتتبع الرخص ولا يرجح بالتشهي. وإن كان عاميا -أي غير متخصص في علوم الشريعة، ولا له نظر في الأدلة- فعليه أن يستفتي أهل العلم والورع من غير ترخص، ثم ينبغي التنبه إلى أن الأخذ بالأحوط عند اختلاف العلماء أولى.
اسلام ويب​
 
التعديل الأخير:

احبتى من الجنسيين زملائى من الدفعتين ( 46 و45 ) اهلى من القريتين زملاء الغربة من الدولتين ، احبابى من النيليين ( الازرق والابيض ) هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الثقلين الانس والجن ، نقلته لكم من مسجد الوم رووك وأنا البس جلابتين ( فى الحقيقة جلابية وعراقى بالداخل!!! إضافة للكوت بتاع البرد فقد داهمنا البرد ببرمنجهام هذه الايام ) .
نقلته لكم من مسجد الوم رووك بيرمنجهام والشيخ عبدالجليل الباكستانى والدرس اليوم الاثنين ونحن نقترب من وداع العام الهجرى 1436 هجرية لنستقبل العام الهجرى الجديد اسأل الله ان يكون عام خير وتوفيق وبركة ، فقد تناول الشيخ فى حديث اليوم الاثنين 29 ذو الحجة 1436 هجرية الموافق 12 اكتوبر 2015 حديث ابن عباس رضى الله عنهما فى دعاء رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حين يقول ( اللهم بك آمنت ولك أسلمت وعليك توكلت ) وفى البحث وجدت صيداً ثمييناً من الاحاديث فاقت الخمسة فقلت عسى ان يجعل الله لنا فيها الخير ونحن فى خواتيم ايام العام الهجرى نسأل الله أن يوفقنا أن ندعو بها ، وان تكون ملازمه لنا مثل أذكار الصباح والمساء .
اما المقدمة والتى ابتدرتها أحبتى من الجنسين فهى تغيير من الروتين ووجدت حكاية ( جوز جوز ماشه )!!!!!!فهذا لا يعنى اننى
لا أقصد الدفعات الاخرى من الشرطة وأننى استبعد أهل النيل من شمبات الى حلفا القديمة حيث يمر بالسقاى ويمر بعطبرة الحلوة حيث نسابتنا أهل زوج شقيقتى التى تكبرنى راضية مبارك إدريس وهم آل المهدى عبدالمتعال فترحم على من فارق الحياة منهم وأيضا فيها نسابه إبن عمى عوض عبدالرحمن إدريس وأهل واقارب صديقنا بالجيلى الثانوية زين العابدين حسن الزبير إبن العبيدية وأحى العبيدية والباوقة والهدباب والمحطة والنمر والجرانيس .
وكذلك بالشريك حيث أهل زوجتى ( بالجزائر أرتل ورأس الجزيرة وكجرات وانجرى وغيرها ) فلهم منا السلام والتقدير والدعوات الصالحات . والان اسمحوا لى أن اقدم لكم الحديث بل الاحاديث .
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومَن والاه.
أما بعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
والصلاة والسلام على نبينا وقائدنا محمد صلى الله عليه وسلم
أحاديث صحيحة للرسول صلى الله عليه وسلم فى الدعاء
مجموعة أحاديث للبخارى من الجامع الصحيح
للرسول صلى الله عليه وسلم
فى الدعاء قبل وفى الصلاة وبعدها
عن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه :
إن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة :
( لا إله إلا الله وحدهلا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ) وكتب إليه : إنه كان ينهى عن
قيل وقال ، وكثرة السؤال ، وإضاعة المال . وكان ينهى عن عقوق الأمهات، ووأد البنات ، ومنع وهات ..
*****************
عن أبو موسى الأشعرى رضى الله عنه :
عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه كان يدعو بهذا الدعاء : (رب اغفر لي خطيئتي وجهلي ، وإسرافي في أمري كله ،
وما أنت أعلم به مني . اللهم اغفر لي خطاياي ، وعمدي
وجهلي وهزلي ، وكل ذلك عندي . اللهم اغفر لي ما قدمت
وما أخرت ، وما أسررت وماأعلنت ، أنت المقدم وأنت المؤخر ، وأنتعلى كل شيء قدير )
**************
عن عبد بن عباس رضى الله عنهما قال :
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال:
اللهم لك الحمد ، أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد ، لك ملك السموات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت ملك السموات والأرض ، ولك الحمد ، أنت الحق ، ووعدك الحق ، ولقاؤك حق ،وقولك حق ، والجنة حق ، والنار حق ، والنبيون حق ، ومحمد صلى الله عليه وسلم حق ،والساعة حق ، اللهم لك أسلمت ، وبك آمنت ، وعليك توكلت ، وإليك أنبت ، وبك خاصمت ،وإليك حاكمت ، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت
وما أعلنت ، أنت المقدم، وأنت المؤخر ، لا إله إلا أنت
أو :لاإله غيرك . قال سفيان : وزاد عبد الكريم أبو أمية :
ولا حول ولا قوة إلا بالله . قال سفيان : قال سليمان بن
أبي مسلم : سمعه من طاوس ، عن ابن عباس رضي الله
عنهما ،عن النبي صلى الله عليه وسلم .
***********
عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما قال :
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال : (اللهم لك الحمد ، أنت نورالسموات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد ، أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد ، أنت الحق ، ووعدك حق ، وقولك حق ، ولقاؤك حق ، والجنة حق ، والنار حق ،والساعة حق ، والنبيون حق ، ومحمد حق ، اللهم لك أسلمت ، وعليك توكلت ، وبك آمنت ،وإليك أنبت ، وبك خاصمت ، وإليك حاكمت ، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت ، وما أسررت وماأعلنت ، أنتالمقدم وأنت المؤخر ، لا إله إلاأنت ، أو : لا إله غيرك )
**************
عن على بن ابى طالب كرم الله وجهه :
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنه كان إذا قام إلى الصلاة قال :
"وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا
وما أنا من المشركين . إن صلاتي ونسكي ومحياي
ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا
من المسلمين . اللهم ! أنت الملك لا إله إلا أنت . واهدني
لأحسن الأخلاق . لا يهدي لأحسنها إلا أنت . واصرف عني سيئها . لايصرف عني سيئها إلا أنت . لبيك ! وسعديك !
والخير كله في يديك . والشر ليس إليك . أنا بك وإليك .
تباركت وتعاليت . أستغفرك وأتوب إليك " . وإذا ركع قال " اللهم ! لك ركعت . وبك آمنت . ولك أسلمت . خشع لك
سمعي وبصري . ومخي وعظمي وعصبي "
وإذا رفع قال "اللهم ؛ ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد "
وإذا سجد قال "اللهم؛لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت .
سجد وجهي للذي خلقه وصوره ، وشق سمعه وبصره .
تبارك الله أحسن الخالقين "
ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم
"اللهم ! اغفر لي ما قدمت وما أخرت . وما أسررت وما أعلنت . وما أسرفت . وما أنت أعلم به مني . أنت المقدم
وأنت المؤخر . لا إله إلا أنت "
*************
عن أبو موسى الأشعرى رضى الله عنه :
عن النبي صلى الله عليه وسلم
أنه كان يدعو بهذا الدعاء
"اللهم ! اغفر لي خطيئتي وجهلي . وإسرافي في أمري .
وما أنت أعلم به مني . اللهم ! اغفر لي جدي وهزلي .
وخطئي وعمدي . وكل ذلك عندي . اللهم ! اغفر لي ما قدمت وما أخرت . وما أسررت وماأعلنت . وما أنت أعلم به مني . أنت المقدم وأنت المؤخر . وأنت على كل شيء قدير "
********************
لاتنسوني من صالح دعاكم
المصدر : اذكر الله
تحياتي : هيثم
 
التعديل الأخير:

السلام احبابنا فى جمييع البقاع معكم اليوم بحمد الله وتوفيقه وشكرنا على نعمه الصحة والعافية واننا ما زلنا نكتب ونرد ونفرح بتواصلكم وعافييتكم نطل علييكم من بيرمنجهام مسجد الووم رووك اليوم الانين السادس من محرم كمن العام 1437 من الهجرة والموافق 19 من اكتوبر 2015م والدرس اليومى عن الحديث مع الشيخ عبدالجليل الباكستانى وقد وعدتكم فى حاله تكرار الاحاديث أن اجتهد لكى أبحث فى قوقل واقدم لكم ما ينفعنا إن شاء الله ، وقد وجدت مجموعة احاديث أسال الله ان ينفعنا بها وأن يزيد علمنا ويجعلنا من المطبقين لها إن شاء الله فمعظمها وصايا ونصائح وتعاليم من رسولنا الكريم وخاتم الانبياء والمرسلين وإمام الغر المحجلين محمد بن عبدالله الصادق الامين وعليه أفضل الصلاة واتم التسليم .
.كتاب البِرِّ والصِّلَةِ وَالآدَابِ:
.بِرِّ الوَالِدَيْنِ وَأَنَّهُمَا أَحَقُّ بِهِ:
1652- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله! مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ».
1653- حَديثُ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، قَالَ: جاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَأْذَنَهُ فِي الجِهَادِ. فَقَالَ: «أَحَيُّ وَالِدَاكَ؟» قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ».
.تَقْدِيم بِرِّ الوالِدَيْنِ عَلَى التَّطَوُّعِ بِالصَّلاَةِ وَغَيْرِهَا:
1654- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي المَهْدِ إِلاَّ ثَلاَثَةٌ: عِيسى. وَكَانَ فِي بَنِي إِسْرَائيلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: جُرَيْجٌ، كَانَ يُصَلِّي. جَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْه، فَقَالَ: أُجِيبُهَا أَوْ أُصلِّي؟ فَقَالَتْ: اللهُمَّ! لاَ تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ المُومِسَاتِ. وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَتَعَرَّضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ، وَكَلَّمَتْهُ، فَأَبى. فَأَتَتْ رَاعِيًا، فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَلَدَتْ غُلاَمًا. فَقَالَتْ: مِنْ جُرَيْجٍ. فَأَتَوْهُ فَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ، وَأَنْزَلُوهُ، وَسَبُّوهُ. فَتَوَضَّأَ وَصَلُّى. ثُمَّ أَتى الغُلاَمَ. فَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ يَا غُلاَمُ؟ قَالَ: الرَّاعِي. قَالوا: نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ: لاَ. إِلاَّ مِنْ طِينٍ. وَكَانَتِ امْرَأَة تُرضِعُ ابْنًا لَهَا، مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. فَمَرَّ بِهَا رَجُلٌ رَكِبٌ ذو شَارَةٍ. فَقَالَت: اللهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهُ. فَتَرَكَ ثَدْيَهَا وَأَقْبَلَ عَلَى الرَّاكِبِ، فَقَالَ: اللهُمَّ! لاَ تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ. ثُمَّ أَقْبَل عَلَى ثَدْيِهَا يَمَصُّهُ».
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: كَأَنِّي أَنْظر إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَمَصُّ إِصْبَعَهُ.
«ثمَّ مُرَّ بِأَمَةٍ. فَقَالَتْ: اللهُمَّ لاَ تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هذِهِ. فَتَركَ ثَدْيَهَا، فَقَالَ: اللهُمَّ! اجْعَلْنِي مِثْلَهَا فَقَالَتْ: لِمَ ذَاكَ؟ فَقَالَ: الرَّاكِبُ جَبَّارٌ مِنَ الجَبَابِرَةِ. وَهذِهِ الأَمَةُ، يَقُولُونَ: سَرَقْتِ، زَنَيْتِ. وَلَمْ تَفْعَلْ».
.صِلَةِ الرِّحِمِ وَتَحْرِيمِ قَطِيعَتِهَا:
1655- حَديثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضيَ الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَلَقَ الله الخَلْقَ. فَلَمَّا فَرَغَ منْهُ، قَامَتِ الرَّحِمُ، فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمنِ، فَقَالَ لَهُ: مَهْ. قَالَتْ: هذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ. قَالَ: أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ! قَالَ: فَذَاكِ».
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَءُوا إِن شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}.
1656- حدِيثُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِم، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لاَ يَدْخُلُ الجَنَةَ قَاطِعٌ».
1657- حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ رِزْقُهُ، أَو يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ».
.النَّهْيِ عَنِ التَّحَاسُدِ وَالتَّبَاغُضِ وَالتَّدَابُرِ:
1658- حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ الله إِخْوَاناً، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ».
.تحريم الهَجْرِ فَوْقَ ثَلاَث بِلاَ عُذْرٍ شَرْعِيِّ:
1659- حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ يَحِل لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، يَلْتَقِيَانِ، فَيُعْرِضُ هذَا، وَيُعْرِضُ هذَا، وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلاَمِ».
.تَحْرِيمِ الظَّنِّ وَالتَّجَسِّسِ والتَّنَافُسِ والتَّنَاجُشِ وَنَحْوِهَا:
1660- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَن رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ. وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَبَاغُضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا. وَكُونوا عِبَادَ الله إِخْوَانًا».
.ثَوَابِ المُؤْمِنِ فِيْمَا يُصِيبُهُ مِنْ مَرَضٍ أَوْ حُزْنٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا:
1661- حَدِيثُ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشَدَّ عَلَيْهِ الوَجَعُ مِنْ رَسُولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
1662- حَدِيثُ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يُوعَكُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ تُوعَكُ وَعْكًا شَدِيداً. قَالَ: «أَجَلْ، إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رجُلاَنِ مِنْكُمْ» قُلْتُ: ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ؟ قَالَ: «أَجَلْ، ذَلِكَ كَذلِكَ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى، شَوْكَةٌ فَمَا فَوْقَهَا، إِلاَّ كَفَّرَ الله بِهَا سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا».
1663- حَدِيثُ عَائِشَةَ رضي الله عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ المُسْلِمَ، إِلاَّ كَفَّرَ الله بِهَا عَنْهُ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا».
1664- حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ، وَلاَ وَصَبٍ، وَلاَ هَمِّ، وَلاَ حُزْنٍ، وَلاَ أَذًى، وَلاَ غَمِّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلاَّ كَفَّرَ الله بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ».
1665- حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ. عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: هذِهِ المَرْأَةُ السَّوْدَاءُ، أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَلَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتكَشَّفُ، فَادْعُ الله لِي. قَالَ: «إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ الله أَنْ يُعَافِيكِ» فَقَالَتْ: أَصْبِرُ. فَقَالَتْ: إِنِّي أَتكَشَّفُ: فَادْعُ الله أَنْ لاَ أَتكَشَّفَ. فَدَعَا لَهَا.
.تَحْرِيمِ الظُّلْمِ:
1666- حَدِيثُ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما. عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ».
1667- حَدِيثُ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ، لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يُسْلِمُهُ. وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ، كَانَ الله فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِم كُرْبَةً، فَرَّجَ الله عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَر مُسْلِمًا، سَتَرَهُ الله يَوْمَ القِيَامَة».
1668- حدِيثُ أَبِي مُوسى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الله لَيُمْلِي للظَّالِمِ، حَتَّى إِذَا أَخَطَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» قَالَ: قَرَأَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ القُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}.
.نَصْرِ الأَخِ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا:
1669- حَديثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله رضي الله عنهما. قَالَ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ، فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَار! فقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلأَنصار! وَقَالَ المُهَاجِرِيِّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ! فَسَمِعَ ذَاكَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقَالَ: «مَا بَالُ دَعْوَى جَاهِلِيَّةٍ؟» قَالُوا: يَا رَسُولَ الله! كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنصَارِ. فَقَالَ: «دَعُوهَا، فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ». فَسَمِعَ بِذَلِكَ عَبْدُ الله بْنُ أُبَيِّ، فَقَالَ: فَعَلوهَا؟ أَمَا وَالله! لَئِنْ رَجَعْنَا إِلى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ.
فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَامَ عُمَرُ، فَقَالَ يَا رَسُولَ الله! دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هذَا المُنَافِقِ. فَقَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْهُ. لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ».
.تَرَاحُمِ المُؤْمِنينَ وَتَعَاطُفِهِمْ وَتَعَاضُدِهِمْ:
1670- حَدِيثُ أَبِي مُوسى، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ.
1671- حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِير. قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَرَى المُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ، وَتَوادِّهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ، كَمَثَلِ الْجَسَدِ. إِذَا اشْتَكَى عضْوًا، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ والحُمَّى».
.مُدَارَاةِ مَنْ يُتَّقَى فُحْشُهُ:
1672- حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضي الله عنها، قَالَتِ: اسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «ائْذَنُوا لَهُ، بِئْسَ أَخو العَشِيرَةِ، أَو ابْنُ العَشِيرَةِ» فَلَمَّا دَخَلَ، أَلاَنَ لَهُ الكَلاَمَ. قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، قُلْتَ الَّذِي قُلْتَ، ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ الكَلاَمَ! قَالَ: «أَيْ عَائِشةُ، إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْ تَرَكَهُ النَّاسُ- أَوْ وَدَعَهُ النَّاسُ- اتِّقَاءَ فُحْشِهِ».
.مَنْ لَعَنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ سَبَّهُ أَوْ دَعَا عَلَيْهِ وَلَيْسَ هُوَ أَهْلاً لِذَلِكَ، كَانَ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا وَرَحْمَةً:
1673- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «اللهُمَّ، فَأَيُّمَا مُؤْمِنٍ سَبَبْتُهُ، فَاجْعَلْ ذَلِكَ لَهُ قُرْبَةً إِلَيْكَ، يَوْمَ القِيَامَةِ».
.تَحْرِيمِ الكَذِبِ وَبَيَانِ مَا يُبَاحُ مِنْهُ:
1674- حَدِيثُ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ، أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَيْسَ الكَذَّابُ الذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، فَيَنْمِي خَيْرًا، أَوْ يَقُولُ خَيْرًا».
.قُبْحِ الكَذِبِ وَحُسْنِ الصِّدْقِ وَفَضْلِهِ:
1675- حَدِيثُ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى البِرِّ، وَإِنَّ البِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ، وإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يَكُونَ صِدِّيقًا. وَإِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ، وَإِنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ الله كَذَّابًا».
.فَضْلِ مَنْ يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ وَبِأَيْ شَيْءٍ يَذْهَبُ الغَضَبُ:
1676- حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ».
1677- حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ. قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلاَنِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ عِنْدَهُ جُلُوسٌ. وَأَحَدَهُمَا يَسُبُّ صَاحِبَهُ، مُغْضَبًا، قَدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً، لَوْ قَالَهَا، لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ. لَوْ قَالَ: أَعُوذ بِالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم». فَقَالُوا لِلرَّجُلِ: أَلاَ تَسْمَعُ مَا يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: إنِّي لَسْتُ بِمَجْنُونٍ​
 

الاخوات الاخوان الزملاء والحبان المجتمعين كحب الرمان نتواصل فى الحديث اليومى بعد صلاة الفجر من بيرمنجهام مسجد الووم رووك والشيخ عبدالجليل الباكستانى وكان درس اليوم عن فوائد واهيميه ما ورد من أحاديث فى قيام الليل فألى الاحاديث بارك الله فييكم ونفعنا بها وجعلنا من الذين يقيمون الليل .
ونذكرم أن اليوم الاثنين 23 محرم الموافق 3 نوفمبر 2015م .
فضل قيام الليل
قال صلى الله عليه وسلم: (يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عُقدٍ، يضرب على مكان كل عقدة: عليك ليلٌ طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدةٌ، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدةٌ، فأصبح نشيطاً طيب النفس،..
عناصر الموضوع
أولاً: الآيات الواردة في فضل قيام الليل.
ثانيًا: الأحاديث الواردة في فضل قيام الليل.
ثالثًا: آثار عن بعض الصحابة والسلف في فضل قيام الليل.
أولاً: الآيات الواردة في فضل قيام الليل:
1- قال تعالى: ?وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبّهِمْ سُجَّداً وَقِيَـ?ما? [الفرقان:64] .
قال سعيد بن جبير: «يعني يصلون بالليل»[1] .
وقال ابن جرير: "والذين يبيتون لربهم يصلون لله، يراوحون بين سجودٍ في صلاتهم وقيام"[2] .
وقال السيوطي: "ينتصبون لله على أقدامهم، ويفترشون وجوههم سجداً لربهم، تجري دموعهم على خدودهم خوفاً من ربهم".
قال الحسن: لأمرٍ ما سهر ليلهم، ولأمر ما خشع نهارهم"[3] .
2- وقال تعالى: ?تَتَجَافَى? جُنُوبُهُمْ عَنِ ?لْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَـ?هُمْ يُنفِقُونَ? [السجدة:16] .
قال الحسن: "يعني قيام الليل"[4] .
وقال مجاهد: "يقومون يصلون من الليل"[5] .
وقال ابن كثير: "يعني بذلك قيام الليل، وترك النوم والاضطجاع على الفرش الوطيئة"[6] .
3- وقال تعالى: ?أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ ءانَاء ?لَّيْلِ سَـ?جِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ ?لآخِرَةَ وَيَرْجُواْ رَحْمَةَ رَبّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِى ?لَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ?لَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ? [الزمر:9] .
قال ابن عباس: "من أحب أن يهوِّن الله عليه الوقوف يوم القيامة، فليره الله في ظلمة الليل ساجداً أو قائماً يحذر الآخرة، ويرجو رحمة ربه"[7]
وقال ابن كثير: "قال ابن عباس والحسن والسُدّي وابن زيد آناء الليل جوف الليل"[8] .
4- وقال تعالى: ?كَانُواْ قَلِيلاً مّن ?لَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِ?لأَسْحَـ?رِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ? [الذاريات:17، 18] .
قال الحسن: "كابدوا قيام الليل"[9] .
وقال أيضاً: "مدوا في الصلاة ونشطوا حتى كان الاستغفار بسحر"[10] .
وقال القرطبي: "?كَانُواْ قَلِيلاً مّن ?لَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ? أي: ينامون قليلاً من الليل ويصلون أكثره"[11] .
ثانيًا: الأحاديث الواردة في فضل قيام الليل:
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصيام، بعد رمضان، شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة، بعد الفريضة، صلاة الليل) [12] .
قال النووي: "فيه دليل لما اتفق العلماء عليه أن تطوع الليل أفضل من تطوع النهار"[13] .
2- وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: كان الرجل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا قصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتمنَّيت أن أرى رؤيا فأقصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنت غلاماً شاباً، وكنت أنامُ في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني، فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا لها قرنان، وإذا فيها أُناسٌ قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، قال: فلقينا ملك آخر فقال لي: لم تُرَع. فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (نِعْم الرجل عبد الله لو كان يُصلي من الليل، فكان بعدُ لا ينام من الليل إلا قليل) [14] .
قال ابن حجر: "شاهد الترجمة قوله: (نِعْم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل) فمقتضاه أن من كان يصلي من الليل يوصف بكونه نعم الرجل"[15] .
وقال أيضاً: وفي الحديث تنبيه على أن قيام الليل مما يُتقى به النار"[16] .
3- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عُقدٍ، يضرب على مكان كل عقدة: عليك ليلٌ طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدةٌ، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدةٌ، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان)[17] .
قال ابن حجر: "والذي يظهر أن في صلاة الليل سراً في طيب النفس وإن لم يستحضر المصلى شيئاً مما ذكر، وكذا عكسه، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: ?إِنَّ نَاشِئَةَ ?لَّيْلِ هِىَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيل? [المزمل:6] . وقد استنبط بعضهم منه أن من فعل ذلك مرةً ثم عاد إلى النوم لا يعود إليه الشيطان بالعقد المذكور ثاني[18] .
4- وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن في الليل لساعةً لا يوافقها رجلٌ مسلم يسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة، إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلةٍ) [19] .
قال النووي: "فيه إثبات ساعة الإجابة في كل ليلة ويتضمن الحث على الدعاء في جميع ساعات الليل رجاء مصادفتها"[20] .
5- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته فصلَّت، فإن أبت نضح في وجهها من الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلَّت، وأيقضت زوجها فإن أبى نضحت في وجهه الماء)[21] .
قال الطيبي: "وفيه أن من أصاب خيراً ينبغي له أن يتحرى إصابته الغير، وأن يحب له ما يحب لنفسه، فيأخذ بالأقرب فالأقرب. فقوله صلى الله عليه وسلم: (رحم الله رجلاً فعل كذ) تنبيه للأمة بمنزلة رش الماء على الوجه لاستيقاظ النائم، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم لما نال ما نال بالتهجد من الكرامة والمقام المحمود، أراد أن يحصل لأمته نصيب وافر من ذلك، فحثهم عليه على سبيل التلطف، حيث عدل من صيغة الأمر إلى صيغة الدعاء لهم"[22] .
6- وعن أبي سعيد وأبي هريرة قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من استيقظ من الليل وأيقظ امرأته فصليا ركعتين جميعاً، كتبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات)[23] .
قال أبو الطيب شمس الحق العظيم آبادي: "وفي الحديث إشارة إلى تفسير الآية الكريمة: ?وَ?لذ?كِـرِينَ ?للَّهَ كَثِيراً وَ?لذ?كِر?تِ أَعَدَّ ?للَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيم? [الأحزاب:35] [24] .
ثالثًا: آثار عن بعض الصحابة والسلف في فضل قيام الليل:
1- قال ابن عمر رضي الله عنهما حين حضرته الوفاة: (ما آسى على شيء من الدنيا إلا على ظمأ الهواجر ومكابدة الليل)[25] .
2- وقال ابن عباس رضي الله عنهما: (شرف الرجل قيامه بالليل وغناه استغناؤه عما في أيدي الناس)[26] .
3- وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (فضل صلاة الليل على صلاة النهار كفضل صدقة السر على صدقة العلانية)[27] .
4- وقال عمرو بن العاص رضي الله عنه: (ركعة بالليل أفضل من عشر بالنهار)[28] .
5- وقيل للحسن: ما بال المتهجدين من أحسن الناس وجوهاً؟ قال: "لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره نوراً"[29] .
6- وقال أيضاً: "ما نعلم عملاً أشد من مكابدة هذا الليل، ونفقة هذا المال"[30] .
7- وعن الأوزاعي: "بلغني أنه من أطال قيام الليل خفف الله عنه يوم القيامة"[31] .
8- وقال يزيد الرقاشي: "بطول التهجد تقر عيون العابدين وبطول الظمأ تفرح قلوبهم"[32] .
9- وقال أيضاً: "قيام الليل نور للمؤمن يوم القيامة، يسعى من بين يديه ومن خلفه، وصيام العبد يُبعده من حرِّ السعير"[33] .
10- وقال شريك: "من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار"[34]​
 

الاحباب البعاد القراب الماسكين العقاب المجتازين الصعاب تحية عبر السحاب ، نقدم لكم اليوم درس الاثنين من مسجد الوم رووك بيرمنجهام زكان الشيخ عبدالجليل قد تحدث عن الحديث ( الذى ارواه ابى ثعلبه الخشنى وموضوع الحديث ان الله قد فرض فرائض فلا تضيعوها الى أخر الحديث فإلى الحديث :
متن الحديث
عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيّعوها ، وحدّ حدودا فلا تعتدوها ، وحرّم أشياء فلا تنتهكوها ، وسكت عن أشياء - رحمة لكم غير نسيان - فلا تبحثوا عنها ) حديث حسن ، رواه الدارقطني وغيره .
الشرح
عندما نقف متأملين لهذا الحديث ، فإننا نلحظ ما فيه من استيعاب لأحكام الشريعة الإسلامية ، وما فيه من توضيح لطبيعة هذا الدين وحقيقته ؛ ولأجل ذلك أولى العلماء هذا الحديث اهتماما بالغا قادهم إلى دراسته واستخراج معانيه ، وبلغ بهم أن قالوا عن هذا الحديث : " ليس في الأحاديث حديث واحد أجمع بانفراده لأصول الدين وفروعه من هذا الحديث " .
وإذا نظرنا إلى هذا الحديث ، فإننا نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حدد لنا معالم هذا الدين وطبيعته ، فعبّر عن شرع الله بألفاظ أربعة : الفرائض والمحارم ، والحدود والمسكوت عنه ، وترتبط هذه الألفاظ ارتباطا وثيقا محكما ، لترسم لنا التصوّر الصحيح للمنهج الذي ينبغي أن يسير عليه المسلم في هذه الدنيا .
لقد كانت أول قضيّة يتناولها الحديث بيان موقف المكلّف نحو ما يرد عليه من الأوامر في الكتاب والسنة فقال : ( إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيّعوها ) ، إنه توجيه إلى عدم التفريط في أداء الفرائض ، والفرائض هي الواجبات الشرعية التي أوجبها الله على عباده وألزمهم بها ، ومنها ما يكون واجبا على كل أفراد الأمة ، وهو ما يسمّى بالفرائض العينيّة ، ومنها ما هو واجب على الكفاية ، أي : إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين .
فهذه الفرائض - بنوعيها - واجبة على كل مكلّف مادام مستطيعا ، وإذا ورد الأمر من الله تعالى أو من رسوله صلى الله عليه وسلّم فلا مجال لردّه أو عدم تنفيذه ؛ لأن هذا هو مقتضى إيمان العبد بالله ورسوله ، كما قال الله تعالى في كتابه : { وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين } ( الأنفال : 1 ) ، فهذه الطاعة هي هي عنوان العبودية والتسليم لحكم الله وشرعه .
وإذا تأمّلنا نصوص الوحيين فإننا نجد أنه قد جاء التعبير عن الفرض بكلمة أخرى هي الواجب، والحقيقة أنه لا فرق بين هذين اللفظين من حيث العمل ، فكلاهما لازمٌ أداؤه ، لكن ذهب بعض أهل العلم - كالإمام أحمد وغيره - إلى التفريق بينهما من ناحية المرتبة ، فجعلوا ما ثبت عن طريق الكتاب فرضا ، وما ثبت عن طريق السنة واجبا ، وبعضهم جعل الفرض أعلى رتبة من الواجب ؛ لأن الفرض عندهم هو ما ثبت بدليل قطعي ، والواجب ما ثبت بالظن ، وعلى أية حال فإن هذا تفريق اصطلاحي لا يؤثر على حكم العمل بهما .
أما فيما يتعلّق بالمحرّمات ، فقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى تركها فقال : ( وحرّم أشياء فلا تنتهكوها ) ، فدعا إلى ترك المعاصي بجميع أنواعها ، وإنما عبّر هنا بلفظ الانتهاك؛ ليبيّن ما عليه حال من يقارف المعاصي من تعدٍّ وعدوان على أحكام الله عزوجل ، فأتى بهذه اللفظة للتنفير عن كل ما نهى الله عنه.
ولما كان مدار التكليف كله على فعل المأمور وترك المحذور ، والتقيد بأحكام الشريعة ، والالتزام بما ورد فيها ، والوقوف عند حدودها وعدم تجاوزها ، أكد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: ( وحدّ حدودا فلا تعتدوها ) .
والحدود لفظة وردت في مواضع كثيرة من الكتاب والسنة ، ولها مدلولات كثيرة بحسب ما تتعلق به ، ففي الأوامر : يكون الوقوف عند حدود الله بعدم الخروج عن دائرة المأذون به إلى دائرة غير المأذون ، وأما فيما يتعلّق بالنواهي فيحرم مجرّد الاقتراب منها ؛ لأن الله تعالى إذا حرّم شيئاً ، حرّم كل ما يؤدي إليه ، وتلك هي خطوات الشيطان التي جاء التحذير منها في قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر } ( النور : 21 ) .
فإذا كان هذا هو موقف المسلم تجاه ما ورد بيانه في الشريعة ، فما هو موقفه تجاه ما سكت عنه الشرع ولم يوضح حكمه ؟ وللجواب عن هذا نقول : إذا لم يرد نصّ في حكم مسألة ما ، فإننا نبقى على الأصل ، وهو الإباحة .
وهذا هو السكوت المقصود في قوله : ( وسكت عن أشياء - رحمة لكم غير نسيان - فلا تبحثوا عنها ) ، إنه سكوت عن إظهار حكمه ، ومقتضاه أن يكون باقيا على أصل إباحته ، وليس معنى هذا جواز الابتداع في الدين والزيادة فيه ، بحجة أنه مسكوت عنه ؛ فإن الابتداع ليس مسكوتا عنه ، بل هو محرّم كما دلّت الأدلّة على ذلك .
ومما سبق يتبين لنا معاني تلك الألفاظ الأربعة ، والتي ترشدنا إلى القيام بحقوق الله ولزوم شريعته ، مع العفو عما سُكت عنه ، فدخل الدين كله في تلك الكلمات القليلة الجامعة المانعة​
 

المطلب السابع عشر: تقارب الزمن
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى.. يتقارب الزمان)) (1) .
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر، ويكون الشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كاحتراق السعفة)) (2) . وللعلماء أقوال في المراد بتقارب الزمان منها:
1- أن المراد بذلك قلة البركة في الزمان (3) .
قال ابن حجر: (وقد وجد في زماننا هذا, فإننا نجد من سرعة مر الأيام ما لم يكن نجده في العصر الذي قبل عصرنا هذا) (4) .
2- أن المراد بذلك هو ما يكون في زمان المهدي وعيسى عليه السلام من استلذاذ الناس للعيش وتوفر الأمن وغلبة العدل وذلك أن الناس يستقصرون أيام الرخاء وأن طالت, وتطول عليهم مدة الشدة وأن قصرت (5) .
3- أن المراد تقارب أحوال أهله في قلة الدين حتى لا يكون منهم من يأمر بمعروف وينهى عن منكر لغلبة الفسق وظهور أهله وذلك عند ترك طلب العلم خاصة والرضى بالجهل, وذلك لأن الناس لا يتساوون في العلم, فدرجات العلم تتفاوت كما قال تعالى: وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (6) [يوسف: 76] وإنما يتساوون إذا كانوا جهالاً.
3- أن المراد تقارب أهل الزمان بسبب توفر وسائل الاتصالات والمراكب الأرضية والجوية السريعة التي قربت البعيد (7) .
4- أن المراد بذلك هو قصر الزمان وسرعته سرعة حقيقية وذلك في آخر الزمان, وهذا لم يقع إلى الآن ويؤيد ذلك ما جاء أن أيام الدجال تطول حتى يكون اليوم كالسنة وكالشهر وكالجمعة في الطول، فكما أن الأيام تطول فإنها تقصر (8) وذلك لاختلال نظام العالم وقرب زوال الدنيا.
قال ابن أبي جمرة: يحتمل أن يكون المراد بتقارب الزمان قصره على ما وقع في حديث ((لا تقوم الساعة حتى تكون السنة كالشهر)) وعلى هذا فالقصر يحتمل أن يكون حسياً ويحتمل أن يكون معنوياً، أما الحسي فلم يظهر بعد ولعله من الأمور التي تكون قرب قيام الساعة.
وأما المعنوي فله مدة منذ ظهر يعرف ذلك أهل العلم الديني ومن له فطنة من أهل السبب الدنيوي، فإنهم يجدون أنفسهم لا يقدر أحدهم أن يبلغ من العمل قدر ما كانوا يعملونه قبل ذلك, ويشكون ذلك ولا يدرون العلة فيه، ولعل ذلك بسبب ما وقع من ضعف الإيمان لظهور الأمور المخالفة للشرع من عدة أوجه، وأشد ذلك الأقوات ففيها من الحرام المحض ومن الشبه ما لا يخفى، حتى أن كثيراً من الناس لا يتوقف في شيء ومهما قدر على تحصيل شيء هجم عليه ولا يبالي.
والواقع أن البركة في الزمان و في الرزق و في النبت إنما يكون من طريق قوة الإيمان, واتباع الأمر, واجتناب النهي, والشاهد لذلك قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ [ الأعراف 98)​
 

الاحباب فى كل مكان الاهل والعشيرة الزملاء الذين اضاءوا لنا الطريق وجعلوا لنا التواصل وتيره ، وتحدثوا عن الحريرة والضريرة ( لأولادهم وبناتهم وليس لهم طبعاً ) ، وكتبوا لنا فى كل المواضييع المثيرة ، احييكم جميعا لكى نتواصل فى الدروس اليومية فى الحديث من مسجد الووم رووك بيرمنجهام والشيخ عبدالجليل الباكستانى وقد حرمتنى ظرووف العمل من نقلها كل الاسبوع وأقتصرت على أيام راحتى بالجمعة والاثنين ، فأرجو ان تقبلوها وتكون فى ميزان حسنات الجمييع ونكون بها مع شهداء البقييع آميين .
حديث اليوم عن دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اللهم انى أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى )
بسم الله الرحمن الرحيم
رياض الصالحين
شرح حديث ابْنِ مَسْعُودٍ -رضي الله عنه- "اللهُمّ إِنّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعفافَ والْغِنَى"
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذا هو الحديث الثالث في باب التقوى، وهو حديث ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: ((اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى))([1]).
علاقة هذا الحديث بباب التقوى علاقة ظاهرة، وذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يسأل ربه التقى، ومثل هذا التركيب، والتعبير بالكون المثبت الماضي، وجاء بعده الفعل المضارع يدل على المداومة والتكرار، كما قال الله -عز وجل- عن إسماعيل -عليه الصلاة والسلام- {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ} [مريم: 55]، فهذا الأسلوب يدل على أنه كان يكثر ويكرر من أمرهم بالصلاة والزكاة، ولا يكتفي بمرة واحدة.
وهنا كان يقول: ((اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى)) يدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يردد ذلك ويكرره ويكثر منه -عليه الصلاة والسلام.
وإذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو أكمل الأمة تقوى لله -تبارك وتعالى-، وأعظمهم هداية، وهو أيضاً أكملهم عفافاً وغنى، وقد استوفى الكمال في هذه الأمور الأربعة التي كان يسألها، ومع ذلك كان يسأل ربه كثيراً أن يحقق له مثل هذه الأمور، فهذا يدل على أن الإنسان من باب أولى، الواحد منا من جملة الناقصين المفرطين كثيراً، وبحاجة إلى مزيد من اللهج بهذا الدعاء، فإن من أسباب تحصيل التقوى التي نتحدث عنها في مثل هذه الأيام هو الدعاء؛ لأن العبد مهما كانت قدراته ومجاهداته وذكاؤه وفطنته وحرصه فإن الموفَّق من وفقه الله -عز وجل-، ولا يمكن للإنسان أن يحصّل معنى من معاني الكمالات إلا بأن يكون مستعيناً بالله -تبارك وتعالى- فهو الذي يهب الكمال، فيسأل ذلك من الله -تبارك وتعالى- فإنه لا يسير إلا ما يسره، ولا يحصل في هذا الكون قليل ولا كثير إلا مما قدره -سبحانه وتعالى-، فإذا أراد العبد مطلوباً من مطلوبات الدنيا والآخرة فما عليه إلا أن يتوجه إلى من بيده ذلك كله أن يزرقه الله ذلك.
والغِنى المراد به: غنى النفس، وغنى القلب، بحيث لا يكون فيه فقر لغير الله -عز وجل-، فإذا استغنى القلب وصار مستغنياً عن المخلوقين لله -تبارك وتعالى- فإنه يكون قد حقق الغنى.
وهذه الأمور التي كان يكثر النبي –صلى الله عليه وسلم- الدعاء من أجل تحصيلها لم تكن من أمور الدنيا، بمعنى التكاثر الذي ذمه الله -عز وجل-، {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} [التكاثر: 1]، فكان –صلى الله عليه وسلم- يسأل ربه حقائق الكمال، وهي هذه الأمور وغيرها مما كان يسأله -صلى الله عليه وسلم- كما جاء عنه في أدعيته المأثورة.
كان يقول: ((اللهم إني أسألك الهدى والتقى)) الهدى جاءنا عن طريق النبي -صلى الله عليه وسلم-، والله قال: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الشورى:52].
فالنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يسأل ربه الهدى، ويدخل في ذلك هداية الإرشاد بمعرفة معالم الطريق، فالله يوحي إليه، وينقله من هداية إلى هداية، فهذا هو الذي أثبته الله لنبيه -صلى الله عليه وسلم-، {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52].
والنبي -صلى الله عليه وسلم- قبل أن ينزل عليه الوحي لم يكن يعرف تفاصيل الأمور، وألوان الهدايات، فبينها الله له، قال الله -عز وجل- فيه {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} [الضحى: 7]، وقال: {مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا}[الشورى: 52].
فالإنسان يسأل ربه أن يرزقه الهدى، بمعنى المعرفة بالحق وبالباطل، وأن يعرف مراد الله -عز وجل-، والهدى الآخر وهو التوفيق إلى هذه الأمور التي بينها الشارع، كثير من الناس يعرف تفاصيل من هدايات الله -عز وجل-، أقل ذلك أن يعرف أن الصلاة واجبة، والصيام واجب، وأن الزنا حرام، والسرقة حرام، وما أشبه ذلك، وكثير من الناس يترك الصلاة ويفعل الفواحش، وهو يعرف حكمها، فدل ذلك على أنه قد عرف هداية الإرشاد، ولكنه لم يحصّل هداية التوفيق من الله -تبارك وتعالى-، وهي التي نفاها الله عن نبيه -صلى الله عليه وسلم- حينما كان يحاول مع أبي طالب عند موته، فلم يهتدِ ومات على الكفر، قال: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص: 56]، والمقصود بذلك هداية القلوب إلى ربها وباريها بالإيمان والتوبة، ولزوم الصراط المستقيم، قولاً وعملاً وحالاً، فهذه من حصلت له فلا شك أنه مهتدٍ، {مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي} [الأعراف: 178]. من يوفق للحق فيكون ملازماً له ظاهراً وباطناً فهو المهتدي.
قوله: ((أسألك الهدى والتقى))، التقى: بمعنى أن يكون عند هذا الإنسان حال تقوم في قلبه يحصل بها امتثال الأمر واجتناب النهي، وذكرنا لكم من قبل أنها متفاوتة، من الناس من يرتقي فيكون ذلك حاملاً له على فعل النوافل، وترك المكروهات، ومن الناس من يصل إلى كمال أعظم من هذا، فيترك التوسع في المباحات حتى لا يشغله ذلك عن ربه، وعن المبادرة بالخيرات، فتثقله هذه الأمور من هذا العرض الزائل إذا استكثر منه، وأكثر من اللهو والمباح، فيقعده ذلك عما هو بصدده، فالناس يتفاوتون في هذا غاية التفاوت، قوله: ((العفاف)) يعني: الانكفاف عن كل ما لا يليق مما يخدش الحياء، أو يخدش العرض، أو يدنس الشرف، فيكون ذلك بالتعرض للناس بالمسألة، فهذا مخالف للعفاف، ((ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغنِ يغنه الله))([2]).
تقول: فلان متعفف، بمعنى لا يذهب ماء وجهه، لا يريق ماء وجهه من أجل أن الناس يعطونه شيئاً مما في أيديهم، هذا من العفاف.
والعفاف أيضاً بمعنى: الستر، والصيانة، والحشمة، وعدم دخول مداخل الريب، إن كانت نساؤه محجبات لا يخرجن لريبة، لا يخلو بهن أجنبي، لا يفعلن ما لا يليق، وهو لا يدخل مداخل الريب، ولا يذهب مع أولاده يتسحبون في دول وعواصم يكثر فيها الفجور والتبرج وقلة الحياء، ونزع جلباب المروءة برمته، فهذا أمر لا يكون لأهل العفاف.
وكذلك أيضاً لا يكون الإنسان عفيفاً إذ كان يتلصص على أعراض الناس، بكل طريقة، بطريقة إلكترونية، أو بغير ذلك مما يفعله بعض مَن نقص عفافه، كذلك الذي يتلصص على حاجياتهم وأموالهم، فيسرق ويأخذ ذلك بخلسة أو بسرقة مكشوفة واضحة، هذا خلاف العفاف، إلى غير ذلك من الأمور التي تخدش شرف الإنسان، وتقدح في عرضه ومروءته، فكل ذلك خلاف العفاف والغنى.
والغنى هو غنى النفس ومَن رُزق هذا فكأنما حيزت له الدنيا، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا))([3]).
عنده قوت يومه يعني ليس عنده شيء للغد، كأنما حيزت له الدنيا، فالإنسان ما يدري هل يعيش إلى الغد أو لا، والله قد تكفل برزقه، فليس على الإنسان أن يشقى من أجل التفكير في زرق الغد، وإنما هو بصدد يومه هذا، والله هو الرزاق ذو القوة المتين.
فإذا وُجد الغنى في النفس فإن الإنسان يكون مستغنياً بالله -عز وجل- عن الخلق، لا يذل نفسه، لا يهين نفسه، لا يهدر كرامته من أجل أن الناس يعطونه، أو يلتفتون إليه، ويعرفون حاله، وما أشبه ذلك.
وإذا عدم الإنسان غنى النفس لو أعطي الدنيا وما فيها سيبقى فقير القلب، ينتظر الزيادة، رأينا أناسا يملكون أموالا طائلة، ويملكون مصانع، ويذهب إلى فلان وفلان، يقول: عليّ ديون، أعطوني زكاة، ولربما يفتح بعض المصانع بالديون، ويقول: ما عليّ إلا أن آتي لفلان وفلان فيعطوني من الزكاة، ويأخذ منهم الزكاة، هذا غنيٌّ ويأخذ منهم الزكاة، فهذا غنيٌّ والعرض بيده كثير، ولكن قلبه فقير.
سألت مرة أحد طلبة العلم في الجمهوريات التي تسمى الجمهوريات الإسلامية عن حال الناس في بلده، فقال: "الخير كثير في أيديهم، ولكن الفقر كبير في قلوبهم"، فهذه عبارة مختصرة، لكنها معبرة، الفقر في قلوبهم، وإذا دخل الفقر في القلوب لا تسأل عن حال الإنسان، مهما أعطي يظل يلهث وراء الدنيا، يشعر أنه ناقص، أنه أقل من الآخرين، أن هناك أشياء فاتته، أنه خسر أشياء، أن عليه أن يحقق وينجز ويكسب ويربح، ويدخل في المساهمة الفلانية، ويشتري كذا ويفعل، ويتضجر إذا قيل له: ما يجوز، أو هذا حرام، أو هذه فيها شبهة، أو نحو ذلك.
وهو يشعر دائماً أنه ناقص، أنه مغبون الحظ، وأنه ليس كالآخرين الذين حققوا نجاحات، وأنه فاته القطار، فعليه أن يكثر الجري، ويلهث وراء هذه الدنيا، لعله أن يحصّل بعض ما فاته بكل طريق، ((ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس))([4]).
ولذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يربي أصحابه على هذا المعنى، فلما جاء مال من البحرين تعرض له الأنصار، فلما رآهم ابتسم -عليه الصلاة والسلام- وقال: ((ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا فتنافسوها كما تنافسوها، فتهلككم كما أهلكتهم))([5]).
الشيخ محمد الأمين الشنقيطي العالم الكبير المعروف صاحب أضواء البيان كان يقول: جئت من البلاد، ومعي كنز لا يقدر بثمن، وهو القناعة، يقول: الجوع يُطرد بكسرة من الخبز، لكن أهم شيء أن لا يذهب ماء الوجه.
يمكن للإنسان أن يتخذ "فريزر" ويملؤه خبزاً يكفيه سنة يأكل منه، لكن ماء وجهه لا يذهب، هذا أهم شيء أن تبقى للإنسان كرامته، يأكل خبزاً، ولو خبزاً يابساً، لكن يبقى ماء وجهه.
فهذه المعاني نحتاج أن نربي عليها أنفسنا، ونحتاج أن نربي عليها أولادنا.
أسأل الله -عز وجل- أن يرزقنا وإياكم الهدى والغنى والعفاف، وأن يشفي مرضانا، ويرحم موتانا، ويعافي مبتلانا، وأن يجعل آخرتنا خيراً من دنيانا، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.​
 

الاحباب الكرام اطل علييكم يوم السبت الثامن من ربيع الاول 1437 هجرية الموافق 19 ديسمبر 2015 م وكنت فى عطله الجمعة اضافة للسبت اليوم ويسعدنى ان اقدم لكم لطيفة وموقف قبل الدرس اليومى من مسجد الوم رووك بيرمنجهام والشيخ عبدالجليل الباكستانى .
لطيفة وموقف :
وانا فى طريقى للمسجد كان امامى يمشى بخطوات سريعة كعادته الشيخ الجليل وامام المسجد عبدالجليل الباكساتى وعندما اقتربنا من الدخول فتح باب المسجد وانتظرنى وقال لى ( حتى إذا جاؤوها وفتحت ابوابها ) صدق الله العظيم فقلت له : (وقال لهم خزنتها سلام علييكم طبتم فادخلوها خالدين) صدق الله العظيم ،
صليينا ركعتين تحية المسجد والسنة وكنا قد وصلنا قبل 7 دقائق من بداية صلاة الفجر .
صلى الفجر الشيخ الامام عبدالجليل وقدم لنا فى الحديث وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لعلى ابن ابى طالب يوم فتح خبير عندما قال لأسلمنه الراية لرجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله وكان ان سلمها لعلى ابن ابى طالب وقال لى ( لئن يهدى الله بك رجلاً خيرا لك من حمر النعم ) فإلى الحديث وشرحة مطولاً مفصلاً وقد دلانى مؤشر البحث ( قوقل ) الى شرح الدكتور العلامة من راتب النابلسى فأبقوا معنا بارك الله فييكم جميعا ومن بيرمنجهام سلام .
أحاديث رمضان 1435 – خواطر إيمانية - الدرس ( 09 ) : الحديث الشريف ( فَوَ اللَّهِ لَأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ.....)
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2014-07-07

بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألوِيَتِه ، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وُحول الشهوات إلى جنّات القربات .
كلمة رجل في القرآن والسنة لا تعني أنه ذكر تعني أنه بطل :
أيها الأخوة الكرام ، قبل أن أقرأ الحديث الشريف حديث اليوم ، هناك مقولة دقيقة تلقي ضوءاً على بعض كلمات هذا الحديث ، كل رجل ذكر ، لكن ما كل ذكر رجل ، لماذا ؟ لأن كلمة رجل في القرآن والسنة لا تعني أنه ذكر تعني أنه بطل ، فلذلك سيدنا سعد بن أبي وقاص هذا الصحابي الجليل الذي فداه النبي بأمه وأبيه ولم يفد أحداً من أصحابه إلا سعد بن أبي وقاص ، في المعركة قال له :
(( ارْمِ سَعْدٌ فِدَاكَ أَبِي وَأُمّي ))
[ أخرجه الشيخان عن علي بن أبي طالب ]
وما دخل سعد على رسول الله إلا قال عليه الصلاة والسلام :
(( هذا خالي، فَلْيُرِنِي امرُؤٌ خالَه ))
[الحاكم في المستدرك عن جابر]
له مكانة كبيرة جداً ، لكن كتعليق سريع سيدنا عمر يقول له بعد انتقال النبي إلى الرفيق الأعلى : " يا سعد لا يغرَّنك أنه قد قيل خال رسول الله ، فالخلق كلُّهم عند الله سواسية ، ليس بينه وبينهم قرابةٌ إلا طاعتهم له "
? إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ?
[ سورة الحجرات: 13]
هذا الصحابي الجليل الذي قال عنه النبي الكريم :
(( هذا خالي، فَلْيُرِنِي امرُؤٌ خالَه ))
[الحاكم في المستدرك عن جابر]
هذا الصحابي يقول : " ثلاثة أنا فيهن رجل ، وفيما سوى ذلك أنا واحد من الناس ، ما صليت صلاةً وشغلت نفسي حتى أقضيها ، ولا سرت في جنازة فحدثت نفسي بغير ما تقول حتى أنصرف منها "
هناك ملمح دقيق إذا إنسان مشى وراء جنازة هذه الجنازة تقول له : - هذا يسمونه لسان الحال - كبير ، صغير ، غني مليونير ، يحتل منصباً رفيعاً جداً ، الآن في النعش ، يقال لهذا الميت : أن عبدي رجعوا وتركوك ، وفي التراب دفنوك ، ولو بقوا معك ما نفعوك ، ولم يبقَ لك إلا أنا ، وأنا الحي الذي لا يموت .
هذا الصحابي الجليل يقول : " ثلاثة أنا فيهن رجل ، وفيما سوى ذلك أنا واحد من الناس ، ما صليت صلاةً وشغلت نفسي حتى أقضيها ، ولا سرت في جنازة فحدثت نفسي بغير ما تقول حتى أنصرف منها - الشاهد بالثالثة - وما سمعت حديثاً من رسول الله حتى علمت أنه حق من الله تعالى ".
الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم :
حديث اليوم :
(( فَوَ اللَّهِ لَأَنْ يُهْدَى بِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ ))
[ متفق عليه عن سهل بن سعد]
و :
(( خير له مما طلعت عليه الشمس ))
[ أخرجه الطبراني عن أبي رافع ]
و :
(( خير لك من الدنيا وما فيها ))
[ تخريج أحاديث الإحياء للعراقي ]
إذا سمح الله لك أن تكون سبباً في هداية إنسان واحد خير لك من الدنيا وما فيها، في الدنيا أموال طائلة ، شركات عملاقة ، أموال لا يعلمها إلا الله ، أماكن جميلة ، قصور ، مزارع ، خير لك من الدنيا وما فيها ، طبعاً حمر النعم الناقة الحمراء وهي من أغلى الأنواع في العالم العربي قبل الإسلامي ، أغلى شيء وأثمن مال الناقة الحمراء ، سماها النبي حمر النعم ، خير لك من الدنيا وما فيها ، وخير لك مما طلعت عليه الشمس ، تبين من هذا الحديث أن الدعوة إلى الله - وهذا الكلام دقيق - وأنا قبل أن أذكره لو سألت أخاً كريماً لماذا تصلي ؟ الجواب بديهي لأن الصلاة فرض ، هذا كلام صحيح لكن هل تصدقون أن الدعوة إلى الله فرض عين ، على كل واحد ، لكن يقول لك : أنا لست دارساً ، أنت ما سمعت الحديث الشريف اليوم، ما سمعت تفسير آية ، لم أصلِّ وراء إمام وأتأثر بقراءته ؟ هذا الذي تأثرت به فقط انقله للآخرين:
(( بلغوا عني ولو آية ))
[البخاري عن ابن عمرو ]
أحياناً إنسان يحضر مجلس علم ويأتي إلى البيت والزوجة جالسة والأولاد والأصهار، اعمل ملخصاً بما سمعت تكون قد نقلت للآخرين ما سمعت :
(( بلغوا عني ولو آية ))
[البخاري عن ابن عمرو ]
الدعوة إلى الله - والكلام دقيق جداً- في حدود ما تعلم ومع من تعرف فقط فرض عين ، ترتقي الدعوة إلى الله إلى أن تكون فرضاً ، وكل واحد من أخواننا الكرام يسمع خطبة جمعة ، يتابع ندوة على الشاشة ، ندوة فيها علماء وفيها أدلة وآيات وأحاديث ، فإذا أنت تأثرت بشرح ، بتفسير ، بآية ، بلمحة ، بموقف صحابي جليل ، كتبته على دفتر صغير ، جالس مع أولادك ، وأصهارك ، مع شركائك بالعمل ، في سهرة أسبوعية ، هذا الكلام الذي سمعته انقله هذا معنى قول النبي :
(( بلغوا عني ولو آية ))
[البخاري عن ابن عمرو ]
وهذا معنى الدعوة إلى الله فرض عين على كل مسلم .
أدلة على أن الدعوة إلى الله فرض عين :
نريد أدلة دقيقة ، أنا أقول إن الدعوة إلى الله فرض عين ، أنا أقول كلمة وهي نصيحة لا تقبل شيئاً من دون دليل ، ولا ترفض شيئاً من دون دليل ، ولولا الدليل لقال من شاء ما شاء ، إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم ، ابن عمر دينك ، دينك ، إنه لحمك ودمك ، خذ عن الذين استقاموا ، ولا تأخذ عن الذين مالوا .
الآية كفرض عين :
? قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ?
[ سورة يوسف: 108 ]
الذي لا يدعو إلى الله على بصيرة من خلال هذه الآية الواضحة الصريحة القاطعة الجامعة ليس متبعاً لرسول الله ، والآية تقول :
? قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي ?
[ سورة آل عمران: 31 ]
أنا أقول : الدعوة فرض عين في حدود ما تعلم فقط ومع من تعرف ، ما كلفت أن تصعد منبراً ، وأن تلقي خطبة ، أنت قاعد مع بناتك ، مع أصهارك ، مع شركائك بسهرة أسبوعية ، سمعت من الخطيب ملمحاً لطيفاً بآية ، سمعت قصة مؤثرة اروها ، أنا أذكر أحد علماء الشام توفي رحمه الله ذكر قصة جامع من جوامع دمشق العريقة ، صعد الخطيب المنبر وقد رأى رسول الله في المنام ، هو خطيب ودارس وقرآن وتجويد وشريعة وأدلة له جار بقال يبيع الخضر و الفواكه ، رأى رسول الله في المنام ، قال له النبي في الرؤيا : قل لجارك فلان إنه رفيقي في الجنة ، هذا الخطيب والإمام دارس ومتعلم وداعية والبشارة لهذا البقال من رسول الله ، هو في الحقيقة استغرب لكن هذه أمانة ، طرق بابه ، قال له : لك عندي بشارة من رسول الله ، لن أقولها لك إلا إذا أخبرتني ماذا فعلت مع ربك ؟ فامتنع ، فبعد إلحاح شديد شديد ، ذكر له قال له : تزوجت إنسانة ، بالشهر الخامس من زواجي كان حملها في الشهر التاسع - فهمكم كفاية - قال له : بإمكاني أن أسحقها ، وأن أفضحها ، وأن أطلقها، والشرع معي، وأهلها معي ، وأهلي معي ، والمجتمع معي، والقانون معي ، لكن أردت أن أعينها على التوبة ، ولدت ، حمل الجنين المولود تحت عباءته ، وتوجه إلى جامع الورد بحي سوق ساروجة في الشام ، وبقي واقفاً أمام الباب حتى نوى الإمام الصلاة ، قال : الله أكبر ، دخل ووضعه وراء الباب والتحق بالمصلين ، فلما انتهت الصلاة بكى هذا الصغير ، تحلق المصلون حوله ، وتأخر هو حتى يكتمل تحلق المصلين حوله ، ثم اقترب ، قال : ما القصة ؟ قال : تعال انظر ! جنين مولود لقيط ، قال : أنا أكفله ، فأخذه ، ودفعه إلى أمه من أجل أن تربيه وسترها .
أنا أقول دائماً لا تظن البطولة دائماً بالعدل ، البطولة بالإحسان إن الله عز وجل يقول :
? إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ?
[ سورة النحل: 90]
لو طلقها عدل ، أو فضحها عدل ، لكن الله أمره بالإحسان فرد هذا الابن إلى أمه وهو عند أهل الحي هذا ابن لقيط وهو كفله ، لذلك قال له النبي في الرؤيا : قل لجارك فلان إنه رفيقي في الجنة .
هناك أعمال عظيمة جداً لا يندفع الإنسان اندفاعاً أعمى لعمل شيء عنيف قبل أن يفكر ، هو لو فضحها انتهت ، وقد تنتهي حياتها كمومس ، ممكن ، يئست ، أما هو سترها فأبواب الخير مفتوحة بشكل كبير .
هذا الصحابي يقول : " ثلاثة أنا فيهن رجل ، وفيما سوى ذلك أنا واحد من الناس ، ما صليت صلاةً وشغلت نفسي حتى أقضيها ، ولا سرت في جنازة فحدثت نفسي بغير ما تقول حتى أنصرف منها ، وما سمعت حديثاً من رسول الله حتى علمت أنه حق من الله تعالى" .
الدعوة إلى الله في حدود ما تعلم ومع من تعرف فقط ، لكنها فرض كفاية إذا قام بها البعض سقطت عن الكل ، هذه تحتاج إلى تبحر وتعمق وتفرغ ، هذا شأن الدعاة إلى الله ، هناك إنسان داعية في موضوع صغير فرض عين ، أما أن تختص في الشريعة ، تحمل دكتوراه، يكون عملك دعوة إلى الله ، فهذا فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الكل .
القدوة قبل الدعوة :
لكن بالمناسبة هناك بعض الحقائق إن شاء الله نتابعها في وقت آخر لكن من هذه الحقائق - هذا الكلام موجه للآباء والأمهات والأساتذة في كل مراحل التعليم وإلى القادة - القدوة قبل الدعوة ، أن تكون مستقيماً وصادقاً وأميناً أبلغ من ألف محاضرة في الصدق والأمانة والاستقامة ، أن تكون أنت صادقاً ، أحياناً الأب لا يتكلم ولا كلمة لأن الأب صادق والابن ما سمع كلمة فاحشة في البيت ، ولا سباباً منحطاً ، ولا شاهد مواقف عنيفة ، شاهد أباً هادئاً وأباً عاقلاً وأباً محترماً وأباً رحيماً ، السلوك أحياناً دعوة ، الأمانة وحدها دعوة ، والصدق دعوة، والعفة دعوة ، فلذلك سيدنا جعفر وقف أمام النجاشي قال له حدثني عن الإسلام ؟ قال له :
(( أيها الملك كنا قوماً أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف ، فكنا على ذلك ، حتى بعث الله إلينا رسولاً منا نعرف نسبه ، وصدقه ، وأمانته ، وعفافه ....))
[ابن خزيمة عن جعفر بن أبي طالب ]
أربع كلمات إن حدثك فهو صادق ، وإن عاملك فهو أمين ، وإن استثيرت شهوته فهو عفيف ، وفوق كل شيء النسب تاج يوضع على رأس المؤمن .
(( ... فدعانا إلى الله لتوحيده ، ولنعبده ، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان - العبادة التعاملية ...- وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، والكف عن المحارم والدماء ))
[ابن خزيمة عن جعفر بن أبي طالب ]
هذه الكلمات العبادة التعاملية ، والعبادة الشعائرية الصوم ، والحج ، والزكاة.
العبادات الشعائرية لا تقبل إلا إذا صحت العبادة التعاملية :
بكلام بليغ وسريع : العبادات الشعائرية لا تقطف ثمارها أو لا تقبل إلا إذا صحت العبادة التعاملية :
(( لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا، قَالَ ثَوْبَانُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ : أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا ))
[ سنن ابن ماجه عن ثوبان ]
هذه الصلاة .
(( مَن لم يَدَعْ قولَ الزُّورِ والعمَلَ بِهِ، فَليسَ للهِ حاجة فِي أَن يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ))
[البخاري عن أبي هريرة ]
وهذا الصيام ، بقي الحج :
(( من حج بمال حرام فقال : لبيك اللهم لبيك ، قال الله له : لا لبيك ولا سعديك حجك مردود عليك ))
[الأصبهاني في الترغيب عن أسلم مولى عمر بن الخطاب ]
بقي الزكاة :
? قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ ?
[ سورة التوبة: 53 ]
العبادة الشعائرية الصوم والحج والزكاة و النطق بالشهادة ، هذه لا تقطف ثمارها إلا إذا صحت العبادة التعاملية .
والحمد لله رب العالمين​
 

الاحباب فى كل مكان نتواصل ونحن نستقبل اخر جمعة فى العام الميلادى 2015 واليوم هو 14 ربيع الاول 1437 هجرية الموافق 25 ديسمبر وهو الجمعة الاولى بعد الاحتفال بمولد رسول محمد بن عبدالله خاتم الانبياء والرسل اجمعين وصاحب الوحى الامين ، وسوف يكون حديثنا اليوم عن ما قاله لعمر بن الخطاب رضى الله عنه عندما قرأ عمر بن الخطاب التوارة امام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فغضب الرسول وقال لعمر والله لو كان موسى حيا لما وسعه إلا إتباعى .
[ ص: 263 ] 177 - وعن جابر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أتاه عمر فقال : إنا نسمع أحاديث من يهود تعجبنا ، أفترى أن نكتب بعضها ؟ فقال : أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصارى ؟ ! لقد جئتكم بها بيضاء نقية ، ولو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي " . رواه أحمد ، والبيهقي في كتاب ( شعب الإيمان )
الحاشية رقم: 1
177 - ( وعن جابر ) - رضي الله عنه - ( عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أتاه عمر فقال ) أي : عمر ( إنا نسمع أحاديث ) أي : حكايات ومواعظ ( من يهود ) : قال الزمخشري : الأصل في ( يهود ) و ( مجوس ) ترك اللام لأنهما علمان لقومين ، ومن عرف فإنه أجرى يهوديا ويهود مجرى شعيرة وشعير ا هـ .
وقال الأبهري : يهود غير منصرف للعلمية والتأنيث لأنه يجري مجرى القبيلة ، وقيل : الأولى أن يقال للعلمية ووزن الفعل لأن أسماء القبائل التي ليس فيها تأنيث لفظي يجوز صرفها حملا على الحي وعدم صرفها حملا على القبيلة ، ويهود لا يجوز فيه إلا عدم الصرف ( تعجبنا ) : بضم التاء ، وكسر الجيم أي : تحسن عندنا وتميل قلوبنا إليها ( أفترى ) : بفتح التاء ، أي : أتحسن لنا استماعها فترى يعني فتأذن ( أن نكتب بعضها ؟ فقال ) : عليه الصلاة والسلام زجرا له ولأمثاله ( أمتهوكون ) أي : أمتحيرون في دينكم حتى تأخذوا العلم من غير كتابكم ونبيكم ( أنتم ) : للتأكيد ( كما تهوكت اليهود والنصارى ؟ ! ) أي : كتحيرهم حيث نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم ، واتبعوا أهواء أحبارهم ورهبانهم ( لقد جئتكم ) : جواب قسم محذوف ( بها ) أي : بالملة الحنيفية بقرينة الكلام ( بيضاء ) أي : واضحة ، حال من ضمير " بها " ( نقية ) : صفة بيضاء ، أي : ظاهرة صافية خالصة خالية عن الشرك والشبهة ، وقيل : المراد بها أنها مصونة عن التبديل والتحريف والإصر والأغلال خافية عن التكاليف الشاقة ، لأن في دين اليهود ( إخراج ربع مالهم زكاة ، وقطع موضع النجاسة بدلا عن الغسل وغير ذلك كتحتم القصاص في دين اليهود ، وتحتم الدية في دين النصارى ، وأخر ( نقية ) لأنها صفة ( بيضاء ) إذ يقال : أبيض نقي دون العكس ، وقال الطيبي : بيضاء نقية حالان مترادفان من الضمير المفسر بالملة ا هـ .
قيل : ووصف الملة بالبياض تنبيها على كرمها وفضلها ، وكرمها إفادتها كل ما يحتاج إليه لأن البياض لما كان أفضل لون عند العرب عبر به عن الكرم والفضل ، والحاصل أنه عليه الصلاة والسلام أشار بذلك إلى أنه أتاهم بالأعلى والأفضل ، واستبدال الأدنى عنه مظنة للتحير ( ولو كان موسى حيا ما وسعه ) أي : ما جاز له ( إلا اتباعي ) : في الأقوال والأفعال ، فكيف يجوز لكم أن تطلبوا فائدة من قومه مع وجودي . قال تعالى : وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول الآية .
قال علي بن أبي طالب : لم يبعث الله تعالى نبيا ، آدم ومن بعده إلا أخذ عليه العهد في أمر محمد صلى الله عليه وسلم وأخذ العهد على قومه ليؤمنن به ، ولئن بعث وهم أحياء لينصرنه ، وهذا معنى قول ابن عباس كذا في تفسير البغوي ، فيكون التنكير في " رسول " للتعظيم فهو نبي الأنبياء وإمام الرسل ، ولذا قال : آدم ومن دونه تحت لوائي يوم القيامة ( رواه أحمد ) ، أي : في مسنده ( والبيهقي في شعب الإيمان ) . قال الأبهري : لكن في إسناده مجالد بن سعيد وهو ضعيف . قال ابن حبان : كان رديء الحفظ يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل لا يجوز الاحتجاج به ، وقال الشافعي : الحديث عن حرام بن عثمان حرام ، وعن مجالد تجالد ، وعن أبي العالية الرياحي رياح ، وقال أحمد بن حنبل : حديث مجالد حلم إلا أن هذا الحديث جاء عن غير مجالد فتأيد به .
 
نتواصل الاحباب فى كل مكان مع الدرس اليومى بعد صلاة الفجر من بيرمنجهام وحديثنا اليوم الاثنين 17 ربيع الاول 1437 هجرية الموافق 28 ديسمبر 2015 م وموضوع الحديث هو التوكل على الله .
28869
أحاديث رمضان 1425 هـ - ومضات ولقطات إيمانية - الدرس (45-64) : التوكل على الله
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2004-11-07

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الإخوة الكرام، من ألزم لوازم المؤمن التوكل على الله، ولكن هذا التوكل على الله فيه منزلقات كثيرة.
أولاً: من الآيات الكريمة وما أكثرها التي تحض على التوكل، يقول الله عز وجل:
?وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23) ?
(سورة المائدة)
علامة الإيمان التوكل على الله.
?وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ?
(سورة الطلاق)
يكفيه مهما كان عدوه جباراً.
?وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً (81) ?
(سورة الأحزاب)
?فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) ?
(سورة آل عمران)
?الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) ?
(سورة آل عمران)
?إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) ?
(سورة الأنفال)
أيها الإخوة، والسنة أيضاً طافحة بالحض على التوكل:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ:
(( اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِعِزَّتِكَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْ تُضِلَّنِي، أَنْتَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ، وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ يَمُوتُونَ ))
(صحيح مسلم)
وفي حديث آخر عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:
? حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ?
قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَالُوا:
? إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ?
(صحيح البخاري)
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
(( لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا يُرْزَقُ الطَّيْرُ، تَغْدُو خِمَاصًا، وَتَرُوحُ بِطَانًا ))
(سنن الترمذي)
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(( إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، قَالَ: يُقَالُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ، وَكُفِيتَ، وَوُقِيتَ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ، وَكُفِيَ، وَوُقِيَ ؟ ))
(سنن أبي داود)
هذه النصوص من الكتاب والسنة التي تحض على التوكل، فأنت مأمور بالتوكل، وتوكلك مرتبط بإيمانك، وبالأخذ بالأسباب.
ولكن أدق شيء في هذا الموضوع أن التوكل من عمل القلب، وليس من عمل الجوارح، ولكن الذي لا يعمل، ولا يأخذ بالأسباب، ولا يتقي الأخطار بدعوة أنه متوكل، فهذا ما فهم التوكل إطلاقاً، هذا سماه المعاصرون التواكل، وهو يشلّ حركة الإنسان، لا يعمل، ولا يتحرك، ولا يأخذ بالأسباب، ويقول: أنا متوكل على الله، وحينما رأى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه أناسًا فقراء في أيام الحج سألهم: " من أنتم ؟ قالوا: نحن المتوكلون ! فقال: كذبتم، المتوكل من ألقى حبة في الأرض، ثم توكل على الله ".
ولما رأى عمر أعرابياً أيضاً معه جمل أجرب قال: يا أخا العرب، ما تفعل بهذا الجمل ؟ قال: أدعو الله أن يشفيه، فقال له: هلا جعلت مع الدعاء قطراناً ؟ فالدعاء مرفوض من دون عمل، والتوكل مرفوض من دون عمل، والمشكلة الآن ولا أبالغ أن العالم الإسلامي لا يعمل، ولا يأخذ بالأسباب، لكنه يتوهم أنه متوكل على الله، وينتظر تحقيق معجزة، وهذا لن يكون أبداً.
لذلك أول فكرة في هذا الموضوع: أن التوكل عمل القلب، عمل قلبي محض، ليس قولا باللسان، ولا كسل في عمل الجوارح، ولا هو من باب العلوم والإدراكات، إنه عمل القلب، كيف أن الإخلاص هو عمل القلب، كذلك التوكل من أعمال القلوب.
بعضهم قال: التوكل هو الاسترسال مع الله مع ما يريد، أو الرضا بالمقدور، أو هجر العلائق، ومواصلة الحقائق.
أيها الإخوة، أول شيء في الموضوع أنه يجب أن تأخذ بالأسباب، وهذا لا يتناقض مع التوكل أبداً، تأخذ بالأسباب، وكأنها كل شي، ثم تتوكل على الله، وكأنها ليست بشيء، ولا أوضح من أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بكل الأسباب في الهجرة، لكن أراد الله أن يبين لنا حقيقة توكله صلى الله عليه وسلم، وصلوا إلى الغار، لو أنه أخذ بها، واعتمد عليها لانهارت قواه، لكنه أخذ بها، واعتمد على الله، لذلك لم يتأثر، أخذ بها تعبداً، واعتمد على الله توحيداً.
فأعيد هذه العبارة: أن تأخذ بالأسباب، وكأنها كل شيء، ثم تتوكل على الله، وكأنها ليست بشيء، والقضية ليست سهلة، ليس من السهل أن تجري فحصاً دقيقاً لمركبتك، إن أردت أن تسافر، وبعدها تشعر بافتقارك إلى الله، إلى حفظه وتوفيقه، فأن تجمع بين أن تقول: يا رب أنا محتاج إلى رحمتك، وحفظك، وتوفيقك، وأنت بالمقابل أخذت بكل الأسباب، هذا في السفر، والسعي، وتأمين الرزق.
يشتري تاجر صفقة بتسرع دون دراسة، ويقول: توكلت على الله، يا جبار، الصفقة غير مدروسة، ليس هذا من صفات المؤمن، المؤمن يدرس السوق، والأسعار، والمنافسين، والتكلفة، والنوع المطلوب، يجري دراسة دقيقة جداً، ثم في ضوء هذه الدراسة يتخذ قرارًا بالشراء، وبعدها يقول: يا جبار، أنت الجبار، في الطب تأخذ بكل الأسباب، تتبع تعليمات الطبيب الدقيقة، وبعدها تقول: يا رب، اشفني، هذا النموذج الذي يأخذ بالأسباب، ويتوكل على الله يكاد يكون مفقوداً في هذه الأيام، إما أن تأخذ بالأسباب، وأن تنسى الله عز وجل، وتعتمد عليها، وإما ألاّ تأخذ بها فقد عصيت ! وكان الإيمان الكامل أن تكون في طريق، وعلى يمينك واد سحيق، وعلى يسارك واد سحيق، أن تأخذ بالأسباب، وتعتمد عليها تقع في وادي الشرك، وألاّ تأخذ بها تقع في وادي المعصية، ويمكن أن أقول باختصار: إن الغرب أخذ بالأسباب، وألّهها، واستغنى عن الله، وأن الشرق لم يأخذ بها، هذه واحدة.
إخواننا الكرام، أنا لا أصدق أن تستطيع التوكل على الله قبل أن توحده، إن كان التوحيد ضعيفاً، إن رأيت أن الأقوياء يفعلون ما يريدون، إن رأيت أن الله أطلق لكل إنسان يده في أن يفعل ما يريد، وأن الله خلاق، وليس فعالاً، لا يمكن أن تتوكل على الله.
من لوازم التوكل أن توحد الله، حينما تشعر أن الأمر بيده، صغيره وكبيره، جليله وحقيره، وأن كل شيء بيد الله، عندئذ تتجه إلى الله عز وجل.
إذا دخلت إلى دائرة لتأخذ تأشيرة خروج، والدائرة أربعة طوابق، وفي كل طابق خمسون موظفًا، لكن هذا البلد تحديدًا لا يمكن أن تعطى تأشيرته إلا من قِبَل المدير العام، فكل هؤلاء الموظفين لا يستطيعون أن يمنحوك الموافقة، إلا المدير العام، أنت إذا اعتقدت ذلك فلا يمكن أن تتجه إلا إلى هذا المدير العام، لأن الاتجاه إلى غيره مضيعة وقت، وبذل ماء الوجه، وأنت حينما تعلم أن طموحك في الحياة، وأن طلباتك لا يمكن أن تحقق إلا بتوفيق الله فهذا معنى قوله تعالى:
?وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ?
(سورة هود)
عندئذ تتوجه إلى الله وحده، ولا يتناقض هذا إن علمت أن زيداً أو عبيداً يمكن أن يساعدك في ذلك، أنت تتجه إليه، وتعتقد أن الأمر بيد الله.
ومرة ثانية أقول لكم: التطرف سهل جداً، وسهل جداً أن تعتمد على الأسباب، وسهل جداً ألاّ تأخذ بها، الحالتان المتطرفتان من السهل أن تتلبس بهما، لكن أن تجمع بينهما فهذا يحتاج إلى مهارة كبيرة.
ولو أخذنا مثلا آخر: الأب من السهل جداً أن يكون بطَاشًا بأولاده، القضية سهلة، يضربهم ضرباً مبرحاً كلما انزعج منهم، وسهل جداً أن يسيبهم، أمّا أن يحاسبهم، ويرحمهم في وقت واحد، يعالجهم ويشعرهم أنه يحبهم، وحريص على مستقبلهم، الحالات الدقيقة تحتاج إلى جهد كبير جداً، سهل جداً أن تأخذ بالأسباب، وأن تنسى الله عز وجل، وهذا حال كل من يأخذ بالأٍسباب، وسهل جداً ألاّ تأخذ بها، لكن أن تأخذ بها بدقة بالغة، وتشعر أنك مفتقر إلى الله شعور حقيقي يدعوك إلى التوكل، هذا شيء يحتاج إلى جهد.
التوحيد أساس التوكل، ما لم تكن موحداً فلن تكون متوكلاً ، الآن يرافق التوكل اللجوء إلى الله، أنت حينما تلجأ إليه حقيقة يلقي الله في قلبك السكينة، فتجد المتوكل متوازنًا وساكنًا وهادئًا، المتوكل ليس مضطرباًًًً.
الآن من علامات التوكل السكينة، أما الغليان والقلق والاضطراب وتوقع الشر والخوف منه، والتذلل للناس، والخنوع لهم، والتضعضع أمامهم فهذا ينفي التوكل، إن كنت موحداً فتوكّل، وإن كنت مقبلاً على الله فلا تضطرب، من لوازم التوكل أن تقبل على الله.
شيء آخر، أنت بحاجة إليه في التوكل، أن تحسن الظن بالله، وحسن الظن بالله ثمن الجنة.
ينبغي أن تؤمن أن الله يحبك، وخلقك ليسعدك، وقادر على أن ينجيك مما أنت فيه، ويحب لك الخير، فحسن الظن بالله ثمن الجنة، وسبب التوكل أيضاً، وهو استسلام لله، يا رب، أنا عبد بين يديك، ماض فيّ حكمك، نافذ فيَ قضائك، لكن أعلى درجة في التوكل أن تفوض الله في كل أموره، يا رب، افعل بي ما تريد، أنا راض عنك في السراء والضراء، هذه السفرة إن أتيحت لي فأنا راض عنك يا رب، وإن لم تتح لي فأنا راض لي، وهذه الفتاة إن وافق أهلها على الزواج منها أنا راض، وإن لم يوافقوا أنا راض يا رب.
أشخاص كثيرون حينما لا تحقق أهدافهم يسخطون، التفويض أن يستوي عندك تحقيق الهدف وعدم تحقيقه، وهذه أشياء دقيقة جداً.
أيها الإخوة، الله عز وجل أغلى عليك من كل شيء، إذا كان عنك راضياً فقد تحقق الهدف.
أوضح شيء ما قاله النبي عليه الصلاة والسلام في الطائف:
(( إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، ولك العتبى حتى ترضى ))
( السيرة النبوية لابن هشام، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: أخرجه الطبراني عن عبد الله بن جعفر )
يا رب، إن كانت هذه الشدة تعبر عن غضبك فأنا متألم أشد الألم، ولك العتبى حتى ترضى، وإن لم يكن لها علاقة بغضبك فلا أبالي، هذه حالة التفويض، لا يبالي مهما كانت النتائج، يكفي أنه في طاعة الله، والبطولة أن تكون حركتك في الحياة في رضوان الله، فعلت الذي عليك، وعلى الله الباقي، أدي الذي عليك، واطلب من الله الذي لك.
الآن إحدى أطيب ثمرات التوكل الرضا، أنت راض عن الله في كل الأحوال.
والله وإن فتتوا في حبهم كبدي راض على فعلهم وراض بما فعلوا
***
ومن أوهام التوكل ألاّ تأخذ بالأسباب، وأن تعتقد أن الأمر بيد زيد أو عبيد، من أوهام التوكل أن تدعي أنك متوكل، وأنت متمارض، أنت لا تستطيع أن تفعل شيئاً، لك أن تستسلم لله عز وجل، والشيء الذي ينبغي أن نؤمن به أنه لا إيمان لمن لا توكل له ، والذي يعين على التوكل أن تقف على حقائق أسماء الله الحسنى، أن تصل إلى طرف من أسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى، إنك إن علمت أن الله قدير على كل شيء، ورحيم، وعدل، لن يحابيك، كلما تعمقت في فهم أسماء الله الحسنى صح توكلك.
?فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23) ?
وكلمة ( مؤمنين ) لا تعني أنك آمنت أن الله خلق الكون فقط، تعلم علم اليقين أن الله قدير، وسميع، وبصير، وغني، وعليم، وحكيم، فكلما تحققت من أسماء الله الحسنى جاء التوكل مجدياً ومثمراً، لكن بالنهاية أنت راض عن الله، أية نتيجة كانت أنت راض عن الله.
أيها الإخوة، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ
(( أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بَيْنَ رَجُلَيْنِ، فَقَالَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ لَمَّا أَدْبَرَ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ، فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ))
( أبو داود وأحمد )
والعجز هو عدم الأخذ بالأسباب.
لي قريب لم ينجح في الشهادة الثانوية، أمه أصرت أن يكون طبيباً، أعادها فلم ينجح، فرفض أن يتابع الدراسة، أصرت عليه فأعادها فلم ينجح، في العام الرابع نجح، وهو الآن طبيب، الإصرار لا يتناقض مع التوكل، فحينما تؤمن أن الله قدير، وسميع، وبصير تتوكل، ويرافق هذا التوكل أعلى درجات السعي،
(( إِنَّ اللَّهَ يَلُومُ عَلَى الْعَجْزِ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِالْكَيْسِ، فَإِذَا غَلَبَكَ أَمْرٌ فَقُلْ: حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ))
لا تقلها إلا عندما يغلبك الأمر، ما دام في الأمر فسحة، وسعي، وحركة، وأخذ بالأسباب فلا ينبغي أن تقول: حسبي الله ونعم الوكيل .
أوضح مثل: طالب ما درس فرسب، فلما رسب قال: حسبي الله ونعم الوكيل، هذا كلام فيه دجل ! لكنّ طالبًا درس أعلى دراسة، وجاءه مرض، وحال بينه وبين أداء الامتحان، يقول عندئذ: حسبي الله ونعم الوكيل، درست القضية دراسة وافية، فلم تنجح في هذه الصفقة، تقول: حسبي الله ونعم الوكيل، حينما تغلب تقول: حسبي الله ونعم الوكيل، والمشكلة أن المؤمن في هذا الزمان كلما ألمّ به شيء من فعله، من تقصيره، وإهماله وكسله يقول: حسبي الله ونعم الوكيل، هذا كلام فيه دجل، وفيه جهل كبير، لا تقل: حسبي الله ونعم الوكيل إلا إذا غلبت، وبذلت كل ما بوسعك، ولم تستطع أن تصل إلى مبتغاك.
والحمد لله رب العالمين​
 

الاحباب الكرام فى كل مكان احييكم ونحن نستقبل ذكرى استقلال السودان من ايدى المستعمر الانجليزى والذى فى رايى لما شاهدناه هذه الايام من حكامنا كان الانجليز اكثر عدلاً ، اللهم احفظ البلاد من الظلم والظالمين .ونعود لحديثنا اليوم الخميس 20 ربيع الاول 1437 هجرية الموافق 31 ديسمبر 2015 م .
والحديث اليوم من الشيخ عبدالجليل الباكستانى من مسجد الوم رووك بيرمنجهام وكان الحديث اليوم بعنوان من تواضع لله رفعه فإلى الحديث :
من تواضع لله رفعه
***
يا له من خلق جميل فهو من أهم الأخلاق التي يمكن أن يتصف بها المؤمن لأن الله عز وجل يحب من يتصف به، فهذا الخلق هو الخلق الوحيد الذي يتصف به المؤمن فقط وهو.. التواضع..
إن المتكبر هو الذي يرى كل شيء بالنسبة له صغيرا، أما المتواضع، فلا يرى لنفسه قدرا أو فضلا بين الناس، وهو من يرى فضل الله في كل شيء ولا يرى لنفسه فضلا في أي شيء، فلا يفرح ويتفاخر بما هو فيه.
قال تعالى: "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون". ويقول علماؤنا: كن كمجرى النهر، أي اجعل نفسك كالنهر يوصل الخير للناس ولا يرى نفسه ولا يمن على غيره بما يوصله من خير إلى الآخرين. فمن فضل الله علينا أن اختارنا مسلمين موحدين له فلا يصح أن نتفاخر أو نتكبر بما تفضل الله به علينا أو بما رزقنا من أموال، فإذا رأيت لنفسك فضلا في شيء فاعلم أن الله لا يحبك لأنك نسيت فضل الملك وما فضلك به على غيرك ونسبت الفضل لنفسك، وفضل الله علينا ليس من تعبنا ولا مجهودنا فالله هو الذي وفقنا إليه من البداية، فله الفضل في الأولى والآخرة.
عن ابن مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه ذرة من كبر" (صحيح مسلم).. وهذا الوعيد من الله يعود إلى أن الكبر هو أقرب الذنوب للكفر ففيه عند وتكبر على الملك عز وجل.
أما سبب الرفعة فيكمن في تواضع العبد بين عبيد الله.. "وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما". فعباد الرحمن تواضعوا لأنهم عرفوا مقام الملك فاستشعارهم بمقام الله عز وجل جعلهم ينكسرون بين يديه ويتواضعون بين عبيده.
قال الله عز وجل: "فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين".
فمن صفات عباد الله الذين يحبهم أنهم متواضعون بين المؤمنين، يتحلون بالعزة بين الكافرين.
ومن نماذج التواضع تواضع النبي صلى الله عليه وسلم، فكان من شدة تواضعه يجلس حيث ينتهي المجلس, فلا يختار مكانا معينا حتى يجلس فيه.
ومن أقواله صلى الله عليه وسلم: "ما نقص مال من صدقة, وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزة, ومن تواضع لله رفعه الله" (صحيح مسلم)، ومن حديث "حارثة بن وهب": قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بأهل الجنة؟ قالوا بلى.. قال: كل ضعيف مستضعف لو أقسم على الله لأبره.. ألا أخبركم بأهل النار؟ قالوا بلى.. قال: كل عتل جواظ –مختال فخور- مستكبر.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله أوحى إليه أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد.

عن أبى الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإنما تنصرون وترزقون بضعفائكم" (صحيح مسلم). وقال صلى الله عليه وسلم: "طوبى لعبد أخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدمه إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في المقدمة كان في المقدمة وإن كان في الساقية كان في الساقية".
ومن المفروض أن نفرح بفضل الله أنه اصطفانا لأن نكون من عباده..
روي أن عبدا من بني إسرائيل كان يصلي طوال الليل ثم دعا: "يا رب أنت نعم الرب وأنا نعم العبد"، فنام، وعندما استيقظ وجد عرقا في قدمه يؤلمه فلم يستطع أن يصلي بعدها، فعلم أن من فضل الله عليه أنه جعله بصحة ليعبده، فقال: يارب تبت إليك وعلمت أني أعبدك بفضلك.
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له إنك خير البرية فقال له النبى: إنه إبراهيم عليه السلام.
فمن تواضع النبي أنه ذكر "سيدنا إبراهيم" وأبعد الفضل عن نفسه.
أما عن تواضع الصحابة، فكان سيدنا "أبو بكر" في عهد النبي قبل الخلافة يذهب إلى القوم ليحلب لهم الغنم، فلما أصبح خليفة سمع بعض الجواري يقلن لم يعد هناك من يحلب لنا فظل "أبو بكر" بعد الخلافة يذهب إلى القوم ويعرض عليهم أن يحلب أغنامهم أو يأخذها يرعاها في الصحراء ثم يعيدها لهم.
ولتعلم يا أخي أن الله خلقك في أحسن حال ومن أحسن أمة؛ أمة "محمد"، ومن نعمه عليك أن خلقك بسائل يحفظ عينك لا يتجمد مهما كانت درجة الحرارة، وخلق لك مصانع تصنع في جسدك مليونين ونصف مليون كرة دم حمراء في الساعة.
قال علماؤنا حتى تحصل على حب الملوك: إن الملك لا يحبك إلا إذا أعطيته كلك، ولكن ملك الملوك عز وجل يذكرك إذا فكرت فيه, ويأتي إليك مهرولا إذا أتيته تمشي, ويعطيك قبل أن تسأله..
يقول رب العزة: "وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين".
***
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين​
 

الاحباب الكرام مازلنا نتواصل كل أثنين وجمعة من الاسبوع من بيرمنجهام من مسجد الوم رووك والشيخ عبدالجليل الباكستانى وحديث اليوم الجمعة 29 ربيع الاول 1437 هجرية الموافق الثامن من يناير 2016 وحديث اليوم حديث رائع رواه ابو هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم فقال ( الايمان بضعٌ وسبعون أو بضع وستون شعبه اعلاها شهادة أن لا اله إلا الله وأدناها إماطه الاذى عن الطريق والحياء شعبه من شعب الايمان . والان الى الحديث وقد أخترت لكم موقعين لشرحة فقد أعجبنى هذا الاول المختصر ولكن وجدت أخر مطول فقلت اعطييكم الخيرين ونحن نستقبل الجمعة نسأل الله ان يفتح علييكم جميعا ويتقبل الدعوات .
عن أبي هريرة - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( الإيمان بضع وسبعون شعبة فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان ) رواه مسلم .
المفردات:
بِضع: مقدار من العدد، قيل: من ثلاثة إلى تسعة.
شُعْبة: قطعة، والمراد: الخصلة أو الجزء.
المعنى الإجمالي:
أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الحديث أن يعطي تصوراً مجملاً عن الإيمان، وأنه متعدد الأركان والشرائع، وأنه مشتمل على الأعمال الصالحة القلبية، والفعلية، والقولية، فذكر أعلى مراتب الإيمان وهو التوحيد، وأدنى مراتبه وهو ما لا يقيم له الناس وزناً من الأعمال الصالحة كإماطة الأذى عن الطريق، وذكر "الحياء" للدلالة على ما بينهما من أعمال صالحة يَصْدُقُ على جميعها مسمى الإيمان .
الفوائد العقدية:
1- أن الإيمان عبارة عن شرائع الدين كلها، سواء كانت أعمالاً بالقلب، أم بالجوارح، أم باللسان.
2- أن أعلى شرائع الإيمان وفرائضه شهادة ألا إله إلا الله بإخلاص ويقين .
3- أن "إماطة الأذى" عن طريق الناس من الإيمان.
4- أن "الحياء" من الإيمان، وهو خلق يحجز الإنسان عن فعل الرذائل وارتكاب القبائح.
5- تفاوت الأعمال الصالحة في مراتبها من الإيمان، فمنها ما يكون في أعلى مراتب الإيمان، ومنها ما يكون في أدناها، وما بين أعلى الإيمان وأدناه شعب متعددة .
6- فضل شهادة التوحيد وأنها أفضل شعب الإيمان .
7- دخول العمل الصالح في مسمى الإيمان وحقيقته .
ونواصل فى شرح الحديث
بسم الله الرحمن الرحيم
رياض الصالحين
شرح حديث أَبِي هريرةَ -رضي الله عنه-: "الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسبْعُونَ أوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شَعْبَةً.."

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فهذا هو الحديث التاسع في هذا الباب الذي عقده الإمام النووي -رحمه الله- في بيان كثرة طرق الخير، وهو حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الإيمان بِضع وسبعون أو بضع وستون شعبة...))([1]).
الإيمان عند أهل السنة والجماعة: قول وعمل، يصدق على قول القلب، وعلى عمل القلب، ويصدق على قول اللسان، ويصدق أيضاً على عمل اللسان، وعمل الجوارح، قول وعمل، فالاعتقاد والانقياد والإقرار والتصديق كل هذا من الإيمان، فهذا قول القلب وتصديقه وانقياده وإقراره، وكذلك يدخل فيه عمل القلب كالتوكل والخوف والرجاء والمحبة وما أشبه ذلك، ويدخل فيه قول اللسان، وهو قول لا إله إلا الله، ويدخل فيه عمل اللسان أيضاً كالذكر والتسبيح والقراءة، كما يدخل فيه سائر أعمال الجوارح كالصلاة والحج والصدقة ونحو هذا على توسع في الإطلاق، وإلا فالصدقات هي من العبادات المالية، وبعضهم يقسم العبادات إلى مالية وبدنية.
فالأعمال منقسمة على القلب واللسان والجوارح، فهذا كله يقال له: إيمان، فالإيمان بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة، فيدخل فيه قول لا إله إلا الله وهو أعلاها الذي هو مفتاح الجنة، وهو أول واجب على المكلف، وهي الكلمة التي لا يُقبل من أحد عملٌ إلا إذا جاء بها: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله))([2]) فهي مبدأ الدخول في الإسلام، وهي آخر ما يخرج به من الدنيا، ((من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة))([3])، فهي مفتاح الجنة، ومفتاح السعادة، وهي أصل قبول الأعمال.
((الإيمان بضع وسبعون))، الصلاة إيمان كما قال الله -عز وجل-: {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ} [البقرة:143]، يعني: صلاتكم إلى بيت المقدس، لما حُولت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة سألوا عن صلاتهم في السابق، وشغب عليهم اليهود وأثاروا الشبهات وسألوا عن صلاة إخوانهم الذين ماتوا قبل تحويل القبلة حينما كانوا يصلون إلى بيت المقدس، فأنزل الله -عز وجل-: {وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} أي: هذه الصلاة صلاتكم إلى بيت المقدس، فالصلاة إيمان، والذكر إيمان، والصدقة إيمان، والصيام إيمان، والوضوء إيمان، والغسل من الجنابة إيمان، ولهذا لما ذكر الله -عز وجل- كفارة الظهار في سورة المجادلة قال الله -عز وجل- بعد أن ذكر الخصال الثلاث عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً، قال: {ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}[المجادلة:4]، ما علاقة الإيمان بالله ورسوله بذكر خصال الكفارة في الظهار؟.
لعل أحسن ما يقال في هذا -والله تعالى أعلم-: إن التوقف عن وطء الزوجة من قبل أن تمسوهن إيمان، والتصديق بهذا الحكم والانقياد إيمان، وإخراج الكفارة إيمان، فلا يقربها حتى يكفّر، {ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}.
فإذا عرفنا هذا نعرف الأصل الكبير عند أهل السنة، وهو أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فإذا ازددت من طاعة الله -عز وجل- زاد إيمانك، وإذا أكثرت من المعاصي نقص من الإيمان بحسب ذلك، فأهل الإيمان يتفاوتون فيه غاية التفاوت، ينبني عليه تفاوتهم في المنزلة عند الله -عز وجل-، وتحقيق درجات العبودية، وتفاوتهم في الآخرة، قال الله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَات}[المجادلة:11].
يقول: ((الإيمان بضع وسبعون، أو بضع وستون شعبة))، هذه الرواية على الشك، وفي بعض الروايات بالجزم: ((بضع وسبعون شعبة))، فمن أهل العلم من يقول: نأخذ بالمتيقن وهو رواية الجزم "بضع وسبعون"، وبعضهم يقول: المتيقن هو الأقل "بضع وستون"، و"بضع وسبعون" محتمل، قد يكون هذا شكًّا من الراوي، بل هو شك من الراوي.
وبعضهم يقول: لا، نأخذ الأعلى؛ لأن هذا ثقة قد روى هذه الرواية فنقبل ذلك، فنقول: "الإيمان بضع وسبعون شعبة".
والبِضع المشهور أنه من الثلاثة إلى العشرة، ومعنى بضع وستون أو بضع وسبعون يعني قد يكون ثلاثًا وستين شعبة، ثلاثًا وسبعين، أربعًا وسبعين، خمسًا وسبعين، ستًّا وسبعين إلى التسع.
ومن أهل العلم من يقول: من الواحد إلى الأربعة، ومنهم من يقول: من الاثنين فما فوق إلى العشرة، يعني ما دون العشرة، ومنهم من يقول: من الأربعة إلى التسعة، ومنهم من يقول: من الخمسة، ومنهم من يقول بغير ذلك، والمشهور أنه من الثلاثة إلى التسعة.
والشعبة هي: القطعة من الشيء، والطائفة منه والجزء، يعني: أن الإيمان أجزاء وأبعاض وأعمال متنوعة، أعلاها شهادة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير))([4])، فهذه أفضل كلمة قيلت على الإطلاق، هي كلمة التوحيد، أعدل كلمة قيلت على الإطلاق كلمة التوحيد.
قوله: ((وأدناها...)) يعني: أن أقل هذه الشعب: إماطة الأذى عن الطريق.
لماذا قال: "وأدناها إماطة الأذى من الطريق"؟ لماذا صارت أدناها؟ من أهل العلم من يقول: أدناها إماطة الأذى من الطريق بمعنى: أن ذلك يُتصور فيه أقل الضرر، كما سبق في الروايات التي ذكرناها من قبل في إزالة العظم -الشوكة- من الطريق، كل هذا من الحسنات، فقالوا: هذا أقل ما يتصور من العمل الذي يقوم به الإنسان، من الضرر والأذى الذي يدفعه ويزيله.
قوله: ((والحياء شعبة من الإيمان))، الحياء خصلة حميدة تحمل صاحبها على فعل ما يزين، وتحجبه من فعل ما لا يليق، تحمله على مكارم الأخلاق، وعلى محاسن الأمور، وتصرفه عن مساوئها، هذا هو الحياء.
من أهل العلم من يقول: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكره هنا لأنه وسطٌ في شعب الإيمان، ذكر الأعلى، وذكر الأدنى، وأفعال الإيمان هي إما أشياء يفعلها الإنسان، فالحياء يدفع الإنسان إلى فعل ما يحسن ويصرفه عما لا يجمل، قالوا: هذا في الوسط بين الأشياء التي تُفعل والأشياء التي تترك، يدفعه لهذا ويصرفه عن هذا، فيكون قد ذكر الأعلى، والأدنى، والوسط، هكذا قال بعض أهل العلم.
ومن العلماء من حاول أن يعدد شعب الإيمان ومنهم البيضاوي وابن حبان حتى إن الحافظ ابن حجر -رحمه الله- قال: أحسن من ذكر عدها ابن حبان، فابن حبان أوصلها إلى تسع وسبعين شعبة،، والحافظ ابن حجر -رحمه الله- حاول أن يعددها فقسمها على القلب واللسان والجوارح، فقسمها إلى سبع، وأربع وعشرين، وثمان وثلاثين، فأوصلها إلى تسع وستين شعبة، قال: وإذا فرقنا بين بعض الأمور التي دمجناها -هو دمجَ بعض الأشياء في بعض، جعلها خصلة واحدة- فإنها تصل إلى تسع وسبعين شعبة، يكون موافقًا لابن حبان، وكل هذا ما خرج عن قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((الإيمان بضع وسبعون شعبة))، فحاول ابن حبان والحافظ ابن حجر أن يتتبعا ما ورد في الكتاب والسنة من فضائل الأعمال ومن شعب الإيمان، كل عمل أمر الله به ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، ابتداء من قول لا إله إلا الله، فذكرا الإيمان بالله، والملائكة، والكتب، والرسل، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وذكروا أموراً أخرى من الإخلاص وما أشبه ذلك، وهكذا ما يتعلق باللسان، صدق الحديث، والكلمة الطيبة، والذكر وقراءة القرآن وهكذا، وهكذا أعمال الجوارح كإكرام الجار، وإكرام الضيف، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والصدقات، والصيام، والصلاة وهلم جرا، هذا وأكثر شعب الإيمان ترجع إلى أعمال الجوارح، وكل ما يمكن أن يقال عنه: إنه أمر الله به ورسوله -صلى الله عليه وسلم- فهو داخل في شعب الإيمان، ولذلك تجدون أن من أهل العلم من جمعها في كتاب أو في رسالة، والحافظ البيهقي -رحمه الله- شرح شعب الإيمان "الجامع لشعب الإيمان" وهو كتاب عظيم جداً، استوعب فيه كثيراً من الشعب زادت على السبعين، وأصل ذلك للحَليمي له كتاب اسمه "المنهاج في شعب الإيمان"، وهذا "المنهاج" بنى عليه البيهقي -رحمه الله- كتابه في الشعب، وزاد عليه زيادة عظيمة من الآثار والأخبار والأحاديث في كل باب من الأبواب، إذا أتيت تقرأ مثلاً من شعب الإيمان: الإيمان بالقرآن مثلاً يتكلم عن كل ما يتعلق بالقرآن بنحو حوالي مائتي صفحة على أبواب: قراءة القرآن، الأدب مع القرآن، أن القرآن كلام الله منزل يجب أن نؤمن بهذا وما إلى ذلك، إذا جاء يتكلم مثلاً عن التوكل على الله -عز وجل- يتكلم بكلام طويل ويورد الآثار وأقوال السلف في هذا، وأمور ترغّب في التوكل.
فالمقصود أن هذه خلاصة في معنى هذا الحديث، وأسأل الله -عز وجل- أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، وأن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين، اللهم ارحم موتانا، واشفِ مرضانا، وعافِ مبتلانا، واجعل آخرتنا خيراً من دنيانا، وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه​
 

السلام الاحبة فى كل الديار وسطها بعيدها قريبها عربيها ومسلمها عجميها وامريكيها وكنديها وبريطانيها ، سودانها وسوريها ، سعوديها وسلطنتها احييكم بتحية الاسلام ونتواصل اليوم الاثنين غرة ربيع الثانى 1437 هجرية الموافق 11 يناير 2016 م من مسجد الوم رووك بيرمنجهام والشيخ عبدالجليل الباكستانى وكان حديث اليوم عن عائشة ام المؤمنين بنت ابى بكر الصديق وزج رسول الله فى الدنيا وفى الجنة انها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله كثيرا فى يومه وليله .
والان الى شرح معنى ذكر الله وفوائده:
أسأل عن فضل الذكر وعن منزلته، مثلاً: هل أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، هل تذكر على هذه الصفة، أو أقول: سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، ثم أنتهي وأقول: الحمد لله ثلاثاً وثلاثين..، وجهوني بهذا؟
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فالذكر له شأن عظيم فهو من أفضل الأعمال وأفضله قراءة القرآن، أفضل الذكر كلام الله عز وجل ثم ما شرعه الله لعباده من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، وقول لا حول لا قوة إلا بالله والدعاء كله من الذكر يقول الله جل وعلا: يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً وسبحوه بكرة وأصيلاً ويقول جل وعلا: فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون ويقول جل وعلا: إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات...إلى أن قال سبحانه: والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً،وقال الله جل وعلا:فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون، ويقول النبي-صلى الله عليه وسلم -:(سبق المفردون قالوا: ما المفردون؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات)، قالت عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على كل أحيانه، كان عليه الصلاة والسلام يذكر الله على كل أحيانه" يعني ليلاً ونهاراً، على طهارة وعلى غير طهارة، هذا يبن لنا فضل الذكر وأن ينبغي للمؤمن أن يكثر منه ولو كان على غير طهارة، الذي يحتاج إلى طهارة قراءة القرآن لا يقرأه الجنب، ولا يمس المصحف من كان محدثاً، وأما بقية الأذكار يقولها محدث وغير محدث التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير وقول لا حول ولا قوة إلا بالله والاستغفار، كل هذا ذكر والذكر بعد الصلاة أنت فيه مخير إن شئت أفردت وإن شئت جمعت، إن شئت جمعت فقلت: سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثاً وثلاثين مرة، ثم تقول تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير بعد كل صلاة من الصلوات الخمس، وإن شئت أفردت تقول سبحان الله سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، ثم تقول الحمد لله ثلاثاً وثلاثين، ثم الله أكبر ثلاثاً وثلاثين، الأمر في هذا واسع، وهناك نوع آخر وهو أن تقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمساً وعشرين مرة تزد فيها لا إله إلا الله، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، خمساً وعشرين مرة بعد كل صلاة، أنت مخير بين هذا وهذا، ثم تقرأ آية الكرسي الله لا إله إلا هو الحي القيوم، ثم تقرأ قل هو الله أحد، والمعوذتين بعد كل صلاة وتكررها ثلاثاً بعد المغرب وبعد الفجر وعند النوم وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكثر من التسبيح، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، ويقول: (أحب الكلام إلى الله أربع) يقول عليه الصلاة والسلام: (أحب الكلام إلى الله أربع سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر )، ويقول عليه الصلاة والسلام: (الباقيات الصالحات سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله) وإذا تيسر لك أن تقرأ القرآن فالقرآن أفضل الذكر عن ظهر قلب أو من المصحف فذلك من أفضل الأعمال، كلام الله أفضل الذكر فلك بكل حرف حسنة والحسنة بعشرة أمثالها.​
 

نتواصل مع الاحباب فى كل مكان ، فى وطنى السودان وخارجه ، مع الحديث والدرس اليومى من مسجد الوم رووك بيرمنجهام والشيخ عبدالجليل الباكستانى وقد اختار دعاء داؤود عليه السلام اليوم الاثنين15 ربيع الثانى الموافق 25 يناير 2016 م فالى الدعاء وشرحه :
دعاء سيدنا داود استغفار
كان دعاؤه استغفاراً لربه مما وقع فيه من خطأ حين حكم بين الخصمين اللذين تسورا عليه المحراب فيما قصه القرآن في سورة ص. قال تعالى: “وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخرَّ راكعاً وأناب” (سورة ص، الآية: 24). وفتناه: بمعنى ابتليناه وامتحناه وغفر له ربه وتاب عليه وقرّبه إليه، قال تعالى: “فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب” (سورة ص، الآية: 25). وبالفعل آتاه الله الملك والنبوة.
ويلاحظ أن استغفار داود عليه السلام جاء مقروناً بالركوع “وخرَّ راكعاً وأناب”، وفي هذا إرشاد لنا بأن الدعاء والاستغفار في حالتي الركوع والسجود يكون مستجاباً. عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا فيه بالدعاء، فقمن أن يستجاب لكم” رواه مسلم في صحيحه. وفي حديث آخر: “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد”.
ويستحب كما روي أن يقال في سجود التلاوة: اللهم اجعلها لي عندك ذخراً، وأعظم لي بها أجراً وضع عني بها وزراً، وتقبلها مني كما تقبلتها من داود عليه السلام. وأثر عن نبي الله داود أنه كان يسأل الله أن يجعله محبوباً إليه، وأن يوفقه للعمل الذي يحبه، وأن يجعل حبه أحب إليه من كل شيء. عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “كان من دعاء داود عليه السلام: اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك، والعمل الذي يبلغني حبك، اللهم اجعل حبك أحب إليّ من نفسي وأهلي ومن الماء البارد” قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر داود يحدث عنه يقول: كان أعبد البشر​
 
نتواصل الاحباب فى كل مكان فى السودان رغم زيادة غار الطهى وغلاء النت فى شركة زين ولكن سوف يكون تواجدنا معكم زين ، ونحييكم لننقل لكم من بيرمنجهام مسجد الوم رووك والشيخ عبدالجليل الباكستانى والدرس اليوم الجمعة 19 ربيع الثانى 1437 هجرية الموافق 28 يناير 2016م وحديثنا اليوم كان عن سؤال الصحابة لرسولنا الكريم عن الوسوسه اثناء الصلاة فكان رده عليه افضل الصلاة واتم التسليم فى هذا الحديث :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد روى مسلم وغيره عن أبي هريرة وابن عباس رضي الله عنهم، واللفظ لـ مسلم قال: جاء ناسٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: وقد وجدتموه ؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان.
قال النووي : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوسوسة فقال: تلك محض الإيمان. وقال: ذلك صريح الإيمان.
ومعناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به فضلاً عن اعتقاده إنما هو لمن استكمل الإيمان استكمالاً محققاً، وانتفت عنه الريبة والشكوك.
وقيل معناه: إن الشيطان إنما يوسوس لمن أيس من إغوائه، فينكد عليه بالوسوسة لعجزه عن إغوائه، وأما الكافر فإنه يأتيه من حيث شاء ولا يقتصر في حقه على الوسوسة بل يتلاعب به كيف أراد.
قال العلماء: والشيء الذي استعظمه الصحابة وامتنعوا عن الكلام به هو ما يوسوس به الشيطان من نحو: مَن خلق الله ؟ وكيف هو ؟ ومن أي شيء ؟ ونحو ذلك مما يتعاظم النطق به من الأشياء القبيحة التي تخطر في القلوب، وليس معناه أن الوسوسة نفسها هي صريح الإيمان، وذلك أنها إنما تتولد من فعل الشيطان وتسويله.
وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم لما شكوا إليه ذلك قال: الحمد لله الذي ردَّ كيده إلى الوسوسة. رواه أحمد وأبوداود.
وعلى هذا.. فإن كان ما تجدينه من الوسوسة مما لا تستطيعين وصفه أو التحدث به من هذا النوع، فإن استعظامك له وخوفك منه من علامات الإيمان - والحمد لله - فلتحمدي الله على ذلك وتسألينه المزيد من إنعامه والعون على شكره، وعليك أن تكثري من الأعمال الصالحة ومن دعاء لله عز وجل والالتجاء إليه والتعوذ به من الشيطان الرجيم.
وعليك أن تبتعدي عن التفكير في ذات الله عز وجل، وأن تتفكري في مخلوقاته عز وجل وفي بديع صنعه في هذا الكون.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: تفكروا في خلق الله، ولا تفكروا في الله، فإنكم لن تقدروا قدره. رواه أبو نعيم عن ابن عباس رضي الله عنهما.
أما أحاديث النفس وما يحول في الخواطر فإن الله تعالى برحمته لا يحاسب عليها عبَاده، فقد جاء في الصحيحين وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تتكلم.
فعلى المسلم أن يدفع الوساوس بالإعراض عنها والاستعاذة من الشيطان وكثرة الذكر.
والحاصل أن هذه الوساوس هي من الشيطان، وعلى المسلم أن يدفعها بذكر الله تعالى والالتجاء إليه بالدعاء والاستعاذة من الشيطان.
وقد أحسن الشنقيطي حيث يقول في النوازل:
وما به يوسوس الشيطان === والقلب يَابَاهُ هو الإيمان
فلا تُحاجِجْ عنده اللّعينَا ==== لأنه يَزيدُه تَمْكِينا .
والله أعلم
 

ما زال التواصل معكم وانا فى اجازه هذه الايام واصلى تقريبا كل الاوقات الخمسة باالمسجد المجاور والذى يؤمه الشيخان فى الظهر والعصر والمغرب الشيخ الطيب الباكستانى وهو صاحب صوت طيب وعذب ، العشاء والفجر الشيخ عبدالجليل الباكستانى ويمتاز بالدروس والعلم الغزير والانجليزية الرصينه جداً ، وله مقدرة فائقة فى تقديم الدروس بالاوردو واللغة الانجليزية مع فهمه للقليل من العربية ، وصراحه درسه وشرحه لايمهل على الاطلاق خاصه شرح القران بعد العشاء كل يوم احد وشرح الحديث اليومى بعد صلاة الفجر ، فقد اختار اليوم الخميس 17 جمادى الاول 1437 هجرية الموافق 25 فبراير حديث الدين النصيحة فإلى الحديث من شرح الشيخ بن عثيميين رحمة الله .
شرح حديث: ((الدين النصيحة))
السائل يطلب شرح حديث ((الدين النصيحة..))؟
هذا حديث عظيم رواه مسلم في الصحيح من حديث تميم الداري وله شواهد عند غير مسلم، يقول صلى الله عليه وسلم: ((الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)).
فهذا الحديث العظيم يدل على أن الدين هو النصيحة، وذلك يدل على عظم شأنها؛ لأنه جعلها الدين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الحج عرفة))[1]، وهذا الحديث يدل على أن النصيحة هي الدين وهي الإخلاص في الشيء والصدق فيه حتى يؤدى كما أوجب الله، فالدين النصيحة في جميع ما أوجب الله، وفي ترك ما حرم الله، وهذا يعم حق الله وحق الرسول وحق القرآن وحق الأئمة وحق العامة.
والنصيحة كما تقدم هي الإخلاص في الشيء والعناية بها، والحرص على أن يؤدى كاملاً تاماً لا غش فيه ولا خيانة ولا تقصير، يقال في لغة العرب: ذهبٌ ناصح، أي ليس فيه غش.
ويقولون أيضاً: عسل ناصح، يعني ليس فيه غش.
وهكذا يجب أن يكون المؤمن في أعماله ناصحاً لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
فالنصيحة لله توحيده سبحانه وتعالى والإخلاص له وصرف العبادة له جل وعلا من صلاة وصوم وحج وجهاد وغير ذلك.
يعني: أن يعمل في غاية الإخلاص لله، لا يعبد معه سواه بل يعبده وحده، وينصح في هذه العبادة ويكملها، مع الإيمان به وبكل ما أمر به، وهكذا ينصح في أداء ما فرض الله عليه وترك ما حرم الله عليه يؤدي ذلك كاملاً لعلمه بحق الله وأن الله أوجبه عليه فهو يخلص في ذلك ويعتني به.
وهكذا في حق القرآن يتدبره ويتعقله ويعمل بما فيه من أوامر، وينتهي عن النواهي، وهو كتاب الله العظيم وحبله المتين، فالواجب العناية والنصح في ذلك قولاً وعملاً وذلك بحفظ الأوامر وترك النواهي، والوقوف عند الحدود التي بينها الله في القرآن الكريم حتى لا تخل بشيء من أوامر الله في القرآن، وحتى لا ترتكب شيئاً من محارم الله، مع الإيمان بأنه كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود، هذا قول أهل السنة والجماعة قاطبة، كما قال عز وجل: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ[2]، وقال سبحانه: تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ[3].
وقال عز وجل: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ[4]، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أنه كلام الله سبحانه، وأنه منزل من عنده، فالمؤمن يؤمن بهذا كله وهكذا المؤمنة، ويعتقد كل منهما أنه كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود خلافاً للجهمية ومن سار في ركابهم من المبتدعة.
وهكذا النصح للرسول صلى الله عليه وسلم، يكون بطاعة أوامره واجتناب نواهيه والإيمان بأنه رسول الله حقاً وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين، مع الدفاع عن سنته والذب عنها، كل هذا من النصح للرسول صلى الله عليه وسلم، وهكذا العناية بأحاديثه صلى الله عليه وسلم وبيان صحيحها من سقيمها، والذب عنها والامتثال بها، والوقوف عند الحدود التي حددها الله ورسوله، كما قال تعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا[5] الآية، هذه هي النصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم، وما زاد عن ذلك من أداء الواجبات وترك المحرمات كان كمالاً للنصيحة وتماماً لها.
فالحاصل أنه بعنايته بما أمر الله به ورسوله وما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله من الحقوق يكون قد نصح لله ولكتابه ولرسوله؛ لأداء فرائض الله وترك محارم الله، والوقوف عند حدود الله، والإكثار من الثناء عليه، وذكره سبحانه وتعالى وخشيته جل وعلا، كل هذا من النصيحة لله ولكتابه ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
أما النصيحة لأئمة المسلمين فبالدعاء لهم والسمع والطاعة لهم في المعروف، والتعاون معهم على الخير وترك الشر، وعدم الخروج عليهم، وعدم منازعتهم، إلا أن يوجد منهم كفر بواح عليهم برهان من الله سبحانه وتعالى، كما جاء ذلك في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه في مبايعة الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم.
ومن النصيحة لهم: توجيههم إلى الخير وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر بالأسلوب الحسن والرفق وسائر الطرق المفيدة؛ عملاً بهذا الحديث الصحيح، ويقول الله عز وجل: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى[6]، وقوله سبحانه: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ[7].
وأما النصيحة لعامة المسلمين فإنها تكون بتعليمهم وتفقيههم في الدين ودعوتهم إلى الله سبحانه وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر وإقامة الحدود عليهم والتعزيرات الشرعية كل هذا من النصيحة لهم. والله ولي التوفيق.
[1] أخرجه الترمذي في كتاب الحج، باب ما جاء فيمن أدرك الإمام يجمع فقد أدرك الحج، برقم 814، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب فيمن لم يدرك صلاة الصبح مع الإمام بالمزدلفة، برقم 2994، وأبو داود في كتاب المناسك، باب من لم يدرك عرفة، برقم 1664، وابن ماجه في كتاب المناسك، باب من أتى عرفة قبل الفجر ليلة جمع، برقم 3006.
[2] سورة الشعراء، الآيتان 193- 194.
[3] سورة الزمر الآية 1.
[4] سورة القدر الآية 1.
[5] سورة البقرة الآية 299.
[6] سورة المائدة الآية 2.
[7] سورة العصر​
 

الاحباب الكرام فى كل مكان تحياتى وجمعة مباركة نترحم فيها على فقيد شباب القرية الذى توفى اليوم الجمعة شرف الدين احمد الطيب له الرحمة .
درج الشيخ الجليل الباكستانى عبدالجليل ان يختار يوم الجمعة حديث من الاحاديث القوية ذات المعانى الواضحة والتى تنبه كل مسلم للعمل بها ، وله يوم الجمعة ايضا من الثوابت القراءة فى ركعتى صلاة الفجر بصورة الجمعة منذ ان عرفته فى يونيو من العام 2009م وقد سكنت فى هذا الحى الرائع ( الوم رووك ) واسال الله ان لا افارقه حتى لا ابتعد من المسجد والصلوات ، اختار الشيخ عبدالجليل اليوم الجمعة17 جمادى الاول 1437 هجرية الموافق 26 فبراير 2016 م حديث حفت النار بالشبهات وحفت الجنة بالمكاره فإلى شرح الحديث من الشيخ بن عثيمين
شرح حديث حفت النار بالشهوات وحفت الجنة بالمكاره
2:21
حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات، اشرحوا لنا هذا القول جزاكم الله خيرا؟
هذا حديث صحيح، حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (حُفت النار بالشهوات وحفت الجنة بالمكاره)، وفي اللفظ الآخر: (حُجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره)، المعنى أنه جعل بين النار وبين الإنسان ارتكاب الشهوات المحرمة، فإذا ارتكبها صار إلى النار، وانتهك الحجاب، وإن امتنع منها سلم، فالنفس قد تشتهي الزنا أو الخمر فإن طاوعها صار إلى النار، قد تشتهي ترك الصلاة والكسل ولا يصلي، فإن طاوع النفس صار إلى النار نعوذ بالله، قد تشتهي سب الدين والاستهزاء، فإن طاوع نفسه كفر وصار إلى النار، قد تشتهي الربا فإن طاوع نفسه وفعل الربا صار إلى النار، قد تشتهي النفس قطيعة الرحم والعقوق للوالدين فإن طاوعها هلك وصار إلى النار، فالنار حفت بالشهوات المحرمة. والجنة حفت بالمكاره بما تكرهه النفوس، النفوس قد تكره الصدقة، قد تكره الجهاد، لكن إذا خالفها وجاهد في سبيل الله وتصدق صار إلى الجنة، قد تكره المحافظة على الصلوات في الجماعة قد تكسل قد يكون ما عندها نشاط عندها كسل عندها كراهة في التقدم إلى الصلوات الخمس فإذا طاوعها هلك، وإن خالفها وصلى في الجماعة وحافظ على الصلاة في المساجد صار إلى الجنة، النفس أيضاً قد تكره صلة الرحم، بر الوالدين إكرام الجار، فإن طاوعها هلك، وإن خالفها وبر والديه ووصل أرحامه وأكرم جيرانه فاز بالسعادة، وهكذا.. المقدم: جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ: في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير. مستمعي الكرام: كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لسماحته، وأنتم يا مستمعي الكرام شكراً لحسن متابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.​
 

ما زلنا معكم وبينكم نتنفح عبير نسمات الفجر من بيرمنجهام حى الوم روووك رغم برودة الجو هذه الايام نتواصل اليوم السبت 18 جمادى الاولى 1437 هجرية الموافق 27 فبراير 2016 م وقد اختار لنا الشيخ عبدالجليل الباكستانى حديث من الروائع وقد اخترنا لكم شرح من شروح بن عثيمين فالى الحديث وشرحه :
عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ ) رواه البخاري
الشرح
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما رواه عن ابن عباس رضي الله عنهما : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة ، والفراغ ) ، يعني أن هذين الجنسين من النعم مغبون فيهما كثير من الناس ، أي مغلوب فيهما ، وهما الصحة والفراغ ، وذلك أن الإنسان إذا كان صحيحاً كان قادراً على ما أمره الله به أن يفعله ، وكان قادراً على ما نهاه الله عنه أن يتركه لأنه صحيح البدن ، منشرح الصدر ، مطمئن القلب ، كذلك الفراغ إذا كان عنده ما يؤويه وما يكفيه من مؤنة فهو متفرغ .
فإذا كان الإنسان فارغاً صحيحاً فإنه يغبن كثيراً في هذا ، لأن كثيراً من أوقاتنا تضيع بلا فائدة ونحن في صحة وعافية وفراغ ، ومع ذلك تضيع علينا كثيراً ، ولكننا لا نعرف هذا الغبن في الدنيا ، إنما يعرف الإنسان الغبن إذا حضره أجله ، وإذا كان يوم القيامة ، والدليل على ذلك قوله تعالى : ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ) (المؤمنون :100)، وقال عز وجل في سورة المنافقون : ( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِين َ) (المنافقون:10) ، وقال الله عز وجل : ( وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (المنافقون:11).
الواقع أن هذه الأوقات الكثيرة تذهب علينا سدىً ، لا تنفع منها ، ولا ننفع أحداً من عباد الله ، ولا نندم على هذا إلا إذا حضر الأجل ؛ يتمنى الإنسان أن يعطى فرصة ولو دقيقة واحدة لأجل أن يستعتب ، ولكن لا يحصل ذلك.
ثم إن الإنسان قد لا تفوته هاتان النعمتان : الصحة والفراغ بالموت ، بل قد تفوته قبل أن يموت ، قد يمرض ويعجز عن القيام بما أوجب الله عليه ، وقد يمرض ويكون ضيق الصدر لا يشرح صدره ويتعب ، وقد ينشغل بطلب النفقة له ولعياله حتى تفوته كثير من الطاعات .
ولهذا ينبغي للإنسان العاقل أن ينتهز فرصة الصحة والفراغ بطاعة الله ـ عز وجل ـ بقدر ما يستطيع ، إن كان قارئاً للقرآن فليكثر من قراءة القرآن، وإن كان لا يعرف القراءة يكثر من ذكر الله عز وجل ، وإذا كان لا يمكنه ؛ يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، أو يبذل لإخوانه كل ما يستطيع من معونة وإحسان ، فكل هذه خيرات كثيرة تذهب علينا سدىً ، فالإنسان العاقل هو الذي ينتهز الفرص ؛ فرصة الصحة ،وفرصة الفراغ .
وفي هذا دليل على أن نعم الله تتفاوت ، وأن بعضها أكثر من بعض ، وأكبر نعمة ينعم الله تعالى بها على العبد : نعمة الإسلام ، ونعمة الإسلام التي أضل الله عنها كثيراً من الناس ، قال الله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً ) (المائدة:3) ، فإذا وجد الإنسان أن الله قد أنعم عليه بالإسلام وشرح الله صدره له ؛ فإن هذه أكبر النعم .
ثم ثانياً : نعمة العقل ، فإن الإنسان إذا رأى مبتلى في عقله لا يحسن التصرف ، وربما يسيء إلى نفسه وإلى أهله ؛ حمد الله على هذه النعمة ؛ فإنها نعمة عظيمة .
ثالثاً : نعمة الأمن في الأوطان ، فإنها من أكبر النعم ، ونضرب لكم مثلاً بما سبق عن آبائنا وأجدادنا من المخاوف العظيمة في هذه البلاد ، حتى إننا نسمع أنهم كانوا إذا خرج الواحد منهم إلى صلاة الفجر ؛ لا يخرج إلا مصطحباً سلاحه ؛ لأنه يخشى أن يعتدي عليه أحد ، ثم نضرب مثلاً في حرب الخليج التي مضت في العام الماضي ؛ كيف كان الناس خائفين ! أصبح الناس يغلقون شبابيكهم بالشمع خوفاً من شيء متوهم أن يرسل عليهم ، وصار الناس في قلق عظيم ، فنعمة الأمن لا يشابهها نعمة غير نعمة الإسلام والعقل .
رابعاً : كذلك مما أنعم الله به علينا ـ ولا سيما في هذه البلاد ـ رغد العيش؛ يأتينا من كل مكان ، فنحن في خير عظيم ولله الحمد ؛ البيوت مليئة من الأرزاق ، ويقدم من الأرزاق للواحد ما يكفي اثنين أو ثلاثة أو أكثر، هذه أيضاً من النعم . فعلينا أن نشكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعم العظيمة ، وأن نقوم بطاعة الله حتى يمن علينا بزيادة النعم ؛ لأن الله تعالى يقول شرح حديث(نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ ) للعثيمين وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)(إبراهيم:7) .
المصدر
من كتاب رياض الصالحين المجلد الثاني / باب المجاهدة
للشيخ محمد العثيمين​
 

نتواصل مع الاحباب الزملاء الاهل اصدقاء الغربة لكى نقدم لهم الدرس اليومى بعد صلاة الفجر من بيرمنجهام ونرفع لهم التمام وهذه المره نعشم ان يتحلو بالحلم والاناة لزعيم وفد عبدالقيس والذى كان درس اليوم الاثنين 20 جمادى الاولى 1437 هجرية الموافق 29 فبراير 2016م من الوم رووك بيرمنجهام ومسجدها وامامه الشيخ عبدالجليل الباكستانى عن حكمته فالى الحديث :
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم .. أما بعد ..
"إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ ..الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ" ، كلمة قالها النبي صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس ؛ المنذر بن الأشج العصري ، سيد قومه ، وسبب إسلامه كان زوج ابنته منقذ بن حبان رضي الله عنه قدم المدينة بتجارة له ، فكلمه النبي صلى الله عليه وسلم وسأله عن قومه وأشرافهم ، رجل رجل بأسمائهم، فأسلم وحفظ من القرآن .
فلما عاد اطلعت عليه امرأته - وهي بنت المنذر - وهو يصلي ويقرأ ، فقال لأبيها : أنكرت زوجي منذ قدم من يثرب أنه يغسل أطرافه ، ويستقبل الجهة ( تعني القبلة ) ويحني ظهره مرة ويضع جبينه مرة ، فكلمه أبوها المنذر وتحاورَا ، فوقع الإسلام في قلبه فأسلم .
فثار إلى قومه عصر ومحارب بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه عليهم ، فوقع الإسلام في قلوبهم فأسلموا ، وأجمعوا القدوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة ، ولما دنا الوفد من المدينة قال النبي صلى الله عليه وسلم لجلسائه : " أتاكم وفد عبد القيس خير أهل المشرق ، وفيهم الأشج العصري غير ناكثين ولا مبدلين ولا مرتابين ؛ إذ لم يسلم قوم حتى وتروا – أي : أصيبوا – بقتل أو أسر " .
فلما وصلوا المدينة بادروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأقام الأشج عند رحالهم فجمعها وعقل ناقته ، لبس أحسن ثيابه ، ثم أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقربه النبي صلى الله عليه وسلم وأجلسه إلى جانبه ، وقال له فيما قال :"إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ الْحِلْمُ وَالْأَنَاةُ " .
تأخر الأشج ومع ذلك سبق ، وبادر قومه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومع ذلك أجلس النبي صلى الله عليه وسلم الأشج إلى جانبه ؛ لأنه الحليم العاقل المتأني المتثبت غير المتعجل .
فهل نتعلم الخصال التي يحبها الله في البشر وفي المؤمنين خصوصا ؟وهل نطبق ذلك في حياتنا وقراراتنا ومصير أمتنا ؟
إن المنازل عند الله لا تحددها المواقف الهوجاء ، ولا العواطف الثائرة ، بقدر ما يكتبها الله لمن اتصف بما يحبه سبحانه من قول وعمل وصفة ، وإنما المسابقة التي لا يفرط فيها المؤمن هي إلى طاعة لله ورسوله بينة لا اختلاف فيها ، وليس من التعقل لمن يقود سيارة في ضباب (شبورة) أن يجري بأقصى سرعة بزعم أنه يحب الوصول إلى الهدف مبكرًا ، ربما سقط في هاوية ، ربما اصطدم بصخرة أو حائط ، ربما كسرت سيارته في وهدة من وهاد الطريق ، وأن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرًا أبقى ( المنبت الذي يكثر ضرب جواده ليسر حتى يموت الجواد ) .
بل العقل أن يتمهل ويستبصر ولا يقدم على أمر إلا بعد دراسة ونظر ، ومن كان ضعيف البصر أو البصيرة استبصر برأي من معه من ذوي البصر والبصيرة ، ووالله إن الأمة في محنة وابتلاء لو كان في زمان عمر رضي الله عنه لجمع أهل بدر وبيعة الرضوان والمهاجرين والأنصار ومشيخة قريش ليستشيرهم .
فالعجب كل العجب ممن ينكر على غيره الحلم والأناة والتبصر والتثبت والدراسة والنظر ! وأظن أن لو صلينا كثيرًا ، وذكرنا كثيرا ، وتضرعنا كثيرا ، وتشاورنا كثيرا لهدانا الله إلى أرشد أمرنا ، وعن قريب ينقشع الضباب وتطلع شمس الحقائق ، ويظهر من أراد الخير فأصابه ، ومن أراده فأخطأه ، ومن أراد الباطل فأصابه .
ويظهر كذلك من كان أمره تبعا لهواه ، ومن أراد إصلاح دنياه تحت عباءة عمارة دينه ، فعلينا بالبصيرة ، وعلينا بالصدق ،وعلينا بالإخلاص ، فبهذا سبق من سبق ، وإن غدا لناظره لقريب .
وما أعظم كلمة مؤمن آل فرعون بعد أن دعا قومه إلى الله وأمره بعبادته ونهاهم عن الشرك وذكرهم بالجنة النار ، ثم قال : (فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) (غافر: 44)​
 

14 hrs
الاحباب الكرام فى كل مكان ما زلنا نتواصل معكم اليوم الثلاثاء من السادس من جمادى الثانى 1437 هجرية الموافق 15 مارس 2016 م ومن مسجد الوم رووك بيرمنجهام والشيخ الباكساتى عبدالجليل واليوم حديثة درر حديثة من صميم العقيدة وهى عينان لا تمسهما النار .
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ الله) رواه الترمذي وحسنه، وصححه الألباني، وفي رواية أنس بن مالك رضي الله عنه عند أبي يعلى: (عَيْنَانِ لا تَمَسُّهُمَا النَّارُ أَبَدًا: عَيْنٌ بَاتَتْ تَكْلأُ الْمُسْلِمِينَ فِي سَبِيلِ الله، وَعَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله).
التوجيه النبوي في الحديث
لا شك أن الهرب من النار والنجاة منها مطلبٌ لكل مؤمن بالله واليوم الآخر، وهمٌّ يؤرِّق مضجع عباد الله الصالحين، وفوق ذلك: هو الفوز يوم القيامة {فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} (آل عمران: 185)، ولذا يوجهنا النبي صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث - إلى سببين للنجاة من النار، هما: البكاء من خشية الله، والحراسة في سبيل الله، وسنتعرض لبيان كل منهما.
الأول: (عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله):
البكاء من خشية الله تعالى أصدق بكاء تردد في النفوس، وأقوى مترجم عن القلوب الوجلة الخائفة، والعين التي تذرف الدمع من خشية الله لن تمسها النار؛ لأن العين تتبع القلب، فإذا رقّ القلب دمعت العين، وإذا قسى القلب قحطت العين، قال الإمام ابن القيّم في "بدائع الفوائد": "ومتى أقحطت العين من البكاء من خشية الله تعالى، فاعلم أن قحطها من قسوة القلب، وأبعد القلوب من الله: القلب القاسي".
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ من القلب الذي لا يخشع، فيقول: (اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها) رواه مسلم.
وقد مدح الله تعالى البكائين من خشيته فقال في محكم التنزيل: {أُولَ?ئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى? عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَ?نِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} (مريم: 58)، روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية، فسجد، وقال: هذا السجود، فأين البكي؟ يريد البكاء. و(البكي) جمع باك.
كما أن البكاء من خشية الله تعالى سبب للرحمة يوم العرض على الله جل وعلا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله...وذكر منهم: ورجلٌ ذكر الله خالياً ففاضت عيناه) رواه البخاري ومسلم.
الثاني: (وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ الله):
تعد الحراسة في سبيل الله من أعظم مراتب الجهاد؛ لأن الحرّاس إما أن يكونوا في مقدمة الصفوف لقتال الأعداء، أو يسهرون بالليل لحماية الجيش من الأعداء، يقول الإمام ابن النحاس: "اعلم أن الحراسة في سبيل الله من أعظم القربات، وأعلى الطاعات، وهي أفضل أنواع الرباط، وكل من حرس المسلمين في موضع يخشى عليهم فيه من العدو فهو مرابط"، ولكن بعض العلماء وسّع مفهوم الحراسة، ولم يقصره على جهاد الكفار فحسب، قال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" موضحاً ذلك: "وهي مرتبة المجاهدين في العبادة، وهي شاملة لأن تكون في الحج، أو طلب العلم، أو الجهاد، أو العبادة، والأظهر أن المراد به الحارس للمجاهدين لحفظهم عن الكفار، قال الطيبي: قوله: (عين بكت) هذا كناية عن العالم العابد المجاهد مع نفسه، لقوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (فاطر: 28)، حيث حصر الخشية فيهم غير متجاوز عنهم، فحصلت النسبة بين العينين: عينُ مجاهدٍ مع النفس والشيطان، وعينُ مجاهدٍ مع الكفار".
وعلى معنى الجهاد يقول الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: "لأن أبيت حارساً خائفاً في سبيل الله أحب إلي من أن أتصدق بمائة راحلة".
ونختم بلطيفة ذكرها الإمام المناوي في "فيض القدير"، حيث قال: "سوّى بين العين الباكية والحارسة؛ لاستوائهما في سهر الليل لله، فالباكية بكت في جوف الليل خوفاً لله، والحارسة سهرت خوفاً على دين الله"، نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الباكين من خشيته، وأن يوفقنا لنكون من الحرّاس في سبيله.​
 
أعلى