الدرس اليومى بعد صلاة الفجر فى بيرمنجهام من بشرى مبارك إدريس


الحمد لله الذى بنعمته تتم الصاحات ونسأل الله توبه قبل الممات ، وحجة نمحو بها من الذنب ما فات ، وما زلنا بحمد الله وتوفيقه مع حديث الصباح وصلاة الفجر من مسجد الوم روووك اليوم الاربعاء ، السابع من جمادى الثانى 1437 هجرية الموافق 16 مارس 2016 م وحديث اليوم عن التوبة فالى الحديث :
باب التوبة مفتوح إلى أن تطلع الشمس من مغربها
قال في القاموس المحيط:
تابَ إلى الله تَوْبًا وتَوْبَةً ومَتابًا وتَابَةً وتَتْوِبَةً: رَجَعَ عن المَعْصيَة وهو تائِبٌ وتَوَّابٌ، وتابَ الله عليه: وفَّقَه للتَّوبةِ، أو رَجَعَ به من التَّشْدِيد إلى التَّخْفيفِ، أو رجَعَ عليه بِفَضْلِهِ وقبوله، وهو تَوَّابٌ على عبادِه؛ انتهى.
وقَوْله عَزَّ وجَلَّ: ? وَقَابِلِ التَّوْبِ ? [غافر: 3]، أراد التوبة، والتوبة: الإسْلاَمُ، يُقال: أدْرَكَ فلانٌ زَمَنَ التَّوْبَةِ، والتَّابَةُ: التوْبَةُ.
في الصحاح:
التوبة: الرجوع من الذنب، وفي الحديث: ((النَدمُ توبَةٌ))، وكذلك التَّوْبُ مثله، وقال الأخفش: التَّوْبُ جمع توبَةٍ، وتاب إلى الله توبةً ومتابًا، وقد تاب الله عليه: وَفَّقَهُ لها، واستتابَهُ: سأله أن يتوب.
وأصل التَّوبة في اللغة: النَّدم؛ فالله التَّائب على عبده يقبل ندمه، والعبد تائب إلى الله يندم على معصيته، والتَّوبة رجوع عما سلف بالنَّدم عليه، والتَّائب صفة مدح؛ لقوله: ? التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ ? [التوبة: 112]، فلا يُطلق اسم تائب إلاَّ على مُستحق للمدح من المؤمنين، وقيل: حقيقة التَّوبة الرُّجوع، والأوَّابُ الرَّاجع عن ذنبه، والأوْبَة الرُّجوع.
وقي تاج العروس:
أَصْلُ تَابَ: عادَ إلى اللهِ ورَجَعَ وأَنَابَ، وتَابَ اللهُ عليه؛ أَيْ: عَاد بالمَغْفِرَةِ، أَوْ وَفَّقهُ للتَّوْبَة، أَوْ رَجَعَ به مِن التَّشْديد إلى التَّخْفِيف، أَوْ رجَع عليه بفَضْلِه وَقَبُولِه، وكُلُّها معانٍ صَحِيحَةٌ وَارِدَةٌ، وهُوَ - أي اللهُ تَعَالى - تَوَّابٌ يَتُوبُ عَلَى عِبَادِه بفَضْله إذَا تَابَ إليه منْ ذَنْبِه.
قال تعالى: ? الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ * وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ * إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ? [هود: 1 - 4].
وقال تعالى: ? وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ? [هود: 52].
وقال تعالى: ? وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ ? [هود: 90].
وقال تعالى: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ? [التحريم: 8].
حديث عبدالله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((لَلَّهُ أفرح بتوبة عبده من رجل نزل منزلاً، وبه مهلكة، ومعه راحلته، عليها طعامه وشرابه فوضع رأسه، فنام نومة، فاستيقظ، وقد ذهبت راحلته، حتى اشتد عليه الحر والعطش، أو ما شاء الله، قال: أرجع إلى مكاني فرجع فنام نومة، ثم رفع رأسه، فإذا راحلته عنده))؛ أخرجه البخاري.
أخبرنا أبو حامد أحمد بن عبدالله الصالحي، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، حدثنا حاجب بن أحمد الطوسي، حدثنا محمد بن حماد، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يدا الله بِسْطَان لمسيء الليل ليتوب بالنهار، ولمسيء النهار ليتوب بالليل، حتى تطلع الشمس من مغربها))، هذا حديث صحيح.
حدثنا آدم حدثنا شعبة عن الأعمش عن ذكوان عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، والتوبة معروضة بعدُ))؛ رواه البخاري.
(والتوبة معروضة بعد)؛ أي: إن باب التوبة مفتوح لكل مذنب ارتكب معصية أو أذنب ذنبًا ويريد أن يتوب منه، فهي معروضة عليه (أي التوبة) بعد ارتكاب ذلك المحرَّم.
وعن أبي عبدالرحمن عبدالله بنِ عمَرَ بنِ الخطابِ رضيَ اللهُ عنهما، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِنَّ الله عز وجل يَقْبَلُ تَوبَةَ العَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ))؛ رواه الترمذي، وَقالَ: حديث حسن.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (ما لم يغرغر)؛ يعني: أنه عند الغرغرة، وهي مأخوذة من إدخال الشراب في الفم وردِّه الى أصل الحلق، ودفعه بواسطة الزفير، فلا يبلغ البلعوم، فيكون بمنزلة القيء يتغرغر به المريض، والغرغرة هي الحشرجة عند وصول الروح إلى الحلقوم، عندها يتيقن الإنسان أن الموت قد حل به، وقد غُلب على نفسه، وأنه لا يرجو حياة بعد ذلك؛ لأنه صار في حيز اليأس من الحياة، فلا يُعتدُّ بالتوبة في مثل هذه الأحوال؛ لأنها توبة اضطرار، قال تعالى: ? وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ? [النساء: 18].
والسر في عدم قبولها حين اليأس من الحياة؛ لأنه من شروطها عزم التائب على ألا يعود لارتكاب الذنوب والمعاصي؛ وذلك لا يتحقق إلا حين تمكُّن التائب من العيش، وبيده القدرة على الاختيار، أما بعد حصول اليأس والوصول إلى الغرغرة فيكون أوان الاختيار مفقودًا.
وفي الصحيح أنه قال: ((يا أيها الناس، توبوا إلى ربكم؛ فإني أستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثرَ من سبعين مرة))؛ رواه البخاري.
وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن عاصم الأحول، قال: سمعت عبدالله بن سرجس، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكلت معه من طعامه، فقلت: (غفر الله لك يا رسول الله، فقلتُ: أستغفر لك؟ فقال: ((نعم، ولكم))، وقرأ: ? وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ? [محمد: 19]، ثم نظرْتُ إلى نُغْضِ كتفه الأيمن أو كتفه الأيسر - شعبة الذي يشك - فإذا هو كهيئة الجُمع عليه الثَّآليلُ).
رواه مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، من طرق، عن عاصم الأحول، به.
وعن زِرِّ بن حُبَيْشٍ، قَالَ: أتيت صفوان بن عسال رضي الله عنه أسأله عن المسح على الخفين، فقال: ما جاء بك يا زِرُّ؟ فقلت: ابتغاء العلم، فقال: إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يطلب، فقلت: إنه قد حك في صدري المسح على الخفين بعد الغائط والبول، وكنْتَ امرأً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فجئْتُ أسألك: هل سمعْتَه يذكر في ذلك شيئًا؟ قال: نعم، كان يأمرنا إذا كنا سَفْرًا أو مسافرينَ ألاَّ ننزع خفافنا ثلاثةَ أيام ولياليَهن إلا من جنابة، لكنْ من غائط وبول ونوم، فقلت: هل سمعتَه يذكر في الهوى شيئًا؟ قال: نعم، كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فبينا نحن عنده إذ ناداه أعرابي بصوت له جَهْوَرِيٍّ: يا محمد، فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوًا من صوته: ((هَاؤُم))، فقلت له: ويحك! اغضض من صوتك؛ فإنك عند النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نُهيتَ عن هذا! فقال: والله لا أغضض، قال الأعرابي: المرء يحب القوم ولما يلحَقْ بهم؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((المرء مع من أحب يوم القيامة))، فما زال يحدثنا حتى ذكر بابًا من المغرب مسيرةُ عَرْضِه أو يسيرُ الراكب في عرضه أربعين أو سبعين عامًا، قال سفيان أحد الرواة: قِبَل الشام، خلقه الله تعالى يوم خلق السموات والأرض، مفتوحًا للتوبة، لا يُغلَق حتى تطلع الشمس منه؛ رواه الترمذي وغيره، وقال: حديث حسن صحيح.
كتاب: اتباع مناهج أهل السنن والآثار.. شرح سواطع الأنوار لمعرفة عقيدة سيد الأبرار
رابط الموضوع:​
 
الاحباب فى كل مكان ما زلنا فى الاحاديث الصباحية والاجازة فى ايامها الاخيرة اليوم الخميس الثامن من جمادى الثانى 1437 هجرية الموافق 17 مارس 2016 ، كان الحديث ما خير رسول الله صل الله عليه وسلم بين امرين إلا اختار ايسرهما وهذا الحديث مكرر قريباً فاخترت لكم حديث ( الرفق) فإلى الحديث :
ما كان الرفق في شيء إلا زانه
17 مارس, 2010 39,363 مشاهدة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
فإن الجملة السابقة التي تحمل العموم في معناها جزء من حديث نبوي شريف، وقبسٌ من وحي معصوم، تكلم به المصطفى صلى الله عليه وسلم لتسترشد به أمته، وتقتبس من نوره.
وقد فهم العلماء الراسخون من تلك الجملة النبوية العموم والشمول؛ ومن بينهم إمام المحدثين في عصره؛ ألا وهو الإمام البخاري رحمه الله حيث عقد باباً فسماه: باب الرفق في الأمر كله.
وأخرج الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه عن عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ فِي شَيء إِلاَّ زَانَهُ وَلاَ يُنْزَعُ مِنْ شَىْءٍ إِلاَّ شَانَهُ ».
والرفق قد أمرت به الشريعة في غير ما نص؛ فمن تلك النصوص ما رواه البخاري عن عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا السَّامُ عَلَيْكُمْ قَالَتْ عَائِشَةُ فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ وَعَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ قَالَتْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَهْلاً يَا عَائِشَةُ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ أوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : قَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ. وروى مسلم عَنْ جَرِيرٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: « مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ يُحْرَمِ الْخَيْرَ ».
وروى مسلم أيضاً عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: « يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ، وَيُعْطِى عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِى عَلَى الْعُنْفِ وَمَا لاَ يُعْطِى عَلَى مَا سِوَاهُ ».
فهذه النصوص النبوية الصحيحة تدل دلالة واضحة في الأمر بالرفق والإتيان به، وأنه لا يكون في شيء إلا زانه وجمله وحسنه، ولا ينزع من شيء إلا شانه وأنقصه وأفسده.
والرفق ضد العنف والشدّة ، ويُراد به اليسر في الاَُمور والسهولة في التوصل إليها ، وأصل الرفق في اللغة هو النفع، يقال : رَفَقَ ـ به ، وله ، وعليه ـ رِفقاً، ومَرْفِقاً : لانَ له جانبه وحَسُنَ صنيعه.
والرفق هو لين الجانب بالقول والفعل والأخذ بالأسهل وهو ضد العنف.
قال الحافظ ابن حجر عند شرحه لحديث عائشة المتقدم:
والمعنى أنه يتأتى معه من الأمور ما لا يتأتى مع ضده، وقيل المراد يثيب عليه ما لا يثيب على غيره، والأول أوجه، وله في حديث شريح بن هانئ عنها أن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه، وفي حديث أبي الدرداء: من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من الخير. الحديث. وأخرجه الترمذي وصححه وابن خزيمة. فتح الباري (10 / 449)
وقال الحافظ ابن عبد البر:
وأما الرفق فمحمود في كل شيء، ما كان في شيء قط إلا زانه، كذلك جاء عن الحكماء.
وروى مالك عن الأوزاعي عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله عز وجل يحب الرفق في الأمر كله” التمهيد (24 / 156)
قال سفيان الثوري رحمه الله : لا يأمرُ بالمعروف ويَنهى عن المنكرِ إلاّ من كان فيه خصالٌ ثلاثٌ : رفيقٌ بما يأمرُ ، رفيقٌ بما ينهى ، عدلٌ بما يأمر ، عدلٌ بما ينهى ، عالمٌ بما يأمر ، عالم بما ينهى. الورع للإمام أحمد : 166 .
وقال ابن القيم رحمه الله في النونية :
وهو الرفيق يحب أهل الرفق … يعطيهم بالرفق فوق أمان
وقال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في شرحه لهذا البيت :
ومن أسمائه سبحانه الــرفيــق، وهو مأخوذ من الرفق الذي هو التأني في الأمور والتدرج فيها، وضده العنف الذي هو الأخذ فيها بشدة واستعجال ..
والتفسير لهذا الاسم الكريم مأخوذ من قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ” إن الله رفيق يحب الرفق , وإن الله يعطي على الرفق مالا يعطي على العنف ”
فالله تعالى رفيق في أفعاله حيث خلق المخلوقات كلها بالتدريج شيئا فشيئا بحسب حكمته ورفقه ، مع انه قادر على خلقها دفعة واحدة وفي لحظة واحدة ..
وهو سبحانه رفيق في أمره ونهيه فلا يأخذ عباده بالتكاليف الشاقة مرة واحدة ، بل يتدرج معهم من حال إلى حال حتى تألفها نفوسهم وتأنس إليها طباعهم ، كما فعل ذلك سبحانه في فرضية الصيام وفي تحريم الخمر والربا ونحوهما …
فالمتأني الذي يأتي الأمور برفق وسكينة ، اتباعا لسنن الله في الكون واقتداء بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تتيسر له الأمور وتذلل الصعاب.
والرفق كان معلما واضحا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ويتمثله في حياته، والمتأمل في السيرة النبوية سيجد ذلك جليا واضحا في كل شئون النبي صلى الله عليه وسلم وأموره.
روت عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثماً فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه). متفق عليه. وقد ثبت ذلك عنه في مجالات كثيرة منها:
1- الرفق مع الأهل: قالت عائشة رضي الله عنها: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط بيده ولا امرأة ولا خادماً إلا أن يجاهد في سبيل الله وما نيل شيء منه قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله تعالى فينتقم لله تعالى). رواه مسلم. وكانت زوجه عائشة إذا هويت شيئاً أتبعها إياه ما لم يكن إثماً، وقد أذن لها صلى الله عليه وسلم بالنظر إلى أهل الحبشة وهم يلعبون، وأذن لها بالفرح واللعب يوم العيد.
2- الرفق مع الخادم: فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين والله ما قال لي أف قط ولا قال لي لشيء لم فعلت كذا وهلا فعلت كذا). روه مسلم.
3- الرفق مع الأطفال: فعن عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْهُا قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم ويدعو لهم). أخرجه البخاري. وعن أنس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور الأنصار ويسلم على صبيانهم ويمسح على رؤوسهم). رواه النسائي. وكان دائماً يقبل الحسن والحسين ويلاعبهما. وحمل أمامة بنت زينب في الصلاة رفقاً بها.
4- الرفق مع السائل: قال أنس : (كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جذبة شديدة فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جذبته ثم قال يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء). متفق عليه .
5- الرفق في تعليم الجاهل: عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه يقول: (بينما أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله. فرماني القوم بأبصارهم فقلت: واثكل أميّاه، ما شأنكم تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني، لكني سكت، فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم، فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه، فو الله ما كهرني ولا ضربني، ولا شتمني، قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير، وقراءة القرآن). رواه النسائي.
6- الرفق في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: عن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ : (بال أعرابي في المسجد فقام الناس إليه ليقعوا فيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : دعوه وأريقوا على بوله سجلاً من ماء أو ذنوباً من ماء إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين). رواه البخاري.
7- الرفق مع العاصي التائب: عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال يا رسول الله هلكت، قال ما لك قال وقعت على امرأتي وأنا صائم فقال صلى الله عليه وسلم هل تجد رقبة تعتقها قال: لا قال فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا فقال فهل تجد إطعام ستين مسكيناً قال لا فمكث النبي صلى الله عليه وسلم قال فبينما نحن على ذلك أُتي النبي صلى الله عليه بعرق فيه تمر والعرق المكتل فقال: أين السائل فقال: أنا فقال: خذه فتصدق به). متفق عليه. وكذلك رفقه مع الرجل الذي قبل امرأة وجاء نادماً فبين له أن الصلاة كفارة لذنبه ولم يعنف عليه وهذا ثابت في الصحيح.
8- الرفق في التعامل مع الكفار: فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليك ففهمتها فقلت: عليكم السام واللعنة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مهلاً يا عائشة فإن الله يحب الرفق في الأمر كله، فقلت: يا رسول الله، أولم تسمع ما قالوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقد قلت عليكم). متفق عليه.
وقد مر الحديث في ذلك.
9- الرفق بالناس في العبادات: قال جابر بن عبد الله: (أقبل رجل بناضحين وقد جنح الليل فوافق معاذا يُصلي فترك ناضحه وأقبل إلى معاذ ، فقرأ بسورة البقرة أو النساء ، فانطلق الرجل وبَلَغَه أن معاذا نال منه ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فَشَكَا إليه معاذاً ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا معاذ أفتان أنت أو فاتن ثلاث مرار فلولا صليت بـ سبح اسم ربك والشمس وضحاها والليل إذا يغشى ، فإنه يصلي وراءك الكبير والضعيف وذوالحاجة). متفق عليه. وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إني لأدخل الصلاة أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي فأخفف من شدة وجد أمه به). رواه مسلم.
فهذه نماذج نبوية في رفق النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه وأمته، واستقصاؤها مما يطول عن هذه المقالة.
وتبين أن الرفق هدي نبوي كريم، وخلق رفيع، من يحرم منه فقد حرم خيراً كثيراً.
ولذلك فالواجب على كل مسلم أن يقتفي أثر النبي صلى الله عليه وسلم في الامتثال بهذا الهدي، ويجعله شعاراً له في حياته العلمية والعملية.
والعجب ممن يجعل خلاف هذا الهدي النبوي من العنف والغلظة في تعامله وأخذه وعطاءه دين يدين به رب العالمين، فهل غاب عن أؤلئك تلك النصوص الصحيحة الآمرة بالرفق واللين، أم غاب عنهم تلك السيرة العطرة النبوية.
فعلى من يجد من نفسه تلك الصفات المذمومة من العنف وغيره أن يراجع نفسه، ويجاهد طبعه في إرجاعه للهدي النبوي في حسن التعامل مع النفس والخلق بالرفق واللين.​
 

السلام علييكم الاحباب نتواصل معكم الاحد 11 جمادى الثانى 1437 هجرية الموافق 22 مارس 2016 م وحديث اليوم من مسجد الوم رووك بيرمنجهام والشيخ عبدالجليل الباكستانى ودرس اليوم حديث ( من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا واكل ذبيحتنا فذلك المسلم ) فالى الحديث وشرحة :
عن علي رضي الله عنه قال: (ما عندنا شيء إلا كتاب الله وهذه الصحيفة عن النَّبي صلى الله عليه وسلم... ذمة المسلمين واحدة، فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله، والملائكة، والناس أجمعين، لا يقبل منه صرفٌ ولا عدل) (1) .
وفي رواية مسلم: ((ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم)) (2) .
قال النووي: (قوله صلى الله عليه وسلم: ((ذمَّة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم)). المراد بالذمة هنا الأمان. معناه: أنَّ أمان المسلمين للكافر صحيح، فإذا أمَّنه به أحد المسلمين، حرُم على غيره التعرُّض له، ما دام في أمان المسلم، وللأمان شروط معروفة... وقوله صلى الله عليه وسلم: ((فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنة الله)). معناه: من نقض أمانَ مسلم فتعرَّض لكافر أمَّنه مسلم، قال أهل اللغة: يقال: أخفرتُ الرجل إذا نقضتُ عهده، وخفرته إذا أمَّنته) (3) .
وقال ابن حجر: (قوله: ((ذمَّة المسلمين واحدة)) أي: أمانهم صحيح، فإذا أمَّن الكافرَ واحدٌ منهم حرُم على غيره التعرُّض له... وقوله: ((يسعى بها)) أي: يتولَّاها ويذهب ويجيء، والمعنى: أنَّ ذمَّة المسلمين سواء صدرت من واحد أو أكثر، شريف أو وضيع، فإذا أمَّن أحد من المسلمين كافرًا وأعطاه ذمَّةً لم يكن لأحد نقضه، فيستوي في ذلك الرجل والمرأة، والحرَّ والعبد؛ لأنَّ المسلمين كنفس واحدة... وقوله: ((فمن أخفر)) بالخاء المعجمة والفاء أي: نقض العهد، يقال: خفرته بغير ألف أمَّنته، وأخفرته نقضت عهده) (4) .
قال ابن تيمية: (جاء الكتاب والسنة بالأمر بالوفاء بالعهود، والشروط والمواثيق والعقود، وبأداء الأمانة ورعاية ذلك، والنهي عن الغدر، ونقض العهود، والخيانة، والتشديد على من يفعل ذلك) (5)
- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلَّى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله، فلا تخفروا الله في ذمته)) (6) .
قال ابن رجب: (... ((فلا تخفروا الله في ذمته)). أي: لا تغدروا بمن له عهد من الله ورسوله، فلا تفوا له بالضمان، بل أوفوا له بالعهد) (7) .
وقال القاري: (أي: لا تخونوا الله في عهده، ولا تتعرَّضوا في حقِّه من ماله، ودمه، وعرضه، أو الضمير للمسلم أي: فلا تنقضوا عهد الله) (8) ، (ولا تخونوه بانتهاك حقوقه، فإنَّ أي اعتداء عليه هو خيانة لله ورسوله، ونقض لعهدهما، وإهدار لكرامة الإسلام) (9) .​
 
بسم الله الرحمن الرحيم نتواصل معكم احبابنا اهل الحديث اليوم الجمعة16 جمادى الثانى الموافق 25 مارس من مسجد الوم رووك بيرمنجهام والشيخ الجليل عبدالجليل الباكستانى وحديث اليوم من اهم ركائو الاسلام ويعتبر ثلث الاسلام وهو حديث عمر بن الخطاب رضى الله عنه ( إنما الاعمال بالنيات وإنما لكل امرى ما نوى ) فالى شرح الحديث من رياض الصالحين :
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح رياض الصالحين
حديث عُمرَ بنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه "إنَّما الأَعمالُ بالنِّيَّات، وإِنَّمَا لِكُلِّ امرئٍ مَا نَوَى ... "
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فالحديث في باب الإخلاص، وإحضار النية هو حديث أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي العدوي -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه))([1]).
قوله -رحمه الله-: عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، أمير المؤمنين عمر -رضي الله عنه- هو أول من لقب بذلك من الخلفاء، ويكنى بأبي حفص، ولم يكن له ولد يسمى بذلك، ومعلوم أنه لا بأس من أن يكنى الرجل، أو أن يكني نفسه بكنية وليس له ولد بهذا الذي كني به، وهذا كثير، سواءً كان له أولاد، أو لم يكن له أولاد، وعائشة -رضي الله عنها- تكنى بأم عبد الله، وعبد الله هو ابن أختها أسماء، عبد الله بن الزبير -رضي الله عنه-، ولم يكن لها أولاد، كما هو معلوم.
وعمر -رضي الله عنه- له أولاد، له أبناء وبنات، وكني بأبي حفص، وحفص من أسماء الأسد، عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي.
كعب بن لؤي هذا هو الذي يلتقي فيه بنسب النبي -صلى الله عليه وسلم-، يشترك مع النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا الجد.
وقوله: القرشي، العدوي، هذا الذي الصحيح في النسبة، أن يذكر الأعم، ثم يذكر الأخص بعده، فإن بني عدي من قريش كما هو معلوم، فلو قال: العدوي فإن ذلك يغني عن القرشي، لو قال: عمر بن الخطاب العدوي القرشي، فلا حاجة لذكر القرشي بعده؛ لأن العدوي قرشي، ولكن حينما يبدأ بالأعم يقال: القرشي، ثم يقال: العدوي، ينقله إلى الأخص فيكون لما بعده فائدة، يعني: للثاني، فهذه الطريقة في النسب أن يبدأ بالأعم ثم الأخص.
فلو قال مثلاً: محمد بن عبد الله الهاشمي القرشي، فإذا قال: الهاشمي معلوم أن الهاشمي من قريش، ولكن إذا قال: القرشي الهاشمي، فإن ذلك لا شك يكون له فائدة من ذكر الأخص بعد الأعم، وقد يقال: ما الحاجة لذكر الأعم ثم الأخص؟ هلا ذكر الأخص واكتفي به، فقيل: العدوي فقط.
فيقال: قد يكون من الناس من لا يعلم لا سيما في بعض البطون المشهورة، من لا يعلم أن هذا من قريش مثلاً، أو أنه من غيرهم كالأنصار مثلاً، أو ثقيف أو هوازن.
يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى))، هذا حديث مشهور، مشهور، يعني: على الألسن ومشهور أيضاً حيث يطرق الأسماع كثيراً، وإن كان في معيار الصناعة الحديثية يقال له: الغريب؛ لأنه لم يرو من طريق صحيح بطبقة الصحابة -رضي الله عنهم-سوى عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، وإن جاء عن جماعة من الصحابة يبلغون العشرين، ولكنه لم يصح إلا من طريق عمر -رضي الله عنه-، فهو الوحيد الذي يرويه من الصحابة، وجاءت الرواية عنه بأسانيد صحيحة.
هذا الحديث عده بعض أهل العلم -كما ذكرنا في مناسبات أخرى-، عده بعضهم نصف الإسلام، يعني قالوا: بأن مدار الإسلام على حديثين هذا واحد منها، وعده بعضهم ثلث الإسلام، يعني: أن الإسلام يدور على ثلاثة أحاديث هذا واحد منها، وعده بعضهم ربع الإسلام.
قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))، فهاتان جملتان، هل هذا من قبيل التكرار؟ يعني: هل الجملة الثانية بمعنى الأولى ؟
الجواب: لا ليس كذلك، فالجملة الأولى على الأرجح أن ذلك في بيان أحكام الأعمال، وما يكون معتبراً منها وما تؤثر فيه النية، ((إنما الأعمال بالنيات)) بعضهم يقول: لم يقل الأفعال، وإنما قال الأعمال؛ لئلا يدخل في ذلك أعمال القلوب، يعني: إذا قيل الأفعال، يقولون: بأن الفعل يشمل فعل الجوارح، وقول اللسان، والترك، والتروك أفعال، والأقرب -والله تعالى أعلم- أنه لا فرق من هذه الحيثية بين الأفعال والأعمال، فالأعمال والأفعال تصدق على أعمال القلوب، وتصدق على أعمال الجوارح، وتصدق على أقوال اللسان، وتصدق على التروك، فالترك فعل، فالله -عز وجل- قال: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ * كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ} [المائدة:78-79].
فسمى ترك الأمر بالمعروف بنص القرآن فعلاً، بل أبلغ من هذا سماه صنعاً، والصنع أحكم وأدق وأخص من الفعل، هو فعل بإحكام بإتقان، لقوله عن الأحبار والرهبان، فإن ترك الأحبار، والرهبان، والعلماء للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أشد من ترك غيرهم، قال: {لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} [المائدة: 63]، فسمى ترك الأحبار والرهبان للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صنعاً، والترك فعل في صحيح المذهب.
وقول الصحابي -رضي الله عنه- لما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يبني مسجد قباء ويحمل اللبن، قال:
لئن قعدنا والنبي يعمل*** فذاك منا العمل المضلل
فسمى الترك عملاً، يقال له: فعل، ويقال له: عمل.
قال: ((إنما الأعمال بالنيات))، يعني: أنها تعتبر بالنيات، هذا الاعتبار تارة يكون بالصحة، بحيث أنه لا يصح العمل أحياناً إلا بنية، فلو أنه صلى ولم ينو، أو اغتسل ولم ينو، أو توضأ ولم ينو، فمثل هذا لا يصح هذا العمل، لو صام ولم ينو، فإنه لا يعتد بعمله.
كما أن النية تفرق بين العادة والعبادة، هذا غسل، وهذا نظافة، يعني: اغتسل غسل شرعي، وهذا غسل نظافة، ففرقت بين العادة والعبادة.
وكذلك النية تفرق –أيضاً- بين أنواع العبادات، فهذه التي صليناها هي فرض العشاء، هذه التي تصليها بعدها هي الراتبة، التي صليتها حينما دخلت المسجد أول ما دخلت، هذه تحية المسجد، التي صليتها قبل الفجر هذه راتبة الفجر، التي صليتها بعدما أقيمت الصلاة هذه الفريضة، فالنية تفرق بين أنواع العبادات.
هذا صوم فرض، قضاء، وهذا نذر، وهذا تطوع، فهذا أيضاً داخل في قوله: ((إنما الأعمال بالنيات))، فتميز النية بين هذا وهذا، لكن يبقى كما ذكرت في بعض المناسبات، هل يصح عمل بلا نية أو لا يصح؟
الذين قالوا: إنه عبر هنا بالأعمال، ولم يعبر بالأفعال، قالوا: لأن أعمال القلوب لا تحتاج إلى نية؛ لأنه لا يدخلها العادة، ولا يدخلها الرياء، فما يحتاج نية.
الخوف من الله ما يحتاج إلى نية، المراقبة ما تحتاج إلى نية، الحياء من الله ما يحتاج إلى نية، فهذه أعمال قلبية لا تحتاج إلى نيات.
وبعض أهل العلم يقولون: إن جميع الأعمال التي بالجوارح، وباللسان، لا تصح إلا بنية، أو لا بد فيها من نية، والأقرب أن هذا فيه تفصيل، فيقال: من الأعمال ما لا يحتاج إلى نية من أجل أن يؤجر الإنسان عليه، أو من أجل إبراء ذمته، فهناك قدر متفق عليه، مثل قضاء الدين، ورد المغصوب، هذا لا يحتاج إلى نية، أعطاه مالاً ولم ينو شيئاً، فتذكر فيما بعد أنه يريد منه أنه مدين له، فقال: هذه إذن لن أطالب بها، تكون في مقابل ما كان يطلبني، فما يحتاج إلى نية.
وكذلك رد المغصوب لا يحتاج إلى نية، رد المسروق لا يحتاج إلى نية، هناك نوع آخر وهو أعمال من الإحسان، هل يشترط لها النية أو لا؟
مثل المرأة التي سقت الكلب، وغفر الله لها بسبب ذلك، هذه لم يذكر أنها نوت، فدل على أن مثل هذا لا يحتاج إلى نية، وجدت إنسان يحتاج إلى من يبصره بالطريق، ومن يدله على مكان، فدللته ولم تستحضر نية، تؤجر، تبسمت في وجه إنسان، ((تبسمك في وجه أخيك صدقة))([2]) ما يحتاج إلى نية، تكلمت بكلام طيب، كف الأذى صدقة، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وجدت إنساناً في حال من العطش، أو في حال من الجوع ،أو في حال من التعب، فحملته معك في سيارتك و لم تنو شيئاً، لم تنو التقرب إلى الله، فهذا لا إشكال فيه، ويؤجر الإنسان عليه، لكن النية يحتاج إليها في مثل هذا في أمر واحد، أن لا توجد نية فاسدة، الرياء أو السمعة، فإذا سلم من هذا فإنه يؤجر، فالذي يعمل من أجل أن يكفي نفسه السؤال والحاجة، ويكفي أولاده وأهله، يسعى عليهم يؤجر على العمل، بخلاف من يعمل تكثراً لطلب الدنيا، فمثل هذا لا يؤجر، وكذلك حينما يطعم امرأته، قال: ((إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى ما تجعل في فم امرأتك))([3])، وقيدها هنا: ((تبتغي بها وجه الله)) لكنه ليس بشرط.
لأن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: ((وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر))([4]).
فهذا كله يؤجر الإنسان عليه، ولو لم ينو، لكن لا يكون له قصد فاسد، أعطيت إنسان هدية، لم تبتغ وجه الله، لكن ما قصدت معنى فاسداً، قد يعطيه هدية من أجل ماذا؟
كرشوة يأثم، مرائي يأثم، يعطيه هدية من أجل أن يتوصل إلى معنىً محرم هذا يأثم، لكن أعطاه هدية من باب الود، وما أشبه ذلك، فهذا يؤجر عليه، ولو لم تحضره نية التقرب إلى الله -عز وجل-، وهكذا.
قال: ((إنما الأعمال بالنيات))، فهذه أحكام الأعمال أنها تعتبر، أنها تصح، أنها تقبل، بحسب ما اتصل بها من النيات، والنيات عرفنا أنها المقاصد، انبعاث القلب نحو العمل، إرادة القلب، توجه القلب، كل هذا متقارب.
قال: ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) هذه الجملة الثانية كما سبق ليست بتكرار للأولى، ولكنها تبين هنا أحكام العاملين، ((لكل امرئ ما نوى))، هنا الأعمال تعتبر بالنيات، هنا يكون للعاملين ما نووه.
فهذا الإنسان قد يعمل عملاً صالحاً، ويريد به ما عند الله فيؤجر، قد يريد به الرياء والسمعة فيأثم، قد يكون هذا العمل الذي عمله هذا الإنسان يريد به أمراً مباحاً.
قد يريد أن يتوصل بهذا الأمر المباح إلى قربة من القربات، فيكون عبادة، يريد أن ينام من أجل أن يقوم الليل، ينام في القيلولة، فيكون نومه هذا عبادة، يأكل ليتقوى على الطاعة، فيكون أكله عبادة، آخر يأكل ليتقوى على المعصية، أو ينام في النهار ليسهر بالليل على معصية، فمثل هذا يكون نومه معصية.
إنسان اشترى سيارة ليتوصل بها إلى مطالب محمودة، وقربات وطاعات، يذهب بها إلى المسجد، يذهب بها للدعوة إلى الله، يذهب بها لصلة الرحم، وما أشبه ذلك، يؤجر.
آخر اشترى سيارة من أجل أن يسافر بها إلى الحرام، أن يذهب بها إلى الحرام، أن يستعملها فيما حرم الله، فهذا يأثم، هذا إنسان اشترى هذا الجهاز، جهاز تسجيل من أجل أن يسمع به القرآن، والدروس، والمحاضرات يؤجر على هذا الثمن الذي بذله فيه، وهذه النية، وذاك اشتراه من أجل أن يسمع الحرام والمعازف، وما أشبه ذلك، فيأثم، وهكذا.
هذا إنسان افتتح متجراً في السوق من أجل أن يطلب الرزق وكذا، هذا أمر لا إشكال فيه، مباح، وقد يؤجر عليه كما سبق.
لكن آخر افتتح هذا المحل من أجل أن يوقع النساء، فتح مكان فيه ملابس نسائية، فيه أشياء في سوق النساء ونحو ذلك، لا لشيء إلا من أجل أن يكون علاقات محرمة عن طريق هذا المحل، وهذا يوجد، فيكون آثماً بفتح هذا المحل، وبكل ذهاب يذهب، وكل رخصة يخرجها، وكل ما ينفقه من أجل هذا المحل، والإيجار الذي يدفعه، وخطواته فيه معصية.
هذا يطلب العلم الشرعي، لا يريد إلا دنيا، فيكون لم يرح رائحة الجنة، وهذا يريد ما عند الله، فيصعد إلى أعلى المنازل، هذا حفظ القرآن ليقال: قارئ، فيكون -نسأل الله العافية- من أول من تسعر بهم النار يوم القيامة.
وهذا قرأ القرآن، ليصعد في المنازل والدرجات العالية في الآخرة، فهذا يرتقي بهذا العمل، والله -عز وجل- يعلم ما في الصدور، ولا يخفى عليه خافية.
لا أطيل عليكم، فأكتفي اليوم بهذا، أسأل الله -عز وجل- أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، ويجعلنا وإياكم هداة مهتدين.
[1]- أخرجه البخاري، كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ (1/6)، رقم: (1).
[2]- أخرجه الترمذي، أبواب البر والصلة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في صنائع المعروف (4/339)، رقم: (1956)، وابن حبان، كتاب البر والإحسان، باب حسن الخلق (2/221)، رقم: (474).
[3]- أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب: ما جاء إن الأعمال بالنية والحسبة، ولكل امرئ ما نوى (1/20)، رقم: (56)، ومسلم، كتاب الوصية، باب الوصية بالثلث (3/1250)، رقم: (1628).
[4]- أخرجه مسلم، كتاب الزكاة، باب بيان أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف (2/697)، رقم: (1006).​
 

نتواصل معكم احباب الحديث اخوان الصفاء فى كل مكان وقد اصبح تواصلنا معكم بعد انتهاء الاجازة الاثنين والجمعة ان شاء الله وهى ايام عطلتى ، ومن الوم رووك ومسجدها والشيخ عبدالجليل الباكستانى وحديثنا اليوم الاثنين 19 جمادى الثانى 1437 هجرية الموافق 28 مارس 2012 اى الاعمال افضل واختارنا لكم من شروح الدكتور محمد راتب النابلسى فالى شرح الحديث :
شرح الحديث الشريف - الشرح المختصر - الدرس ( 092 - 207 ) : أي العمل أفضل فقال إيمان بالله ورسوله...
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2002-01-06
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
أيها الأخوة الكرام: يقول عليه الصلاة والسلام فيما رواه البخاري ومسلم:
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ فَقَالَ إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ حَجٌّ مَبْرُورٌ ))
(صحيح البخاري)
هذا السؤال يكثر من قبل الصحابة لأن الله عز وجل قال:
? قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (104)?
(سورة الكهف)
ضل سعيهم في الحياة الدنيا، سمعت عن إنسان اشترى بيت والبيت مكسي كامل كسر كل شيء وكسر البلاط وقلع النوافذ وقلع السيراميك لم يبق شيء، وبدأ يكسو هذا البيت بأذواقه وأذواقه عالية جداً ،استغرقت كسوة البيت أربع سنوات كل يوم بالبيت وقبل أن يسكنه بثلاثة أيام أصيب بأزمة قلبية نقل معها للمشفى بقي في المشفى ثمانية عشر يوماً ثم توفاه الله فدخل بيته ميتاً وغسل فيه ثم نقل للقبر !!!!! أربع سنوات عمل مجهد ومراجعة ومحاسبة وبدل وكسر وغير هنا فرق ميلي، دخل البيت ميتاً.
لي صديق يبني بيوت في المصايف والله مرة قال: تعال انظر لهذا البيت فعلاً أوجه بيت في البناء إطلالة جميلة جداً وصدقاً مساحة مطبخه مساحة بيت كل شيء من أغلى ما يكون، قلت له ممتاز متى سيسكنه قال: بعد شهر، بعد شهر فاجأني أن كل شيء صار جاهز ونقل له الأساس واشترى له أساس جديد كامل الستائر لم يبق إلا منظم الكهرباء قال: يا أبا فلان الكهرباء عندكم مضطربة يلزمكم منظم قال: أنا الخميس قادم قال الخميس ظهراً يكون مركب ركبه الخميس ظهراً وسعد بإنجازه لكل شيء واتصل به في البيت فقالوا له مات ! قال: والله ما دخله ليسكنه فقط ليكسوه، قصص كثيرة جداً.
? قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (104)?
مرة عرضوا بالإعلانات اليومية صحن سيجارة وعوض السيجارة واحد ميت ومسطح فيها، منظر الكفن مخيف، أنا والله لم أراه، لكن بلغوني بوجود إعلان ببعض المحطات الفضائية إنسان يعمل على الكومبيوتر يدوخ يموت يكفنوه يضعوه بالقبر إعلان طويل مدته ثلاث دقائق شيء مخيف !
? قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (104)?
والله أعرف رجل من أغنياء الشام عمره حوالي خمس وسبعون سنة ما مشروعه ؟ يفتح بلبنان كازينو، لم يجد مشروع ينفع الأمة إلا كازينو هل رأيت الانحراف.
? قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (104)?
كل إنسان يتحرك لكن نوع حركتك وفق الحق والباطل، كم دعوة كدية في قصر العدل، كم بيت مغتصب وكم شركة مغتصبة كم إنسان عليه دين لا يدفعه.
واحد لزمه ثلاثمائة ألف لم يعطه أحد وهو بحاجة ماسة يبدو لعمل جراحي القصة قديمة عنده فيلة ومسبح ثمنهم مليونين عرض الفيلة رهن واحد قبل قال: طوبها وهذه الثلاثمائة ألف عندما ترد لي المبلغ أتنازل، قال: حسناً وطوبها وأخذ ثلاثمائة ألف قال تفضل المبلغ قال: لا كل واحد حقه معه مات قهر أصيب بأزمة قلبية وشارف على الموت لكن من حرق قلبه كلف ابنه أن يمشي الجنازة من المهاجرين لباب توما هناك له محل تجاري هذا الشخص، قال والجنازة تمشي أمام المحل تقف وتدخل لصاحب المحل المغتصب وتعطه الرسالة كتب له رسالة قبل أن يموت قال: أنا ذاهب إلى دار الحق لأقاضيك هناك فإذا كنت بطلاً فلا تلحقني أين المسلمين يغوصون في الحرام والمال الحرام والعلاقات المحرمة في اغتصاب البيوت والشركات وعلاقات آثمة وخيانات زوجية وسهرات مختلطة وسهرات حتى الفجر واحتيال وغش للمسلمين في طعامهم وشرابهم ليجمع الأموال، موقفه يوم القيامة...
في منطقة الحجاز يركب سيارته زوجته جانبه أزمة قلبية والحمد لله صارت معه على الإشارة صرخت زوجته صديقه بالصدفة خلفه حمله وأدخله المشفى للعناية المشددة، وهو في العناية قال: أريد مسجلة كاسيت بالمكان الفلاني محل حول الجامع هذا لأخواتي أنا مغتصبه الأرض الفلانية لأخواتي مغتصبها الأخ الأكبر أخذ كل شيء وحرم كل إخوته كل شيء ذكر في هذا الشريط بعد جمعة لم يبق به شيء مع أن الجلطة تمشي عندما شفي أخذ الشريط وكسره عاد لقديمه ! بعد ثمانية أشهر جاءت القاضية، الجلطة الأولى تحذير الثانية بالمائة خمسين يموت الثالثة القاضية، هذه الدنيا !
? قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (104)?
والله لي صديق عنده صالة عرض فخمة جداً قريبة من بوابة الصالحية في الطابق الثالث قال: جاءني زبون يريد غرفة نوم قال: لم يمر علي مثل هذا الزبون موسوس لدرجة تفوق حد الخيال اشترى الخشب من الغوطة وعتقهم سنتين حتى ما يفتل أثناء الصنع، إذا كان ناشف لا يفتل، أما إذا طري يفتل قال: اشترى خشب جوز ويبسهم سنتين جاء الآن دور الموديل قال: ستة أشهر من كتالوك لكتالوك هذه ليست جميلة أريد أجمل ثم اختار موديل الحمد لله بدأ الصنع قال: يعمل لي كبسات أين وصلت ماذا فعلت ؟ قال: مرة انبطح تحت السرير خاف أن أضع له عقدة في رجل السرير من الداخل ! قال: فعلته ليست معقولة بعد انتهاء الغرفة بسبعة أشهر دخلنا بعام المسكات على شارع العابد هذه تلبق هذه لا هذه شاطحة هذه فيها خط قال: أتعبني بعدما انتهت المسكات وركبناهم الغرفة جاهزة تفضل وخذها قال:سأدهن الغرفة يلزمه ست وجوه معجون وثلاث وجوه دهان الغرفة صارت جميلة والزبائن كثر تعال خذها لي أصدقاء أثرياء وقد أعجبتهم قال: أمهلني فالنتيجة ماطله جمعة جمعتين ثلاثة ثم ضجر قال: الخميس إذا لم تأتي سأبيعها الخميس لم يأتي اتصل به فأخبرته زوجته أنه مات !!!
? قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (104)?
لذلك الصحابة سألوا النبي الكريم:
(( أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ فَقَالَ إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ حَجٌّ مَبْرُورٌ ))
المسلمون تركوا الجهاد أربعمائة سنة سيدفعون الثمن اليوم، الأجانب قهروهم بثقافتهم وفضائياتهم وأفلامهم وبقانون العولمة، ويجب أن تلغي الجمارك كل شيء اتفاقيات دولية لصالح الجمارك.
فلذلك بعدما ملكوا هذه الأسلحة الفتاكة أملوا إرادتهم على جميع المسلمين قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ حَجٌّ مَبْرُورٌ، أنا أسمي الحج رحلة قل الأخيرة، لكل منا رحلة أخيرة يريد أن يمشي، قال: يا تمشي يا تشمي.
كنت مرة في المغرب فقرأت كلمة وأعجبتني: صلي قبل أن يصلى عليك، فلذلك الحج المبرور رحلة قبل الأخيرة، قد تذهب للحج وتكون ضابط كبير غير مسموح أن تضع لواء يوجد منشفة فقط لا غير، قد يكون عندك شركة تجارية ضخمة، ليس مسموح بارتداء بذة بيير كالدان منشفة ! أو حذاء ريد شوذ،تسير حافي القدمين يعيدك الله للكفن، لا يوجد شخص مهم له خط عسكري للطواف يطوف مع عامة المسلمين ودهمائهم لو كان ملك لا يوجد طواف خاص للملك أبداً يطوف مع الناس فهذا الحج، فالحج يحجم الإنسان يكون غني كبير يصغر، يكون بمنصب رفيع يصغر، يكون بشأن......
مرة كنا في بعثة بالحج خمس وثلاثون عالم من الشام الباص لا يكفي جلسنا على الظهر، سأله أنت بالشام تفعل هكذا ؟ قال: مستحيل ! كل واحد له مكانته، إذا لم تأتي السيارة لخذي لا أخرج، أما هنا صعد للسطح ! بالحج يتوهم الإنسان لأنه يوجد وهم كبير، المال يوهم مع أن أحد أغنياء اليهود يتفقد خزنته وهي غرفة دخل لغرفة فقفل الباب خلفه صرخ لم يسمعه أحد جرح أصبعه وكتب على الحائط أغنى إنسان في العالم يموت جوعاً وعطشاً ! أنت بحاجة لكاس ماء وقطعة خبز وكأس شاي لو منعت عنك تبيع كل أموالك فلذلك الحج يحجم الإنسان يعود صغير وعبداً لله عز وجل.
فلذلك الحج رحلة قبل الأخيرة تجريب عوضاً عن الكفن منشفة، عوضاً عن اللقب الكبير يا حاج امشي، يشعر الإنسان أن لا أحد يعرفه ويعظمه، ومثله كباقي الناس، وكل ميزاته يفقدها في بلده، والله يريد تواضع لا يريد كبر، باب الانكسار ليس عليه ازدحام، باب الكبر مزدحم، كل واحد عمل نفسه محور العالم، إذا تناديه بدون لقبه العلمي لا يرد عليك، إذا لم تضعه في أول صف ينزعج، مرة اقترحت على صالة أن تكون أول صف كلها ! طولها خمسة كيلو متر لم يعد مشكلة، تنحرج لم يجلس أول صف وله مقام كبير يتغير لونه لن تستطيع الكلام معه، مقامه أول صف ولم يعد هناك مكان، يضعوا كراسي جانباً يأتي رجل مهم فيجلسوه، إذا لم تأتي على الوقت تجلس درجة ثانية ! تجد أشياء كلها تقاليد اجتماعية.
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ فَقَالَ إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ حَجٌّ مَبْرُورٌ ))
فهذا الحج المبرور تصلي باليوم خمس صلوات تنشحن شحنة تكفيك للصلاة الثانية، لكن تحضر الجمعة وتنشحن بالخطبة للجمعة القادمة، أما رمضان يجب أن تنشحن شحنة تكفيك لرمضان الثاني، أما الحج تنشحن شحنة العمر تعود إنسان آخر تائب ودود رحيم منصف فالحج شحنة العمر.
مرة كنا بالحج وبالعودة الطائرة تأخرت خمس ساعات أنا جالس أنتظر والانتظار صعب، فيبدو أن الركاب جاعوا يوجد شركة سعودية أحضرت لكل واحد علبة عصير وساندويش واحد لم يبق له فشتم الدين قادم من الحج !!!!!
(( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُ مِائَةٍ وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ ٌ ))
(سنن أبي داوود)
يوجد بالحج أربع ملايين ماذا يفعلون بالحج، مساء بالفنادق أفلام مصرية وبالنهار يطوفون حول الكعبة ومساء على التلفاز يتابعون الفيلم هذا واقع المسلمين.
أين أصحاب رسول الله كانوا رهبان في الليل فرسان في النهار، والحمد لله رب العالمين.
والحمد لله رب العالمين​
 
السلام علييكم الاحباب الكرام ما زلنا نرشف من معين الاحاديث النبوية من مسجد الوم رووك بيرمنجهام اليوم الجمعة 23 جمادى الثانى الموافق غره ابريل 2016م وحديث اليوم عن انس بن مالك رضى الله عنه قال قال رسول الله صل الله عليه وسلم ( من سرة ان يبسط له فى رزقه وينسأ له فى اثره فليصل رحمة ) رواة البخارى ومسلم .
والان الى شرح الحديث مفصلاً .
145514: شرح حديث : ( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ) .
السؤال : هل من الممكن أن تشرحوا لي هذا الحديث : عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من أحب أن يبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه) متفق عليه ، وما معنى (يُنسىء له في أثره) ؟
تم النشر بتاريخ: 2010-03-05
الجواب :
الحمد لله
روى البخاري (2067) ومسلم (2557) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ) .
البسط في الرزق كثرته ونماؤه وسعته وبركته وزيادته زيادة حقيقية .
واختلفت عبارات العلماء في معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ ) .
فقيل : المعنى : حُصُولُ الْقُوَّةِ فِي الْجَسَدِ .
وقيل : بِالْبَرَكَةِ فِي عُمْره , وَالتَّوْفِيق لِلطَّاعَاتِ , وَعِمَارَة أَوْقَاته بِمَا يَنْفَعهُ فِي الْآخِرَة , وَصِيَانَتهَا عَنْ الضَّيَاع فِي غَيْر ذَلِكَ .
وقيل : معناه : بَقَاءُ ذِكْرِهِ الْجَمِيلِ بَعْدَ الْمَوْتِ .
وقيل : يُكْتَبُ عُمُرُه مُقَيَّدًا بِشَرْطٍ كَأَنْ يُقَالَ : إِنْ وَصَلَ رَحِمَهُ فَلَهُ كَذَا وَإِلَّا فَكَذَا ، فتَكُون الزّيَادَة فِي العُمرِ زيَادَة حَقِيقِيّة .
راجع : "شرح النووي على مسلم" (16 / 114) – "فتح الباري" (4 / 302)
وهذا القول الأخير هو الراجح ، فيكون معنى الحديث : من أحب أن يبسط له في رزقه فيكثر ويوسع عليه ويبارك له فيه ، أو أحب أن يؤخر له في عمره فيطول : فليصل رحمه .
فتكون صلة الرحم سببا شرعيا لبسط الرزق وسعته ، وطول العمر وزيادته ، والتي لولاها لما كان هذا رزقه ، ولا كان هذا عمره – بتقدير الله تعالى وحكمته - .
قال الشيخ الألباني رحمه الله في "صحيح الأدب المفرد" (1 / 24) :
" الحديث على ظاهره ، أي : أن الله جعل بحكمته صلة الرحم سبباً شرعياً لطول العمر وكذلك حسن الخلق وحسن الجوار كما في بعض الأحاديث الصحيحة ، ولا ينافي ذلك ما هو معلوم من الدين بالضرورة أن العمر مقطوع به ؛ لأن هذا بالنظر للخاتمة ، تماماً كالسعادة والشقاوة ، فهما مقطوعتان بالنسبة للأفراد فشقي أو سعيد ، فمن المقطوع به أن السعادة والشقاوة منوطتان بالأسباب شرعاً .
وكما أن الإيمان يزيد وينقص ، وزيادته الطاعة ونقصانه المعصية ، وأن ذلك لا ينافي ما كتب في اللوح المحفوظ ، فكذلك العمر يزيد وينقص بالنظر إلى الأسباب فهو لا ينافي ما كتب في اللوح أيضاً " انتهى .
قال الطحاوي رحمه الله :
" يحتمل أن يكون الله عز وجل إذا أراد أن يخلق النسمة جعل أجلها إن برت كذا وإن لم تبر كذا ، لما هو دون ذلك ، وإن كان منها الدعاء رد عنها كذا ، وإن لم يكن منها الدعاء نزل بها كذا ، وإن عملت كذا حرمت كذا ، وإن لم تعمله رزقت كذا ، ويكون ذلك مما يثبت في الصحيفة التي لا يزاد على ما فيها ولا ينقص منه " انتهى .
"بيان مشكل الآثار" (7 / 202) .
وقال الحليمي رحمه الله في معناه : " أن من الناس من قضى الله عز وجل بأنه إذا وصل رحمه عاش عددا من السنين مبينا ، وإن قطع رحمه عاش عددا دون ذلك ، فحمل الزيادة في العمر على هذا " انتهى .
"شعب الإيمان" (6 / 219) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الْأَجَلُ أَجَلَانِ " أَجَلٌ مُطْلَقٌ " يَعْلَمُهُ اللَّهُ " وَأَجَلٌ مُقَيَّدٌ " وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمَلَكَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ أَجَلًا وَقَالَ : " إنْ وَصَلَ رَحِمَهُ زِدْتُهُ كَذَا وَكَذَا " وَالْمَلَكُ لَا يَعْلَمُ أَيَزْدَادُ أَمْ لَا ؛ لَكِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ فَإِذَا جَاءَ ذَلِكَ لَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (8 / 517) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" معناه : أن الله سبحانه وتعالى وعد من يصل رحمه أن يثيبه وأن يجزيه بأن يطيل في عمره ، وأن يوسع له في رزقه جزاءً له على إحسانه .
ولا تعارض بين هذا الحديث وبين الحديث الذي فيه أن كل إنسان قد قدر أجله ورزقه وهو في بطن أمه ؛ لأن هناك أسبابًا جعلها الله أسبابًا لطول العمر وأسبابًا للرزق ، فهذا الحديث يدل على أن الإحسان وصلة الرحم سبب لطول الأجل وسبب لسعة الرزق ، والله جل وعلا هو مقدر المقادير ومسبب الأسباب ، هناك أشياء قدرها الله سبحانه وتعالى على أسباب ربطها بها ورتبها عليها إذا حصلت مستوفية لشروطها خالية من موانعها ترتبت عليها مسبباتها قضاءً وقدرًا وجزاءً من الله سبحانه وتعالى " انتهى .
"المنتقى من فتاوى الفوزان" (98 / 1) .
وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله :
" وذلك : أن الله يجازي العبد من جنس عمله ؛ فمن وصل رحمه وصل الله أجله ورزقه ، وصلاً حقيقياً ، وضده : من قطع رحمه ، قطعه الله في أجله وفي رزقه " انتهى .
"فتاوى الشيخ ابن جبرين" (54 / 13)​
 

السلام علييكم الاحباب الكرام ونتواصل معكم اليوم ونحن فى ذكرى وفاة الوالد مبارك ادريس الثالثة اليوم الجمعة 8 رجب 1437 هجرية الموافق 15 ابريل 2016م وكنت قد خصصت بوست خاص بهذا الامر فى صفحتى على الفيس بوك ، وفى صفحة ابناء السقاى البتلاب على الفيس بوك ، واوردت حديث ( إذا مات ابن ادم انقطع عمله الا من ثلاث علم ينتفع به وصدقة جارية وابن صالح يدعو له ) فأسال الله ان يوفق كل الابناء الصالحين للدعاء لامواتهم خاصه والديهم ، وكنت اريد ان يكون حديث اليوم ،ولكن رايت ان يكون حديث اليوم ما قدمه الشيخ عبدالجليل الباكستانى عن دعاء رسول الله صل الله عليه وسلم ( اللهم انى اسالك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين والدنو منهم ) فإلى الحديث وشرحه :
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي، وَتَرْحَمَنِي، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةَ قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ، وَأَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَى حُبِّكَ))([1]).
قال النبي صلى الله عليه وسلم ((إنها حق , فادرسوها ثم تعلموها))([2]).
الشرح:
هذا الدعاء المبارك الذي بين يديك يا عبد اللَّه، هو من أجمع الأدعية وأكملها، وأجلّها قدراً وشأناً؛ لتضمّنه سؤال اللَّه تعالى التوفيق إلى القيام بأفضل الأعمال من الصالحات, وسؤاله الوقاية من كل المنكرات والسيئات، والفتن والمحن في الدين والمعاش، والمعاد، فينبغي للعبد الإكثار منه, وفهم مقاصده ومدلولاته، والعمل بمضامينه؛ فإن من [تعلَّمه] وعمل به نال السعادة والهنا في الدنيا، والبرزخ، والآخرة، فمن جلالة هذا الدعاء، وعلو مكانته أن اللَّه تبارك وتعالى أمر حبيبه النبي صلى الله عليه وسلم حينما رآه في المنام، ورؤية الأنبياء حق فقال له: ((يا محمد، إذا صليت فقل: اللَّهم إني أسألك فعل الخيرات، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي، وَتَرْحَمَنِي، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةَ قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ، وَأَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَى حُبِّكَ))، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ((إِنَّهَا حَقٌّ فَادْرُسُوهَا وَتَعَلَّمُوهَا))، فأمر صلى الله عليه وسلم بمدارسته وتعلّم معانيه ومقاصده، فدلّ على خصوصية هذا الدعاء على غيره لهذه الأمور كما ترى.
قوله: ((اللَّهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات)) تضمّن هذا السؤال طلب كل خير، وترك كل شرّ؛ فإن الخيرات: تجمع كل ما يحبه اللَّه سبحانه وتعالى ويُقرّب إليه من الأعمال والأقوال، ومن الواجبات والمستحبات. والمنكرات: تشمل كل ما يكرهه اللَّه تعالى، ويباعد عنه من الأقوال والأعمال، فمن تحصَّل له هذا المطلوب، حصل له خير الدنيا والآخرة , وهذا من الجوامع التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان يحبّ مثل هذه الأدعية الجامعة، كما في حديث عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أنها قالت: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك))([3]) .
قوله: ((وحُبَّ المساكين)): حب المساكين يدخل من جملة فعل الخيرات، وإنما أفرده بالذكر، وهو ما يُسمّى بعطف الخاص على العام لشرفه وقوة العناية والاهتمام به، فقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم اللَّه أن يجعله منهم، ويرزقه الحشر والوفاة معهم ((اللَّهم أحيني مسكيناً، وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين))([4]) .
وحب المساكين هو أصل الحب في اللَّه تعالى؛ لأنه ليس عندهم من الدنيا ما يوجب محبتهم لأجله، فلا يحبون إلا للَّه عز وجل والحب في اللَّه من أوثق عُرى الإيمان، وهو أفضل الإيمان، قال النبي صلى الله عليه وسلم((من أحب للَّه، وأبغض للَّه، وأعطى للَّه، ومنع للَّه، فقد استكمل الإيمان))([5])، وتذوق حلاوة الإيمان, قال النبي صلى الله عليه وسلم((ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ))([6])، ووصَّى أمَّنا أمَّ المؤمنين الصدِّيقة بنت الصدِّيق عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فقال لها: ((يا عائشة أحبِّي المساكين، وقرّبيهم، فإن اللَّه يقربك يوم القيامة))([7]) .
قوله: ((وأن تغفر لي، وترحمني))، سأل المغفرة والرحمة لأنهما يجمعان خير الآخرة كله، فبالمغفرة يأمن العبد من العذاب، وكل شرٍّ، وأما الرحمة فهي دخول الجنة، وعلوّ درجاتها، فجميع ما في الجنة من النعيم بالمخلوقات فإنه من رحمته تعالى، قال النبي صلى الله عليه وسلم ((إن اللَّه عز وجل يقول للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي))([8]) أن تستر عليَّ ذنوبي، وتمحوها، وأن ترحمني بتوالي نعمك عليَّ في الدنيا والآخرة، وأن توفقني إلى التوبة وتقبلها مني.
قوله: ((وإذا أردت بعبادك فتنة، فاقبضني إليك غير مفتون)): وإذا أردت أن توقع بقوم فتنة وعقوبة في الدين، أو عقوبة دنيوية من البلايا والمحن والعذاب، فتوفّني إليك قبل وقوعها، وافتتان الناس بها؛ فإن المقصود من هذا الدعاء العظيم السلامة من الفتن طول الحياة، والنجاة من الشر كله قبل حلوله، ووقوعه، وبأن يتوفّاه اللَّه تعالى سالماً معافىً قبل حلول الفتن، وهذا لا شك من أهم الأدعية لأنه من أعظم المنى أن يحيى المؤمن معافىً سليماً مدة حياته من الفتن والمحن، ثم يقبضه اللَّه تعالى إليه قبل وقوعها؛ ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن ((يتعوّذوا باللَّه من الفتن ما ظهر منها وما بطن))([9]).
وفيه جواز الدعاء بالموت خشية الفتنة في الدين، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اثْنَتَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَمَ: الْمَوْتُ، وَالْمَوْتُ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ الْفِتْنَةِ، وَيَكْرَهُ قِلَّةَ الْمَالِ وَقِلَّةُ الْمَالِ أَقَلُّ لِلْحِسَاب))([10]).
قوله: ((وأسألك حُبك)) ثم شرع في سؤال أعظم المطالب، وأسمى المراتب، وأغلى الأماني، فقال: ((وأسألك حُبك)): أي أسألك حبّك إيّاي، وهذا أعظم مطلوب أن يكون العبد محبوباً عند اللَّه عز وجل وتضمن سؤاله حبه تعالى، سؤال محبة العبد لربه تعالى، أي وأسألك حبي إياك، فلا يكون شيء أحب إليَّ منك، فدلّ هذا الدعاء العظيم من أجلِّ الأدعية لتضمّنه جوامع الكلم؛ لأنه يجمع كل خير، فإذا كانت محبّة اللَّه تعالى ثابتة في قلب العبد نشأت عنها حركات الجوارح، فكانت بحسب ما يحبه اللَّه تعالى ويرتضيه، فأحب ما يحبه اللَّه تعالى من الأعمال، والأقوال كلها ففعل حينئذ الخيرات كلها، وترك المنكرات كلها، وهذا كمال العبودية للَّه تعالى رب العالمين، ومن طلب محبة اللَّه عز وجل أعطاه اللَّه تعالى فوق ما يريده من الدنيا تبعاً.
فمن رزق هذه المحبة كانت كل أعماله، وأقواله، وأفعاله مسددة على مراد اللَّه تعالى، فيُجعل له الحب والقبول في الأرض، وفي السماء كما في الصحيح([11]) .
قوله: ((وحبّ من يحبُّك))، وأسألك حب من يحبك من الأنبياء والعلماء والصالحين .
قوله: ((وحّب عمل يقرّبني إلى حبك)) أي وأسألك أن توفّقني إلى أحب الأعمال الصالحة التي تقرّبني إلى حبّك، فمن رزق هذه المحابّ فاز في الدنيا و الآخرة.
وفي سؤال هذه المحاب وهي داخلة في صدر الدعاء ((فعل الخيرات)) هو من عطف الخاص على العام لجلالة شرف وقوة الاهتمام بهذه المطالب المهمة من المحاب، وأنها هي أصل فعل الخيرات كلها، ومنتهاها وجماعها إليها .
ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بفهمها و العمل بمقتضاها، وذلك لعظم شأنها لما حوته من المطالب، والمقاصد الجليلة في الدنيا والآخرة، وأنه ينبغي العناية بفهم الألفاظ، واستحضار المعاني عند السؤال، فإن ذلك أرجى في قبول الدعاء، وأكثر أثراً في النفس، وتذوق حلاوة الإيمان، ولذَّة مناجاة اللَّه تبارك وتعالى.​
 

بسم الله والحمد لله ونصلى ونسلم على اشرف خلق الله محمد بن عبدالله صل الله عليه وسلم ، احييكم اليوم الاثنين 18 رجب 1437 هجرية الموافق 25 ابريل 2016 م وانقل اليكم من مسجد الووم رووك بيرمنجهام والشيخ عبدالجليل الباكستانى درس الحديث بعد صلاة الفجر وقد تناول حديث ( المرء مع دين خليله فالينظر احدكم من يخالل ) شرح الشيخ الحديث شرحا وافيا باللغة الانجليزية وقبله بالارودو الباكستانية وفى شرحه بالانجليزية استطصحب معه ابيات الامام الشافى والتى قال انه معجب بها والتى قال فيها الشافعى :
احب الصالحين ولست منهم ***** وأرجو ان انال بهم شفاعة
واكره من تجارته المعاصى ***** وإن كنا سواءً فى البضاعة
وقد ود عليه الامام احمد بن حنبل وقال :
تحب الصالحين وانت منهم ***** رفيق القوم يلحق بالجماعة
وتكره من بضاعته المعاصى ***** حماك الله من تلك البضاعة
والان نقدم شرح الحديث :
معنى الحديث الشريف:" المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يُخَالِل"
قال عليه الصلاة والسلام:" المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يُخَالِل".
معناه انتقُوا واختاروا من تتخذونَه خليلًا أي صَديقًا، من كان ينفعُكم لدينِكم فعليكُم بِمصادقتِه ومَن لا ينفعُكم في دينِكم بل يضرُّكم فابتعدوا عنهُ، أي لا تصادقوهُ الإنسانُ يَهلك من طريقِ الأصدقاءِ الأشرارِ. الشخصُ قد يكونُ قريباً من الاستقامةِ فإذا بهِ يصاحبَ إنسانًا مِن شياطينِ الإنسِ فينقلبَ على عقبيه …يتركُ الطاعاتِ وينغمسُ في الفجورِ وقد قيل أيضًا ":الصاحب ساحب إما إلى الجنّة وإمّا إلى النار".
وقال المحدث العلامة الشيخ عبد الله الهرري" :اختر لنفسك صاحبًا صالحًا" وقال:"من أراد الترقِّي فليصاحب الأخيار."
الصديق الصالح هو الذي يرشدك إلى طاعة الله تعالى، فالمتّقون يجتمعون على طاعة الله تعالى ويفترقون على طاعة الله تعالى لا يغش بعضهم بعضًا، ولا يخون بعضهم بعضًا، ولا يدل بعضهم بعضًا إلى بدعة ضلالةٍ أو فسقٍ أو فجورٍ أو ظلمٍ، لقد اجتمعوا على محبة بعضهم في الله تعالى، وهذا هو الصدق في المحبة.
ثم إن حصل من أحدٍ معصية ينهاه أخوه ويزجره لأنه يحب له الخير.
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"المؤمنُ مِرءَاةُ أخيه المؤمن".
المؤمن مرءاة أخيه المؤمن ينصحه حتى يصلح حاله، الرسول صلى الله عليه وسلم شبَّه المؤمن بالمرءاة، معناه يدل أخاه لإزالة ما فيه من الأمر القبيح، يقول له: اترك هذا الفعل القبيح، لا يتركه على ما هو عليه بل يبيّن له الجليس الصالح كحامل المسك إن لم تصب من عطره أصابك طيب ريحه.
اللهم اجعلنا من المتحابيّن فيك ومن الذين يجتمعون على طاعتك وثبّتنا على الإيمان وسدّد خطانا نحو الخير يا أرحم الراحمين.​
 
السلام الاحباب فى كل مكان من ربوع الوطن الحبيب السودان ومن ربوع اقطار العالم الاخر الذى نتواصل معه بفضل المولى الكريم وتكنلوجيا الاتصالات ونحمد الله الذى قرب لنا المسافات ودلنا على فعل الخيرات وتبليغ الايات ، ونسال الله ان نتواصل معكم لمزيدا من الحسنات والمعلومات ، والتى نسال الله ان ننتفع بها فى الحياة وقبل الممات وتكون لنا حرزاً من الهفوات وزياده فى الحسنات وسبباً فى دخول الجنات .
حديثنا اليوم الاثنين الثانى من شعبان 1437 هجرية الموافق 9 مايو 2016 م من مسجد الوم رووك بيرمنجهام والشيخ عبدالجليل الباكستانى كان مختصر الكلمات كبير المعانى والحديث هو ( من لا يرحم لا يُرحم ) والان الى تفاصيل شرح الحديث :
عن أبى هريرة رضي الله عنه أن الأقرع بن حابس رضي الله عنه أبصر النبى -صلى الله عليه وسلم- يقبّل الحسن ، فقال: "إن لي عشرةٌ من الولد ما قبّلت واحداً منهم"، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ( إنه من لا يَرحم، لا يُرحم) متفق عليه.
وفي رواية المستدرك عن عائشة رضي الله عنها: (أرأيت إن كان الله نزع الرحمة من قلبك فما ذنبي؟) .
تفاصيل الموقف
نطالع في هذه السطور طبيعتين متغايرتين، وموقفين متناقضين، وشخصيّتين متباينتين، تمثّلت الأولى منهما في نبيّ كريم، وكنفٍ رحيم، تنضحُ مواقفه بالرعاية الحانية، واللمسة الرقيقة، والوجه البشوش، والجانب الليّن، والحفاوة البالغة.
وأما الأخرى منهما، فجلافةٌ في الطبع، وقسوةٌ في التعامل، ورحمةٌ غاض ماؤها، وجفّت بساتينها، وذبلت أزهارها، لتحلّ محلّها قسوةٌ لا تلين، وشدّة لا مكان فيها لمعاني الرّقة والحنوّ، والعطف والرّفق.
تلك هي شخصيّة الأقرع بن حابس سيّد بني تميم، من أعراب الباديّة الذين عركتهم حياة البادية –بقسوتها وشدّتها- ونهشتهم بأنيابها، فتطبّعوا بطباعها، وتخلّقوا بأخلاقها.
ومن هذا المنطلق كان الأقرع بن حابس يُعامل أولاده العشرة منذ نعومة أظفارهم معاملة الكبار والرّجال، دون أن يسمح للمشاعر المرهفة والإحسان المطلوب لسنّ الطفولة أن تجد لها طريقاً إلى التعامل مع أبنائه.
ثم تهيّأت الفرصة للأقرع أن يزور رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في بيته؛ ليتجاذب معه أطراف الحديث، فأكرمه النبي عليه الصلاة والسلام واستقبله أحسن استقبال، وأقبل إليه بوجهه البشوش وقلبه الكبير كعادته عليه الصلاة والسلام مع ضيوفه.
وصادف في هذه الأثناء أن دخل الحسن رضي الله عنه إلى مجلس النبي –صلى الله عليه وسلم- والشوق واللهفة يدفعانه دفعاً إلى الحضن النبويّ الدافئ، والرّحمة الفيّاضة، وكيف لا يفعل الصغير ذلك وذاكرته ملأى بمواقف الحبّ والحفاوة التي يحظى بها مع أخيه الحسين رضي الله عنهما؟.
وهكذا ألقى الصبيّ نفسه بين أحضان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ليضمّه عليه الصلاة والسلام ويقبّله مراراً، وعندما أبصر الأقرع هذا المشهد –وهو مشهدٌ غير مألوف بالنسبة له- انعقد حاجباه دهشةً واستغراباً، فلم يكن من المألوف لديه معاملة الصغار بمثل هذه الشفقة والرحمة، فلذلك علّق قائلاً: "إن لي عشرةٌ من الولد ما قبّلت واحداً منهم".
ما هذا الطبع الذي اتّصف به الأقرع ليحرمه من بركة الله وفضله، ورحمته الموعودة للرحماء في الأرض كما هو منصوصٌ عليه في الشرع، فما كان من النبي –صلى الله عليه وسلم- إلا أن أجابه معلماً: : ( إنه من لا يَرحم، لا يُرحم) ، وفي رواية: (أرأيت إن كان الله نزع الرحمة من قلبك فما ذنبي؟) .
إضاءات حول الموقف
يُرشد الموقف النبويّ الكريم إلى ضرورة معاملة الصغار من منطلق الرحمة والرأفة والشفقة، وهذا يقتضي في المقابل ترك الغلظة والجفاء معهم بكافّة أشكاله وصوره؛ وهذا الإرشاد مستفادٌ من فعل النبي –صلى الله عليه وسلم- مع الحسن رضي الله عنه من الملاطفة والتقبيل، ومن قوله عليه الصلاة والسلام: : ( إنه من لا يَرحم، لا يُرحم) .
فالله سبحانه وتعالى يرحم من عباده الرّحماء، وأولى الناس بمظاهر الرّحمة والرأفة هم صغار السنّ والذين يعيشون مرحلة الطفولة، وهذا يستدعي مودّة تسعهم، وحلماً لا يضيق بجهلهم، وملاعبةً تًنمّي الأواصر وتقوّي الصلات الروحيّة بين الصغير والكبير.
وهذه الرعاية الخاصّة التي جاء التوجيه النبوي بها لها أثرٌ كبير على نفسيّة الأطفال واستقرارهم العاطفيّ، وهي عاملٌ أصيلٌ من عوامل النموّ السلوكيّ، فصدق رسول الله –صلى الله عليه وسلم- القائل: ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا) رواه أحمد .​
 
نحييكم الاحباب فى كل مكان واليوم الجمعة 6 رجب 1473 هجرية الموافق 13 مايو 2016م وسوف اقدم لكم اليوم موضوعين فى موضوع واحد كاول تجربه وهو ملخص خطبة الجمعة التى سوف اقدمها اليوم فى مصلى الشركة بيرمنجهام وحديث بعد صلاة الفجر من مسجد الوم رووك والشيخ عبدالجليل الباكستانى وسوف ابدا بخطبه الجمعة مختصره وبعدها ان شاء الله الحديث .
جمعة طيبة وصلوات مقبوله اخترت لخطبه الجمعة اليوم مواصله الخطبة السابقة عن كيفيه استقبال الضيف الكريم شهر رمضان وان نستقبله بالطاعات والتوبه من السيئات ومحاسبة النفس من الزلات والاكثار فيه من الاحسان على عباد الرحمن واغتنام اوقات الشهر الكريم فى تلاوة القران ، والابتعاد عن السهر ولعب الورق ومتابعة المسلسلات التى لا تدعو الى ما قال الله وقال رسول الله صل الله عليه وسلم وتلهى عن صلوات الجماعة والتراويح ، فقد جاء فى الحديث القدسى ( وما تقرب لى عبدى بمثل ما افترضته عليه ) وفى الخطبة الثانية ذكرت كيفيه الفدية والفدية لمن يكون مريضا مرضا لا يرجىء برؤه ولكبار السن من الرجال والنساء فالاية 184 من سورة البقرة وضحت ذلك ،وقد ذكر ابن عباس انه صح عليه انه قال ان الايه المذكورة غير منسوخه ، ويجوز اخراج الفدية لمسكين واحد حسب ما يحدده مجلس الافتاء االشرعى فى البلد والحمد لله فى الاتحاد الاوربى مجلس الافتاء يحدد القيمة بعمله كل بلد اوربى ويجوز اخراجها يوم بيوم او نهاية الشهر ولا يجوز اخراجها قبل بداية شهر رمضان لانها مرتبطه بالصيام حسب راى الجمهور من العلماء .
من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ...
للشيخ العثيمين رحمه الله
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : " من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهّل الله له به طريقا إلى الجنة ، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السّكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفّتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده ، ومن بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه " رواه مسلم بهذا اللفظ .
الشرح
قال النووي ـ رحمه الله تعالى ـ في الأربعين النووية : الحديث السادس والثلاثون ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ، نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة " والكرب يعني : الشدة والضيق والضنك ، والتنفيس معناه : إزالة الكربة ورفعها ، وقوله :" من كرب الدنيا " يعم المالية والبدنية والأهلية والفردية والجماعية ، " نفّس الله عنه " أي : كشف الله عنه وأزال " كربة من كرب يوم القيامة " ولا شك أن كرب يوم القيامة أعظم وأشد من كرب الدنيا ، فإذا نفّس عن المؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، " ومن يسّر على معسر " أي سهل عليه وأزال عسرته ، " يسر الله عليه في الدنيا والآخرة " وهنا سار الجزاء في الدنيا والآخرة ، وفي الكرب كربة من كرب يوم القيامة ؛ لأن كرب يوم القيامة عظيمة جدّا . " ومن ستر مسلما " أي : ستر عيبه سواء أكان خلقيا أو خُلقيا أو دينيا أو دنيويا إذا ستره وغطاه حتى لا يتبين للناس . " ستره الله في الدنيا والآخرة " أي : حجب عيوبه عن الناس في الدنيا والآخرة .
ثم قال صلى الله عليه وسلم كلمة جامعة مانعة ، قال :" والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه " أي : أن الله تعالى يعين الإنسان على قدر معونته أخيه كمّا وكيفا وزمنا ، فما دام الإنسان في عون أخيه فالله في عونه ، وفي حديث آخر :" من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته " وقوله :" من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة " يعني : من دخل طريقا وصار فيه يلتمس العلم ، والمراد به العلم الشرعي ، سهل الله له به طريقا إلى الجنة ، لأن الإنسان إذا علم شريعة الله تيسر عليه سلوكها ، ومعلوم أن الطريق الموصل إلى الله هو شريعته ، فإذا تعلم الإنسان شريعة الله سهل الله له به طريقا إلى الجنة ، " وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله " والمراد به المسجد ، فإن بيوت الله هي المساجد ، قال الله تعالى : (( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه )) [ النور : 36 ] ، وقال : (( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا )) [ الجن : 18 ] ، وقال : (( ومن أظلم ممّن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه )) [ البقرة : 114 ] ، فأضاف المساجد إليه ؛ لأنها موضع ذكره ، قوله :" يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم " يتلونه : أي يقرءونه ، ويتدارسونه : أي يدرس بعضهم على بعض ، " إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفتهم الملائكة " نزلت عليهم السكينة يعني : في قلوبهم ، وهي الطمأنينة والإستقرار ، وغشيتهم الرحمة : غطتهم وشملتهم ، وحفتهم الملائكة : صارت من حولهم ، " وذكرهم الله فيمن عنده " أي : من الملائكة ، " ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه " أي : من تأخر من أجل عمله السيء فإن نسبه لا يغنيه ، ولا يرفعه ، ولا يقدمه ، والنسب هو الإنتساب إلى القبيلة ونحو ذلك .
في هذا الحديث فوائد :
أولا : الترغيب في تنفيس الكرب عن المؤمنين ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ، نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة " .
ومن فوائده :
الإشارة إلى القيامة ، وأنها ذات كرب ، وقد بين ذلك الله تعالى في قوله : (( يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم * يوم ترونها تذهل كل مرضعة عمّا أرضعت وتضع كلّ ذات حمل حملها وترى النّاس سكارى وما هم بسكارى ولكنّ عذاب الله شديد )) [ الحج : 1ـ 2 ] .
ومن فوائد هذا الحديث :
تسمية ذلك اليوم بيوم القيامة ؛ لأنه يقوم فيه الناس من قبورهم لرب العالمين ، ويقام فيه العدل ويقوم الأشهاد .
ومن فوائد الحديث :
الترغيب في التيسير على المعسرين ، لقوله صلى الله عليه وسلم :" من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة " والتيسير على المعسر يكون بحسب عسرته ؛ فالمدين مثلا الذي ليس عنده مالا يوفي به يكون التيسير عليه إما بإنظاره ، وإما بإبرائه ، وإبراؤه أفضل من إنظاره ، والتيسير على من أصيب بنكبة أن يعان في هذه النكبة ، ويساعد وتهون عليه المصيبة ، ويوعد بالأجر والثواب وغير ذلك ، المهم أن التيسير يكون بحسب العسرة التي أصابت الإنسان .
ومن فوائد هذا الحديث :
الترغيب في ستر المسلم لقوله صلى الله عليه وسلم : " من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة " والمراد بالستر : هو إخفاء العيب ، ولكن الستر لا يكون محمودا إلا إذا كان فيه مصلحة ، ولم يتضمن مفسدة ، فمثلا المجرم إذا أجرم لا نستر عليه إذا كان معروفا بالشر والفساد ، ولكن الرجل الذي يكون مستقيما في ظاهره ثم فعل ما لا يحل فهنا قد يكون الستر مطلوبا ؛ فالستر ينظر فيه إلى المصلحة ، فالإنسان المعروف بالشر والفساد لا ينبغي ستره ، والإنسان المستقيم في ظاهره ولكن جرى منه ما جرى هذا هو الذي يسن ستره .
ومن فوائد هذا الحديث :
الحث على عون العبد المسلم وأن الله تعالى يعين المعين حسب إعانته لأخيه لقوله صلى الله عليه وسلم :" والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه " وهذه الكلمة يرويها بعض الناس : " ما دام العبد " ، ولكن الصواب :" ما كان العبد في عون أخيه " كما قاله صلى الله عليه وسلم .
ومن فوائد هذا الحديث :
الحث على طلب العلم لقوله صلى الله عليه وسلم :" من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة " وقد سبق في الشرح معنى الطريق وأنه قسمان حسي ومعنوي .
ومن فوائد هذا الحديث :
فضيلة اجتماع الناس على قراءة القرآن ، لقوله :" وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله .. " إلخ .
ومن فوائده :
أن حصول هذا الثواب لا يكون إلا إذا اجتمعوا في بيت الله ، أي : في مسجد من المساجد لينالوا بذلك شرف المكان لأن أفضل البقاع مساجدها .
ومن فوائد هذا الحديث :
بيان حصول هذا الأجر العظيم ، تنزل عليهم السكينة ، وهي الطمأنينة القلبية وتغشاهم الرحمة أي : تغطيهم ، وتحفهم الملائكة أي : تحيط بهم من كل جانب ، ويذكرهم الله فيمن عنده من الملائكة لأنهم يذكرون الله تعالى عند ملأ ، وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي : ( من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ) .
ومن فوائد هذا الحديث :
أن النسب لا ينفع إذا لم يكن العمل الصالح ، لقوله :" من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه " .
ومن فوائد هذا الحديث :
أنه ينبغي للإنسان أن لا يغتر بنفسه ، وأن يهتم بعمله الصالح حتى ينال به الدرجات العلى​
 
السلام للاحباب فى كل وطن وباب يسعدنى ان التقييكم كل اثنين وجمعة فى الحديث بعد صلاة الفجر من بيرمنجهام وحديث اليوم عن يسر الدين وحديث رسولنا محمد صل الله عليه وسلم المباشر للاعرابى الذى تبول بالمسجد .
وحديثنا اليوم الاثنين التاسع من شعبان 1437 هجرية الموافق 16 من مايو2016 م والشيخ عبدالجليل الباكستانى من مسجد الوم رووك بيرمنجهام فالى شرح الحديث :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإنما بعثتم ميسّرين ولم تبعثوا معسّرين
الثلاثاء 1 آذار (مارس) 2011 par الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بال أعرابي في المسجد فقام الناس إليه ليقعوا فيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء، فإنما بعثتم ميسّرين ولم تبعثوا معسّرين". رواه البخاري هذا الحديث الشريف لرسول الله صلى الله عليه وسلم أورده الإمام النووي ضمن باب الحلم والأناة والرفق من كتابه المبارك (رياض الصالحين).
وراوي الحديث هو سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه المعروف بملازمته لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لا يكاد يخرج من المسجد إلا لقضاء حاجة. وهذه الحادثة عاشها ورآها سيدنا أبو هريرة تصور لنا مدى ما جُبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلق كريم مصداقا لقول الله تعالى (وانك لعلى خلق عظيم) وقوله جل من قائل (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم)، لقد كان عليه الصلاة والسلام مثالا للرحمة والحلم والصفح والعفو وكان المجسم لهذه القيم في حيز الواقع المعيش.
فهذا الأعرابي القادم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم في المسجد وليس هذا المسجد هو أي مسجد، انه مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثاني الحرمين وأول مسجد أسس على التقوى من أول يوم وهو المسجد الحرام والمسجد الأقصى والصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة هي مساجد ضاعف الله فيها ثواب الصلاة، فجعل الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة والصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة.
وفي المسجد النبوي بال هذا الأعرابي وعلى مرأى ومسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه هؤلاء الأصحاب الذين لم يتقبلوا هذا الصنيع من هذا الأعرابي الداخل إلى المسجد -ويبدو انه حديث عهد بالإسلام- إذ لو كان ممن رسخ قدمهم في الإسلام وقوي إيمانهم وتعلم آداب الإسلام وأخلاقه وكيفية التعامل مع الأماكن المقدسة الطاهرة لما أقدم على هذا الصنيع. فالمساجد أماكن طاهرة حسية ومعنوية ولابد أن تصان من كل ما لا يليق بها ولذلك كان رد فعل الصحابة الذين حول رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أنهم قاموا قومة الرجل الواحد، تداعوا على هذا الأعرابي ليقعوا عليه سواء كان ذلك بالضرب أو التعنيف أو حتى إذا اقتضى الأمر قتله لا قدر الله. هنالك قال النبي صلى الله عليه وسلم: دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء (دلوا) أو ذنوبا من ماء، يا له من عفو وصفح وحلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان به في الطرف المقابل لتصرف أصحابه الذين غضبوا وكان غضبهم لله لا شك في ذللك.
ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ولا شك احرص منهم على دين الله وعلى بيت الله ومع ذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لم ير في صنيع هذا الأعرابي قصد الإساءة والانتهاك لحرمة بيت الله وإنما كان الدافع لصنيعه هو الجهل بما تقتضيه بيوت الله من صيانة وعناية وتجنيب لها لكل ما عساه أن ينجسها ويدنسها.
وليس تلك ولا شك نية وقصد هذا الأعرابي الحديث العهد بالإسلام والذي لم يتعلم بعد أصول التمدن والتحضر والرقي، انه حديث عهد بحياة البداوة والجهالة بما فيها من تدنّ في الذوق والأدب إن ذلك هو الذي دفعه إلى فعل ما فعل، فليس في نيته تدنيس المسجد ولذلك عذره رسول الله صلى الله عليه وسلم وهون عليه ووقف إلى جانبه في وجه أصحابه الذين تداعوا عليه من كل جانب ولولا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلام الذي وجههم إلى وجهة أخرى تناقض وجهتهم وما عزموا عليه من الوقوع على هذا الأعرابي لولا ذلك التصرف الحليم الرحيم من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان مصير الأعرابي الهلاك.
لقد لقن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه درسا في الحلم والأناة والرحمة والرفق واللين وعلّم من ورائهم أمته جمعاء بأن تتحلى دائما بالرفق وان لا تكون عجولة، لقد قال عليه الصلاة والسلام (إن الرفق ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه). فالرفق يصلح كثيرا من الفساد. لقد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه وكل الأمة أن الدفع بالتي هي أحسن هو نهج الإسلام وسبيله في تغيير كل منكر، وأن هذا الدفع بالتي هي أحسن لا تكون عاقبته إلا حسنة للجميع، يقول جل من قائل (ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم).
* وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الأعرابي وكل من يرتكب خطا من هذا القبيل أن المساجد بصفة خاصة وكذلك غيرها من المنازل والمجالس والطرقات والمحلات العامة والمرافق التي يستفيد منها الجميع كالظل أو الماء (ماء البحر أو الأودية) كل تلك لا يليق ولا يجوز أن تنجس بالبول وغيره.
* فالإسلام دين النظافة الفعلية العملية الحسية المادية فضلا عن انه دين النظافة المعنوية النفسية الروحية، بل عن النظافة المعنوية النفسية الروحية ترتكز في الإسلام على النظافة الحسية في الملبس وموضع العبادة (الصلاة) وكذلك نظافة ما به تتحقق الطهارة اعني به الماء الذي هو طاهر ومطهر. والذي هو اصل الحياة يقول جل من قائل (وجعلنا من الماء كل شيء حيّ) وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المجال مثل غيره من المجالات الأخرى لا يمكن الإتيان عليه ولا حصره وهو مفصل في كتب السنة النبوية الطاهرة.
* إن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الواقعة وفي غيرها يجسم عمليا أمر ربه سبحانه وتعالى في كتابه العزيز القائل: (ولو كنت فضّا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر). وهو عليه الصلاة والسلام بهذا الصنيع قد احتل قلب هذا الأعرابي السويداء ولذلك تذكر بعض الروايات أن هذا الأعرابي لم يتمالك عن الدعاء (اللهم ارحمني وارحم محمدا ولا ترحم معنا أحدا).
* فالأنفس البشرية مجبولة على حب من يعفو عنها ولا يشهر بها ولا يقتص منها وكان ذلك هو حال رسول الله صلى الله عليه وسلم دائما يوم الطائف حيث لم يزد عن أن قال (اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون) ويوم فتح مكة عندما قال لقريش (لا تثريب عليكم اليوم، اذهبوا فانتم الطلقاء).
* ما أعظمه وما أحلمه وما ارحمه من رسول كريم صلى الله عليه وسلم انه بحق (رحمة للعالمين) وهو بحق (بالمؤمنين رؤوف رحيم).
* وختم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله (فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين)، صلى الله عليك يا رسول الله.
* فما أحوج أمتك إلى هديك، ففيه الرشاد وفيه الفلاح وفيه الصلاح وفيه إصلاح ذات البين، ما أحوج كل الأمة لاسيما أولئك المعسرين المشددين إلى أن يكرعوا من معين هديك العذب فينفوا عن الإسلام كل ما تلصقه به تصرفات البعض من الأفراد والجماعات من غلظة وشدة هو منها وأيم الله لبراء​
 

اليوم الاثنين 16 شعبان 1437 هجرية ومن بيرمنجهام مسجد الوم رووك والشيخ الباكستانى الجليل عبدالجليل وحديث اليوم الحكمة ضاله المؤمن متى ما وجدها فهو احق بها .
اشير الى ان الحديث ضعييف جدا ولكن هناك شرح للدكتور محمد راتب النابلسى رايت ان انقله لكم من باب معرفه معنى الحكمة من الكتاب والسنه ومن باب زياده العلم ، والله اعلم .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها:
أيها الأخوة الكرام, الخلق اليوم الحكمة، وما من عطاء إلهي على الإطلاق يوفق أن يؤتيك الله الحكمة، فأنت بالحكمة تسعد بزوجة من الدرجة العاشرة، ومن دون حكمة تشقى بزوجة من الدرجة الأولى، بالحكمة تحسن كسب المال وإنفاقه، ومن دون حكمة تكسبه حراماً ، وتتلفه في غير وجوهه، بالحكمة تحول الأعداء إلى أصدقاء، ومن دون حكمة تحول الأصدقاء إلى أعداء.
غير المؤمن لا يمكن أن يكون حكيما
وترون أيها الأخوة: أن جهات في الأرض في أعلى درجة من الذكاء، وفي أعلى درجة من الغنى، وفي أعلى درجة من القدرات، ومع ذلك ترتكب حماقات ما بعدها حماقات، لأنها فقدت الحكمة، الحكمة خاصة بالمؤمن، ولا يمكن لغير المؤمن أن يكون حكيماً، لأن الحكمة تؤتى ولا تؤخذ، ومن يؤت الحكمة لا يمكن أن تكتسب إلا عن طريق الدين، لكن قبل كل شيء الله جل جلاله هو الحكيم، فمن لوازم مقام الألوهية: ثبوت الغايات المحمودة، ووضع الأشياء في مواضعها، وإيقاعها على أحسن الوجوه.
قال بعض العلماء: الحكمة الفهم عن الله، الحكمة الإصابة في القول, الحكمة ما يشهد العقل بصحته, الحكمة نور يفرق به بين الإلهام والوسواس، الحكمة سرعة الجور بالصواب.
وقال بعضهم: الحكمة العلم المشتمل على المعرفة بالله مع نفاذ البصيرة، وتهذيب النفس، وتحقيق الحق للعمل به، والكف عن ضده، والحكيم من حاز ذلك.
تعريف الحكمة:
الحكمة في القرآن الكريم الموعظة، قال تعالى:
?حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ?
[سورة القمر الآية: 5]
والحكمة هي السنة, قال تعالى:
?وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ?
[سورة البقرة الآية: 151]
الحكمة أن تضع الشيء في موضعه تماما
الكتاب القرآن الكريم، والحكمة السنة، والحكمة هي الفهم، قال تعالى:
?وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ?
[سورة لقمان الآية: 12]
والحكمة هي النبوة، قال تعالى:
?وَآَتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ?
[سورة ص الآية: 20]
والحكمة علوم القرآن، قال تعالى:
?وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً?
[سورة البقرة الآية: 269]
تعريفات دقيقة جداً للحكمة، لكن بشكل أو بآخر: الحكمة: أن تضع الشيء في موضعه، أن تقول الكلمة المناسبة في الوقت المناسب، في القدر المناسب، مع الرجل المناسب.
الحكمة القرآن الكريم، والحكمة النبوة، والحكمة هي الفقه والعلم، والحكمة هي الإصابة، والحكمة هي الخشية، والحكمة هي العقل.
معنى الحكمة:
أيها الأخوة الكرام, الحكمة وردت في آيات كثيرة في مئة وعشر آيات، الحكمة وردت مقترنة بالعلم، قال تعالى:
?قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ?
[سورة البقرة الآية: 32]
اقترنت الحكمة مع العلم
وردت الحكمة مقترنة بالعلم في آيات كثيرة، والحكمة وردت مقترنة بالعزة، قال تعالى:
?وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ?
[سورة البقرة الآية: 129]
وردت الحكمة مع العلم، ووردت مع العز، ووردت الحكمة –أيضاً- مع الخبرة، قال تعالى:
?وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ?
[سورة الأنعام الآية: 18]
ووردت مع العلو، قال تعالى:
?إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ?
[سورة الشورى الآية: 51]
ووردت مع التوبة، قال تعالى:
?إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ?
[سورة الحجرات الآية: 12]
كل بند في عدة آيات, ووردت مقترنة بالحمد، قال تعالى:
?لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ?
[سورة فصلت الآية: 42]
وردت مقترنة بالسعة، قال تعالى:
?وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً?
[سورة النساء الآية: 130]
والحكمة من صفات القرآن الكريم، قال تعالى:
?وَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الْآَيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ?
[سورة آل عمران الآية: 57-58]
الحكمة من صفات القرآن الكريم
والحكمة بمعنى البيان؛ بيان الشرائع والسنة، قال تعالى:
?وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ?
[سورة آل عمران الآية: 164]
والحكمة بمعنى النبوة:
?فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ?
[سورة البقرة الآية: 251]
والحكمة بمعنى الفقه، قال تعالى:
?يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ?
[سورة البقرة الآية: 269]
بمعنى المواعظ، قال تعالى:
?وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً?​
 
7 mins
بسم الله والحمد لله ونصلى على اشرف خلق الله محمد بن عبدالله صل الله عليه وسلم ، اليوم الجمعة 12 رمضان 1437 هجرية الموافق 17 يونيو 2016 ، رايت ان اطل علييكم مع الحديث اليومى وبما ان الجمعة هذه الخطبة ما على ربما كان الحديث مثل الخطبة بل قطع شك سوف استفيد منه ان شاء الله فى خطبة الجمعة القادمه إذا مد الله فى الآجال .
الحديث هو مجموعة احاديث عن عتقاء رمضان ومن العدد الكبير يعشم المسلم المجتهد ان يكون مشمولاً بهذا العدد على سبيل احد اقوى الاحاديث فى الليلة عدد العتقاء 600 الف وفى نهاية الشهر 30 ضرب 600 الف وهى 18 مليون ، آها يا مسلمين لو زوول وجد نفس خارج ال36 مليون فى متوسط عمر امتى 60 الى 70 يعنى ولو حسبنا لكل مسلم صيام 30 شهر من رمضان إن شاء الله تصبح مليار و80 مليون عتييق ، نسال الله ان نكون منهم بدعوة مقبوله او صدقه جارية او سجده فى جوف الليل او إطعام صائم ، فاتمنى ان يقف كل مسلم على هذه الرحمة وهذا الامل الواسع والفضاء الذى يدخلك الجنة فى رمضان بقلييل من التركيز ، فلا نضييع هذه الفرص ان شاء الله . وقد كتب مسدار يتناسب مع الحدث وقلت :
ما تقول الليلة يوم من صيامنا واليوم قضى
شوف عمرنا كم من سنيين ........ قد إبتدأ
زيد العمر بى ركعتيين بى سجدين يوم الفدأ
وأحمد كتيير بابا الكرييم فى فطوورك والغدا
والآن دعونا الى الحديث وشرحه والذى اسال الله ان يشرح صدوركم به :
ثَبَت في الحديث عن نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - قوله: ((إنَّ لله عتقاءَ في كلِّ يوم وليلة، لكلِّ عبد منهم دعوةٌ مستجابة))، أي: في رمضان، وهو حديث صحيح، رواه الإمام أحمد في مسنده (7450)، عن أبي هريرة أو أبي سعيد - رضي الله عنهما - شكَّ الراوي، والشكُّ في اسم الصحابي لا يضُر، وسنده صحيح على شرط الشيخين.
وورد بلفظ: ((لله عتقاء من النار، وذلك كلَّ ليلة))؛ الجُملة الأخيرة من حديثٍ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فضائل خاصة بشهر رمضان؛ رواه الترمذي: (682)، وابن ماجه: (1642)، وصحَّحه ابن خُزَيْمة: (1883)، وابن حِبَّان: (3435)، والحاكم: (1/ 421)، وله شواهد:
1- عن أبي أمامة مرفوعًا: ((إن لله - عز وجل - عند كل فطر عتقاء))، رواه أحمد في المسند: (22202)، والبيهقيُّ في "شُعَب الإيمان": (3605)، وقال الإمام المُنذري في "الترغيب والترهيب": "بإسنادٍ لا بأس به".
2- وعن جابر بن عبد الله مرفوعًا: ((إن لله عند كل فطرٍ عتقاءَ، وذلك في كل ليلة))؛ رواه ابن ماجه: (1643)، وقال الحافظ البُوصيري: "رجال إسناده ثقات".
3- وعن أبي سعيد الخُدْري مرفوعًا: ((إن لله - تبارك وتعالى - عتقاء في كل يوم وليلة - يعني: في رمضان – وإن لكل مسلم في كل يوم دعوةً مستجابة))، أخرجه البزار: (962) من "كشف الأستار"، وفي سنده أبان بن أبي عيَّاش وهو ضعيف، وليُنظر: "مجمع الزوائد": (3/ 143)، و(10/ 149).
4- وعن ابن مسعود مرفوعًا: ((لله - تعالى - عند كل فطر من شهر رمضان كلَّ ليلة - عتقاءُ من النار ستون ألفًا، فإذا كان يومُ الفطر أَعتَقَ مثل ما أعتق في جميع الشهر ثلاثين مرة ستين ألفًا))؛ رواه البيهقيُّ في "شُعَب الإيمان": (3606)، وقال المُنذري: "وهو حديث حسن لا بأس به في المتابعات".
فهذه أحاديثُ أربعةِ صحابةٍ تُضاف إلى حديث أبي هريرة - رضي الله عنهم جميعًا.
ما تفيده هذه الأحاديث للصائمين:
هذه الأحاديث تفيد حقيقتين مهمتين جدًّا للصائمين في رمضان:
الأولى: كَثْرة العتقاء من النار في أيام الصوم في رمضان بمغفرة ذنوبهم، وقَبول عبادتِهم، وحفظهم من المعاصي التي هي أسباب العذاب، وهذا الوعد بهذا الكسب العظيم يَشْحَذُ هِمَمَ الصائمين للتسابق إلى إحسان عبادتهم، وإخلاص صيامهم، وعِمارة أوقاتهم بما يزيد قُرْبَهم من ربهم، عسى أن يفوزوا بكَرَمه بالعتق من النار.
الثانية: أن لكل عتيق دعوةً مستجابة، وهذا يُحمِّس الصائمين للإكثار من الدعاء وسؤال ربهم إجابةَ دعَوَاتهم، وتلبية حوائجهم، وتفريج كُرَبهم، وتحقيق أمنيَّاتهم، عسى إنْ كانوا من العتقاء أنْ تُستجاب دعواتُهم؛ فليتحرَّ الصائمون إخلاصَ الدعاء، خاصة عند الإفطار.
اللهم اجعلنا من عتقاء شهْرِك العظيم – رمضان - وأجب دعاءنا عند كل فطر يا ربنا، أنت أكرم​
 

سلام كل الاحباب وعيدكم مبارك ، لإن تأخرت حرووف التهانى وسطورة ولكن لكم فى القلب الف مكانة رغم المشغوليات فقد كانت اجازتى للعيد يوم واحد فقط قلعتها بالشديد القوى لان الاربعاء ليس عطلتى العملية ، نسال الله ان يجعل ايامكم اعيادا ويجعلكم من عتقاء شهر رمضان وان يكون الله قد قبل صلاتكم وصيامكم وقيامكم ، وان تكون قلوبكم ثابته على الايمان لا تتقلب الا للخير ولمزيدا من الطاعات .
اتوصل معكم فى الدرس اليومى بعد صلاة الفجر من بيرمنجهام والحمد لله فى رمضان كله كنت حاضرا فى الفجر لم اغب ولا يوم واحد ولكن لم اتابع الحديث كثيرا وحتى لو تابعت لا اجد وقتا للكتابة فمعذره .
حديثنا اليو الجمعة الثالث من شوال 1437 هجرية الموافق 8 يوليو هو ان القلوب بين اصبعى الرحمن يقلبها كيف يشاء .
كان - صلى الله عليه وسلم - يقول: اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك؛ فقال لعائشة: إن القلوب بين أصبعي الرحمن ، نريد تكملة لهذا الحديث، وما المناسبة لهذا الحديث؟
تكملة الحديث ( القلوب بين أصبعي الرحمن
الحديث واضح، يقول - صلى الله عليه وسلم -: (إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء)، فالمعنى أن الله جل وعلا هو الذي بيده تثبيت الأمور، فالمؤمن يسأل ربه الثبات على الإيمان والثبات على الحق، فالقلوب تتقلب وهي بين أصبعين من أصابع الرحمن هذه يجرى على الله، يثبت لله أصابع على الوجه اللائق بالله، وأن الله جل وعلا بيده تصريف الأمور وتقليب القلوب كيف يشاء، هذا يقلب فيرتد عن دينه، وهذا يقلب فيسلم، وهذا يقلب قلبه فيقع المعاصي، فالقلوب بيد الله جل وعلا هو الذي يصرفها كيف يشاء - سبحانه وتعالى -، والمؤمن يسأل ربه: اللهم ثبت قلبي على دينك، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، اللهم يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك، يسأل ربه الثبات، والله جل وعلا يوصف بأنه له أصابع وله يد جل وعلا على الوجه اللائق به - سبحانه وتعالى -، لا يشابه عباده لا في اليد ولا في الأصابع ولا في الكلام ولا في الرضا ولا في الغضب ولا في غير ذلك، كما قال - سبحانه وتعالى -: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)، وقال تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها).​
 
الدرس اليومى من بيرمنجهام بعد صلاة الفجر والشيخ عبدالجليل اليوم الثلاثاء 7 شوال 1437 هجرية الموافق 12 يوليو 2016م والدرس عن الحديث كان حفت الجنة بالمكارة وحفت النار بالشهوات
معنى حديث: حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ
الأربعاء 12 رمضان 1435 - 9-7-2014
رقم الفتوى: 260407
التصنيف: أحاديث نبوية مع شرحها
السؤال
أسمع أن الجنة حفت بالمكاره وأن النار حفت بالشهوات، فهل معنى ذلك أن من أراد دخول الجنة فإنه لن يجد طعم الراحة في الدنيا ولن ينعم في الدنيا وسيعيش في شقاء وأنه سيفعل ما يكره، إن أراد أن يدخل الجنة، وأن من أراد دخول النار فإنه سوف يجد طعم الراحة في الدنيا وسينعم في الدنيا وسيعيش في سعادة، لأنه يفعل ما تشتهيه نفسه؟. أرجو التوضيح؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الحديث مخرج في الصحيحين، ومعناه أن من أراد دخول الجنة فعليه أن يفعل ما تكرهه نفسه من الطاعات وتحمل مشاق العبادات، وأما النار فطريق دخولها هو فعل ما تشتهيه النفس من المحرمات والمعاصي، وقد أوضح الإمام النووي ـ رحمه الله ـ معنى الحديث أتم إيضاح، فقال في شرحه على صحيح مسلم: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ ـ هَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ: حفت ـ ووقع في البخاري: حفت ـ ووقع فيه أَيْضًا: حُجِبَتْ ـ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ، قَالَ الْعُلَمَاءُ: هَذَا مِنْ بَدِيعِ الْكَلَامِ وَفَصِيحِهِ وَجَوَامِعِهِ الَّتِي أُوتِيَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّمْثِيلِ الْحَسَنِ، ومعناه لا يوصل الْجَنَّةَ إِلَّا بِارْتِكَابِ الْمَكَارِهِ وَالنَّارَ بِالشَّهَوَاتِ، وَكَذَلِكَ هُمَا مَحْجُوبَتَانِ بِهِمَا، فَمَنْ هَتَكَ الْحِجَابَ وَصَلَ إِلَى الْمَحْجُوبِ، فَهَتْكُ حِجَابِ الْجَنَّةِ بِاقْتِحَامِ الْمَكَارِهِ، وَهَتْكُ حِجَابِ النَّارِ بِارْتِكَابِ الشَّهَوَاتِ، فَأَمَّا الْمَكَارِهُ فَيَدْخُلُ فِيهَا الِاجْتِهَادُ فِي الْعِبَادَاتِ وَالْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهَا وَالصَّبْرُ عَلَى مَشَاقِّهَا وَكَظْمُ الْغَيْظِ وَالْعَفْوُ وَالْحِلْمُ وَالصَّدَقَةُ وَالْإِحْسَانُ إِلَى الْمُسِيءِ وَالصَّبْرُ عَنِ الشَّهَوَاتِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَأَمَّا الشَّهَوَاتُ الَّتِي النَّارُ مَحْفُوفَةٌ بِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا الشَّهَوَاتُ الْمُحَرَّمَةُ كَالْخَمْرِ وَالزِّنَا وَالنَّظَرِ إِلَى الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْغِيبَةِ وَاسْتِعْمَالِ الْمَلَاهِي وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَمَّا الشَّهَوَاتُ الْمُبَاحَةُ: فَلَا تَدْخُلُ فِي هَذِهِ لَكِنْ يُكْرَهُ الْإِكْثَارُ مِنْهَا مَخَافَةَ أَنْ يَجُرَّ إِلَى الْمُحَرَّمَةِ أَوْ يُقَسِّي الْقَلْبَ أَوْ يَشْغَلَ عَنِ الطَّاعَاتِ أَوْ يُحْوَجَ إِلَى الِاعْتِنَاءِ بتحصيل الدنيا. انتهى.
وبدوام المجاهدة يصير المكروه للشخص من الطاعة محبوبا، فيؤدي الحق سماحة لا كظما، وطواعية لا كرها، ولكن هذه المنزلة لا يوصل إليها إلا بمصابرة النفس ومجاهدتها، كما أوضحناه في الفتوى رقم: 139680.​
 
نتواصل معكم اليوم الجمعة 2 ذو القعدة 1437 هجرية الموافق 5 اغسطس مع الحديث اليومى من بيرمنجهام ، فأعذرونى اليوم تاخرت عن كتابه الحديث صباحا وهانذا اكتبه مساءا ، فالحديث كان عن الصلاة اهم ركن من اركان الاسلام ، بل كان عن تارك الصلاة وحكمه فالحديث وشرحه طويل فاصبروا وصابروا حتى نتابعه جيداً لتعم الفائدة فإلى الحديث وشرحه :
مع الحديث الشريف
" العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر "
( رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم ) 1
بقلم الدكتور عدنان علي رضا النحوي
ما حكم تارك الصلاة ؟ !
هل هو كافر ؟ ! هل هناك عذر في الإسلام لتارك الصلاة ؟ ! هل تسقط الصلاة عن المريض مهما اشتـد مرضه ؟ ! هل تسقط عن الخائف مهما اشتد خوفه ؟ ! هل تسقط عن المقاتل ؟ !
هل في الإسلام بعد الشهادتين شعيرة أهم من الصلاة ؟ ! هل حدث أن أذن الرسول صلى الله عليه وسلم لأحد بترك الصلاة ؟ ! كلا ! لم يحدث هذا أبداً ، ولا كان في الإسلام شعيرة أهم من الصلاة .
فقـد يُعفَى المريـض من الصيـام ، والمسافـر كذلك يرخص له بالفطر والقضاء . والحج هو لمن استطاع إليه سبيلاً ، والزكاة تفرض على الأغنياء لتعطى إلى الفقراء والمساكين ، ولتنفق في أبوابها المشروعة .
كل الشعائر قد يعذر المسلم في حالة من حالاته فتسقط عنه أو يرخص له بتركها مع القضاء أو بغير قضاء ! إلا الصلاة ، فإنها لا تسقط عن المسلم أبداً في
أي حالة من حالاته ، وأكثر ما هنالك أنه يرخص في قصرها للمسافر .
فما حكم تارك الصلاة ؟
لقد جاءت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاصلة حاسمة . ولكن الفقهاء اختلفوا بعد ذلك كما سنبين بعد قليل . وواقع المسلمين اليوم واقع مظلم في هوان وذلة وشتات . فنرى أن يُرَدَّ ذلك كله إلى الكتاب والسنة لنصل إلى تصور أقرب للتقوى بإذن الله . ومن أجل ذلك نرى أنه لا بد من دراسة الخطوات التالية :
1ـ ماهي منزلة الصـلاة في الإسلام وما أثرها في حياة المسلم والأمة
كلها ؟ !
2ـ جمع بعض ما ورد في الكتاب والسنة عن تارك الصلاة .
3ـ دراسة آراء الفقهاء وردها إلى الكتاب والسنة .
4ـ دراسة واقع المسلمين اليوم وواقع تاركي الصلاة ورد ذلك إلى منهاج الله .
1ـ منزلة الصلاة في الإسلام وأثرها في حياة المسلم والأمة :
للصلاة منزلة عظيمة جداً في دين الله ، لا تكاد تعدلها منزلة أي شعيرة أخرى . فقد فرض الله الصلاة على جميع المؤمنين أصحاب الرسل كلهم ، حتى أصبحت جزءا لا يتجزأ من الإيمان والإسلام والدين ، ومن العبادة كلها :
( وما أمروا إلا ليعبـدوا الله مخلصـين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ) [ البينة : 5 ]
( وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا ) [ مريم : 31 ]
(وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين ) [ يونس : 87 ]
وترتبط الصلاة بالإيمان بالغيب والإنفاق :
( الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ) [ البقرة : 3 ]
وترتبط بالصبر والخشوع وبسائر الشعائر :
( واستعينوا بالصبر والصلاة وإِنها لكبيرة إلاَّ على الخاشعين ) [ البقرة : 45]
( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين ) [ البقرة : 43]
وإنها صفة ملازمة للمؤمنين :
( قد أفلح المؤمنون . الذين هم في صلاتهم خاشعون ) [ المؤمنون : 1،2 ]
( والذين هم على صلواتهم يحافظون ) [ المؤمنون : 9]
( كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون . وبالأسحار هم يستغفرون ) [ الذاريات : 17، 18 ]
( وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون ) [ الأنعام : 92 ]
( الذين هم على صلاتهم دائمون ) [ المعارج : 23 ]
( والذين هم على صلاتهم يُحافظون ) [ المعارج : 34 ]
وللصلاة أثر كبير في حياة الإنسان . فبالإضافة لما ذكر أعلاه فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر :
( اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون ) [ العنكبوت : 45 ]
والصلاة شعيرة رئيسة للعبادة يقوم بها الإنسان المؤمن والطير ومخلوقات كثيرة ، وكل ما في السموات والأرض يسبح بحمده :
( ألم تر أن الله يُسبح له من في السموات والأرض والطير صافاتٍ كُل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون ) [ النور : 41 ]
وكانت محور دعاء إبراهيم عليه السلام :
( ربّ اجعلني مُقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء ) [ إبراهيم : 40 ]
ولهذه الخصائص العظيمة كانت الصلاة فرضاً على المسلم فرضه الله سبحانه وتعالى وأمراً من عنده :
( قُل لعبادي الذي آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال ) [ إبراهيم : 31 ]
وكذلك :
( فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جُنُوبِكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً مَوْقُوتاُ ) [ النساء : 103 ]
( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين ) [ البقرة : 43 ]
( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ) [ البقرة : 238 ]
ويتوالى الأمر بالصلاة والإلحاح بها إلحاحاً شديداً بأساليب متعددة ، حتى لا يبقى عذر لمن يريد أن يتفلت منها :
( وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} ) [ الأعراف : 170 ]
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت يوماً قريباً منه ونحن نسير ، فقلت : يا رسول الله ! أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار ، قال : " لقد سألت عن عظيم ، وإنه ليسير على من يسره الله عليه ، تعبد الله ولا تشرك به شيئاً ، وتقيم الصلاة ، وتؤدي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت " . ثم قال : " ألا أدلك على أبواب الخير : الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ، وصلاة الرجل في جوف الليل " . قال : ثم تلا : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم ) [ السجدة : 16 ]
حتى بلغ ( يعملون ). ثم قال : ألا أخبرك برأس الأمر كله وعمـوده وذروة سنامه ؟ ! " قلت : بلى ! يا رسول الله ! قال : رأس الأمر الإسلام ، وعمـوده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد " . ثم قال : ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ " قلت : بلى ! يا نبي الله ! فأخذ بلسانه قال : " كف عليك هذا " ، فقلت : يا نبي الله ! وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : ثكلتك أمك يا معاذ ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم " (2) .
فالصلاة هنـا في هذا الحديث الشريف : " عمود الأمر " ، أيّ عمود الإسلام ! وكان أول ما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل أن يعبد الله ولا يشرك به شيئاً ، ثم تلا ذلك مباشرة : " وتقيم الصلاة " !
ثم جاءت التوصية على صلاة الرجل في جوف الليل ، ثم تلا الآيات من سورة السجدة . ونذكر هنا الآيات من هذه السورة :
( إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خَرُّوا سُجداً وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون . تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون . فلا تعلم نفس ما أُخفي لهم من قُرَّة أعين جزاء بما كانوا يَعملون) [ السجدة : 15- 17 ]
ومن هذا العرض السريع الموجز ندرك أهمية فريضة الصلاة حتى كانت أهم ركن بعد الشهادتين في الإسلام ، الإسلام الذي بني على أركانه الخمسة :
فعن ابن عمر رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :
( بني الإسـلام على خمس : " شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، و إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان ) . [ أخرجه : أحمد والشيخان والترمذي والنسائي ] (3)
وقد جاءت كلمة الصلاة ومشتقاتها في تسع وتسعين آية ، في أربعين سورة تقريباً من القرآن الكريم .
2ـ جمع النصوص المتعلقة بتارك الصلاة والمتخلف عنها :
لذلك نجد من خلال الآيات الكريمة أن التخلف عن الصلاة ليس من صفات المؤمنين ، وإنما هو من صفات الذين يتبعون الشهوات فيضيعون الصلاة :
( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيّاً) [ مريم : 59 ]
ويوم القيامة يكون مصير تاركي الصلاة مصيراً مؤلماً خطيراً :
( كل نفس بما كسبت رهينة . إلا أصحاب اليمين . في جنات يتساءلون . عن المجرمين . ما سلككم في سقر . قالوا لم نك من المصلين ) [ المدثر : 38-43 ]
وأما المنافقون فإنهم يقومون إلى الصلاة وهم كسالى :
( إن المنافقين يُخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كُسالى يُراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً ) [ النساء : 142 ]
إذا كان القيام للصلاة بكسل هو صفة المنافقين ، فما هو حال من يترك الصلاة كلية مدعياً أنه تركها كسلاً ؟ !
وتتوالى أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين كذلك منزلة الصلاة العظيمة في الإسلام ، ودورها في تغذية الإيمان وطهارة الإنسان ، وحمايته من الفواحش والفتن . وحسبنا هنا أن نقدم قبسات من الأحاديث الشريفة ، بالإضافة إلى ما سبق من الآيات الكريمة ، وعلى المسلم أن يعود إلى منهاج الله ليتدبر آيات وأحاديث أكثر :
عن أبي المليح قال : كنا مع بريدة رضي الله عنه في غزوة في يوم ذي غيم فقال : بكروا بصلاة العصر ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من ترك العصر فقد حبط عمله " [ أخرجه البخاري والنسائي ]
وعن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من فاتته العصر فكأنما وتر أهله وماله " [ رواه الشيخان وأبو داود والترمذي ]
هذا حال من فاتته صلاة العصر ولم يتعمد تركها ، فكيف يكون حال من يترك الصلاة كلها لا يرجعه إليها نصح ولا تذكير ؟ !
وعن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال الله عز وجل : إني افترضت على أمتك خمس صلوات وعهدت عندي عهداً أنه من جاء يحافظ عليهن لوقتهن أدخلته الجنة ، ومن لم يحافظ عليهن فلا عهد له عندي " . [ رواه أبو داود ]
وعن أبي هريرة رضي الله عنـه عن النبي صلى الله عليه وسلم قـال : " أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى عليه من درنه شيء ؟ ! " قالوا : لا يبقى من درنه شيء . قال : فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا " . [ رواه الشيخان والترمذي والنسائي ]
ولا بد أن نذكر أن هذه الأحاديث الشريفة لا تعني أنها تدعو المسلم إلى الصلاة وإلى ترك ما عداها من التكاليف الربانيّة . إنها تعني أنه من يحافظ على هذه الصلوات بشروطها وضوءاً وطهارة وأحكاماً وخشوعاً ، فإن الله يهدي قلبه ليمتنع عن الفواحش ، وليقبل على سائر التكاليف ، وسائر الشعائر ، وتلاوة القرآن وتدبره ودراسته ، وليقبل على الدعوة إلى الله ورسوله ، وإلى سائر الأهداف الربانية الثابتة .
ولم يكن التحذير من القيام إلى الصلاة بكسل فحسب ، ولا من تخلف عن صلاة العصر أو العشاء أو الفجر ، وإنما كان التحذير الشديد لمن تخلف عن صلاة الجماعة :
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ناساً في بعض الصلوات ، فقال : " لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس ثم أخالف إلى رجال يتخلفـون عنها ، فآمر بهم فيحرقوا عليهم بحزم الحطب بيوتهم ، ولو علم أحدهم أنه يجد عظماً سميناً لشهدها " . [ رواه الخمسة ]
وفي رواية أخرى :
" إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً . ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار " .
وعن الذين يتخلفون عن صلاة الجمعة :
فعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم ) [ رواه أحمد ومسلم ]
إذا كان هذا هو حال من يتخلف عن صلاة واحدة أو أكثر ، كالعشائين أو العصر أو الجمعة ، فكيف يكون حال تارك الصلاة كلها ، يدعي كل يوم أعذاراً من كسل ، أو أن الصلاة بينه وبين ربه فلا يتدخل بشأنها أحد ، أو أنه تكفيه الشهادتان ولا حاجة به إلى الصلاة ، وأعذار واهية أخرى .
فلننظر في النصوص المتعلقة مباشرة بتارك الصلاة .
3ـ النصوص المتعلقة مباشرة بتارك الصلاة ورأي بعض العلماء فيها :
عن بريـدة الأسلمي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر " . [ رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم ] (4)
نص الحديث واضح جلي . ومعناه واضح جلي ، وحكم تارك الصلاة فيه حاسم فصل . فما هي الحاجة إلى تأويل الحديث الشريف تأويلاً يغري ضعفاء النفوس بترك الصلاة . وهنالك أحاديث أخرى وآثار أخرى كذلك :
فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة " . [ رواه الخمسة إلا البخاري ] (5)
وفي رواية الترمذي : " بين الكفر والإيمان ترك الصلاة " (6)
وقال عبد الله بن شقيق : " كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة " . [ رواه الترمذي ] (7)
ومع وضوح هذه النصوص وتواتر رواية بعضها وصحتها كلها ، ومع ذلك فقد اختلف بعض أئمة الإسلام في تأويل هذه الأحاديث وتطبيق حكمها . فقال بعضهم : ذلك الحكم للمستحل للترك . وحملها آخرون بأن معنى الكفر المقصود أن تارك الصلاة فعل فعل الكافرين ، وأنه عمل عملاً يؤول به إلى الكفر .
ولكن لو رجعنا لأقوال الأئمة وتحرينا معناها لوجدنا أن جميعهم يحكمون بتكفير تارك الصلاة إذا أنكر وجوبها أو إذا استحل تركها ، وأن تارك الصلاة يستتاب مدة محددة فإن تاب وصلى تُرك ، وإن أصر بعد الاستتابة قتل حداً كالزاني المحصن ، إلا أنه يقتل بالسيف . إذن الخلاف بين الفقهاء محصور حول الفترة التي يستتاب بها ، أهو فاسق أم كافر ، هي فترة قصيرة وسواء أكان كافراً أم فاسقاً ، فلابد من الفصل والحسم ، فإما أن يتوب ويعود إلى الصلاة وإما أن يقتل حداً .
الإمام أحمد بن حنبل وابن المبارك وإسحق وبعض أصحاب الشافعي ، كلهم يرون أنه كافر
لظاهر النصوص ووضوحها .
ومالك والشافعي وبعض أصحاب الشافعي يرون أنه لا يكَّفر ولكن يفسَّق فيستتاب فإن تاب وصلى قضي الأمر وحسابه عند الله ، وإن أصر قتل حداً . وقال أبو حنيفة وبعض أهل الكوفة والمزني من أصحاب الشافعي ، إنه لا يكفر ولا يقتل ، ولكن يحبس حتى يصلي ، وتأولوا الأحاديث كما ذكرناه أعلاه .
أما بالنسبة للرأي القائل بأن يحبس حتى يصلي ، فإن طالت المدة كثيراً واعتاد الرجل السجن ولم يصل ، فإلى متى يستمر ، تنفق الأمة جهداً ومالاً وموظفين ليراعوا تاركي الصلاة زمناً غير محدود . ولا يقوم لهذا الرأي سند من آية أو حديث ، وخروج واضح عن نص أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم الواضحة الحاسمة . وإن مثل هذا الرأي قد يغري بعض النفوس بترك الصلاة . والإصرار على تركها .
ولكن في جميع رأي علمائنا هنالك عامل مشترك ، مهما اختلفت الاجتهادات . هذا العامل المشترك هو عدم ترك " تارك الصلاة " يجول في المجتمع متحدياً أمر الله ورسوله ، ومغرياً غيره بفساده . ففي أضعف الحالات كان الاجتهاد حبسه حتى يصلي . إن الاجتهاد الفقهي يجب أن يحمي المجتمع من نشر الفساد وامتداده .
4ـ قواعد إيمانية تساعد على فهم النصوص وتعين على الاجتهاد :
ونرى أنه لفهم مثل هذه الأحاديث والقضايا لا بد أن يكون هنالك قواعد إيمانية لمنهج التفكير ، حتى لا يظل التفكير رأياً خاصاً غير خاضع لمنهج ولا منضبط بقواعد ، وإلا أصبح من اليسير أن يتفلت كثير من الناس من بعض أحكام الدين بتأويلات تخرج عن جلاء النص وثباته وتأكيده .
القاعدة الأولى : التي أراها ضرورية هنا هي أن حكمنا على أي إنسان بالكفر بناءً على أدلة شرعية لدينا هو حكم في هذه الدنيا . نحن مكلفون أن نصدر أحكاماً آخذين بظواهر الأمور لا بما في داخل الصدور . فما في داخل الصدور لا يعلمه إلا الله . فحكمنا على رجل بالكفر يعني أن الرجل توافرت مظاهر حقيقية فيه ، جعلها النص كافية لإصدار الحكم . ولا يعني هذا أن أحكام الدنيا ، الأحكام التي يصدرها بشر ، مهما كانت أسبابها وافية ، فلا يعني أننا نفرضها في الدار الآخرة ، وأن الله سبحانه وتعالى يصبح ملزماً بها ، سبحانه وتعالى علواً كبيراً . ففي الدار الآخرة تقوم الموازين القسط والحق المطلق فلا ظلم أبداً ، ويغفر الله لمن يشاء ويعذب من يشاء لحكمة بالغة وقضاء حق وموازين قسط .
أما في الدنيا فولي الأمر مكلف بالاجتهاد بناء على نصوص ثابتة لديه ليقيم أمر الدين ويصد فساد العابثين ، وكذلك القاضي وكل مسؤول في حدود مسؤوليته .
وكذلك الحال بالنسبة لمن يقول : " لا إله إلا الله محمد رسول الله " ، فحكم ذلك في الدنيا أن نطالبه فوراً بإقامة مستلزمات هاتين الشهادتين من إقامة الشعائر وسائر التكاليف الربانية في حدود وسعه الصادق الذي سيحاسب عليه ، فإن أبى أن يقـوم بذلك وأصر فيطبق عليه حكم الإسلام ، حكم تارك الصلاة وسائر الشعائر ، ويقتل حداً ، ولو أنه يقول الشهادتين . إننا نحكم حكماً آنياً بإسلام من قال الشهادتين ، ونقبل منه ذلك ، ثم ننتظر أن يؤدي حقوق الشهادتين . فإن كان لا يعرفها علمناه إياها ، ثم طالبناه بالتزامها . وهذا الحكم حكم دنيوي آني . أما الحكم في الآخرة فالله وحده يعلم بما في صدور العالمين ، فقد يدخل الله عبده الجنة إذا علم أن في قلبه إيماناً ، وقد يدخله النار إذا علم أن في قلبه كفراً ، وقد يغفـر الله لفاسق في الدنيا ، وقد لا يغفر له ، كل ذلك على موازين قسط وقضاء حق عادل لا ظلم معه أبداً . وليس بمقدور البشر أن يحكموا في الدنيا بأحكام يرون أنها ستمتد للآخرة . الناس مكلفون في الدنيا بتنفيذ منهاج الله قرآناً وسنة ، ولابد أن يجتهدوا من أجل ذلك ، وقد يصيبون وقد يخطئون ، فأحكامهم تظل أحكاماً بشرية اجتهادية مداها هذه الحياة الدنيا .
والقاعدة الثانية : من يصدر هذه الأحكام ومدى جدواها ؟ :
فقد يصدر الحكم من القضاء الإسلامي الملتزم بالكتاب والسنة ، ويعقب الحكم إجراء تنفيـذي بالحبس والاستتابة ، أو القتل حداً إن أصر على عدم الصلاة .وقد يصدر حكم ما من قضاء ما يعقبه إجراء قائـم على القوانين الوضعية . وقد يكون الرأي حديث مجلس ينتهي أثره بانتهاء المجلس ، ولا يكون له أثر بعد ذلك في المجتمع والأمة . أما إن كان المجتمع يحكمه منهاج الله ، يلتزمه الكبير والصغير ، فيكون الحكم عبرة للناس وطاعة لله وردعاً للآخرين . ويظل الحكم خاضعاً للقاعدة الأولى . وأما حديث المجالس فيعتمد على مستوى أهل المجلس ومستوى الفقه فيه والغاية من إثارة هذا الموضوع . فإن كان مجلس علم فخير إن شاء الله ، على أن يلتزم المجلس بالكتاب والسنة ويستأنسوا بآراء الفقهاء ، وأما إن كان مجلساً عاديـاً تساق فيه الآراء ارتجالاً دون تحقيق وتمحيص ، فخير أن يتوقف الجميـع ليعود كل واحد إلى دراسة الموضوع ليقدم كل رأياً مدروساً عن بينة وعلم ، فلا يقفو أحد ما ليس له به علم :
( ولا تقف ما ليس لك به علم إنَّ السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً ) [ الإسراء : 36 ]
وفي غالب الأحيان تصدر الآراء رواية عن هذا وذاك ، دون أن ينهض المسلم إلى ما أمره الله به : " طلب العلم فريضة على كل مسلم " ، ودون أن يعرف الدليل عند من نقل رأيه ، ودون أن يرد الأمر كله للكتاب والسنة .
والقاعدة الثالثة : أصبح كثير من المسلمين لو سألته : لم تركت الصلاة فيقول : " كسلا " ! ولكن الكسل ليس عذراً مقبولاً في الإسـلام ليسوغ ترك الصلاة . ولو كان العذر الكسل ، لترك الرجل الصلاة يوماً أو يومين أو مدة قصيرة ، يتذكر بعدها أن الصلاة فرض وأنها ركن من الأركان الخمسة . أما أن يظل تاركاً للصلاة عمره كله بحجة الكسل ، فهذا عذر مرفوض ديناً وعقلاً . والواقع اليوم يكشف لنا أن الملايين من المنتسبين إلى الإسلام لا يصلون . وقد يلجؤون إلى عذر الكسل ، أو على الأصح اللامبالاة وعدم الاهتمام . وإذا ذكَّرت أحداً من هؤلاء بأمر الدين ومنزلة الصلاة أجابك : هذا أمر يخصني أنا ، وهي علاقة بيني وبين الله . فيصدك بإصرار عن أن تتدخل في أمر تركه للصلاة أو تنصحه . لقد ذهب وازع السلطة ، الوازع الذي شرعه الله للمؤمنين ، حتى يقيم فيهم شرع الله ، ويقيم أمر الدين كله . فتفلت الناس ووجدوا من يغريهم على التفلت ويهون لهم أمر ترك الصلاة . فإذا كان المرض الشديد لا يجيز ترك الصلاة ، وإذا كان الخوف لا يجيز ترك الصلاة ، وإذا كان المسلم مكلفاً بإقامة الصلاة في جميع حالاته لا يُقبَل له عذر بتركها ، فهل يُقبَل عذر الكسل ؟ !
القاعدة الرابعة : يجب التفريق في واقعنا اليوم بين حكم تارك الصلاة ، وبين طريقة معالجة هذه المشكلة . فحكم تارك الصلاة في الإسلام واحد ، لا عذر عند الله لأحد بتركها أبداً ، ونحن مكلفون أن نوضح هذه الحقيقة للناس توضيحاً جلياً عسى أن يرتدع بعض تاركي الصلاة . واليوم عدد تاركي الصلاة كبير جداً في العالم الإسلامي ، ملايين تتلوها ملايين ، ولا يتوافر سلطان ليزجر أو يستتيب أو يقيم الحد . وهو ابتلاء من الله كبير . ولكن يبقى تارك الصلاة ، بالنسبة للاجتهاد البشري في هذه الحياة الدنيا كافراً ، ولكن تختلف طريقة المعالجة لهذه المشكلة المتزايدة . فالحكم ثابت مدى الأزمان ، وطريقة التعامـل والمعالجة تختلف . وأعتقد أن رأي أبي حنيفة في شأن تارك الصلاة وسيلة لمعالجة مشكلة في الواقع أكثر منها حكماً شرعياً ملتزماً بنصوص شرعية .
والموقف اليوم وأسلوب المعالجة ينطلق من حقيقة أساسية هي الدعوة إلى الإيمان والتوحيد ، إلى الله ورسوله . يمكن أن نقول لتارك الصلاة حقيقة الحكم إذا كان ذلك يؤثر فيه إيجابيـاً ، ويجعله يعيد تفكيره ، ويمكن أن لا نثير هذا الموضوع ، وننطلق إلى الخطوة الرئيسة لندعوه إلى حقيقة الإيمان دعوة منهجية مدروسة ، نتألف بها قلبه على الإيمان والتوحيد ، ونبين له نواحي الخلل في إيمان بعض الناس الذين يقولون إنهم مؤمنـون . فتبرز قضية الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، ومعنى الألوهيّـة والربوبية ، ومعنى عبودية الإنسان لله رب العالمين ، والعهد مع الله ، والولاء الأول لله ، والحب الأكبر لله ولرسوله ، وأن الإيمان قضية مفاصلة وحسم ، وقضيـة تكاليف والتزام ، وقضية مسؤولية وحساب ، وأن الإيمان الصادق يدفع المسلم إلى النهوض إلى التكاليف الربانية ، وأولها ، بعد الأركان الخمسة طلب العلم من القرآن والسنة ، إلى غير ذلك من التكاليف ، وأن منهاج الله مصدر ذلك كله .
ويعرض المسلم هذه القضايا بأسلوب يختلف من شخص إلى شخص ، بعد دراسة الشخص واختيار الأسلوب الأنسب والأوفى .
أما أن نترك تارك الصلاة ، لا ننبهه لخطورة القضية ، ولا نعالجها فيه ، فهذا أمر سيء يقع إثمه على كل مسلم يتخلى عن النصح والتذكير والدعوة في واقع لا يحكم فيه الإسلام ، أو على المسؤول المنوط به هذا الأمر .
ونعود لنؤكد أن من قال : " أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله " ، نقبل إيمانه ولا ندعي أننا نعرف ما في قلبه . ولكنه يخضع لحكم الإسلام بعد أن نطق بالشهادتين ، فيطالب بأداء ما كلفه الله به بموجب الشهادتين ، فإن قام بذلك فقد أحسن ، وأن أبي ونكث فيقام عليه حكم الإسلام . وأي حكم يقام عليه فلا يعني أنه هو حكم الله عليه في الآخرة . فحكم الدنيا اجتهاد أُمِرنا به ، وحكم الآخرة عدل وحق من الله .
وأما بالنسبة لما ورد من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من قال : " لا إله إلا الله دخل الجنة " فإنها تعني أن من قالها صادقاً من قلبه ، كما يبينه نص آخر للحديث ، فإنه يدخل الجنة . ومن قالها صادقاً من قلبه فإنه يستجيب لأمر الله وينهض لما كلفه الله به في حدود وسعه الصادق . وإلا كيف ينسجم الصدق الخالص من القلب وعدم الطاعة لله ولرسوله . ويظل معنى هذه الأحاديث يدل على أن الحكم على قائل الشهادتين هو حكم في الآخرة ، حيث يعلم الله وحده ما في قلبه . وربما دخل النار رجل قال الشهادتين وأدى الشعائر ، فعلم الله أنه لم يكن صادقاً فأدخله النار .
نستغفر الله إن أخطأنا ونتوب إليه ، فهذا غاية اجتهادنا ، والحمد لله رب العالمين .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ()
(1) صحيح الجامع الصغير وزيادته : ( ط:3) ـ ( رقم : 4143) .
(2) الترمذي : 41/8/2616 .
(3) صحيح الجامع الصغير وزيادته : ( ط : 2) ـ ( رقم : 2837 ) .
(4) صحيح الجامع الصغير وزيادته : (ط:3) ـ (رقم :4143) . الترمذي : 41/9/2622 .
(5) أحمد : المسند : 5/346 ، الفتح : 2/232 .
(6) صحيح الجامع الصغير وزيادته ( ط:2) : ( رقم : 2846 ) . الترمذي : 41/9/2618 .
(7) الترمذي : 41/9/2622 .​
 
نتواصل معكم فى الحديث اليومى من مسجد الوم رووك بيرمنجهام والشيخ عبدالجليل الباكستانى وقد كان حديث اليوم السبت 10 ذو الحجة 1437 هجرية الموافق 13 اغسطس 2016 عن احب البلاد الى الله المساجد وابغضها الاسواق حديث فى شرحه معانى جميله وعبر عديده فالى الحديث وشرحه :
أحب البلاد إلى الله
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين..
أما بعد:
فإن المساجد بيوت الله -جل وعلا-، وخير بقاع الأرض، وأحب البلاد إليه سبحانه وتعالى، وقد أضافها إلى نفسه تشريفاً لها وتكريماً، فقال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} سورة الجن (18).
في تلك البقاع المفضلة تؤدى أفرض فرائض الله، بل أهم ركن من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي فريضة الصلاة، وفيها يعلم الجاهل، ويذكر الغافل، ويرشد الحيران، ويعان المحتاج.
من تلك البقاع المباركة تخرج العلماء والفقهاء، والقادة والعظماء، والعباد والزهاد، وفيها رفعت الأيدي لرب الأرض والسماء، وعفرت الجباه لذي العزة والكبرياء، وفي مدحها وفضل بنائها، جاءت أحاديث سيد ولد عدنان، وتنافس الخطباء والوعاظ والشعراء في أيهما يحوز على قصب السبق في وصفها، ووصف عامريها بالذكر والدعاء، والتعليم والخشوع والبكاء، فهذا أحد الشعراء يصف من يرتادها ويحن إليها كلما سمع النداء فيقول:
لابد من صنع الرجال *** ومثله صنع السلاح
وصناعة الأبطال علم *** قد دراه أولو الفلاح
لا يصنع الأبطال إلا *** في مساجدنا الفساح
في روضة القرآن في *** ظل الأحاديث الصحاح
من خان حي على الصلاة *** يخون حي على الكفاح
بتلك البيوت تعلقت قلوب المحبين لله، وانقطعت إلى ملازمتها لإظهار ذكره فيها، فالملازمين لها رجال: {لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} سورة النور(36-38).
وسنقف مع حديث من أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذا المعنى.
نص الحديث:
عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها) رواه مسلم.
شرح الحديث:
قوله: (أحب البلاد إلى الله مساجدها)؛ لأنها بيوت الطاعات، وأساسها على التقوى..
ففي المساجد يعبد الله ويوحد، ويثنى عليه ويمجد ويحمد، وفيها يركع له ويسجد، وفيها يذكر الله ويقرأ القرآن، وفيها تقام الصلوات، ومجالس العلم والتعلم، فيذكر الناسي، ويعلم الجاهل، ويرشد الحيران، وما إلى ذلك من الأمور التي من أجلها بنيت المساجد.. فلذلك كانت أحب البلاد إلى الله.
قوله: (وأبغض البلاد إلى الله أسواقها)؛ لأنها محل الغش والخداع والربا والأيمان الكاذبة وإخلاف الوعد والإعراض عن ذكر الله وغير ذلك مما في معناه.
ففي الأسواق النصب والاحتيال والسرقة، والغش والمكر والخديعة، والحلف الكاذب، وفيها معصية الرحمن، وسماع مزامير الشيطان، وفيها يباع ما حرم الله من خمر وسجائر ومخدرات، وفيها مزاحمة الرجال للنساء، والتبرج والسفور، وخلوة المرأة بالبائعين، بل وفيها الشيطان حيث ينصب رايته فيها، فيسول الشر ويزينه ويحسنه، ويكره الخير ويبغضه إلى قلوب الناس، فتلك وظيفته: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} سورة ص(82) (83).
وأخرج مسلم في صحيحه عن سلمان الفارسي –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها، فإنها معركة الشيطان، وبها ينصب رايته).
قال القرطبي -رحمه الله-: "لما كثر الباطل في الأسواق وظهرت فيها المناكر: كره دخولها لأرباب الفضل والمقتدى بهم في الدين تنزيها لهم عن البقاع التي يعصى الله فيها، فحق على من ابتلاه الله بالسوق أن يخطر بباله أنه قد دخل الشيطان ومحل جنوده، وأنه إن أقام هناك هلك، ومن كانت هذه حاله اقتصر منه على قدر ضرورته وتحرز من سوء عاقبته وبليته".
فينبغي التقليل من دخول الأسواق التي فيها منكرات، وإن اضطر الإنسان إلى دخولها فليدخلها وهو متأدب بآداب السوق: من الدعاء، وغض البصر، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما إلى ذلك من الآداب الإسلامية.
ذلك أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قد شبه السوق بساحة معركة بين الشيطان وبين بني آدم، قال القرطبي -رحمه الله-: "تشبيه النبي -صلى الله عليه وسلم- السوق بالمعركة تشبيه حسن، وذلك أن المعركة موضع القتال سمي بذلك لتعارك الأبطال فيه ومصارعة بعضهم بعضا فشبه السوق وفعل الشيطان بها ونيله منهم مما يحملهم من المكر والخديعة والتساهل في البيوع الفاسدة والكذب والأيمان الكاذبة واختلاط الأصوات وغير ذلك بمعركة الحرب ومن يصرع فيها"1..
فلذلك كانت الأسواق من أبغض البقاع إلى الله، فينبغي أن تكون الأسواق من أبغض البقاع إلى عباد الله الذين يحبون الله، فإن من أحب شيئاً أحب ما يحبه، وكره ما يكرهه.
بعض النصوص في فضل بناء المساجد:
لقد جاءت نصوص كثيرة في فضل بنائها وعمارتها، فمن ذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ} سورة التوبة(18). والعمارة تشمل العمارة المعنوية والعمارة الحسية..
وجاء في الحديث عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتا في الجنة)2. وفي رواية: (بنى الله له مثله في الجنة).
وروى البزار واللفظ له والطبراني في الصغير وابن حبان في صحيحه عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول -صلى الله عليه وسلم-: (من بنى لله مسجدا قدر مفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة)، ورواه ابن خُزيمة من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- ولفظه: (ومن بنى مسجدا كمفحص قطاة أو أصغر بنى الله له بيتا في الجنة). ومفحص القطاة هو عشها. والقطاة واحدة القطا طائر معروف من أنواع الحمام..
ماذا يعني التبرك بالمساجد؟:
يعني ذلك الصلاة فيها والاعتكاف وقراءة القرآن والقيام بأنواع العبادات المختلفة.
فالمساجد لها مزية عموماً، ولكن هناك أربعة مساجد لها مزيد من المزايا وهي: المسجد الحرام، ومسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والمسجد الأقصى، ومسجد قباء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام).
وعند الإمام أحمد بزيادة: (وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في هذا). ولقوله -صلى الله عليه وسلم- كما في البخاري ومسلم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى). ولقوله صلى الله عليه وسلم: (من تطهر في بيته، ثم أتى مسجد قباء وصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة)3.
بل كل المساجد فيها الفضل والبركة، بما يمن الله فيها على عباده بمغفرة الذنوب، فقد جاء في الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطوتاه إحداهما تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة).
وقد جاء في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: (ورجل قلبه معلق بالمساجد) متفق عليه.
والمجتمعين فيه لمدارسة كتاب الله تنزل عليهم السكينة، وتغشاهم الرحمة، وتحفهم الملائكة، ويذكرهم الله فيمن عنده؛ كما جاء بذلك الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة-رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحملتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده)..
فعلينا جميعاً أن نكثر من البقاء في المساجد فإنها أحب البقاع والبلاد إلى لله، كما علينا أن نحذر من كثرة البقاء في الأسواق فإنها من أبغض البلاد إلى الله.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..
1 انظر: الجامع لأحكام القرآن(13/15) للقرطبي..
2 رواه البخاري ومسلم.
3 رواه أحمد والنسائي وابن ماجه، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، رقم(1160).​
 
الحمد لله نحمده على نعمة الصحة والعافيه ما زال حديثنا يتواصل وسطرنا لا يتكاسل ونحن نقدم لكم من مسجد الوم رووك بيرمنجهام والشيخ عبد الجليل الباكستانى الدرس اليومى فى الحديث بعد صلاه الفجر وكان درس اليوم الاثنين 12 ذو القعدة 1437 هجرية الموافق 15 اغسطس 2016 م ( المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه فمن كان فى حاجه اخيه كان الله فى حاجته )
اللهم وفقنا جميعا فى قضاء الحاجات وارفعنا بها اعلى الدرجات فى الحياه وقبل الممات وبعد الممات آميين ، فالى الحديث وشرحه من الشيخ بن عثيميين
شرح حديث ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا...) من رياض الصالحين للعثيمين رحمه الله
عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه: كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة" متفق عليه [379].
الشرح
قال المؤلف رحمه الله تعالى - فيما نقله عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" المسلم أخو المسلم" يعني في الدين، كما قال الله تبارك وتعالى: ( فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً )(آل عمران:م103) وقال الله تعالى (فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ)(الأحزاب:5)وهذه الأخوة هي أوثق الأخوات ، أوثق من أخوة النسب، فإن أخوة النسب قد يتخلف مقتضاها، فيكون أخوك من النسب عدواً لك كارهاً لك ، وذلك يكون في الدنيا وفي الآخرة. قال الله تعالى: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) (الزخرف:67).
أما أخوة الدين فإنها أخوة ثابتة راسخة في الدنيا وفي الآخرة ، تنفع الإنسان في حياته وبعد مماته، لكن هذه الأخوة لا يترتب عليها ما يترتب على أخوة النسب من التوارث ووجوب النفقة وما أشبه ذلك.
ثم قال : " لا يظلمه ولا يسلمه" لا يظلمه لا في ماله ، ولا في بدنه، ولا في عرضه، ولا في أهله، يعني لا يظلمه بأي نوع من الظلم " ولا يسلمه يعني لا يسلمه لمن يظلمه ، فهو يدافع عنه ويحميه من شره، فهو جامع بين أمرين:
الأمر الأول: أنه لا يظلمه.
والأمر الثاني: أنه لا يسلمه لمن يظلمه بل يدافع عنه.
ولهذا قال العلماء - رحمهم الله -: يجب على الإنسان أن يدافع عن أخيه فعرضه وبدنه وماله. في عرضه: يعني إذا سمع أحداً يسبه ويغتابه ، يحب عليه أن يدافع عنه. وكذلك أيضاً في بدنه : إذا أراد أحد أن يعتدي على أخيك المسلم وأنت قادر على دفعه، وجب عليك أن تدافع عنه، وكذلك في ماله: لو أراد أحد أن يأخذ ماله، فإنه يجب عليك أن تدافع عنه.
ثم قال عليه الصلاة والسلام:" والله في حاجة العبد ما كان العبد في حاجة أخيه" يعني أنك إذا كنت في حاجة أخيك تقضيها وتساعده عليها؛ فإن الله تعالى يساعدك في حاجتك ويعينك عليها جزاءً وفاقاً.
ويُفهم من ذلك أن الإنسان إذا ظلم أخاه؛ فإن أخوته ناقصة، وإذا أسلمه إلى من يظلمه؛ فإن أخوته ناقصة، وإذا أسلمه إلي من يظلمه، فإن أخوفه ناقصة، وإذا لم يكن في حاجته، فإن هذا يفوته الخير العظيم، وهو كون الله تعالى في حاجته.
ثم قال:" ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا؛ فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة" الكرب ما يضيق على الإنسان ويشق عليه ، ويجد له في نفسه هماً وعماً، فإذا فرجت عن أخيك هذه الكربة؛ فرج الله عنك كربة من كرب يوم القيامة.
وتفريج الكربات يكون في أمور متعددة: إن كانت كربة مالية؛ فبإعطائه المال الذي تزول به الكربة، وإن كانت كربة معنوية؛ فبالحرص على رد معنويته ورد اعتباره حتى تزول عنه الكربة، وإذا كامن كربة هم وغم؛ فبأن توسع عليه وتنفس له ، وتبين له أن الأمور لا تدوم، وأن دوام الحال من المحال، وتبين له ما في هذا من الأجر والثواب العظيم، حتى تهون عليه الكربة.
" ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة" من ستر يعني : غطى عيبه ولم يبينه، فإن الله يستره في الدنيا والآخرة، وهذا ليس على إطلاقه فهناك نصوص تدل على أنه غير مطلق، فالستر قد يكون مأموراً به محموداً، وقد يكون حراماً ، فإذا رأينا شخصاً على معصية ،وهو رجلٌ شرير منهمك في المعاصي، لا يزيده الستر إلا طغياناً؛ فإننا لا نستره، بل نبلغ عنه حتى يُردع ردعاً يحصل به المقصود. أما إذا لم تبدر مه بوادر سيئة، ولكن حصلت منه هفوة ، فإن من المستحب أن تستره ولا تبينه لأحد، لا للجهات المسؤولة ولا لغيرها، فإذا سترته ستر الله عليك في الدنيا والآخرة.
ومن ذلك أيضاً أن تستر عنه العيب الخلقي، إذا كان فيه عيب في خلقته كجروح مؤثرة في جلده أو برص أو بهق أو ما أشبه ذلك، وهو يتستر ويحب ألا يطلع عليه الناس فإنك تستره، إذا سترته سترك الله في الدنيا والآخرة. وكذلك إذا كان سيئ الخلق لكنه يتظاهر للناس بأنه حسن الخلق وواسع الصدر ، وأنت تعرف عنه خلاف ذلك، فاستره . فمن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة فالستر كما قلت بالنسبة للأعمال السيئة التي يقوم بها الإنسان ينقسم إلى قسمين:
قسم يكون من شخص منهمك في المعاصي مستهتر، فهذا لا نستر عليه.
وقسم آخر حصل منه هفوة، فهذا هو الذي نستر عليه. أما الأمور الأخرى فالستر فيها أكمل وأفضل ، الله المستعان.
رياض الصالحين للعثيمين رحمه الله​
 

عدنا بحمد الله وتوفيقه بعد اداء الحج لنتواصل معكم بكل سرور فى الدرس اليومى بعد صلاة الفجر من بيرمنجهام من مسجد الوم رووك والشيخ عبدالجليل الباكستانى ، وصراحة منذ قدومى حضرت اكثر من صلاة للفجر ولكن كنت فى غايه الارهاق والتعب من الحج وكنت اعانى من نزله حادة وبقييت فى المنزل ثلاثة ايام ونزلت العمل اليوم الرابع وقد تحسنت كثيرا بحمد الله .
حديث اليوم الاثنين28 ذو الحجة 1437هجرية الموافق 26 سبتمبر 2016م كان الحديث عن الانفاق ( يا أبن ادم انفق انفق علييك ) ، ذكر الشيخ قصه واقعيه حكاها له باكستانى من معارفه قال كنت متحرك لصلاة الظهر فى المسجد فاعطتنى زوجتى 10 جنية لشراء بعض الاغراض للغداء خبر وسلطة وبعد صلاة الظهر ظهر شخص يطلب الدعم وبدون ما اشعر ادخلت يدى فى جيبى واخرجت العشرة جنية ودفعتها له ، عندما وصلت السوبر ماركت تذكرت اننى تبرعت بالعشرة جنية فرجعت البيت وذكرت ما حدث لزوجتى وطلبت منها عشره اخرى فاعتذرت انها اخر عشره !!!! فقلت لها سوف اذهب لصاحب المتجر لانى اعرفه واطلب منه ان يسلفنى الى حين ان يفتح الله علينا ، وانا قرب المتجر قابلنى صديق وذكر لى انه تسلف منى قبل 4 شهور 100 جنيه وكنت مسافر باكستان واعتذر بشده واعطانى ال100 جنية وقال لى لو عايز سلف مثلها فانا جاهز ، شكرته واخذت ال100 جنية استرلينى واشتريت الاغراض ورجعت ب90 جنية للبيت والحمد لله ربنا عوضنى عشره اضعاف والله يضاعف لمن يشاء والله يرزق من يشاء بغير حساب .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( قال الله : أَنْفِق يا ابن آدم أُنْفِق عليك ) رواه البخاري ومسلم .
منزلة الحديث
هذا الحديث من الأحاديث العظيمة التي تحث على الصدقة والبذل والإنفاق في سبيل الله ، وأنها من أعظم أسباب البركة في الرزق ومضاعفته ، وإخلاف الله على العبد ما أنفقه في سبيله .
فضل الإنفاق
جاءت النصوص الكثيرة التي تبين فضائل الصدقة والإنفاق في سبيل الله ، وتحث المسلم على البذل والعطاء ابتغاء الأجر الجزيل من الله سبحانه ، فقد جعل الله الإنفاق على السائل والمحروم من أخص صفات عباد الله المحسنين ، فقال عنهم : { إنهم كانوا قبل ذلك محسنين ، كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون ، وبالأسحار هم يستغفرون ، وفي أموالهم حق للسائل والمحروم } (الذاريات: 16-19) وضاعف العطية للمنفقين بأعظم مما أنفقوا أضعافاً كثيرة في الدنيا والآخرة فقال سبحانه : { من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة } (البقرة: 245) .
والصدقة من أبواب الخير العظيمة ، ومن أنواع الجهاد المتعددة ، بل إن الجهاد بالمال مقدم على الجهاد بالنفس في جميع الآيات التي ورد فيها ذكر الجهاد إلا في موضع واحد ، يقول - صلى الله عليه وسلم - : ( جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم ) رواه أبو داود .
وأحب الأعمال إلى الله كما جاء في الحديث ( سرور تدخله على مؤمن ، تكشف عنه كرباً ، أو تقضي عنه ديناً ، أو تطرد عنه جوعاً ) ، رواه البيهقي ، وحسنه الألباني .
والصدقة ترفع صاحبها حتى توصله أعلى المنازل ، قال - صلى الله عليه وسلم - : ( إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربه ، ويصل فيه رحمه ، ويعلم لله فيه حقاً فهذا بأفضل المنازل... ) رواه الترمذي .
كما أنها تدفع عن صاحبها المصائب والبلايا ، وتنجيه من الكروب والشدائد ، وفي ذلك يقول - صلى الله عليه وسلم : ( صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات ، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة ) رواه الحاكم وصححه الألباني ، أضف إلى ذلك إطفاؤها للخطايا وتكفيرها للسيئات ، ومضاعفتها عند الله إلى أضعاف كثيرة ، ووقايتها من عذاب الله كما جاء في الحديث ( اتقوا النار ولو بشق تمرة ) رواه البخاري وغير ذلك من الفضائل .
فهو يخلفه
ومن فضائل الصدقة التي دل عليها هذا الحديث القدسي مباركتها للمال ، وإخلاف الله على صاحبها بما هو أنفع له وأكثر وأطيب ، وقد وعد سبحانه في كتابه بالإخلاف على من أنفق - والله لا يخلف الميعاد - قال تعالى : { وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين } (سبأ: 39) ، أي مهما أنفقتم من شيء فيما أمركم به وأباحه لكم ، فإنه يخلفه عليكم في الدنيا بالبدَل ، وفي الآخرة بحسن الجزاء والثواب ، فأكد هذا الوعد بثلاث مؤكدات تدل على مزيد العناية بتحقيقه ، ثم أتبع ذلك بقوله :{ وهو خير الرازقين } لبيان أن ما يُخْلِفه على العبد أفضل مما ينفقه .
ومما يدل أيضاً على أن الصدقة بوابة للرزق ومن أسباب سعته واستمراره وزيادته ، قوله تعالى : { لئن شكرتم لأزيدنكم } (إبراهيم: 7) ، والصدقة غايةٌ في الشكر ، كما أن نصوص السنة الثابتة جاءت بما يؤكد هذا المعنى الذي دلت عليه آيات الكتاب، ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( .. وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة .... ) رواه أحمد ، وقوله : ( ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا ) أخرجاه في الصحيحين .
وفي مقابل ذلك جاءت نصوص عديدة تردُّ على من ظن أن الصدقة منقصة للمال ، جالبة للفقر ، وتبين أن الشح والبخل هو سبب حرمان البركة وتضييق الرزق ، يقول- صلى الله عليه وسلم- : ( ثلاثة أقسم عليهن ، وأحدثكم حديثا فاحفظوه ، قال : ما نقص مال عبد من صدقة .... ) رواه الترمذي .
وعادَ - صلى الله عليه وسلم- بلالاً ذات مرة في مرض أصابه ، فأخرج له بلال كومة من تمر ، فقال : ما هذا يا بلال ؟ قال : ادخرته لك يا رسول الله ، قال : ( أما تخشى أن يجعل لك بخار في نار جهنم ، أنفق يا بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالاً ) رواه الطبراني وغيره بإسناد حسن .
إضافة إلى أن الواقع والتجربة المشاهدة والمحسوسة ، تثبت أن المعونة تأتي من الله على قدر المؤونة ، وأن رزق العبد يأتيه بقدر عطيته ونفقته ، فمن أَكثر أُكثر له ، ومن أقل أُقِل له ، ومن أمسك أُمسِك عليه ، وهو أمر مجرب محسوس ، والقضية ترتبط بإيمان العبد ويقينه بما عند الله ، قال الحسن البصري رحمه الله : "من أيقن بالخُلْف جاد بالعطية" .
بين الإسراف والتقتير
ولأن هذا المال هو في الحقيقة مال الله ، استخلف عباده فيه لينظر كيف يعملون ، فليس للإنسان الحق المطلق في أن يتصرف فيه كيف يشاء ، بل إن تصرفاته ينبغي أن تكون مضبوطة بضوابط الشريعة ، محكومة بأوامرها ونواهيها ، فيُبْذَل حيث يُطْلب البذل ، ويُمْسك حيث يجب الإمساك ، والإمساك حيث يجب البذل بُخْلٌ وتقتير ، والبذل حيث يجب الإمساك إسراف وتبذير ، وكلاهما مذموم ، وبينهما وسط محمود وهو الكرم والجود ، وهو الذي أمر الله به نبيه عليه الصلاة والسلام بقوله : { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا } (الإسراء: 29)، وامتدح به عباده المؤمنين بقوله : { والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما } (الفرقان: 67) ، قال ابن عباس : " في غير إسراف ولا تقتير " ، وسُئل ابن مسعود عن التبذير فقال : " إنفاق المال في غير حقه " .
فالجود في ميزان الشرع - كما قال ابن حجر - : " إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي وهو أعم من الصدقة " ، وهو وسط بين الإسراف والإقتار ، وبين البسط والقبض ، وله مجالاته المشروعة ؛ ولذا فإن بذل المال في غير موضعه قد لا يكون كرماً ، ومما أثر عن مجاهد قوله : " إذا كان في يد أحدكم شيء فليقتصد ، ولا يتأول هذه الآية : { وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين } (سبأ: 39) ، فإن الرزق مقسوم ، لعل رزقه قليل ، وهو ينفق نفقة الموَسَّع عليه "​
 
السلام علييكم احبابنا من الاهل ومن الاقارب والاصهار والاخيار من الزملاء من اصدقاء الغربة وممن يتابعوننا فى الفيس بوك وفى المنتديات التى نشارك فيها ، احييكم تحية صباحية واتمنى ان تجدكم على اتم الصحة والعافية ونتواصل وانا سعيد سعادة لا توصف بهذا التواصل والذى اسال الله ان يتمد الى جنة عرضها السموات والارض اعدت للمتقين .
اليوم الحديث من مسجد الووم رووك بيرمنجهام والشيخ عبدالجليل الباكستانى والحديث من حديث عائشة ام المؤمنين رضى الله عنها عن اخر حديث رسول الله صل الله عليه وسلم قبل انتقاله الى الرفيق الاعلى ، فإلى الحديث وشرحه :
أريد معني حديث الرسول صلي الله عليه وسلم(الصلاة الصلاة وماملكت أيمانكم)
الإجابــة
خلاصة الفتوى.
معنى الحديث المذكور في السؤال أي الزموا الصلاة وداوموا على إقامتها في أوقاتها على الوجه المطلوب شرعا، واتقوا الله فيما تحت أيديكم من إنسان مملوك أو حيوان فارحموه وأدوا حقه من إنفاق ونحوه، وأدو حق الله فيه كالزكاة في الحيوان.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن معنى الحديث المذكور هو تأكيده صلى الله عليه وسلم على المحافظة على الصلاة وإقامتها في أوقاتها على الوجه المطلوب، فكأنه يقول الزموا الصلاة أو أقيموا الصلاة بالمحافظة عليها والمداومة على حقوقها كما تضمن الحديث أيضا الحث والتأكيد على وجوب مراعاة حقوق المملوك سواء كان إنسانا أو حيوانا. ولفظ الحديث المشار إليه هو كما في سنن ابن ماجه عن أم سلمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في مرضه الذي توفي فيه: الصلاة وما ملكت أيمانكم، فما زال يقولها حتى يفيض بها لسانه وصححه الألباني.
ورواه أبو داوود عن علي رضي الله عنه بلفظ آخر قال: كان آخر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة الصلاة اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم. وهو صحيح أيضا كما ذكر الألباني. قال في عون المعبود على شرح سنن أبي داود عند شرح هذا الحديث الصلاة الصلاة. بالنصب على تقدير فعل أي الزموا الصلاة أو أقيموا أو احفظوا الصلاة بالمواظبة عليها والمداومة على حقوقها
( اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم ) قال في النهاية يريد الإحسان إلى الرقيق والتخفيف عنهم ، وقيل أراد حقوق الزكاة وإخراجها من الأموال التي تملكها الأيدي وقال التوربشتي الأظهر أنه أراد بما ملكت أيمانكم المماليك ، وإنما قرنه بالصلاة ليعلم أن القيام بمقدار حاجتهم من الكسوة والطعام واجب على من ملكهم وجوب الصلاة التي لا سعة في تركها . وقد ضم بعض العلماء البهائم المستملكة في هذا الحكم إلى المماليك. انتهى
والله أعلم​
 
أعلى